الجنسية اليمنية هوية في ميزان الهاوية
بقلم/ عمرو محمد الرياشي
نشر منذ: 11 سنة و 11 شهراً و 26 يوماً
السبت 10 نوفمبر-تشرين الثاني 2012 07:58 م

بتاريخ يوليو 2012 كتبت مقال بعنوان ( اخرجوا اليمنيين من جزيرة العرب) انتقدني الكثير من القراء عبر الايميل والاتصالات الهاتفية واتهمني البعض بممارسة الإستهزاء والسخرية باليمنيين فكان لا ينبغي أن اكتب مثل هذا المقال لما اعتبر من قبل البعض من باب التجريح لوضعنا في اليمن .

لكن من وجهة نظري الشخصية أن ما كتبته حمل حقائق لا يمكن لأحد ان ينكرها وحالنا خير شاهد ولكن ما أنصفني وصادق على محتوى المقال السابق ( اخرجوا اليمنيين من جزيرة العرب) هو القرار الذي اتخذته الحكومة الحالية من عمل تسعيره للهوية اليمنية او ما يعرف بالعرف السياسي والدولي \" الجنسية \" وكان هذا الثمن مناقصة للجنسية اليمنية في مزاد البيع السياسي الرخيص والذي قدرته بـخمسين الف ريال يمني .

في الحقيقة لمن يقرأ قراءة عميقة للمشهد الحالي في اليمن ينبغي أن لا يصاب بأي استغراب أو دهشة لبعض القرارات ومن إحداها قرار الجباية هذا .

لأنه يبدوا ان ذنوب حكوماتنا المتعاقبة قد أحرقت كل ما لديها فلم يظل للمواطن حقوق ولا للبلد سيادة وكل شيء أصبح في اليمن بدون خطوط حمراء .

في العالم الذي نعيشه كل دولة لديها حدود وقضايا سيادية أكانت معنوية او مادية فتعتبر حرمة لا يحوز بأي حال من الأحوال لأي احد أن يتجاوزها او حتى مجرد التفكير في انتهاكها إلا في اليمن أصبحت السيادة على البحر والجو والبر لا تتعدى الرسم الجغرافي في الخرائط التعليمية أما على الواقع فتلك الحدود السيادية دخلت قائمة المشاريع والإستثمارات السياسية حتى وصلت حمى الاستثمارات السلطوية إلى الجنسية اليمنية التي غالبا تطارد الإخفاقات والنكسات حامليها داخل الجغرافيا اليمنية وخارجها .

حكوماتنا المتعاقبة إعتادت بشعائر وشعارات متتالية تظهر لمواطنيها رخصهم في نظرها فلم يعد لديها ما تبيعه بعد الثروات والسيادة الوطنية حتى وصلت إلى الجنسية اليمنية التي لم تصل حتى لسعر جهاز الكمبيوتر الشخصي أو بعض أنواع الجوالات مثل الجالكسي او الأيفون .

فنعجب يوما بعد يوم عن استمرار مواصلة موروث السلطة بالاستخفاف باليمنيين وكأنهم ليسوا كالبشر الأخرين ربما ان اليمنيين في عيون السلطة مجرد سلعة يحملون علامات تجارية و يتم تفريخها في مزرعة كالجراد ليتم تصديرهم لمختلف بلدان العالم حيث أصبحوا عبئا عليها يجب التخلص منهم .

تكمن أهمية الجنسية التي تعني بشكل مباشر لحاملها الانتماء القانوني والسياسي والإجتماعي والجغرافي بين الفرد والدولة وتكمن أهمية الجنسية بالنسبة للفرد من حيث الحقوق والالتزامات وتكمن أهمية الجنسية للدولة فهي أن للدولة ثلاثة أركان أساسية تقوم عليها ( الشعب – الأقليم أو الوطن بالمفهوم العام – ومزاولة السلطة ) نجد أن لا دولة إلا بوجود ركن أساسي وهو (الشعب) فمن هنا يتم تحديد من هم مواطنيها الذين يكونون ضمن كيان الدولة ولتمييز هؤلاء المواطنين كان لزاما حمل جنسية الدولة وأصبح يطبق عليه حقوق وواجبات أنظمة الدولة المانحة .

فنجد في الدول التي يحمل رعاياها جنسية وطنهم يدخلون حصانة وحضانة حقوقية ووصائية فعندما يكون احدهم خارج النطاق الجغرافي مثلا للدولة التي منحت الجنسية فوجب عليها حماية مصالح مواطنيها أمام غيرها من الدول

لكن الأمر مختلف في اليمن نرى العجز واضح وضوح الشمس فكم هي المأسي تجاه حاملي الجنسية اليمنية واستهتار الآخرين بها بشكل أصبح مدعاة للسخرية وهذا يدخل اليمن فعليا وعمليا من ضمن الدول ذات السيادة الناقصة أو المنتهكة وكلاهما يؤديان نفس الإشكال والنتيجة .

شيء يبعث النفس على الحزن وهو يرى اليمن تصل إلى مرحلة من التخبط في الاستقلال السياسي والسيادي والاندثار الأخلاقي الذي لم يعد لنا كثير منه مع الأسف في اليمن فقد انتزعت كثير من ايجابيات اليمنيين بسبب الحكم لعقود طويلة من الرذيلة السياسية حملتها معها أبشع معاني الإنسانية وشوهت ملامح الوطنية .

فبدل أن تقوم الحكومة ممثلها بوزارة الخارجية بحل مشاكل رعاياها في الخارج وتفرج عن المحتجزين في السجون بدون سبب مثل الصياديين اليمنيين في ارتيريا وغيرهم من لحقتهم لعنات سياسيات وإهمال حكوماتنا المتعاقبة .. فنراها تخرج لنا بقرارات هوجاء عوجاء عن مشروع التنازل عن الجنسية اليمنية وكأنها تقول بطريقة غير مباشرة لقد عجزنا عن حل مشاكلكم والقيام بدورنا تجاهكم فأبحثوا لكم عن هوية أخرى وحياة أخرى .

لذا لا نتعجب إذا قامت الحكومة بعدها بعمل تسعيرة لبيع أفراد الشعب اليمني في مزاد علني وتصنفهم حسب الطلب للسوق الخارجي فتجعل لكل مواطن سعره الخاص فالمشايخ لهم سعرهم الأعلى من الرعية وربما هناك بلدان أخرى تفضل شراء ماركة (سيدي) ولم لا فالسادة لهم سوقهم أيضا الذي لا يقل أهمية عن المشائخ أن لم يفوقه وكل هذا يعتمد على العرض والطلب .

أخيرا ,,, قد يستاء البعض من مقالي ولكن قبل كل شيء يجب أن نعرف أننا كيمنيين بدأنا فعليا نتنفس علامات الانحسار ونشعر بقرب اندثار الهوية اليمنية التي طالما علمنا الآباء والأجداد الافتخار بها فأصبح التمسك بها أمر في غاية الصعوبة فنجد واقعا سوداويا يعكس أوضاعنا بصورة مظلمة عن المستقبل.