صحيفة أمريكية تتحدث عن تورط دولة كبرى في تهريب قائد في الحرس الثوري من صنعاء أردوغان يكشف ما تخبئه الفترة المقبلة وأين تتجه المنطقة .. عاصفة نارية خطيرة اجتماع حكومي مهم في عدن - تفاصيل بن مبارك يشن هجوما لاذعا على موقف الأمم المتحدة وتعاطيها الداعم للحوثيين وسرحد فتاح يكشف عن نتائج تحركات المستوى الوطني والدولي وزير الدفاع يقدّم تقريرا إلى مجلس الوزراء بشأن مستجدات الأوضاع الميدانية والعسكرية قطر تقدم تجربتها الأمنية في إدارة الجوازات والخبرات والتدريب لوزير الداخلية اليمني إسبانيا تُواجه كارثة هي الاولى من نوعها... حداد وطني وعدد الضحايا في ارتفاع المليشيات تستكمل «حوثنة» الوظيفة العامة بقرارات جديدة لماذا تعرقل إيران انضمام تركيا إلى البريكس؟ إغتصاب الأطفال.. ثقافة انصار الله في اليمن
ان كان لدينا أم الشهداء (خنساء غزة) فإن لدينا ايضاً خنساء آل القميري (أم الشهداء) اهدت لليمن والثورة السلمية -بقلب صابر ومحتسب- احب ابنائها كلِّهم علي القميري، القيادي والمثقف (سيرته على صفحات "مارب برس" بعنوان: الشهيد علي القميري.. الرصاصة لا تزال في قلبي ) وحفيدها (عُدي) اهدتهما للوطن من اجل التغيير، شهيدين اثنين من بيتٍ واحدٍ، اما شرق بني شيبة بشكل عام فقد قدمت أكثر من خمسة شهداء على الأقل ومثلهم او يزيد من الجرحى.. إنها (ورد احمد علي صالح)، سمَّاها الحاج احمد عبد الله القميري يوم تزوجها (شريفة)..اشتهر والد الراحلة-المرحومة بإذن الله- شيخ بني شيبة المؤسس، بالحكمة في حل قضايا المجتمع (فترة عهد الإمام) حتى غنت المغنيات الشعبيات باسمه مديحاً لحكمته وحقنه للدماء في عهد حروب القبائل في منطقته والمناطق البعيدة المجاورة كـ شيخ حكيم ذائع الصيت.. تزوجها الحاج احمد عبد الله القميري اعجاباً بها ثم رغبة في مصاهرة (آل الشيخ) في قرية (الهّزّيز) وكان الحاج احمد-كما قرأنا سيرته في مقالة (الشهيد علي القميري.. الرصاصة لاتزال في قلبي)- من أهم الوجاهات الاجتماعية في شرق بني شيبة في الخمسينيات والستينيات حتى منتصف السبعينيات كرجل اشتهر بالبطولة والحكمة والشهامة والجود والنجدة ونصرة المظلوم والتخفيف عن ضائقات المعسرين.. رحل الحاج احمد عن الدنيا نهاية عام 1975 تقريباً، وكان مع اخويه (الحاج عبده والحاج سعيد) مجمع صفات الشهامة والنبل وفعل الخير والعمل والجد وكسب المال الحلال، اسسوا (مطعم القميري) في عدن بالشيخ عثمان ( السايلة) منذ عهد الوجود البريطاني ومن هناك انطلقت امجاد (آل القميري اوكما يطلق عليهم "القمَّيرة" ) كعائلة قوية ومؤثرة على مستوى بني شيبة والمناطق المتاخمة، سخَّروا إمكانياتهم للخير والبذل وصنائع المعروف- لا للشر والبطر- وكانوا اول من اقتنى (الراديو) في بني شيبة في نهاية الاربعينيات بالتحديد، وأشهر من اقتنى السلاح -البنادق الحديثة- للزينة والصيد وكانت عائلة القميري شريك اساسي في صنع اي حدث في المنطقة ليس في بني شيبة فحسب بل حتى خارج نطاقها ولهذا كان مركز مشيخة بني شيبة في قرية (الهزيز) يحسب للقمَّيرة الف حساب، يشاورهم في ايِّ قضية كبيرة او حادثة واغلب الأحيان يطلبهم كمدد عاجل لمساندة (الشيخ) في قضايا تهمُّ بني شيبة في علاقتها مع مناطق او قبائل اخرى حيث تخرج (القمَّيرة) عن بكرة ابيها