ما الذي ينتظر الرئيس هادي؟
بقلم/ أحمد محمد عبدالغني
نشر منذ: 12 سنة و 9 أشهر و 12 يوماً
الأربعاء 29 فبراير-شباط 2012 10:21 م

Ahmdm75@yahoo.com

بإعلان نتائج الانتخابات الرئاسية المبكرة أصبح الرئيس عبدربه منصور هادي محاطاً بشرعية شعبية ودعم إقليمي ودولي يكاد يكون الفريد من نوعه في تاريخ رؤساء اليمن خلال نصف القرن الأخير.

ولاشك أن الفريق عبدربه منصور هادي الذي سعت إليه الرئاسة سعياً حثيثاً ولم يسع هو إليها، يقف اليوم على عتبة المرحلة الأهم. فالانتخابات تعتبر خطوة مهمة في إنهاء ملف الماضي والتحرر من ضغوطاته، وفي تحقيق عملية نقل السلطة بصورة سلسة وآمنة. وهو ما يمنح الرئيس الجديد القدرة على التعاطي مع قواعد وأدوات ممارساته لمهامه في إطاراتها الطبيعية والصحيحة.

وبالنظر إلى ما ينتظر الرئيس هادي ومعه حكومة الوفاق الوطني من مهام وإنجازات أساسية وعاجلة، تظل الانتخابات (مجرد خطوة) حسب تعبير جون برينان، لأن العبرة بما سيجري بعدها وبالكيفية التي ستتبع لحل مجمل القضايا والاشكاليات العالقة.

وحيث أن الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية تمثل خارطة طريق رئيسية، فقد حدد البند (21) مهام وصلاحيات الرئيس وحكومة الوفاق الوطني بالقول: بعد الانتخابات الرئاسية المبكرة، يقوم الرئيس المنتخب وحكومة الوفاق الوطني بممارسة جميع المهام الاعتيادية المنوطة بهما على النحو المنصوص عليه في الدستور، وإضافة إلى ذلك يمارسان الصلاحيات اللازمة لمواصلة مهام التنفيذ المحددة للمرحلة الاولى، والمهام الاضافية المحددة في المرحلة الثانية من نقل السلطة، وتشمل هذه المهام ما يلي:

i . ضمان انعقاد مؤتمر الحوار الوطني وتشكيل لجنة إعداد وتحضير للمؤتمر ولجنة التفسير والهيئات الاخرى المنشأة بموجب هذه الآلية.

ii . تأسيس عملية للاصلاح الدستوري تعالج هيكل الدولة والنظام السياسي وعرض الدستور بعد تعديلة على الشعب اليمني في استفتاء.

iii . اصلاح النظام الانتخابي.

iv . إجراء انتخابات مجلس النواب ورئيس الجمهورية وفقاً للدستور الجديد.

 وسيكون من أولويات الرئيس عبدربه منصور هادي الدفع باللجنة العسكرية لإنجاز مهامها المرتبطة بـ " تهيئة الظروف واتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيق تكامل القوات المسلحة تحت هيكل قيادة مهنية ووطنية موحدة في إطار سيادة القانون" كما جاء في نص الفقرة (17) من الآلية التنفيذية، والتي اكدت على إنهاء جميع النزاعات المسلحة، وإعادة تأهيل من لا تنطبق عليهم شروط الخدمة في القوات المسلحة وأجهزة الأمن، وإنهاء الانقسام في المؤسسة العسكرية وإزالة أسبابه، وهذه الأمور تعتبر خطوات أساسية في طريق بناء القوات المسلحة بعد أن كشفت المرحلة الماضية أن هذه القوات لم تكن سوى إقطاعيات شخصية لقادة محددين. ونظراً إلى أن مشروع بناء الدولة الحديثة بحاجة ملحة إلى جيش وطني موحد وفق قواعد قانونية ونظامية متطورة ويقوده أشخاص مهنيين ومحترفين بطريقة سليمة، فإن إعادة هيكلة القوات المسلحة وأجهزة الأمن وتصحيح كل ما يدور في أروقتها من فساد، يمثل الركيزة الأساسية والضامن الرئيس لإنجاز مختلف الإصلاحات الوطنية الأخرى مستقبلاً.

وبالتأكيد فإن اية نصوص مرتبطة بمهام الرئيس تظل خطوطاً عامة، لأن هناك الكثير من التفاصيل المتعلقة بالجانب الاقتصادي وتلبية احتياجات المواطنين المعيشية، والمتعلقة بالجانب الأمني وإزالة كل أشكال التوترات وتحقيق الاستقرار والسلام الاجتماعي، وكذا المتعلقة بالجانب الإداري وما حدث من اختلالات هيكلية في مختلف الأجهزة والمؤسسات الرسمية، ثم التفاصيل المتعلقة بالجانب السياسي بأبعاده الوطنية والإقليمية والدولية.

صحيح أن الرئيس عبدربه منصور هادي لم يقدم وعوداً محددة في خطاباته، لكنه يظل ملزماً بإزالة كل حالات التدهور التي حصلت خلال الفترة الماضية، والعمل على وضع أسس وطنية متينة للانطلاق نحو المستقبل بصورة صحيحة. فالشعب اليمني بمختلف مكوناته قدم أغلى التضحيات وتحمل أثقل المعاناة وأنتظر الـ 21 من فبراير 2012م بصبر جميل. والتفويض الجماهيري منقطع النظير الذي عبرت عنه صناديق الاقتراع هو رسالة قوية تؤكد أن هناك إجماع شعبي على التغيير، وهذا الاجماع الشعبي يعني أن الناس وضعت ثقتها في الرئيس هادي وهي تنتظر منه أن يحقق لها تطلعاتها، وأن يقود سفينة الوطن إلى شاطئ الأمان بعيداً عن أساليب الخداع والمراوغة التي كانت سائدة من قبل، وبعيداً عن سيطرة قوى المصالح والفساد التي ظلت عنواناً بارزاً من عنواين الماضي، وبعيداً عن سياسة الإدارة بالأزمات والهروب إلى الأمام وترحيل المعالجات، فالشعب " لم يعد يقبل بأنصاف الحلول أو يتعاطى مع من يبيعه الاوهام أو يكون سبباً في إعادة خطواته إلى الخلف" كما جاء في خطاب الرئيس هادي نفسه خلال مراسم أداء اليمين الدستورية 25/2/2012م.