غزة التي رأيت (1-2)
بقلم/ محمد بن ناصر الحزمي
نشر منذ: 14 سنة و أسبوع و 6 أيام
الخميس 11 نوفمبر-تشرين الثاني 2010 11:02 ص

في جامع الخلفاء

يوم الجمعة كان موعدي مع خطبة طلبت مني في جامع الخلفاء الجامع الذي بناه وخطب فيه الشهيد نزار ريان بل هذا الجامع الذي تخرج منه مئات الشهداء ،فذهبت أنا وأخي عبد الخالق بن شيهون بعد ان تم الإعلان عن الخطبة كان هناك حشد طيب مبارك تحدثت في الخطبة عن مدد أهل اليمن وحبهم فلسطين ولو أتيحت لهم الفرصة لخرجوا بقضهم وقضيضهم مجاهدين فهم من أنزل الله فيهم (يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ) وبينت لهم أن العالم ينظر إليهم نظرة إعجاب وأنهم هم الأحرار الوحيدون في العالم، فهم من يقول لا للمحتلين وأعوانهم، وهم أصحاب القرار السياسي المستقل ،وان ضيق العالم عليهم معيشتهم ، إلا انه لم يستطع ان يضيق عليهم إرادتهم وحريتهم السياسية والفكرية والعقدية ، والحقيقة فقد نظر أهل غزة إلينا نظرة إكبار فقد قال لي احدهم: إذا كنا نحن قاومنا اليهود فأنتم قاومتم العالم حتى وصلتم إلينا فقلنا له؛ أنتم من غرستم فينا روح المقاومة وربيتمونا على الثبات الحمد لله كان للخطبة صدا طيبا كما اخبرنا الإخوة الذين اعدوا لها كلمة بن شيهون بعد ذلك كان الذهاب إلى المجلس التشريعي حيث تم استقبال أعضاء البرلمانات العربية والإسلامية المشاركين في القافلة وكان لكل وفد كلمة وقد ألقيت كلمة اليمن من قبل الأخ/ عبد الخالق بن شيهون والذي تطرق فيها الى وقوف أهل اليمن قيادة وشعبا مع أبناء شعب فلسطين وبنفس المقاومة حتى تحرير فلسطين ،وأشار إلى الديمقراطية العرجاء التي يزعم الغرب أنها من ثوابته التي يدافع عنها، إذ به يرفض الاعتراف بنتائج انتخابات نزيهة لأنها أنتجت مولودا عاقا بالنسبة لهم وقد نالت استحسان الحاضرين وقد كان موفقا فيها الركن والباب اليمانيان ثم بعد ذلك توجهنا إلى حفل التكريم الذي أعدته الحكومة الفلسطينية لأعضاء قافلة شريان الحياة (5) وحضره اسماعيل هنية رئيس الوزراء وكان لي كلمة في هذا الحفل وقد ذكرتهم بان العزة التي يعيشونها والرفعة هي بسبب الجهاد الذي فضلهم الله به في الدنيا والآخرة على القاعدين وان الذين تخلوا عنهم انما يعود ذلك الى حرمانهم من الله لهذا الشرف العظيم قال تعالى (وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ) ثم قلت لهم أن أهل اليمن هم أهل المدد وقد شرفوا بأن لهم في المسجد الحرام الركن اليماني وفي المسجد الأقصى الباب اليماني والذي حول في العصر الأيوبي إلى باب المغاربة بعد ذلك قمت بتقليد القائد اسماعيل الجنبية اليمانية باسم الشعب اليمني كرمز لوقوف اليمنيين معهم في ساحة الجهاد والمقاومة ثم اختتم الحفل بالتكريم على الثغور لقد وضع لنا أنا والأخ عبد الخالق جدولا خاصا زرنا خلاله معسكر لواء الشمال والتقينا هناك بقيادة المعسكر وأفراده وألقيت فيهم كلمة كما طلب مني ثم كان لنا محاضرة في جامع النور الجامع الذي تخرج منه البطل الشهيد عماد عقل رحمه الله وقد كان لنا الشرف أن التقينا بوالده وهو مقعد على كرسيه ، ثم اتجهنا في منتصف ليلة الأحد الى الثغور حيث يرابط اسود القسام ووصلنا الى