الأيدي المرتجفة وحصاد مأرب
بقلم/ ريم بحيبح
نشر منذ: 7 سنوات و 10 أشهر و 9 أيام
الجمعة 13 يناير-كانون الثاني 2017 02:09 م

الطبع غلب التطبُّع مثلٌ دارجٌ بين العرب، و أمثال العرب في أغلبها عصارة خبرة من عاشوا وشافوا كما يُقال..
ونحن عشنا وشفنا ..عشنا ونشأنا على حكمٍ للبلاد يرفع شأن من قلّت أمانته وثبت لدى الحاكم فساده..فحكمٍ كحكم علي عبدالله صالح لم يكن ليستمر لولا سياسة إقصاء كل شريف واغتيال كل حرٍ أمين وإدناء كل حقيرٍ سفيه أو على الأقل كل جبانٍ ضعيف ساكت عن الحق..
وبالرغم من قيام ثورة فبراير المجيدة و التي سُمّيت بثورة التغيير..التغيير من السيئ إلى الأفضل إلا أننا الآن وبعد كل ما مر به الشعب وما قدمه من تضحيات لم نرى للتغيير أثراً ولا دليلا ملموساً إذ لا زالت الدولة تسير على خطى سابقتها في عدم الإلتفات لحاجات الشعب الأساسية و الفساد في التعيينات السياسية وكأن من يقود البلد يسير على خطى من سبقه، دون وعيٍ منه بأن الغباء هو تكرار ذات الفعل مع توقع نتيجة مغايرة.
كان المخلوع يظن أن بشراءه للذمم والولاءات سيحكم اليمن حتى الممات ثم يورّثها لإبنه أحمد من بعده وقد خاب ظنه وعادت الأموال الحرام التي جمعها بنهب ثروات الوطن عليهِ وبالا..واليوم يتكرر السيناريو وإن بوجوه مختلفة وبمسميات جديدة..وحين يرفع أي شخصٍ صوته لانتقاد الوضع المُعوجّ يُتهم بأنه يشق الصف ويُطلب منه الصمت!!علينا جميعاً أن نعي من الذي يشق الصف حقاً بأفعاله الغير سويه والمجانفة للحق والعدل..حين يتم تعيين عدد ضخم من ذات الطيف السياسي والقبلي لمجرد شراء ولاء ذلك الحزب أو تلك القبيلة فنحن نعيد تدوير ذات أسلوب الحكم البائد الذي ثار عليه أبناء اليمن قاطبة وهذا عار وأي عار السكوت عنه.
على حكومة الشرعية والرئيس هادي أن يعو الدرس جيداً فجدار الصمت قد تم هدمه منذ فبراير 2011 وقيد الخوف قد كُسِر و الظلم ما عاد له من سطوة في أرض سقاها رجالها بالدماء الغالية من أجل العزة والكرامة..عليكم أيها المُتحكمون أن تعوا بأن عدوكم ماكر وأنتم أثبتم قصر نظركم و قلة حيلتكم باتباع خطاة المُدنّسة بالفساد ..فإما أن تكون قراراتكم على قدر تضحيات الرجال وإلا فابشروا بثورةٍ عليكم كما كانت على سابقكم ولا تقولوا كما قال سلفكم " وضعنا مختلف" فقد قالها كل من سقطوا والثورة ليست فقط ميادين واعتصامات..فقد تكون تمرد وعصيان وإرباك يصعُب إن لم يستحيل تداركه.
كنت قد قرأت عن أعداد الشهداء من بعض قبائل مأرب" عبيده ومراد وجهم وغيرهم" و عدد الجرحى وكيف أن التعيينات الأخيرة كان نصيب الأسد فيها لأشخاص منتمون لحزب معين و من قبيلة معينة دون سواهم..حقيقةً كنت اتعجب من مثل هذه الشكوى وأقول ما دفع الشهداء الدماء الغالية والأرواح السامية إلا لأجل حرية الوطن وعزته وكرامته..لكن أي حرية وأي عزة وكرامة لوطن لا يُقدّر التضحيات التي كانت والمستمرة! إن التعيينات في الوظيفة العامة من محافظة مأرب بالذات يتحمل النصيب الأكبر منها إلى جانب الحكومة محافظ مأرب الشيخ سلطان العرادة كونه الأقرب لأرض الواقع والأكثر علماً بمن يعمل ويجتهد ويضحي وبالتالي فهو مشارك في الخلل الحاصل والوضع الحالي الذي يكثر فيه التذمر ويستشعر المواطن بغليانه.
كنت قد قرأت بأن أحد الفنادق كُتب على مدخله ( إن اعجبناك تحدث عنا..وإن لم نعجبك تحدث إلينا) وهي فلسفة رائعة تستحق التعلم منها.. وقد تحدثنا عن الشرعية وعن محافظ مأرب كثيراً حين أعجبونا.. وأعجبهم ذلك الحديث وها نحن نحدثهم بما لم يعجبنا فهل ستكون هناك مراجعة حقيقية للأداء وتعديل للمسار أم أن لهم آذاناً لا تسمع إلا ما يعجبها.
وبالنسبة لجبهة بيحان التي نعلم جميعاً أهميتها خاصة بالنسبة لصافر منبع الثروة ونرى إستماتة الحوثي وعفاش من أجلها، والتي تُقدِّم فيها القبائل كل يومٍ رجالاتها الأبطال للفداء من أجل الوطن وقد أوجعنا رحيل كل تلك الأرواح الطاهرة ..فإنه ما يثير العجَب ويطرح الكثير من علامات الاستفهام بقاء الألوية العسكرية التابعة للشرعية ساكنه عنها ووقوفها وقوف المتفرج الغير معني بما يحدث.
 نعلم جميعاً أن مأرب بها ألوية عسكرية كبيرة وعتاد وسلاح الهدف منه دعم الشرعية لكن للأسف الجيش لا يشارك إلا بنسبة ضئيلة جداً و الألوية ساكنة بينما الدماء أنهار من رأس أبناء القبائل سواء في جبهة صرواح أو نهم أو بيحان..وضعٌ مخزٍ للشرعية وجيشها الذي نسمع له جعجعةً ولا نرى له طحيناً..
طال صمتنا ولكن ليس صوتنا من يشق الصف بل فعلكم يا شرعيتنا الغائبة عن الميدان..نكون أو لا نكون ولا مكان للظِلال وأشباه الرجال..مأرب لن تركع للحوثي أو عفاش لكنها أيضاً لن تدفع الضريبة لتستلم الأيدي المرتجفة حصادها.