المشترك.. وضرورة القطْع مع الماضي
بقلم/ مصطفى راجح
نشر منذ: 11 سنة و 4 أشهر و 10 أيام
الجمعة 07 ديسمبر-كانون الأول 2012 12:55 ص

لا تحتاج قيادات المشترك والسلطة الانتقالية إلى شدة ذكاء أو فيض من حكمة لإدراك مؤشرات الإحباط والغضب والرفض في الشارع اليمني والأوساط الشعبية وفي مؤسسات الدولة وخارجها وفي المدن والأرياف من الوضع المخيب للآمال الذي وصل إليه البلد وليس فقط مسار اتفاقية نقل السلطة .

ذلك أن ماقيل إنه مسار لنقل السلطة سلمياً عبر عملية سياسية قد تبدى مؤخراً وبشكل واضح لا غموض فيه وكأنه تثبيت للنظام القديم بصيغة مراكز قوى تهيمن على الجيش الذي بقي منقسماً وترسم موازين القوة في مؤتمر الحوار.

والواضح أن الحكومة حكومة تثبيت للفساد وشرعنة لمناخاته بوجوه «ثورية» وليست حكومة مهمتها التغيير وضبط كل قراراتها وإجراءاتها بمعايير الحكم الرشيد .

أكثر خطوة صادمة كانت تطبيع حضور الرئيس السابق عبر الحوار الذي أقدم عليه بن عمر بتفويض من اللجنة الفنية والسلطة الانتقالية مع علي صالح حول حصص المشاركة في مؤتمر الحوار.

هذه الخطوة بحد ذاتها وبعيداً عن موضوعها تعتبر اعترافاً من الأمم المتحدة ورعاة المبادرة واللقاء المشترك والسلطة الانتقالية ، اعتراف بأحقية صالح في ممارسة النشاط السياسي «ومحصناً بعد الثورة الشعبية عليه وعلى نظامه» وقيادة المؤتمر كحزب شريك في الحكومة ومؤتمر الحوار الوطني .

الذهاب لمحاورته حول حصص المشاركة تبين لنا أن كل الضجيج السابق من قبل قيادات المشترك والرعاة الأمميين والدوليين كان نوعاً من الدجل والمخاتلة والتدليس ، وأقصد هنا التصريحات المتواترة التي سمعناها طوال أكثر من عام عن مواقف المشترك المساندة للثورة الشعبية والمبادرة الخليجية بخصوص ضرورة توحيد الجيش اليمني قبل الحوار، والتأكيد على خروج صالح من السلطة والممارسة السياسية .

وكذلك تبدى لنا أن كل الضغوط الدولية على صالح للالتزام بمقتضيات نقل السلطة وقانون الحصانة وتوحيد الجيش كانت مجرد كلام ، وهذا هو الاستنتاج المنطقي الوحيد من ذهاب بن عمر لمحاورة الرئيس السابق حول الحصص !!.

وقد أكدت كلمة المحرر السياسي المنشورة الخميس الماضي على صدر صحيفة الصحوة صحة هذا الاستنتاج، حيث طالبت معرقلي المبادرة بالكف عن أفعالهم وأن ينخرطوا بالحوار ويكونوا جزءاً من الحل لا جزءاً من المشكلة ، والمقصود هنا، طبعاً، هو دعوة الرئيس السابق المحصن للمشاركة السياسية والمساهمة في رسم ملامح النظام «الجديد» الذي سينشأ على أنقاض «نظامه».

ويبدو أن الكلمة التي تعبّر عن توجهات حزب الإصلاح قد ارتكزت على المخاوف من دعاوى الانفصال بحسب ما أفصحت عنه ، وذهبت بحزبها إلى المراهنة على بقاء صالح وتثبيت شلل الدولة والهروب إلى الحوار ، مع أنهم يدركون أن الحل يبدأ أولاً من توحيد الجيش واستعادة فعالية الدولة وسلطتها وإعمال مبدأ التغيير في كافة مؤسساتها ، التغيير وليس تثبيت الأوضاع الفاسدة . نركز هنا على حزب الإصلاح لأننا توهمنا أنه حزب حي وراهنا على دوره ، أما بقية أحزاب المشترك، فالضرب في الميت حرام كما يقول المثل الشائع.

لقد قطعوا صلتهم بالشارع اليمني والثورة وحتى استحقاقات المبادرة وآليتها ، وأقاموا بدلاً عن ذلك الصلات مع الماضي وأساليب فساده ومنظومته ليثبتوا صحة كلام صالح أنهم فاسدون ولا هدف لهم إلا المناصب الحكومية وتقاسم الوظيفة العامة .

لقد اتفقوا جميعاً على إبقاء الوضع على ما هو عليه والهروب إلى مؤتمر الحوار .

لا وجود لأي مؤشرات على التغيير ، ولا وجود لالتزام جاد بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، لأن الواضح لنا هو إعادة إنتاج النظام وليس التغيير ونقل السلطة وتوحيد الجيش وشمول التغيير لقياداته المرتبطة بالرئيس السابق والمتورطة بقتل شباب الثورة وقصف المدن وتدمير مقومات الدولة وبنيتها التحتية والخدمية .

استدعى باسندوة وزراء حكومته ليلاً وعلى عجل لإقرار قانون الحصانة للرئيس السابق وتحويله للبرلمان بعد ضغط وتهديدات ، بينما بقي قانون العدالة الانتقالية المعني بإنصاف شباب الثورة وشهدائها وجرحاها مرمياً في الأدراج، لأنه لا أب له في حكومة الثورة التي يرأسها باسندوة رئيس المجلس الوطني لقوى الثورة !! .

وقد كان لجوء جرحى الثورة إلى المحاكم من أجل إلزام الحكومة بعلاجهم تعبيراً واضحاً عن واقع الحال الذي تعيشه اليمن وشعبها في ظل حكومة وسلطة انتقالية أفرزتها الثورة الشعبية العام الماضي !!