بـ بنادقها وشبابها وفرسانها لنجدة (بني شيبة) او نصرة اي مظلومٍ فيها.. الجدير بالأهمية هنا رغبة الحاج احمد القميري (فارس القمَّيرة) في طلب يد الشابة ورد احمد علي صالح (بنت الشيخ الأكبر) وهي مصاهرة درامية تشبه في الأفلام التاريخية الهندية طلب الملك جلال الدين محمد يد (جوذا) اجمل بنات الهند آنذاك (تنتمي للطائفة الهندوسية) اراد جلال الدين محمد توطيد علاقة طيبة مع الطائفة الهندوسية بمصاهرتهم (الفيلم الهندي الشهير "جوذا اكبر" – بطولة ريهتيك روشن واشواريا راي).. كانت (ورد) -بنت الشيخ الاكبر احمد علي صالح- آخر واحب نساء الحاج احمد اليه يدللها ويجود عليها بكل غالٍ وكانت فارعة القامة رشيقة القوام قوية الشخصية مع خضوع شبه كلي للحاج احمد فهو لايقل مكانةً ووجاهةً من والدها الشيخ ذائع الصيت.. كانت المرحومة والمغفور لها بإذن الله "ورد" (شريفة) فأل سعدٍ وبركةٍ على الحاج احمد وكانت المرأة التي تقف وراء كثير من امجاد الحاج احمد، تبارك اعماله الخيرة من اجل المجتمع والوقوف مع المعوزين واولي الحاجة وانجبت له بنين وبنات منهم (علي): الذي اشتهر بعد ذلك بـ (علي القميري)، الأحب الى والدته شريفة ووالده الحاج احمد كـ اول متعلم حقيقي تخرج من الثانوية وعرف بثقافته وكان علي القميري عقدة الضعف الحقيقية بالنسبة للحاجَّة شريفة، تحبه بشغفٍ وتعول عليه القيادة من بعد ابيه الحاج احمد، وكما اشرنا آنفاً كان (علي) الفتى المدلل للحاج احمد عبد الله القميري كأول متعلم ومثقف والفتى المدلل لأنه كان يشبه امه تماماً.. وقبل ان نعود الى سيرة المرحومة هذه سيرة المتعلم المثقف علي القميري من جديد (الشهيد علي القميري فيمابعد) نوردها للأهمية اذ لايمكن دراسة سيرة شريفة احمد علي صالح والدته من دون الإشارة الى ابنها المدلل (علي) لعلاقة اثرت في مسار شخصية ونفسية الحاجَّة شريفة فرحلت بعده بثمانية اشهر فقط فبالنسبة لـ شريفة الحاج لا قيمة للحياة بعد رحيل ابنها (علي) .
علي احمد عبد الله القميري خريج جامعة صنعاء لعام 1976 قسم الآثار ولذلك سمى نجله (ذمار علي) استلهاماً لاسم الملك السبأي (ذمار يظهر في الصورة مع جدته شريفة).. كان (الرفيق)علي القميري واحداً من ابرز الناشطين الحزبيين في جامعة صنعاء فترة حظر النشاط الحزبي في اليمن وملاحقة الحزبيين الناشطين وسجنهم وتعذيبهم على أيدي أجهزة الأمن الوطني البوليسي التابع لنظام صنعاء حيث نال الناشطون المثقفون من أبناء تعز الحظ الأوفر من التعذيب والملاحقة والحبس لأن النظام المتخلف والمستبد لم ير النور ولم يدر ما الحرية ولا ما التعددية فهو نظام يقدم نفسه ابداً كنظام عائلي او مناطقي جاهل يغار من المتعلمين والمثقفين.. كان الشهيد من طلائع الحركة الطلابية البعثية، شارك في تحريك المظاهرات في تعز خاصة -كمعقل للحزبية والوعي الثوري التقدمي- مناهضة واحتجاجاً على جهل وفساد واستبداد النظام في صنعاء وكان لـطالب الثانوية العامة علي القميري دوراً شبابياً فاعلاً في نشر أفكار حزب البعث العربي الاشتراكي كتيار عروبي قومي تقدمي مناهض للأنظمة (الرجعية البالية). .