الفرقة والحرس .. عينان في رأس
بقلم/ د.كمال البعداني
نشر منذ: 13 سنة و 7 أشهر و 3 أيام
الثلاثاء 19 إبريل-نيسان 2011 09:02 ص

منذ اكثر من شهرين وبلادنا تمر بمنعطف هو الأخطر في تاريخها الحديث ، وإن لم نتعامل جميعاً مع هذا المنعطف كما يجب فسوف نُهدّد في أمننا ومعيشتنا وكياننا الإجتماعي ووحدتنا الوطنية أرضاً وإنساناً ، أبناء اليمن بالكامل في الداخل والخارج يعيشون هذه الأيام في قلق وترقب وخوف من المجهول تمر عليهم الأيام والساعات والثواني بطيئة كبطء عقارب الساعة في نهار رمضان ، وما يزيد في خوفنا ويجعلنا نضع أيادينا على قلوبنا هو ما نسمعه هذه الأيام من بعض وسائل الإعلام في الداخل والخارج من محاولة لإثارة الفتنة بين وحدات الجيش اليمني الواحد وتحديداً بين وحدات الفرقة الأولى مدرع ووحدات الحرس الجمهوري ، فهناك من يسعى ليلاً ونهاراً ليجعل منهما الأوس والخزرج ، وهذا والله هو الخبث بعينه ، فهذه الوحدات تضم في صفوفها أفراداً وضباطاً وقادة من جميع أنحاء اليمن الواحد ، يجمعهم حب اليمن والولاء له ، بل أننا نجد أن في بعض الأسر من ينتسب أحد أبنائها إلى الفرقة وينتسب الآخر إلى الحرس ، وقد يكون الأب في الحرس والابن في الفرقة ، إذاً هم يريدون مواجهة بين الأخ وأخيه والابن وأبيه عوضاً على انتمائهم جميعاً إلى البيت اليمني الكبير ،أن هذه الوحدات العظيمة وجدت لحماية اليمن الأرض والإنسان وليس من أجل أن يقاتل بعضها بعضاً أو توجه سلاحها نحو الشعب ، فعندما نتحدث عن الفرقة الأولى مدرع فإننا نتحدث عن تاريخ طويل ناصع مليء بالبطولات والتضحية والفداء من أجل اليمن الكبير وأمنه واستقراره ، فمنتسبوا هذه الفرقة يتواجدون في الكثير من المناطق اليمنية براً وبحراً ويسهمون بشكل فاعل في الحفاظ على الأمن والاستقرار ، كما هو شأن الحرس الجمهوري والذي بدأ ظهوره كقوة مؤثرة في نهاية التسعينات وإن شارك بمحدودية في حرب 94م قياساً بحجمه آنذاك - إلا أن قمة تضحياته كانت عامي 2008م و2009م ، قدم فيها الحرس خيرة أفراده وضباطه من أجل الأمن والإستقرار ، ومن الإنصاف أن نقف هذه الأيام بالذات وقفة إجلال وإحترام لهذه الوحدات ( الفرقة و الحرس ) أفرداً وضباطاً وقادة على ما يتمتعون به من ضبطٍ للنفس وتقدير للمسئولية رغم التحريض الإعلامي من هنا أو هناك ورغم الأيادي الخفية التي تعبث بالجميع ، أقول مع هذا كله إلا أنه لم يحدث أي إحتكاك رغم وجودها كقواتٍ مؤثرة داخل العاصمة وهذا دليل على الحس الوطني والحضاري ودليل أيضاً على أن الحكمة يمانية ( على الأقل داخل المؤسسة العسكرية ) حتى الوحدات العسكرية التي اتخذت مواقف معينة في هذه الأزمة التي تمر بها البلاد كان قادتها واضحين في موقفهم بأن وقفتهم تلك هي وقفة ( سلمية سلمية ) وليست عسكرية ، فلا غرابة إذاً أن يتنقل المواطن اليمني بكل سهولة داخل العاصمة دون اعتراض من احد ، ولو حصلت مثل هذه المواقف لوحدات عسكرية مماثلة في أي عاصمة أو مدينة عربية لكانت الحواجز تملأ الطرقات والتنقلات من مكان الى آخر بواسطة الهوية ، ولكن هذه هي اليمن وهؤلاء هم أبناء اليمن ورثة المجد والحضارة وصانعي التاريخ ، فيا أهلنا وأبطالنا من منتسبي الفرقة والحرس أفراداً وضباطاً وقادة اعلموا أن الشعب اليمني ينظر إليكم كعينان في رأس ، لذلك فإن مجرد تفكير أحدكم في مواجهة الآخر جريمة تهتز لها أرض اليمن ويهتز لها عرش بلقيس وصهاريج عدن ، بل ويغضب منها الملِكان تبّع وذو يزن ، نحن نريد منكم إخاء ومحبة الأنصار بدلاً من خصومة الأوس والخزرج الذي يراد لكم ، ولابد أن تفهموا جيداً بأن التاريخ لا يرحم ، وليكن لكم العظة والعبرة من بعض الفصول المحزنة في تاريخ اليمن ، والله من وراء القصد .

