مكتب المبعوث الأممي يلتقي بمؤتمر مأرب الجامع ويؤكد حرص الأمم المتحدة الاستماع إلى الأطراف الفاعلة مجلس القيادة يجتمع ويناقش عدة ملفات في مقدمتها سعر العملة والتصعيد الحوثي بالجبهات بترومسيلة بحضرموت تعلن نجاح تشغيل وحدة تكرير المازوت بمناسبة اليوم العالمي للجودة...جامعة إقليم سبأ تدشن فعاليات أسبوع الجودة اعتذار رسمي في ايطاليا بسبب القدس من هو ''أبو علي حيدر'' العقل الأمني لحزب الله الذي فشلت اسرائيل في اغتياله؟ رصد طائرات مسيرة ''مجهولة'' تحلق فوق 3 قواعد تستخدمها أميركا في بريطانيا صحيفة أميركية تتوقع أن يوجه ترمب ضربات تستهدف قادة الحوثيين وتُعيد الجماعة إلى قائمة الإرهاب مستجدات حادثة العثور على حاخام يهودي ''مقتولاً'' في الإمارات اليمن تسجل أول حالة إصابة بـ ''جدري الماء''.. ماذا نعرف عن هذا المرض؟
علينا أن نضع مرآة أمام من تبقى من "مشائخ القبائل" الذين مازالوا يقفون في صف بقايا صالح أو نظامه، ليروا صورتهم الحقيقية القبيحة البعيدة كل البعد عن قيم القبيلة وأعرافها الحميدة! وليكتشفوا بأنهم بالمعيار الذي يفتخرون فيه "نحن قبائل"، هم في الحقيقية "مزينون" من حيث لا يعلمون، بمعنى أنهم مستعدون أن يمارسوا أي مهنة من أجل مصالحهم، ولو كانت هذه المهنة هي: "قتل النساء، أو حمل السلاح في وجه العزل، أو الغدر بالوسطاء، أو الاعتداء على أسر الشهداء من النساء، أو الوقوف في صف من يقوم بذلك" وحينها نجد بأن مهنة الجزار والحلاق هي مهن شريفة لا تتعارض مع قيم القبيلة، بينما تعارض معها هؤلاء المشائخ التابعين لنظام صالح الذين أنزلوا أنفسهم هذه المنازل من البلطجة والدوشنة والعيوب السوداء، وما زالوا يعتقدون بأنهم قبائل!
أما القبيلي الحقيقي أو الشيخ الحقيقي، فهو برغم كل عيوبه، إلا أنه يحمل في نفس الوقت أعرافا قبلية رائعة، يمكن أن تكون سندا للدولة المدنية ذاتها، بشكل أو بآخر، فالانشقاقات الكبرى التي زلزلت النظام بعد جمعة الكرامة، كانت نتيجة للأعراف القبلية التي ترفض مواجهة العزل بالسلاح! وكان ذلك تصرف طبيعي لأولئك الذين لم تسمح لهم أعرافهم القبلية أن يبقوا صامتين إزاء هكذا جريمة!
أما نظام صالح، ومن يصطف معه من قلة قليلة ممن يعتبرون أنفسهم مشائخ وقبليون، هؤلاء الذين أنزلوا أنفسهم منازل البلاطجة والمعتدين على النساء والعزل! فهؤلاء لا تعرفهم القبيلة اليمنية هم ليسوا قبائل حقيقيون، وإنما قبائل ممسوخون، ممسوخون من كل قيم القبيلة الإيجابية، وبالتالي فإنهم ليسوا جزء من النسيج القبلي اليمني الأصلي، وإنما إفرازات من إفرازات النظام الخبيثة والمسمومة، وصناعة من صناعاته طوال عقود مضت!
وقد أدركت هذه الحقيقة إحدى مطبلات علي صالح! تلك الشاعرة التي تجرأت على المشائخ الذين حضروا مؤتمرا للمؤتمر الشعبي العام ، وقالت: إن كل المشائخ لا يسوون حذاتك يا علي صالح! أدركت هذه المرأة أنه ليس في القاعة شيخ قبيلة حقيقي! لقد أدركت هذه الشاعرة أن الشيوخ "الحقيقيون" لا يمكن أن يقفوا في صف قاتل النساء! وغادر الوسطاء! وأن الشيخ الحقيقي قد تخلى عن نظام صالح بمجرد أن ارتكب هذا النظام العيب الأسود مرارا وتكرارا، وبكل أشكاله وأنماطه!
فالقبيلي لا يقنص عزيزة! ولا يقنص تفاحة! ولا يقتل ياسمين! ولا يعتدي على الشباب العزل في الساحات! القبيلي لا يعتدي على لجنة الوساطة في بيت هذا الشيخ أو ذاك؟ القبيلي لا يتحول إلى بلطجي!
