إلى أين يتجه المسار في مصر واليمن ..بين السياسة والسنن ؟
بقلم/ كاتب/مهدي الهجر
نشر منذ: 11 سنة و 11 شهراً و 11 يوماً
الإثنين 10 ديسمبر-كانون الأول 2012 04:27 م

1ــ ليسعني صدره صديقي العلماني فلا تختنق أنفاسه وتتوهج عيناه علي ، وليحملها مني  مداعبة ، فإن كانت خشنة وجادة إلا أنها تتحسس أريحيته .

2ــ أنا لم أرى الديمقراطية تدب اليوم على الأرض إلا في الحيز الذي يشغله الإسلامي كما لم أجد الناس في منطقتنا تتنسم الحرية إلا في فضاءات هذا الفريق ، أستبعد منه ولم يحسبهم عليه حتى مغايريه ذك المكوّن الشطط الذي لبس الإسلام شعارا ثم سار على غير سواء ففجر مع الله ثم الناس ، وشظَى وتشظى .

3ــ  رأيت الشيوعي والناصري ، والبعثي ، والليبرالجي ، والعلماني الصرف ، والعلماني الوسط ، والحداثي ، والهلوك ابن الغرب وأمه الديمقراطية بالتبني كيف ساروا على منطقتنا بقيم الحريات والحقوق ، ودماء الناس وأموالهم وأعراضهم ،وبالتنمية وقضية فلسطين ، وقضايا الأمة .. وأزعم لو رجعوا اليوم إليها بعد هذه الثورات والربيع المزهر فظني بالفصيل منهم  على ما كان عوده أبوه ، ولعادوا إلى ما نُهوا عنه ..

4ــ الأمر ليس ضربا ، حيث المحاولة على الهواء مباشر تعمل الآن في مصر بالمطرقة والمنجل والعصا والخنجر ، وبالكلمة والدفتر ، والمقالة والقصيدة لكتم  أنفاسه وقتله  هذا المولود الديمقراطي الطاهر الذي بدأت  سيماه تشرق وطلعته تُورق .

5ــ بعد اليوم ، وبعد تلك يداك أوكتا وفوك نفخ فلا تحدثني عن الحقوق والحريات ، والتحديث و الديمقراطية أصولا وقواعد ، وأغلبية وأقلية حتى تؤتونا موثقا من الله نرى مقتضاه تسيرون به على الأرض .

ومع ذلك فظني بهذا العلماني في بعضه أمل على الأقل في اليمن ، إذ أن من العدل التمييز والفصل بين القديم المحنط منه كالنموذج المصري ، والناشئ الوسط منه كالنموذج اليمني ..

6 ــ غير أنها سنة الله تعمل بثبات ومسار لا يتحول تعجز معها بل وتنقلب عليه نفسه حيل ومكر السياسي الأحمق حينما يسير مكبا على وجهه وعلى غير هدى مهما راكم على نفسه الخبرات والحيل والمكر بمعطيات الأرض وبشريته .

وقد سبق إليها فرعون حينما استجمع مكره ومكر مستشاريه بجمعه كبار السحرة والمطبلين من كل أرجاء ملكه بحوافز وعطاءات وتقريب على موعد هو يوم الزينة  وعند الضحى منه والناس في أقصى نفرة وجلبة ، وعلى تخطيط محكم ، وتقدير لا يبلغه إبليس ذاته .

في كل الأحوال ووفقا لأرقى رؤية وتخطيط بشري لن يخرج منها موسى بل هي القاصمة له .

أما تجاه فرعون فستترسخ أكثر ألوهيته على الناس من جهة وشعبيته من جهة أخرى ، ولن يفكر بشري في التأتأة بعدها أبدا ..

ثم كانت النتيجة أن كسر الله فرعون وأذله بمكره وحيلته هو ، إذ خر السحرة المطبلين والمرشدين الروحيين للناس وأُس وعُمُد فرعون لله رب العالمين .

وكذلك كان غلام الأخدود ، حسب طاغية زمانه تبعا لمكره الأخرق أمام سنة الله أنه بقتله الغلام أمام شعبه وهم كلهم على صعيد واحد سيكون قد انتهى تماما من خطر منازعته الألوهية بعد ان يكون قد علم شعب مملكته درسا معجزا من دروس أنه ربهم  ، وزرعا للخوف أطنانا لدى عبيده الشعب .

لكنها كانت الفاقرة واقتلاعه تماما من القواعد عندما ارتدت وصاح الناس بصوت واحد آمنا برب الغلام .

7 ــ  ويوم بدر كان أبو جهل بمقاييس صناع الإستراتيجية والإدارة والتخطيط البشري قائدا من الطراز الأول في الرؤية والتدبير والحزم .

 

فالموقف يستدعي أن يحسمها مع  محمد حتى ولو نجت القافلة ، لأن محمد وأتباعه لم يعد خطرهم عارض أو مناوشة من بعيد لأمن قريش القومي  ، بل يتجه إلى تقويض أساس وبنيان قريش ، وهو في المحصلة تهديد قريب بات حتميا لوجودها ، وقد باتت فعلا على طريق إما أن تكون أو لا تكون ، فلا خيار إلا المواجهة والحسم

فماذا بعد تنكيس رايتها الدينية بين العرب وهي شارة زعامتها عليهم ثم تباعا تهديدا محققا لأمن قريش الغذائي وبنيتها الاقتصادية وهذه ركيزتها الثانية .

