تقييم موضوعي لتحديث واجهة موقع مأرب برس
بقلم/ د.فيصل الحذيفي
نشر منذ: 15 سنة و شهر و 13 يوماً
الأربعاء 11 فبراير-شباط 2009 06:59 م

نستطيع بكل فخر أن نزف إلى القائمين على الموقع وجمهور القراء الكرام أجمل التبريكات على السعي الحثيث والدءوب نحو المنافسة الجديرة بالاحترام، والإصرار على المتابعة والريادةة التي استأثر بها « موقع مارب برس» شكلا ومضمونا ، وليسمح لنا قادة وصناع الرأي المبدعين للموقع والمشاركين فيه بالكتابة والقراءة والدعم عبر الإعلان أن نتناول التقييم بالمقارنة بين الواجهتين القديمة والحديثة لنكتشف سر الإبداع في كليهما .

في الإخراج الصحفي :

نذكر القارئ الكريم والمتخصص على وجه التحديد أن الإخراج الصحفي للمواقع الالكترونية ليس مختلفا من حيث الوظيفة مع صفحات الجرائد التقليدية فكلاهما معا يتحكم بهما : تحديد أهمية الخبر ثم الأقل أهمية ، وشكل الصفحة الجذاب، والمقرونية الواضحة في تصنيف الأخبار، وصياغة العناوين الفوقية والداخلية، والتمازج الوظيفي للألوان،وتزويد الصحافة بالصورة، وتوظيف الفراغات بين الأبواب والمقالات، ورسم الفواصل التي تمنح العين أريحية في المتابعة والوصول إلى معظم الأخبار بسهولة ويسر .

غير أن إخراج الصفحة الالكترونية يتميز عن الصفحة الورقية بالحيوية والحركة والتحكم بالاستعمال اللامحدود للألوان وعدم الثبوت، والتحديث المستمر للصفحات، والأرشيف الممتد، والبحث الالكتروني عن المحتوى حسب الهدف، وهذا ما يصعب أن نجده في الصحافة المكتوبة التقليدية، وأخيرا القدرة على ملاحقة الأحداث عند وقوعها دون تحديد موعد للإصدار، وتزويد القارئ بالتفاصيل ساعة حدوثها. إنها صفحات حيوية تعتبر امتدادا للقنوات الفضائية من حيث سرعة الرصد .

« موقع مارب برس » بنسخته القديمة ، تميز بالمميزات التالية :

رسم مصممو الواجهة القديمة الصفحة ضمن ثلاثة أعمدة تنازليا، عمود عريض رئيسي للأخبار في الوسط، ذو خلفية رمادية، ومحزم بعمودين جانبيين صغيرين للآراء ( وحي القلم وكتابات). ومميزات هذا التمشي تكمن بما يلي :

- الوضوح في العرض: فقد صُمم على أساس المطعم ذو المائدة المفتوحة، فهو يعتمد التسلسل الزمني وعرض الأخبار عبر ثنائية العنوان: الفوقي والرئيسي التي تلخص موضوع الخبر، ويترك للقارئ حرية متابعة بقية التفاصيل من عدمه .

- البساطة : اعتمد الإخراج البؤري في رأس الصفة للأخبار المستجدة بالعناوين ومقدمة الخبر والصورة المرفقة، وتقديمها في موقع واحد ضمن رزنامة مفهرسة بالأرقام، وبعدها يتم إحالة الأخبار المتقادمة إلى الأسفل تنازليا، عبر العنوان السطري الأفقي دون وضع أي مقدمة للخبر .

- التنوع الثري : فقد تم الجمع بين الإخبار والتثقيف والتحليل والتفكير والتوجيه، وتم حزم الصفحة من الجانبين بعمودين للنتاج الفكري : من اليمن وحي القلم، حيث يقدم هذا الباب مساحة للكتاب والمثقفين بالمساهمة بالفكرة والرأي وجسارة التعبير مطلقا العنان للانطباعات الشخصية إلى أبعد مدى، ومن اليسار بعمود كتابات، وقد اعتمد معيار التعمق والرصانة والموضوعية والتميز .

- قدم الدراسات المتخصصة والأخبار الطريفة والأحداث المدهشة والتراجم للشخصيات ذات الصلة بالأحداث اليمنية والعربية والعالمية .

- اعتمد على صحافة الميدان ليس من خلال المراسلين الإخباريين في التغطية الإخبارية على مدار الساعة، ولكنه اعتمد على شكليين صحفيين هامين وهما: المقابلة الصحفية، والتحقيق الصحفي، وهي أهم أشكال الصحافة الميدانية الاستقصائية للأحداث وكشفها للرأي العام وإن كانت هذه الأشكال لاتزال قليلة في الصحافة اليمنية عموما وفي الموقع أيضا .

- اعتمد في الإخراج على اللون المنعكس من الصحراء ، وهو الأصفر المضيء في شعار الموقع والخلفية الرمادية المضيئة في العمود الأوسط وشيئا من اللون البرتقالي الفاتح في العمودين الجانبيين. وتجنب عدم التعقيد في توظيف الألوان .

