وصفة سحرية للخروج من الأزمة
بقلم/ رصين الرصين
نشر منذ: 13 سنة و شهر و 19 يوماً
السبت 26 فبراير-شباط 2011 04:26 م

أتوجه بكلماتي هذه إلى سيادة رئيس الجمهورية

وأتمنى منذ اليوم ألا يخاطبه أحد بالفخامة؛ فهذا غير مقبول في نظام يدعي أنه ديمقراطي، رئيسه يقضي فترته الدستورية ثم يرحل.

وهذا اللقب الأحمق (فخامة الرئيس) لم يكن معروفا منذ سنوات، وهو من جرائم الإعلاميين حسين العواضي وعبدالغني الشميري.

وخطورته في أنه يجعل الرئيس يتحول من خادم للأمة والشعب، ومجرد موظف يقضي مهمة ذات زمن محدد ثم شكرا ومع السلامة، إلى ديكتاتور يظن أنه خليفة الله في أرضه، والمتحدث باسمه، فتأخذه العزة كما أخذت فرعون من قبله. كيف تخاطب شخصا بالفخامة ثم تقول: شكرا انتهت فترتك. \"اللي بعده.\" كيف تخاطب شخصا بالفخامة، ثم تريد أن توقفه في البرلمان وتقول له: من أين لك هذا؟

هذه المقدمة ضرورية لمن ما زال يسبح بحمد الحكام العرب ويقدس لهم. وهنا في اليمن بالذات ليس هذا الخطاب الأجوف في مصلحة الرئيس صالح بالنسبة للمحبين والمعجبين لوجه الله، أوالمنتفعين على حد سواء. فرجاء كفوا عن تعظيم شخصه وتقديسه، واختزال البلد والولاء والوطن والوطنية في شخصه.

وما أصاب مبارك - وقبله بن علي وبعده القذافي قريبا - ليس له سبب سوى حاشية بلهاء، ظلت تغلق بصره وسمعه عن حقائق الأمور، وتطمئنه أن الأمور تحت السيطرة، وتعمل له كما يقول إخوانا المصريون \"البحر طحينة\" ثم لما تكشفت حقائق الأمور وتجلت، وحصحص الحق.. وجدوا أنفسهم عراة على الرصيف.

أما الوصفة السحرية فهذي بنودها

1- تفعيل نظام التقاعد الإجباري بأحد الأجلين – في القطاعين المدني والعسكري - وعدم السماح بتجاوزه لأي كان. أما الخبرات الخاصة كالأساتذة الجامعيين الكبار فيمكن التعاقد معهم، على ألا يتولوا أي مناصب حكومية. فنحن نريد دولة شابة، لا دولة كهول وشيوخ.

2- إلغاء وعدم تجديد عقود الأجانب العاملين في أجهزة الدولة، وبهذا يغلق باب كبير للفساد. مع ضرورة وجود الخبرات الخاصة كأستاذ جامعي بدرجة أستاذ، نحتاجه في الجامعة للتدريس والإشراف على الدراسات العليا. وللعلم يوجد في الجامعات اليمنية أجانب بمؤهل الماجستير، على حين يوجد دكاترة يمنيون عاطلون عن العمل. والعمليتان السابقتان كفيلتان بالحد من البطالة؛ تمهيدا ليمننة الجهاز الإداري للدولة.

3- زيادة رواتب الموظفين 50% للمدنيين و100% للعسكريين. وإلغاء جميع الضرائب عليها - باستثناء التأمينات - ابتداء من أول العام الجاري 2011، مع وضع نظام علاوات سنوية تزيد بموجبه الرواتب بنسبة 20% سنويا. على أن يكون الراتب بحسب عدد أفراد الأسرة، فلا يتساوى أبوالاثنين بأبي العشرة.

4- زيادة رواتب الكوادر الخاصة (تربوية - أكاديمية - طبية - - قضائية – إعلامية –– طيران – دبلوماسية – رجال دين) بحيث لا يقل عن نصف رواتب نظرائهم في دولة كالسعودية مثلا؛ وفي سبيل وضع حد لهجرة العقول والخبرات.

5-إلغاء الرسوم (للمواطنين فقط) على فواتير الكهرباء والمياه والهاتف الأرضي غير الدولي طبعا.

6- إلغاء جميع الرسوم الدراسية (للمواطنين فقط) في جميع المراحل العام والعالي والدراسات العليا، بحيث يصبح التعليم مجانيا تماما.