هذا لا يعني أبدا أن كل القبائل أو شيوخ القبائل الذين انضموا إلى الثورة نماذج يحتذى بها، لا على الإطلاق، إلا أنهم على الأقل احترموا أعراف القبيلة، ومهما تكن مساوئ بعضهم، إلا أنه لم يدع لهم الانحطاط الأخلاقي الإجرامي للنظام خيارا سوى الانضمام ومناصرة العزل الذين تعرضوا لمجزرة مسلحة، لم يشهدها اليمنيون!
فوجدوا أنفسهم في مشوار الدولة المدنية، وسواء اتفق بعضهم معها أم لا، فإن أعرافهم مرة أخرى هي من ستجعلهم يكملون المشوار الذي التزموا به وهو مساندة الثوار حتى النصر! لأنهم لا يكذبون! وإذا قطعوا عهدا لا ينكثون!
إذن للشيخ الحقيقي في القبيلة اليمنية أو للقبيلي صفات سيئة وصفات حسنة، الصفات الجيدة هي تلك التي جعلتهم ينضمون، و أما صفاتهم السيئة فهي تلك التي يجب أن نعالجها بعد الثورة، وهي أيضا تلك الصفات التي يركز عليها النظام ليلا ونهارا، بعد انضمامهم، ويزيد فوقها أضعاف من الافتراءات والأكاذيب، لغرض واحد، النظام يريد أن يحول الثورة، من ثورة شعبية، إلى معارك طبقية وعنصرية، لأن ذلك هو سر بقاء هذا النظام لمدة 33 عاما! وتجمع كل الكيانات الطبقية في ثورة واحدة هو سر سقوطه!
بل إن القبيلة يمكن أن تدعم الدولة المدنية إلى حدود غير متوقعة، وذلك إذا أحسن الثوار التصرف، فمثلا، في قضية محاكمة القتلة في نظام صالح، يعتقد البعض أن ذلك غير ممكن لأن اليمن مجتمع قبلي، بالعكس إن قيم القبيلة اليوم تستدعي محاكمة صالح، هذا الرجل الذي ارتكب في عرف هذه القبيلة "العيب الأسود"، وحينها فالمحاكمة هي الصورة المدنية لهذا العرف الإيجابي في القبيلة، هذا العرف الذي ستهذبه المحاكمات العادلة في الدولة المدنية! فلا يجوز عند القبائل أن تقتل النساء، ولا يجوز أن تحمل السلاح في وجه العزل! ولا يجوز أن تغدر بالوسطاء! وبالتالي لا توجد قبيلة في اليمن تحمي "السفهاء"، أو تقبل بأن يبقى أولئك طلقاء، بل على العكس إن المطالبة بمحاكمة أولئك، أمر سيكون مرحب به من كل "قبيلي حقيقي" يحترم أعراف قبيلته!
وما يؤكد هذا، أن نظام صالح ذهب يسعى لنيل ضمانات من الخليج ومن الخارج، لأنه يعلم أنه لا توجد قبائل ستحميه، لأن من يملكون صفات القبائل قد تخلوا عنه بعد أن قتل النساء والعزل!
لا شك أن هناك عادات قبلية سيئة يجب على الثورة أن تتخلص منها تدريجيا، إلا أننا يجب أن نزيل المنظور الضيق لدى البعض، والذي يعتقد بأن عكس القبيلة هي المدنية! لو كان هذا صحيحا: كيف يطالب سكان القاهرة وتونس بدولة مدنية، ولا وجود للقبائل في تلك العواصم!! والجواب، هو أن أعداء المدنية ليسوا مرتبطين بالقبيلة، وإنما هم موجودون في أي مجتمع! فالمحسوبية والرشوات، مثلا، في نظام مبارك هي العائق الكبير أمام الدولة المدنية! وليست القبائل التي لا وجود لها هناك!
إذن معركتنا لإنشاء الدولة المدنية، هي مع كل القيم السيئة الموجودة في المجتمع سواء في النظام القبيلي أو في غيره! وطريقنا إلى الدولة المدنية، هو بمباركة كل الأعراف الحسنة، ومد الجسور مع كل القيم الجيدة في القبيلة وغيرها، لننتقل مع الجميع إلى بناء الدولة المدنية ليس على أنقاض أحد وإنما على أنقاض العادات والقيم السيئة الممتدة عند الجميع! وعلينا أن نتوقف عن النظرة القاصرة التي تحمل القبيلة وحدها عوائق الدولة المدنية!
فليس الطريق إلى الدولة المدنية هو أن نرمي بالقبيلة عرض الحائط، لأن أنصار النظام ممن تبقى من المشائخ وغيرهم، قد فعلوا ذلك أصلا! ورموا بكل قيم القبيلة، ولكن ذلك لم ينتج لنا دولة مدنية، وإنما كان صوب منظومة عفاشية لا هي قبلية تحترم أعراف القبيلة الحميدة، ولا هي مدنية تحرم قوانين المؤسسات الدستورية!