مسافة 500م من العدو والتقينا بالمرابطين واستمعوا إلينا واستمعنا لهم وكانوا في قمة الفرحة لهذه الزيارة لأنهم شعروا كما قالوا بان الأمة من ورائهم وليسوا وحدهم والتقينا بقيادات القسام الذين شرحوا لنا إمكانياتهم العسكرية المتواضعة وجاهزيتهم القتالية العالية بإيمانهم وهمتهم المدير العميل صحيح أن غزة تعيش مرحلة هدنة مع العدو ولكنها هدنة ايجابية هدنة عمل واستعداد للمرحلة القادمة فعلى المستوى الامني تعيش غزة حالة امنية لم يسبق أن عاشتها وتوجه صارم لأجتثاث شبكة العملاء وقد اكتشف شبكة للعملاء في مرافق طبية غير متوقعة مدير مستشفى مشهور في غزة ظل يمارس عمله برغم أنه من فتح وفتح أصدرت توجيها لاعضائها يجلسوا في البيوت وراتبهم سيصل اليهم تخيلوا عشرات الالاف من الموظفين في بيوتهم كناية بحماس بهدف افشالها ولكن الله سخر لها وبسط نفوذها وتجاوزت هذا الامتحان نعود لمدير المستشفى الذي ظل يمارس عمله كمدير ليكتشف بعد ذلك أنه يدير شبكة عملاء مكونة من 40طبيب اسقطهم هذا المدير في وحل العمالة إرادة لا تنكسر ان مما شاهدناه في غزة إرادة لا تنكسر على كل المستويات بإمكانيات بسيطة جدا تدير الحكومة دولتها المكونة من مليون وسبعمائة وخمسين ألفا نسمة في ظل حصار قاس وظالم ولم تفرض على المواطنين أي إتاوات أو جمارك أو ضرائب ومع ذلك لم تسقط وهي تعتمد على تسيير شؤونها على التبرعات التي تجمع من أبناء الأمة وإرادة لا تنكسر عند الكتائب المقاتلة برغم الحصار وجدناهم منهمكين في الإبداع الصناعي القتالي فقد شاهدنا القنبلة القسامية والمدفع القسامي والصاروخ القسامي وما أعدوه من تجهيز سيفاجئ العدو في المعركة القادمة والتي لا مفر منها عاجلا أو أجلا وعلى المستوى الزراعي استطاعوا أن يستغلوا ما يسمى عندهم بالمحررات –أراضي ومزارع كانت مستعمرة بيد العدو قبل الانسحاب من غزة- فأنتجوا فيها كل ما يحتاجوه من فواكه ولحوم وخضروات وعلى المستوى الإيماني والدعوي كان هناك مشروع تخريج ألاف الحفاظ لكتاب الله في مئات المساجد بل أجمل مشروع هو مشروع (حملة المودة )والذي بموجبه تم تكليف اتباع حماس في كل حي زيارة كل بيت فتحاوي والجلوس معهم وتوضيح ما عندهم والاستماع لما يقولونه وقد كان لهذه الزيارت في كل انحاء غزة اثر عظيما في لحمة المجتمع الغزاوي جمعية الأقصى في غزة قمنا في زيارة المزرعة التي مولتها جمعية الأقصى في اليمن والتي تتكون من 2000 شجرة زيتون سيعود ريعها على فقراء غزة وكذلك زرنا مدرسة بلقيس اليمن والتي للحقيقة تعد من أجمل المدارس في غزة نموذجا وإبداعا وكذلك في ختام الزيارة كان لنا الشرف في حضور حفل وضع حجر الأساس للمستشفى اليمني الإسلامي والذي سيكون نموذجيا وتبلغ تكلفته ثلاثة مليون دولار بتمويل من جمعية الأقصى من تبرعات الشعب اليمني وسيخدم هذا المستشفى ما يقارب 150000نسمة ثم بعد ذلك ودعنا غزة وسط وداع رسمي وشعبي بعد أن عشنا أجمل ايام في ربوع أرض الحرية والثبات والرجولة (َ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) وجدنا رجالا كالجبال الرواسي ، متشبثون بالجهاد كتشبث الحكام بالكراسي ، رجال شعارهم (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)