7- تفعيل نظام صحي (للمواطنين فقط) يتم بموجبه علاج جميع المواطنين مجانا، أما الحالات المرضية المستعصية (سرطان – قلب) فيتم علاجها في الخارج على نفقة الدولة. مع العمل فورا على بناء بنية تحتية طبية وصحية راقية، ومهما تكلفت فهي أولى من المساجد.

8- إطلاق الحريات العامة – بما فيها حق التظاهر والاعتصام والتجمع – وكذا (الفكر والفن والثقافة والإعلام والإنترنت) مع رفع الرقابة تماما إلا عن الجنس والخلاعة. على أن يواكب ذلك رفع سرعة الإنترنت وتخفيض سعر الخدمة لتساوي نظيرتها في السعودية أو حتى مصر.

9- إلغاء دار العجزة والمسنين الذي يسمى مجلس الشورى، فلا فائدة منه سوى تكبيد الدولة مئات ملايين الدولارات سنويا. وليست الدولة مكلفة بالوزراء والسفراء والمحافظين المنتهية فترتهم، ويكفينا مجلس النواب.

10- إلغاء نظام التعيين والمهزلة التي تسمى (التزكية) تماما، على أن تكون جميع المناصب وفق المؤهلات والأقدمية، وبالانتخاب الحر المباشر النزيه، ابتداء بالمحافظين ورؤساء الجامعات وعمداء الكليات ورؤساء الأقسام، ووكلاء الوزارات ومدراء العموم، فضلا عما دونها. ولا يبقى للتعيين سوى منصب الوزير فقط، ولا يستثى من ذلك السلك العسكري، فيتم انتخاب قياداته وفقا للمؤهلات والرتب والأقدمية. مع وضع نظام لا يسمح لصاحب المنصب الفائز بالانتخابات - مهما كان - بالبقاء فيه لأكثر من فترتين لا تزيد كل منهما على ثلاث سنوات، وبطبيعة الحال فبين الفترتين انتخابات أخرى. ولا يستثنى من ذلك المناصب الاعتبارية كمفتي الديار رئيس هيئة كبار العلماء، ورئيس مجلس القضاء،.

11- إنشاء هيئة تسمى (هيئة كبار العلماء) يرؤسها مفتي الديار، تتكون من أساتذة العلوم الشرعية بدرجة (أستاذ) فقط، - بغض النظر عن مذهبه الديني - ولا يسمح لغير أكاديمي أو من هو أقل من أستاذ بالانضمام إليها إلا من أقر هؤلاء العلماء المشايخ له بأنه في مستواهم أو يفوقهم كالشيخ العمراني مثلا. وتكون من ضمن وظائفها الإفتاء؛ حتى يتوقف الصحفيون والمثقفون عن البحث الديني، ويحترموا أنفسهم، ويعرفوا أن الدين ليس كلأ مباحا لكل من هب ودب، وإنما هو علم متخصص كسائر العلوم البحتة من طب وهندسة وبترول وغيرها. وكذا يعرف أنصاف العلماء حدودهم؛ فلا يعترضوا على قانون تحديد سن زواج البنت مثلا. على ألا يسمح لها بالعمل السياسي أو الحزبي نهائيا.

12- إصلاح المساجد ومن ذلك وضع شروط لخطباء وأئمة المساجد، ولنستفد من التجربة السعودية مثلا، فقد وجد هناك أن عدد الحاصلين على الماجستير عشرة آلاف، في حين لا تتجاوز مساجد المملكة سبعة آلاف، فأصبح مؤهل الماجستير شرطا أساسيا. ولنكتف نحن ببكالوريوس العلوم الشرعية أو اللغة العربية، مع ضورة يمننة الخطابة فلسنا بحاجة إلى خطباء غير يمنيين. ويكفي أن يكون الخطيب يمني الجنسية، وليس بالضرورة الحتمية أن يكون إصلاحي الجنسية. مع ضرورة منع غير الخطاب الديني في المساجد، وإلزام الخطباء بالبحث بعيدا عن الإفتاء – فهذي وظيفة هيئة كبار العلماء فقط - ومنع تحويل منابرها لمصلحة حزب ما – ولو كان الحزب الحاكم – أو تحويل الخطبة إلى نشرات إخبارية، أو تهريج ومونولوجيست. وفرض احترام المساجد بعدم السماح باستخدامها لأي غرض سياسي أو حزبي من قبيل الملصقات والدعايات الانتخابية. مع ضرورة احترام أن الدولة اليمنية دولة مدنية (علمانية لادينية) – كما قال عصام العريان – يتبع هذا منع جميع رجال الدين من خطباء وعلماء ومشايخ من الحزبية اسوة بالقضاء والجيش والأمن. وبهذا نسحب البساط على الأحزاب المتلفعة بعباءة الدين، ونمنعها من المتاجرة به، وكسب التعاطف الشعبي بالمساومة على أصوله فضلا عن فروعه، وبلبه فضلا عن قشوره، فإن مكان الخطاب الديني هو المساجد، وليس العمل السياسي. وهنا ننبه حزب الإصلاح فرع الإخوان في اليمن: إلى أن المركز الرئيسي في مصر قد قرر أن يغير مسمى حزبه إلى (حزب الحرية والعدالة) وحذف كلمة (مسلمون) بعد أن اكتشف أنها لا تصلح للسياسة

