لعنة ميدان التحرير, حلت بالأنظمة
بقلم/ هناء ذيبان
نشر منذ: 13 سنة و 8 أشهر و 21 يوماً
الجمعة 04 مارس - آذار 2011 08:47 م
 
 

تتعرض المنطقة العربية من محيطها إلى خليجها إلى رياح عاصفة قوية .. فهذه المنطقة يجثم على صدرها أنظمة مصابة بالعقم المزمن, وكل ممارساتها تعبر بشكل سافر عن عجزها ونكوصها.. إذ تماهت بمقولات غبية (أطلقها قادة أغبياء) أقلها من ليس معنا فهو ضدنا.. مقولات كان من أهم متطلباتها تشديد القبضة والمبالغة لا بالتلويح بالعصا فحسب, بل باستخدامها في كل صغيرة وكبيرة .. !! ومن موقعها راحت هذه الأنظمة تراقب بعض تفاعلات حالة الغليان وكأنها تجري في المريخ, وحين كانت تصطدم بهدير الانفجار, أو ترى بعضاً من تباشيره , سرعان ما نراها تتخبط في عدم التصديق ,فتتصرف بارتباك وبلادة عز نظيرهما..

فبعد أن عاشت على خرافة القناعة بأنها تحكم شعوباً من خارج منظومة الآدمية , دون أن يمر في خيالها احتمالية أن ينتمي هؤلاء المحكومين لطيف من آدمية , فكيف يمكنها تصور أنه ربما يكون لديهم قابلية للغضب ؟؟

أنظمة تمارس إرهاب الدولة والقمع المنظم , وتحكم بقوانين الطوارئ , حتى باتت ممارساتها تشكل عدوانا على كل مفردات الوطن , عبر وسائل الفساد والإفساد, والمزواجة بين السلطة والثروة , تجاوزت كل المحرمات وانتهكت الخطوط الحمراء , ونفذت وما زالت تنفذ أخطر عمليات النهب والبيع ,وغيبت العدالة الاجتماعية بكل أشكالها , ومارست الفساد , حتى أصبح أكبر قوى ضاربة ..

ومع ذلك ورغم انكشاف جانب من جبل المستور , فإن هذه الأنظمة ما تزال تنام على حرير من أوهام, تسطرها تقارير البنك الدولي ومراكز البحوث الموجهة .. أوهام الاستقرار والوئام ,ونسب النمو التي تفوق أعلى معدلات النمو في العالم, دون أن تعي بأن هذا الاستقرار يقوم على أجهزة قامت على تسمينها حتى تغولت على كل شيء , وحجبت الرؤيا, حتى لا تقع عين أحد على إرهاصات الغضب والثورة الكامنة تحت الرماد ..

ألم ترسم لنا تقارير البنك الدولي صورة وردية لنموذج الاستقرار والتنمية التونسي? فكيف نصدق تقارير هذه المؤسسات بعد الزلزال الذي أصاب معظم الدول العربية?

ثورة مصر وليبيا واليمن اليوم, ومن قبلها ثورة تونس جاءت لتصفع هؤلاء بحقيقة قشرة الاستقرار المزعوم.. هذه القشرة التي فشلت في إخفاء الغضب الكامن تحتها, فحين جاءت اللحظة التاريخية انكشف الغطاء عن مخزون طافح من الغضب , وكانت الثورة التي فاجأت أنظمة عاشت في المكان ولكن خارج الزمان ..

ثورة حقيقية واعية ناضجة , متحركة, عبقرية, تبدع في كل يوم أدواتها وشعاراتها .. ثورة تتعمق وتترسخ يوماً بعد يوم, لتستحيل على كل محاولات الالتفاف والاحتواء , فكان من الطبيعي أن تتحرك أحلام الشعوب من المحيط إلى الخليج.. ومن الطبيعي كذلك أن نرى كل هذا الكم من الفرح الحقيقي الغامر بالإنجاز التونسي المصري العظيم, ذاك الإنجاز المهيب, الذي حرك الوعي العربي وأطلقه من عقاله , لتتوالد انتفاضات على زمان عربي بائس, لتصنع زماناً تستحقه هذه الأمة..!!

اليوم تبدأ مرحلة جديدة ستكون مختلفة بالضرورة..مختلفة بأدواتها ورموزها ومقولاتها..

لأول مرة تجد الأنظمة المستبدة نفسها أمام جيل مختلف.. جيل ارتبط بالحلم, وآمن بقدرته على تحقيقه .. جيل يتفجر وطنية وحماسة, انتفض على كل مقولات التسطيح والتسفيه , وخرج على شرط الوصاية, عملاقاً متحدياً مدركاً ما له وما عليه..

هذا هو الزمان العربي الجديد .. زمن للنهوض العربي الشامل.. زمن تتجه بوصلته إلى الأمام ..

لقد ولى زمان الرئاسات المؤبدة , وتوريث المناصب إلى غير رجعة!! فبعد أقل من خمس سنوات على بشارة "كونداليزا رايس" بشرق أوسط جديد, أرادته أن يولد من رحم الفوضى الخلاقة , ها نحن اليوم إمام مخاض حقيقي لوطن عربي جديد, يولد من رحم ثورة الشعوب ..فحين انطلقت انتفاضة تونس من سيدي بوزيد , اكتشفنا أن هناك سيدي بوزيد في جميع أوطاننا , وبأن هناك ميادين للتحرير في جميع أوطاننا


 
عودة إلى كتابات
الأكثر قراءة منذ أسبوع
الأكثر قراءة منذ 3 أيام
  أحمد الجعيدي
حرب المسيّرات.. التكنولوجيا التي أعادت تشكيل وجه النزاعات العسكرية
أحمد الجعيدي
الأكثر قراءة منذ 24 ساعة
دكتور/ فيصل القاسم
كم أنت عظيم ومذهل… وقليل عقل أيها الإنسان!
دكتور/ فيصل القاسم
كتابات
عبد الباري عطوانخطير نعم.. مجنون لا
عبد الباري عطوان
ياسر اليافعيدماؤنا ليست رخيصة
ياسر اليافعي
د.عبدالمنعم الشيبانيتوكل كشخصية بديلة لفؤادة
د.عبدالمنعم الشيباني
مشاهدة المزيد