ثم وهذا الأهم إن ترك محمدا دون مواجهه واستئصال  وهو مازال في الطور الضعيف سيعطيه ذلك الفرصة للاستفادة من الفرص التي أمامه ومن حوله وتلك التي يجرها إليه لأن يقوى ويتعاظم خطره .

هذه الصورة بين الطرفين بمعطياتها وتداخلاتها لو طرحت في ندوة او نقاش مع الأستاذ هيكل ــ طبعا دون ان يعلمه احد بالنتيجة ولعله يجهلها ـ لأبدى إعجابه الشديد بالشخصية القيادية لأبي جهل ، وكيف امتلاكه عبقرية قيادته الأزمة ، بل وربما لعكف يكتب عنه مجلدات قد تفوق ما كتبه عن ناصر .

هما مساران في كثير من الأحيان ...... وعندما تستوفى الجهود والمعطيات على نية وموافقة وتجرد وثبات  تكون النتيجة على عين من الله يصنعها بكيفية على قدر وعلى نحو ( ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد ).

8 ــ قتلت إسرائيل الشيخ احمد ياسين والرنتيسي وعدد من قيادات حماس في تتالي زمني لخطة تعمل ، وكان تقدير إسرائيل والليبرالجي الفلسطيني العميل أن حماس قد كُسر عمودها وأضلاعها وأطرافها ، ولعلها بحاجة إلى عشرين سنة للمعاودة هذا إن وافتها الفرصة ولم تلاحق بالقتل والتكسير .

وكان الأمر على غير ما حسبته إستراتيجية وتقدير الأرض إذ عادت بقفزة هيكلية ومصيرية لحماس الى السلطة والى الأمة والعالم ، ثم استوت تعمل على فلسطين .

ولعل الشيخ والشهداء إن كانت تأخرت شهاداتهم لأبطأ النصر ، أما هم فلقد لقوا الله شهداء بعد أن انتهت أعمارهم التي لا يملكها أحد غيره سبحانه .

9 ــ وجاء محمد مرسي رئيسا لمصر على نحو علمه وشاهده الجميع ، إلا أن مرسي  كان مغمورا كقائد ولم يكُ حظه من الشهرة كحظ غيره ، فقيظ الله له لسان حاسد ، وليبرالي لجوج ، ومنافق يعلمه الناس ، وربيب ليهود ، وصنائع لموساد ، وعاهر سياسي ، ومثقف بليد ، وإعلامي سليط ، وفاسد وقح ، ونخبة تتحنط وذات قيح ..ووو...حتى أوصلوه كريما  إلى كل بيت عربي وإسلامي  ثم رفعوه  إلى مصاف قادة وعظماء الأمة أمثال زنكي وصلاح والفاتح واردوغان اليوم ، وما كان لمرسي أن يبلغ هذه الشهرة ولو سارت به أدوات الدعاية والإعلام سنين .

ومن هناك أرادت إسرائيل أن تحفر له في غزة شركا ـــ الحرب على غزة ــ وحفرة ليقع به فرسه او تتشرك على الأقل به قدماه فينثني ويخضع  ثم يكون لغيره من حوله ومن بعده درسا ، فكانت النتيجة أن رأت الأمة بعد طول شوق وترقب صلاح الدين يبعث من جديد على فرسه يعبئ ويحشد نحو  حطين أخرى وعيناه قد تسمرتا هناك لا تغادر الأقصى .

أما الإخوان المسلمين في مصر وحزب الحرية والعدالة ومعهم السلفيين ، فقد كان الواقع يقطع بضآلة خبراتهم السياسية في مجال إدارة الدولة والأزمات ، والعلاقات الدولية ، حيث ظلوا تحت الأرض عقودا فاتهم خلالها خبرات الإدارة والسياسة والاقتصاد والعلاقات السياسية مع الفرقاء ومع العالم الخارجي ، فأتى الله لهم بهذه الفتنة التي ظاهرها المحنة وباطنها من الله رحمة وعطاء ، حتى تعلموا ما كان لهم أن يبلغوه في بضع سنين ليتفرغوا بعد أن يجوزوا دورتهم التدريبية هذه إلى مشاق ومعضلات التنمية والشهود الخارجي في مسار العلاقات بين الأمم .

وفي هذه الأثناء يأتي الله على المفسدين والنخب المحنطة ذات البهتان والافك والنفاق والزيف على نهاية مخزية ،وعبرة لمن كان له قلب ، وكأني بالسامري بينهم يفر من الناس صائحا لا مساس .

ستخرج مصر 25 معافاة بعد وعكة بسيطة ستكون لها طهورا إن شاء الله .

وعلى يقين أنا أن مرسي لو طُرح الساعة على صندوق الانتخابات لتجاوز نسبة الـ 76% ، فكيف به لو جاء بعد حين .

وعلى يقين أيضا أن من دبر وخطط لحل مجلس النواب ستبكيه نتائجه غدا وسيتمنى مقهورا ليته ما فعل ..

10 ــ أما في اليمن فرغم أنا نتمنى ولازلنا مغادرة المخلوع ما تبقى من السلطة وبنيه ، إلا أن في بقائهم في تقديري حكمة يعملها الله لصالح اليمن يعلمها اليوم من علم ، وسيكشف الله عنها الغطاء غدا لمن غابت عنه .

فالأمر عند مراجعته من أوله وفي أكثر من زاوية يبين أن من ورائه تدبيرا إلهيا ، وثقتنا بالله وتدبيره وتمكينه ورحمته وعدله كبيرة مادام والقوم قد القوا بكل ممكناتهم في إخلاص وموافقة ورجاء وثقة .