لما حرََّم الحكام المتعاقبون على نظام صنعاء الحزبية بدأ التنكيل والتعسف والمطاردة يطال كل الناشطين -واغلبهم من تعز- وحُبس علي القميري لمدة سنتين ونصف في السجن المركزي بتعز بتهمة الحزبية والتخطيط لقلب النظام وتعرض للتعذيب النفسي والاهانة مدة حبسه.. كان علي القميري مخلصاً للبعث منذ عهد احمد حسن البكر في العراق وكان أكثر اخلاصاً في عهد الزعيم صدام حسين، يجوب القرى والمقايل والمنتديات تبشيراً بمبادئ (البعث العظيم) وشعاره القائل (امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة) فيما كان غيره من (الرفاق) متسلقاً لا مخلصاً وطالما اشتكى الشهيد من تعسف (الانتهازيين) له ومحاربتهم له بالرغم انه انتخب بالاجماع عضواً للقيادة القطرية.. شعر علي القميري ان الانتهازيين الذين دبروا انقلاباً على القيادي البعثي النزيه ردمان علي حسن –مؤسس البعث في اليمن والمنتخب من قيادة البعث بـ بغداد-ينوون ابعاده وتهميشه ومجازاة اخلاصه للبعث بشن دعايات مغرضة عليه تمهيداً لتوقيفه ثم فصله وكان علي القميري يشكو دائماً من غدر الرفاق وانهم (يشتغلون مع نظام صنعاء)لا مع البعث العظيم-كما كان يردد دائماً..شعر علي القميري ان الوصوليين الانقلابيين ممن (سمنت كروشهم من كوبونات نفط العراق وتحويلات العراق)-حسب تعبيرالشهيد – ينوون التخلص منه عن طريق توقيفه كقيادي مثقف وكقيادي منافس كما تخلصوا من قبل من الرفيق المؤسس ردمان علي حسن وكما تخلصوا من الرفيق الناشط المخلص سالم محمد عوض العرشي الذي سكب كل عمره من اجل البعث ومات كمداً في (عرَش)غرب بني شيبه مسقط راسه، قضى كمداً من غدر الرفاق ومات كسيراً فقيراً حزيناً ومحبطاً وهو مهندس المظاهرات من اجل البعث في تعز ابان حكومة القاضي عبد الرحمن الارياني.. كان (الرفيق) علي القميري موسوعةً فكرية كقارئ ناقد ومتابع لكل جديد خاصة فيما يتعلق بالمشروع الفكري الاسلامي ومقارباته ومداخلاته التوفيقية مع المشروع العروبي القومي، وكان أكثر شغفاً بالقراءة للمفكرين الاسلاميين المستنيرين من امثال محمد عمارة وفهمي هويدي وراشد الغنوشي وحسن الترابي بشكل خاص، كان معجباً كثيراً بإشراقات الفكر الاسلامي الجديد المستوعب للفكر القومي واطروحاته وكان القميري كثير المناقشات في المجالس والمنتديات مع المتعلمين والمثقفين والحزبيين من اقرانه ومن ابناء جيله وكان يرى ان مشروع النهوض بالأمة لا بد وان يتألف من التكامل والتلاقح بين الرؤية الاسلامية المستنيرة التي بلورها عمالقة الفكر الإسلامي الجدد وبين مشروع القومية العربية كفكر نهضوي تقدمي للعرب..اكد ناشطون وشهود عيان ان اغتيال علي القميري لم يكن حادثاً عارضاً بالصدفة بل عملاً منظماً ومرصوداً نفذته كتائب الحرس العائلي بدقة، ثلاث رصات اخترقت قلبه الزكي، محاولةً من القتلة ان يطووا ملف عاشق مبادئ القومية العربية والهامات الثورة الشعبية السلمية التي كان قد ساندها بفكره ووعيه وقلبه ودفع من اجل ذلك الثمن شهيداً مغدوراً به -في شارع جمال بتعز في السادس من رمضان جوار عمارتهم (عمارة الحاج القميري)- يكتب وصيته لأجيال الثورة وطلائع التغيير ( الرصاصة لا تزال في قلبي).. ان أول فصول الألم للحاجَّة شريفة كانت يوم رمي عليٌ في السجن المركزي بتعز لعامين اثنين وزيادة ستة اشهر ومن هناك بدأت اعراض الحب والألم بادية على والدته التي لم يطب لها النوم حتى خرج عليٌ اخيراً من السجن وتسلَّم إدارة المتحف الوطني بتعز.
