العائدون في اليمن .. دراسة مسحية تكشف ٌكلفة الحرب والدمار وأثرها على حياة النازحين وزير الأوقاف يقوم بزيارة تفقدية لمكتب أوقاف محافظة أبين تحذير عاجل من الملحقية الثقافية بالسفارة اليمنية بموسكو للطلاب اليمنيين الجدد وزير الدفاع العراقي يعترف بتأجيل انسحاب القوات الأمريكية وقوات التحالف كن العراق الى 2026 شاهد.. حادث مروري مروع يودي بحياة 16 شخصا في تعز تصريح قوي لقيادي في حماس بشأن القائد العسكري الأول محمد الضيف اليمن تتسلم من موريتانيا رئاسة مجلس جامعة الدول العربية اتحاد غرب آسيا يقر بخطئه بحق منتخب اليمن ومطالبات لاتحاد الكرة بالإنسحاب الداخلية السعودية تتوعد بعقوبات قاسية.. ترحيل أكثر من 11 ألف شخص وضبط نحو 1000 آخرين في الحدود بينهم 39% يمنيين هل أفلس بنك اليمن الدولي؟.. صحفي اقتصادي يشير الى الجهة المتسببة في أزمة بنوك صنعاء
قرر الزميل العزيز مراد بن هاشم، الذي أشغل الدنيا لسنوات بأعماله المميزة، سواء في الصحف التي عمل مراسلاً لها أم قناة "الجزيرة" التي تولى إدارة مكتبها لسنوات خلفاً للزميل العزيز "المغترب" أنور العنسي، أن يرحل إلى خارج الحدود، هو لم يغادر كما يفعل الكثير من الناس بحثاً عن مال، بل فضل الهجرة، والهجرة قاسية لشخص عجنته المهنة وصار جزءاً منها، إلا أن الزميل مراد أدرك أن هذا البلد صار يأكل أبناءه واحداً تلو الآخر، منذ اندلاع الثورة وما قبلها وحتى اليوم ولم يعد بإمكانه الانتظار حتى يأتي موعد أكله.
كنت قريباً من مراد في كثير من المحطات التي عانى منها، وكان رأسه قريباً من المقصلة، كما رؤوس كثيرين منا، ويوم أن بدأ التحريض ضده شخصياً وضد قناة "الجزيرة" في محافظة تعز التي ينتمي إليها، أدركت أن مسار الأحداث لن يتوقف عند هذا الحد، وكنت أقول للعزيز مراد إن هذا التحريض هو إيذاء روحي أكثر من كونه إيذاءً جسدياً، وكان بحصافته يدرك أن بعضاً من المحيطين بصناع القرار قد وضعوه في رؤوسهم وكان من الصعب إبعاده منها.
وجاءت أحداث لاحقة برهنت أن مراد هاشم كان "تحت المجهر"، فلم يسلم من هذا الطرف أو ذاك، خاصة وأن قوى الحراك الجنوبي وبعضاً من رموزها تصرف كما فعلت السلطة، وتعرض مراد للشتم والتهديد من قبل هذه الرموز، سواء في الداخل أم في الخارج، والتقى الطرفان في نظرتهما للصحفي، فالسلطة اعتبرته "مرتزقاً يجمع المال المدنس"، وقوى الحراك صنفته بأنه "عميل للسلطة"، وبدا أن الرجل لم يعد قادراً على الصمود أكثر، ومعه كل الحق.
ربما يرتاح كثيرون من مغادرة بن هاشم إلى الخارج، لكننا كزملاء له وأسرة صحفية سنفتقده، فقد كان قريباً من زملائه، ودوداً، لم أعرف أنه جرح أحداً ولم يتسبب بألم لأحد.
هجرة بن هاشم قاسية ومؤلمة، لأن الدول المتحضرة تحرص على إبقاء أبنائها في أحضانها ولا تفرح في خروجهم منها، سيكون اليوم مراد هاشم وغداً غيره كثيرون، وسنجد أنفسنا ننسل واحداً تلو الآخر إلى تلك الأماكن التي توفر بيئة طبيعية للعمل من دون إيذاء، ولا أتمنى ذلك.
أدرك أن مراد سيبقى وهو في الخارج متعلقاً بوطنه؛ لأن الأوطان لا تشترى ولا تباع، ومراد بن هاشم من بيئة إعلامية ووطنية يصعب على أي بلد مهما كانت مغرياتها أن تنتزعه منها، قد يعمل في وسيلة إعلامية كبرى، وقد يواصل دراسته العليا وهو طموح مشروع، وقد يخلد لراحة البال لفترة من الزمن، لكنه ككل اليمنيين الذين يعيشون في الخارج سيبقى مرتبطاً بوطنه وأهله وزملائه.
أدرك أن مثل هذه الهجرة كانت مفروضة على الزميل مراد هاشم، لكن الخوف أن نستسهل فكرة الرحيل عن البلد لدرجة أننا سنكون غير قادرين على الصمود في وطن يحتاج الجميع. المؤلم أن يشعر كل منا أنه مغترب داخل وطنه، بل ومهاجر دائم فيه، فمثل هذا الشعور يتوارد عند كثيرين، وتحت وطأة هذا الشعور سنجد أنفسنا في دوامة من الاغتراب التي لا تنتهي.