آخر الاخبار

الإعلام الأمريكي يكشف عن أوجه الاختلاف بين إستراتيجيتي بايدن وترامب الموجهة ضد الحوثيين؟ الإفتراض الخاطئ الحوثيون يجددون تحديهم للإدارة الأمريكية وترسانتها العسكرية في المنطقة.. عاجل أول أديب يمني تترجم قصصه للغة الكردية وتشارك في معرض أربيل للكتاب وكيل قطاع الحج والعمرة ينهي الترتيبات النهائية بخصوص موسم الحج لهذا العام مع نائب وزير الحج السعودي وزارة الأوقاف اليمنية تعلن صدور أول تأشيرة حج لموسم 1446هـ منصة إكس الأمريكية تتخذ قرارا بإيقاف حساب ناطق مليشيا الحوثي يحيى سريع قرابة ألف طيار ومتقاعد إسرائيلي يقودون تمردا بصفوف جيش الاحتلال.. رسالة تثير رعب نتنياهو   سفير جديد لليمن لدى أمريكا بلا قرار جمهوري مُعلَن موانئ عدن تعلن جاهزيتها الكاملة لاستقبال السفن تزامناً مع القرار الأمريكي بحظر دخول النفط إلى الحديدة اللجنة الأمنية بحضرموت تتوعد كل من يتعاطى مع التشكيلات العسكرية خارج إطار الدولةوتحذر المساس بأمن المحافظة

من الثورة إلى الدعوة إلى الدورة
بقلم/ محمد الحمّار
نشر منذ: 14 سنة و شهرين و يومين
الإثنين 07 فبراير-شباط 2011 08:17 ص
 

منذ اندلاع ثورة الكرامة في تونس عبّر العديد من الشباب عن حاجتهم لتقبل الدعوة للدين. إلا أني توجستُ خيفة من هذا الحماس المفاجئ (رغم أنه مفهوم وأسبابه ضاربة في التاريخ المعاصر)، الأمر الذي زادني رغبة في الإلحاح على أنّ أساليب الدعوة لا بدّ أن تتغيّر.

وتغيير الأساليب مبنيٌّ على الحاجيات الخصوصية لشباب تونس في هذا المجال، وشباب المسلمين الذين يتماهون مع النموذج التونسي. وأهمّ مسلمة يتميز بها وضع شباب تونس، وهي لم تدخل أبدا في حسابات الدعاة المحافظين (لأنها صعبة وهم يريدون السهولة): الشباب لا يجهل الدين (بمعنى أنّ الدين ليس جديدا على المجتمع) لكنه يجهل كيفية ربط علاقة الذات مع الدين، والذات مع الآخر، والذات مع المجتمع المتديّن .

من هذا المنطلق تكون الدعوة الجديدة التي أراها تتلاءم مع حاجيات الشباب المعاصر دعوة لغوية كلامية بالأساس. ليست إذن دعوة للإسلام بقدر ما هي دعوة لتوليد فكر ولتوليد واقع من الإسلام كعقيدة مكتسبة مع أنها صامتة.

والعقيدة صامتة لأنّ أصحابها، بالرغم من اعتزازهم بها إلاّ أنهم غير واثقين من سبل تصريفها في الحياة، وبالتالي غير واثقين من أنفسهم، الأمر الذي حدا بكثير منهم للتعبير عنها بالصياح وبتجاوز الكلام المُباح (الإسلام الاحتجاجي بجميع أطيافه). وتعليم الصائحين من المسلمين كيف يخفتوا من أصواتهم يُعدّ بحدّ ذاته تحدٍّ هائل؛ ومن دون الوعي بهاته الضرورة لن تحظى فكرة الدعوة الجديدة بالقبول المنشود لدى الشباب.

إنّ الارتياح لكون العقيدة الصامتة قد تنتهي إلى توليد نتائج عجيبة وباهرة عامل أساس في الاقتناع بالمبدأ الذي يرتكز عليه منهاج الدعوة:"الكلام إسلام" ( ما دام الكلام عمل و الإسلام عمل). وهو مبدأ علمي بنيتُ عليه نظرية اسمها "التناظر والتطابق" (بين الدين واللغة). والنظرية تندرج في الفضاء الأوسع والأعمّ الذي سميته "الاجتهاد الثالث".

وإذا أردنا تلافي التيه بين المفاهيم السالف ذكرها فلنُلخص الأمر في جملة: ما دامت العقيدة صامتة وتُعتبر من باب الحاصل فإنّ اللغة هي الواجهة الخارجية والمشتركة بين كل الناس للتعبير عن عقيدة التوحيد ولتصريفها في الواقع المعيش، مما يجعل اللغة مفتاحا لبابِ التحرر من التنظير الديني الصرف واستهلال، في نهاية المطاف، دورةٍ حضارية تتسم بتكريس الإسلام في العلم وفي العمل.

  أمّا الغاية المباشرة من الدعوة الجديدة(بمكوناتها المختلفة) والرامية إلى النقلة إلى الحضارة فهي إرساء "ثقافة وسيطة"؛ وهي ثقافة وسيطة لأنها تضمن النقلة من الغباء إلى الذكاء، من معرفة الجهل إلى المعرفة، من الإتّباع إلى الإبداع، من العمل السالب إلى العمل الموجب، من التكرار إلى التكرير والتوليد، من الثورة إلى الدورة .