شريفة الحاج هي أم الشهداء(شهداء الثورة السلمية والربيع اليمني)، سواءً شهداء آل القميري او شهداء قرية المدهف او شهداء بني شيبة بشكل عام.. هي أم الشهيد علي القميري ومن قبله الشهيد (عُدي علي القميري) نجل الشهيد علي وحفيد شريفة الحاج (شقيق ذمار من أم أخرى هي السيدة لطفية سعيد عبد الله الحوشبي ملكة جمال بني شيبة التي فتنت علي القميري بالرغم ان (أم ذمار) السيدة فاطمة فارع التي اشرتُ اليها في مقالة مطولة في معرض الجدل مع شيخ الإصلاح محمد الحزمي بعنوان: (أيهما أنفع لدعوةِ الإصلاح الحزمي أم فاطمة فارع)؟ لم تكن بأقل جمالاً من السيدة لطفية (أم عُدي) وتتفوق عليها برجاحة عقل وحكمة جعلها من السيدات المؤثرات في المجتمع في بني شيبة وقرية (المدهف) بوجه خاص كما قرأنا في مقالة فاطمة فارع والحزمي.. استشهد عًدي (بعمر الزهور 19 عاماً) في معركة خاسرة يبؤ النظام الفاشي بكل أوزارها والحوثيون المحترفون للقتل بكل جرمها، الحرب التي حصدت زهرات شباب اليمن ومعظمهم من طلبة المدارس ومنهم (عُدي) الذي كان استشهاده صدمة حقيقية لـ شريفة الحاج اكثر من امه لطفية الحوشبي.. صُدم المجتمع كله باستشهاد عُدي كما صُدموا من قبل باستشهاد الشاب (عمّار عبد الكريم القميري) على ايدي قناصة الحوثي، محترفي الشر والقتل بدعم خفي وظاهر من الرئيس الفاشي عدو الحياة وعدو اليمن الى الابد.. شعرت شريفة الحاج ان الحياة لامعنى لها بعد رحيل (عُدي) ثم (علي) وانكفأت –برغم قوة شخصيتها وتجلدها ومواساة اعز أحبابها لها-الى أحزانها، ايقنت ورد احمد علي صالح ان الرحيل يدنو منها كمصير حتمي وكـ خلاص رحيم من شدة ماهي عليه من الرزء بالرغم من صبرها واحتسابها وقوة ايمانها كـ امرأة مؤمنة كثيرة الصيام والصدقات وفعل الخيرات.. ايقنت (شريفة) ان الحياة بعد عُدي وعلي من غير قيمةٍ ولا معنى ، كان (علي)عزاؤها الوحيد بعد رحيل زوجها الحبيب الفارس الحاج احمد.. وهكذا سوف يذكر التاريخ ان امرأة من سلالى المشيخة بـ (الهزّيز) ابت الا ان تعلِّم (المشائخ الجدد) دروساً في التضحية والصبر حتى الموت بقيم جديدة ارساها وعلمًّها لها الحاج احمد القميري، معدن الخير ومنهل القيم في الحب والتضحية حتى الموت.. انها (شيخة مشائخ) أسرة احمد علي صالح بما خلدته من سيرة عطرة كـ خنساء عصرها وكـ أم اصيلة لكل شهداء آل القميري وشهداء بني شيبة كلها.. ان شريفة احمد علي صالح و(شريفة الحاج)- نسبة الى الحاج احمد القميري- سِفرٌ خالدٌ بالمعاني الإنسانية بروح الأم العظيمة، أم الشهداء وأم القيم وأم الفضائل كلها، قيادية من اجل الخير دائماً، تصنع المعروف ابداً، تقوم الليل وتصوم الإثنين والخميس، لقد صهرها الحاج احمد القميري ضمن قيم فروسية جديدة لم تتعلمها في مملكة الشيخ احمد علي صالح ولا مملكة الشيخ شقيقها الأعظم (شكري)، علمها الحاج احمد –ولذلك تسمى شريفة الحاج- فن الرماية والفروسية والبطولة وهذب اشواقها باتجاه مملكة جديدة يسوسها الفارس الشهم احمد عبد الله القميري، وازدادت شريفة الحاج خبرة بالحياة من اجل الخير للناس بتأثير ساحر للأستاذ احمد عبده عبد الله القميري المفكر العظيم (زوج احب بناتها بعد فاطمة) فـ فاطمة هي الأحب اليها لأسباب خاصة جعلت من (فاطمة الحاج) إرثاً جميلاً لقيم الخير والإحسان والصدقات وشاهداً سرمدياً على قيم الرحمة الأصيلة تذكر الناس بوالدها النبيل الحاج احمد.. تترجل شريفة احمد علي صالح الذي كان اسمها ولم يزل في ذاكرة "الهزيز" (ورد) وفي ذاكرة الناس (ورد) وفي ذاكرة الخير (ورد) وفي ذاكرة الشباب (ورد) وفي ذاكرة الأجيال (ورد).