13- إصلاح القضاء برفع الوصاية عنه، وتفعيل الرقابة عليه؛ وبما لا يسمح بتأخير الحكم – مهما كانت تعقيدات القضية – أكثر من سنة. يرافق ذلك كله تجريم المطالبة بالرسوم غير القانونية مثل أجرة العسكر، وحق أبي هادي وحق الختم وغيرها، وتنفيذ الأحكام فورا ودون أي إبطاء وبالقوة الجبرية، كائنا من كان المحكوم عليه، وهنا لا بد من ذكر أراضي جامعة صنعاء مثلا.

14- حل الأجهزة الأمنية غير الخاضعة للقانون كجهاز الأمن السياسي، وإلزام الأجهزة الأمنية الأخرى بالتعامل مع أعتى المجرمين – فضلا عن المواطنين العاديين - وفق الدستور والقانون، وقواعد حقوق الإنسان، وعدم التعامل وفق أسلوب قانون الطوارئ. مع جعل تبعية جميع الوحدات العسكرية لوزارة الدفاع، والأمنية لوزارة الداخلية.

15- تعديل الدستور بحيث يصبح نظام الحكم برلمانيا لا رئاسيا، ومنع الرئيس من التدخل في شؤون الدولة من تعيين أو عزل. ويترك هذا للبرلمان، ويترك له الجيش ويكون له فقط حق تعيين أو عزل وزير الدفاع، دون غيره من القيادات العسكرية، التي يتم انتخابها انتخابا، بدءا من رئيس الأركان.

16- إلغاء النظام القبلي نهائيا، وإلغاء لقب (شيخ) وتجريم الخطاب الطائفي أو القبلي، وإلغاء جميع امتيازات المشايخ ابتداء بصادق الأحمر وصولا إلى أصغر شيخ، ولايسمح له بالحصول على أي مركز أو منصب إلا عبر الانتخابات المحلية وحينئذ يسمى (مديرا) لا شيخا. فلا يمكن بناء دولة مدنية في ظل نظام قبلي بائد متخلف، يتبع هذا نزع السلاح من جميع المشايخ وصولا إلى المواطنين ماعدا السلاح الشخصي(مسدس) . وبما أنك تحكم على رؤوس الثعابين، فنحن نخشى إذا رحلت – لا قدر الله - أن تلسعنا وتلدغنا وتقرصنا أما إذا كانت ضخمة فستعصرنا عصرا. لاسيما بعد أن رأينا حميد الأحمر في الجزيرة يستقوي على الدولة بحاشد. ورغم كل مساوئ الرئيس التونسي الراحل بورقيبة، فقد كان أعظم منجزاته إلغاء النظام القبلي في تونس.

17- إصلاح الحزبية اترك لنا المؤتمر،

نرجو أن تكون أنت وأي رئيس قادم بعدك بعيدين تماما عن الحزبية، فنطالبك الآن بتقديم استقالتك من المؤتمر، فأنت والرئيس القادم بعدك رئيس البلاد كلها، وليس رئيس حزب واحد فقط. نريد للرئيس أن يكون أكبر من الأحزاب، دون وصاية عليها. وعلى المؤتمر أن يعيد ترتيب هيكله من الداخل؛ وتطبيق الديمقراطية في الداخل قبل أن يدعيها في الخارج؛ وذلك من خلال مؤتمر موسع يتم فيه انتخاب جميع القيادات - بدءا من الأمين العام – انتخابا حرا مباشرا، ويلغى تماما نظام التعيين أو المهزلة التزكية. رجاء لا ترتكبوا خطأ الحزب الوطني في مصر. فإذا – لا قدر الله – رحل الرئيس، يبقى المؤتمر.

