مظاهرات وتحذيرات في دول عربية وشباب يحرقون أنفسهم في الجزائر ومصر

الإثنين 17 يناير-كانون الثاني 2011 الساعة 07 مساءً / مأرب برس- تقرير– رياض الأديب
عدد القراءات 7132

لا يبدو العام 2011م عام سلام على الأنظمة العربية التي استبدت شعبها لعقود الزمن بعدما نست أو تناست أن إرادة الشعوب لا تقهر ولو أمام أقوى ترسانة عسكرية في العالم ,, ما كاد محمد البوعزي يغمض عيناه عن الحياة حتى صعدت روحه إلى بارئها ومعها تصاعدت الاحتجاجات الشعبية وثأر الشعب على شبح الظلم الذي خيم عليهم لسنين طوال حتى تحقق له ما أراد ليكن بذلك الشعب التونسي أول شعب ينقلب على حاكمه ويجبره على الرحيل بعد حكم دام 23 عاما , رحل محمد البوعزيزي وهو لم يعلم أن النار التي أشعلها في جسده قد أطقت " الثورة البوعزيزية " قد أجبرت حاكمه على التنحي عن العرش والرحيل عن الوطن كما أنه لم يعلم أن ثورة جسده قد ألهمت بعض الأجساد على ذات الطريقة وإشعال النار في الأجساد , ففي الجزائر توفي شاب عاطل عن العمل متأثرا بحروق أصيب بها بعد يوم من إضرامه النار في نفسه إثر رفض مسؤول محلي منحه وظيفة، كما يرقد ثلاثة آخرون في المستشفيات بعد إحراقهم أنفسهم احتجاجا على الأوضاع الاجتماعية في البلاد وكلها حوادث تحاكي ما أقدم عليه الشاب التونسي محمد البوعزيزي الذي فجر احتجاجات عارمة انتهت بالإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي.

ونقلت الإذاعة الجزائرية نبأ وفاة الشاب محسن بوطرفيف، كما أشارت صحيفة الخبر إلى أن نحو مائة شخص احتجوا أمس الأحد على موته بمدينة بوخضرة الواقعة بولاية تبسة المحاذية للحدود التونسية شرقي البلاد.

وكان بوطرفيف ضمن مجموعة من عشرين شابا التقوا رئيس بلدية بوخضرة يوم السبت أمام مقرها في وقت سابق السبت وطالبوه بفرص عمل، لكنه رد عليهم بأنه لا يستطيع توظيف أحد، مما دفع الشاب إلى التهديد بحرق نفسه إذا لم يحصل على وظيفة، فدعاه رئيس البلدية بسخرية إلى حرق نفسه إذا كانت لديه شجاعة محمد البوعزيزي.

وفور ذلك، قام الشاب بسكب البنزين على جسده وإحراق نفسه أمام الملأ، ونقل على إثرها إلى المستشفى حيث لفظ أنفاسه الأخيرة يوم الأحد بعد أقل من 24 ساعة على الحادث.

وإثر هذا الحادث سارع والي تبسة إلى إقالة رئيس البلدية، والتقى ممثلي المجتمع المدني وأعيان المدينة، واتخذ إجراءات لتهدئة الوضع من خلال إجراء تحقيق في ملابسات الحادث، وأنشأ لجنة تنسيق لحصر مطالب الشباب بخصوص التوظيف.

وشهدت مدن وبلدات جزائرية حوادث محاولات انتحار أخرى حرقا لشبان خلال اليومين الماضيين، كان آخرها أمس الأحد عندما أقدم شاب عاطل عن العمل (34 عاما) على إضرام النار في نفسه أمام مقر مديرية الأمن في مدينة مستغانم غرب العاصمة الجزائر احتجاجا على البطالة.

وقالت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية إن الشرطة أنقذت الشاب من موت محقق ونقلته إلى المستشفى، لتفتح بعدها الشرطة القضائية تحقيقا حول حيثيات هذا الحادث.وفي حادثة مماثلة أضرم شاب (27 عاما) يوم السبت النار في نفسه أمام مقر الأمن الحضري في مدينة جيجل شرق العاصمة الجزائرية، وأخمدت الشرطة النار التي أتت على وجهه وأطرافه السفلية.

كما تحدثت صحف جزائرية عن محاولة شاب (37 عاما) الانتحار حرقا يوم السبت بعدما أضرم النار في نفسه بمدينة برج منايل شرق العاصمة احتجاجا على أوضاعه الاجتماعية المزرية، إلا أن تدخل الأمن حال دون وفاته.

وفي جمهورية مصر العربية أضرم مواطن النار بنفسه بالقرب من مبنى البرلمان في العاصمة، القاهرة، الاثنين، في خطوة لم تتضح دوافعها حتى اللحظة، وفق ما أكد مصدر مصري مسؤول حسب.

ونقلت CNN  قول علاء محمد، ضابط الاتصال بوزارة الداخلية إن الشخص ويدعى، عبدو عبد المنعم غفر، مازال على قيد الحياة بعدما أشعل النار في نفسه وتمكن رجل أمن، كان متواجداً في موقع الحدث، من إخمادها. وأشار إلى أن غفر لم يصب بحروق شديدة إلا أن حالته مازالت قيد التأكيد. ونقلت مصادر أن غفر يعمل كخباز في بلدة تبعد عن القاهرة 150 كيلومتراً، ولم تتضح بعد دوافعه وراء إشعاله حريقاً في نفسه، في خطوة مماثلة لتلك التي قام بها الشاب التونسي، محمد البوعزيزي،

وتأتي الحادثة فيما يرى مراقبون أن النموذج التونسي قابل للتطبيق في مصر، "بسبب تشابه الظروف، ما لم تحدث إصلاحات دستورية تقضى على الفساد،" لافتين إلى "أن احتكار الشعب من الرئيس أو نجله أو صهره وبعض رجال الأعمال أمر لم يعد ممكنا."