رسائل ساخنة :

1- تحية إجلال واحترام لكافة أبناء قواتنا المسلحة والأمن على ما يقدموه من أجل اليمن وما حديثنا عن الفرقة والحرس إلا لانها المعنية بعنوان المقال .

2- في هذه الأيام لو انقلب أحدهم من على دراجته النارية لسارعت بعض وسائل الإعلام بتحميل الحرس الجمهوري المسئولية ولو غرق أحد المهاجرين من الصومال الشقيق في عرض البحر لقالت وسائل الإعلام الأخرى بأن أفراد الفرقة الأولى مدرع هي المسئولة عن ذلك لأنه كان يحمل معه صور الأخ رئيس الجمهورية .

3- تتعرض الفرقة الأولى مدرع وقيادتها إلى حملة ظالمة شرسة من بعض وسائل الإعلام المختلفة بما فيه الإعلام الرسمي دون حياءٍ أو خجل ، ناسين عن جهل أو متناسين عن قصد التاريخ المشرق لهذه الفرقة العسكرية العظيمة من الجيش اليمني العظيم ، فمنذ أن كان النواة الأولى لها هو اللواء الأول مدرع حتى تأسست كفرقة مطلع الثمانينات من القرن الماضي ومن ذلك الحين لا يمكن أن تُذكر ملحمة من ملاحم الجيش اليمني في الدفاع عن الثورة والجمهورية والوحدة إلا كان لقادة وأفراد الفرقة الأولى نصيب الأسد من ذلك ، ابتداء بحروب التخريب والتمرد في المناطق الوسطى مروراً بكافة الحروب المختلفة من أجل أمن واستقرار اليمن ، لذلك لو قُدّر للجماد أن يتكلم وينطق لقالت معظم جبال وأودية وسهول وسواحل اليمن هنا ضحّى واستبسل أفراد الفرقة الأولى مدرع ، وأنا على ثقة بأنه لو وجه سؤال لكرسي الحكم في دار الرئاسة من الذي منع عنه الاغتصاب طوال ثلاثة وثلاثين عام ؟ لكانت إجابته على الفور إنهم أبناء الفرقة الأولى مدرع ، ونفس الرد سيكون من الإذاعة والتلفزيون بأن الذي منع بيانات الانقلابات من الوصول إليها هم أبناء الفرقة ، فهل تعلم وسائل الإعلام التي تقوم بهذه الحملة على الفرقة الأولى بأنه ومنذ يوم 17 يوليو 78م حتى يومنا هذا قدّم هؤلاء الأبطال أكثر من أحد عشر ألف شهيد من أجل تثبيت النظام والمحافظة على أمن واستقرار ووحدة اليمن ؟ وبحسبه بسيطة لو قسّمنا هذا العدد على عدد الأيام منذ ذلك التاريخ حتى اليوم مع الأخذ في الاعتبار السنوات الكبيسة فسوف نجد أنه وفي كل يوم يطلع شمسه كانت الفرقة الأولى تقدّم شهيداً واحداً من اجل اليمن والمحافظة على نظامه وأمنه واستقراره ، فما لكم كيف تحكمون ؟ فما هذا الجحود والغمط المتعمد ؟ فنحن والله نخشى أن تختفي التضحية والفداء والبطولة داخل الجيش اليمني العظيم عندما يسمع مثل هذا الهجوم على هؤلاء الأبطال والتنكر لهم . 

4- في هذه الأيام العصيبة من تاريخ اليمن فإننا نقول لكلٍ من السلطة والمعارضة وجميع أطياف المجتمع اليمني نقول لهم هنيئاً لكل من يفعل هذه الأيام فعلاً أو يقول قولاً يحقن به دماء أبناء اليمن ، وهنيئاً ثم هنيئاً لكل من يرفع شعار " لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِي إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ " حفظ الله اليمن من كل مكروه وليكن دُعائنا جميعا هو " اللهم إنك تقدر ولا نقدر ، وتعلم ولا نعلم ، اللهم ما علمت أن فيه خيراً لنا ولبلادنا فقدره ويسره لنا ، وما علمت أن فيه شراً لنا ولبلادنا فاصرفه عنا ، آمين يارب العالمين .