18- تعودنا منك دائما سياسة الصحابي الجليل الحكيم الحليم الرشيد معاوية رضي الله عنه، في الترفع والتسامح، فلتفتح باب الحوار للجميع (قاعدة حوثيين وحراك وحتى انفصاليين) فمن حق الجميع أن يطرح رأيه، وإذا خرج على الأصول والثوابت فسنوقفه عند حده، ونقول له \"لا وألف لا\" سنتكفل نحن المثقفين بإعادته إلى صوابه بالحوار باللسان والقلم.. دونما تقييد حريات ولا اعتقال. والحوار وحده كفيل بأن يعيد الجميع لجادة الحق والصواب، وبه فقط سيدرك شايع وأمثاله: أن فكر تنظيم القاعدة فكر خاو أجوف، مضاد ومعاكس للدين، وسيدرك البيض أنه وحده في الساحة وأن الوحدة – التي هي أعظم منجزاتك – أكبر من أن يساوم عليها هو أو غيره، وأن جنوب اليمن متمسك بها أكثر من شماله، فلم يعرف العزة والكرامة إلا بعدها. وسيدرك الحوثي أيضا: أن هذا الزمن لا يقبل هذا الخطاب الديني البائس المهترئ المنقرض. وأن فكرهم مناقض لأهم مبدأ إسلامي وهو المساواة.. فبادر بالعفو يا سيادة الرئيس والعفو العام عن الجميع، ونتمنى أن نرى البيض الحوثي وشايع قريبا على شاشات تلفزيون اليمن.

19- لقد وعدت بعدم الترشح ولا التوريث ولا التصفير، فنرجو أن تتخذ خطوات عملية من قبيل عزل القادة الشباب، وإرسالهم إلى الخارج ليكملوا دراساتهم العليا، وإحالة الكبار إلى التقاعد.. وألا تتكرر بعد سنتين مسرحية \"ما لنا إلا علي\" التي أشار عليك بها الحمقى والمغفلون والمتآمرون عليك قصدا او عفوا.

والذين يهتفون باسمك اليوم هم الذين سيلعنون تاريخك غدا، كما فعل أنصار مبارك السابقين بعد رحيله!

أظن يا سيادة الرئيس أنك إذا عملت بهذه الوصفة السحرية، فلن يبقى من المتظاهرين أحد، وسيجد المشترك نفسه في صحراء بيداء قفر بلقع.

وسيلتف حولك الشعب، وسيذكر لك التاريخ أعظم منجزاتك: أنك صانع الوحدة، وباعث الديمقراطية ولولاك ما كانتا. وأنك ذو الفضل الأكبر في بناء وتحديث الدولة اليمنية، هكذا سنعلم أبناءنا الحقيقة الناصعة، التي لا ينكرها إلا جاحد. وعندما يأخذ الله أمانته، فسيحمل نعشك الملايين، وستكون جنازتك أكبر من جنازة الخميني وعبدالناصر ، وحينئذ سيدعو لك هؤلاء الملايين بالرحمة والمغفرة.

وأما المصطادون في الماء العكر، وخفافيش الظلام، وحتى من تنقصهم الخبرة بهذا البلد المسكين، فسيجرون أذيال الخيبة عائدين إلى جحورهم مذمومين مدحورين ملومين محسورين.

ولاأدري لماذا يتساءلون عن ممتلكات أحمد ويحيى وغيرهما، ولا يأتون بذكر على هكتارات عبدالمجيد الزنداني في مارب وعدن وغيرها. وماذا عن شركة اكتتاب أحيائه البحرية التي سطت من اموال الناس على المليارات وتعطي ارباحا لا تتجاوز 1% انا شخصيا ليس عندي ثقة بهذا الحزب، واذا كان علماؤه فاسدين فماذا نقول عمن دونهم، ام انهم فوق النقد، ام ان \"حقكم حق وحق الناس مرق\"؟ مع الاحترام لأمثال الشيخ الديلمي الذي خرج من وزارة العدل كما دخلها، ولم يأخذ حتى السيارة.

أرجوك يا سيادة الرئيس، نصيحة من ابنك البار، اعتمد على اصحاب المبادئ وليس المصالح، وما أكثرهم من حولك.

قبل ألا ينفع البكاء على اللبن المسكوب.

وإذا لم تفعل ذلك يا سيادة الرئيس، فإننا إذا رحلت قبل أن تفعل هذا –- لا سمح الله - نحملك مسؤولية أن المشترك إذا وصل إلى السلطة فسيقوم الإصلاح بعد التكفير بإعدام معارضيه في الساحات العامة، وسيمارس الحزب الاشتراكي هوايته في السحل كما كان يفعل قبل الوحدة، وكل هذه الدماء ستكون في عنقك، وستلقى بها الله.