ما لذي أضافه الموقع في حلته الجديدة؟

- انتقل من البساطة إلى البساطة الاحترافية أو ما يسمى « بالسهل الممتنع» والوضوح المستهدف جمهور نخبوي من القراء، بينما الموقع القديم كان يستهدف جمهور المتصفحين دون تمييز .

- انتقل من الوضوح التلقائي إلى الوضوح المهني في التبويب، فالملاحظ أنه اختار لنفسه التبويب الثلاثي والتفرع الثلاثي لكل باب، وإذا كانت الايجابية في التبويب الثلاثي لا غبار عليها ، لكننا سنختلف مع المصممين بالتزامهم بالتفرعات الثلاثية لكل باب وهنا لابد من إعادة النظر، والانتقال إلى التفرع العنقودي الممتد أو اللامتناهي بحسب حجم كل باب على حده، فهناك أبواب تفرعاتها ضئيلة فبالإمكان استعراض التفاصيل دون اللجوء إلى المزيد ( الصفحات المخبأة ) وهناك الأبواب الغزيرة، مثل الأخبار، وكتابات، ووحي القلم، فهي بحاجة إلى إفراد تفرعات متسعة بحجمها صعودا أو نزولا، إذ لا بد أن نضع بعين الاعتبار أنواع القراء: فهماك القارئ العابر، والقارئ غير المحترف، والقارئ العادي غير النخبوي، والقارئ المستعجل، والقارئ الكسول، والانترنت البطيئة والمتقطعة، وهنا لا بد أن يفضي الموقع بجميع محتوياته إلى أكبر قدر من القراء، فاللجوء إلى أيقونة المزيد هي حجب الموضوعات عن صنف معين من القراء ليسوا استقصائيين في القراءة، وهدف الصحافة سواء الكترونية أو تقليدية هي الوصول إلى جمهور أوسع من القراء، وبالتالي سيجعل موضوعات الموقع بعيدا عن نظر القارئ .

- صحيح أن المطورين للموقع قد وضعوا خيار العودة إلى الواجهة القديمة، وقد فعلوا حسنا، ولكن أين يمكن وضع هذه الأيقونة، فهل وضعها بالأسفل هو المكان الملائم ، لا أعتقد ذلك، فبالإمكان إعادة النظر في تغيير موقع الأيقونة للواجهة القديمة إلى الأعلى ليصبح خيارا مفضلا لمن لم يعتاد على الواجهة الجديدة، وهل هذه الأيقونة ستظل دائمة أم مؤقتة حتى يتم استئناس القارئ على الواجهة الجديدة .

- لست من الذين يؤمنون بأيديولوجية اللون، الألوان خلقها الله، فليس ثمة لون لليهود ولون للمسيحيين ولون للمسلمين، إنها هبة إلهية، صحيح أننا نحملها قيما وثقافة وأيدلوجية عندما تحمل رموزا تستوعب ذلك، لكنها كألوان مجردة هي منزوعة من هذا - الترميز الذي نسقطه عليها دون وعي، فوظيفة اللون في الصفحة الكترونية أو الورقية – تحقق الوضوح ، والإبراز، والجاذبية والجمالية وراحة العين، وأنا أعتقد أن ألوان الواجهة الجديدة هي أريح للقارئ من الواجهة القديمة، لا ينبغي إسقاط الصحراء بكثبانها ورملها وحرارتها وجمالها على المعطى الثقافي المتغير، فالصحراء معطى يتميز بالثبات، والثقافة والمعرفة تتميز بالتغيير الدائم .

- كان بودي لتسهيل عملية الاتصال مع القراء والكتاب والمهتمين أن يوضع البريد الالكتروني للموقع في واجهة الصفحة في الأعلى أو في الأسفل مباشرة، وأتمنى أن لا يشكل الإعلان مزاحمة لأبواب الموقع، مع علمنا بأهمية الإعلان كمصدر رزق .

- لقد وضع في الواجهة الجديدة عنوان ثابت في منتصف رأس الصفحة وهو« آخر إضافات الموقع » وهو عنوان غير صحفي بالمرة، ويمكن الاكتفاء بعنوان:« آخر الأخبار ».

إجمالا: نود التنويه إلى أن الجهد المبذول من القائمين على الموقع جهد يدل على أن اليمن تمتلك جيلا متجددا يوجب على الأجيال القديمة والرسمية عدم إغفال هذا المعطى وعدم تقييد الإبداع، وأن هؤلاء الشباب هم صناع قادة الرأي وصناع الثقافة والتنوير اليوم وغدا وأنهم بحاجة إلى دعم شعبي ورسمي وحزبي لسد الفراغ الثقافي الذي لم نستطع نحن وضع البدائل له من موقعنا الاجتماعي والسياسي أيا كان هذا الموقع. ففي المقدمة كان الشكر والتقدير والتهنئة وفي الختام نؤكد ما بدأنا به هذه المقالة. مع خالص مودتي .