ويقول رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان حافظ أبو سعدة إن "نموذج السيناريو الشعبي التونسي قابل للتطبيق في مصر وبلدان عربية أخرى، ما لم يتم تدارك الأمر وعمل إصلاحات دستورية وفتح حوار وطني والقضاء على الفساد."

على صعدي أخر نقلت وكالة رويترز عن مطالبة آلاف الأردنيين في مسيرة أمام مجلس النواب مساء الأحد بسقوط حكومة سمير الرفاعي وتعيين حكومة "إنقاذ وطني تقودها شخصية قريبة من الشعب".

وخيمت الأوضاع في تونس بقوة على أجواء المسيرة، واعتبر المراقب العام للإخوان المسلمين همام سعيد أن الشعب الأردني يعاني مما عانى منه الشعب التونسي قبل سقوط نظامه.

وقال سعيد في كلمة له أمام المتظاهرين "نحتفل مع أبناء الشعب التونسي بسقوط الطاغية (..) نحن في الأردن نعاني مما عانى منه الشعب التونسي من استبداد سياسي ومصادرة للحريات"، وتابع "نعاني من الأزمات المتلاحقة ومن الجوع والتسلط الأمني وتزوير الانتخابات".

وطالب في تلك المسيرة التي دعت لها أحزاب المعارضة والنقابات المهنية، الحكومة بالكشف عن مصير ملفات الفساد التي عدد بعضا منها وطالب بإنهاء "حالة الاستبداد".

واعتبر سعيد أن الشعب الأردني "يريد أن يكون صاحب قرار وإرادة حرة في اختيار ممثليه وقراراته السياسية والاقتصادية والاجتماعية".

وفيما يتعلق بالشأن المحلي فقد أوردت وكالة رويترز أيضا عن دعوة أطراف من المعارضة نظام الرئيس علي عبد الله صالح إلى الاتعاظ بما حدث في تونس، وحذرت من غضب شعبي قد ينفجر في أي لحظة لاستعادة الحقوق والحفاظ على وحدة البلاد.

واعتبر قيادي معارض أن ثورة الشعب التونسي ستشكل نقطة فاصلة في تاريخ العالم العربي، كما ستعطي أملا للشعوب بأن من سماهم المستبدين والطغاة هم أضعف من أن يستمروا في قهر الأمة ويستلبوا ثرواتها ويحكموها بالحديد والنار.

وقال محمد الصبري القيادي بأحزاب المشترك المعارضة والناطق باسم اللجنة التحضيرية للحوار الوطني "إن التغيير في اليمن قادم لا محالة وما جرى في تونس يعزز مسار هذا التغيير".

وأضاف للجزيرة نت أن الغضب الشعبي يتزايد، وأن الشعب يستعد لكي ينتزع حقوقه المسلوبة ويحافظ على وحدته وكيانه الوطني ونسيجه الاجتماعي.

وأعرب الصبري عن أمنياته بعودة "العقل إلى السلطة والحزب الحاكم في اليمن وأن يكونا مع شعبهم" مشيرا إلى أن التغيير الذي يطالب به الشعب هو مطلب الأغلبية.

وأضاف "سنظل ندعو السلطة والحزب الحاكم" لأن يكونا في ركاب التغيير، لأن التغيير سيكون آمنا "وبأقل الخسائر".

من جانبه حذر النائب الإصلاحي علي العنسي من استمرار النظام اليمني في إجراء التعديلات الدستورية التي تتيح فترات رئاسة أخرى، وكذا السير في الانتخابات بشكل انفرادي.

وقال "اليمن على فوهة بركان والدخان بدأ يصعد ولم يبق إلا الانفجار" ولكن النائب الإصلاحي اعتبر أي حركة شعبية في اليمن ستكون لها مخاطر كارثية أخطر مما حدث في تونس.

وقال إن الشعب اليمني مسلح ويعاني من وضع اقتصادي متدهور، وتتجاذبه حركات تعتمد العنف مثل القاعدة والحوثيين والحراك الجنوبي، إضافة إلى وجود أحزاب معارضة تحاول لملمة الوضع.

وطالب بأن يلتقي اليمنيون على كلمة سواء، وأن تنفذ السلطة والمعارضة كل الاتفاقات الموقعة بينهما.

وعن دور المعارضة في التغيير الذي يتحدث عنه، أوضح الصبري أن أحزاب المعارضة قد تكون بطيئة في التحرك بسبب ما سماه محاذير كثيرة.

وأشار إلى أن المعارضة تعمل وفق مسارين، الأول "النضال السلمي الشعبي الذي يجمع الكل تحت فعالية شعبية وطنية من أجل اليمن كله، وتحريض الناس على الثورة وتوعيتهم بالعمل السلمي وقيمته وأهميته".

والمسار الثاني -وفق الصبري- هو جمع كل أطراف الأزمة في البلد للدخول في حوار وطني "نتجنب من خلاله مغبات التغيير المفاجئ أو السقوط، بمعنى أن تعمل على بناء سفينة نوح جاهزة لتحمل اليمنيين حين يحدث الطوفان"

وبشأن ما يقال عن وجود هوة بين الشارع وأحزاب المعارضة، قال العنسي إن الأحزاب المؤسسية تعمل للحركة بالشارع ألف حساب، مشيرا إلى أن وجود مخاوف من تداعيات النزول إلى الشارع، لكنه يزول عند الحركة العفوية للجماهير.