عبد القادر هلال ..لا تقصص رؤياك على إخوتك
بقلم/ كاتب/مهدي الهجر
نشر منذ: 16 سنة و 3 أيام
الإثنين 17 نوفمبر-تشرين الثاني 2008 08:04 م

ما كان هلال إصلاحيا ولم يك حوثيا ،أو تقدميا ، إنما كان ولم يزل مؤتمريا ، صالحيا ، سنحانيا ، أمنيا رجل سلطة ونظام في المقام الأول ، يُمجد الصالح بلا حدود ، يعمل للمؤتمر ويضرب في الإصلاح دون أن يكترث .

وما نقموا عليه إلا انه بفطرته تألق في بزته والمحيا ، وسمته الفريد ، واتساعه بمقدار على الوطن ، وكل مركب الطيف ،فاقترب في أمزجة الناس ، ووجدت فيه منظمات المجتمع المدني ، والنخب والقوى والفواعل المختلفة خارج الحزب الحاكم شيئا من المرونة والقابلية لأن يحمل عليه مشروعا مدنيا مؤسسيا في مربعه الذي يشغله على أمل أن تتحرك هذه القابلية لتتسع بفعل التماس والمحاكاة .

وقد أدت قابلية هلال ونضوجه وسمته ودبلوماسيته وقدراته في الخطاب والإصغاء واحترامه للآخر إلى ترطيب الجو المحتقن في أكثر من محافظه .

فتقبله الناس وتحديدا السياسيون ، وأنس إليه الصحفي المشاغب بالقول الحسن ، والكلمة الطيبة على غرار إن أحسنتم أحسنا ، وإن اسأتم فعليكم وعلى أمثالكم .

فحسده أقرانه ، وعبئوا ضده ، ثم دسوا ، وشنوا ، حتى تطير منه ، من في القصر وتوجس على تصور واعتقاد بأن ثمة مشروعا شخصي للرجل يمشي الهوينا ومتئد يوازي الحدث وينتظر الفرص.

الحزب الحاكم والمرحلة :

من جهة أخرى يبدو أن الحزب الحاكم قد أدرك أن خطابه الانتخابي السابق الذي يقوم على مقولة المنجزات ، وفلتة القيادة ، ومفردات هنيئا لشعب أنت قائده ، وما لنا إلا علي ، والمؤتمر خيارنا ، لم يعد يجدي لدى الناخب ولابد انه سيأتي بأثر عكسي بدليل أن الانتخابات السابقة لم ينفع معها إلا أسلوب يا منعاه .

لذلك فان الحزب الحاكم سيعمد هذه المرة إلى صيغة جديدة يروّض بها الناخب وتساعد على إقناعه ولعلها تتمثل في تقديم عدد من رجال السلطة والمؤتمر ككبش فداء يغادرون السلطة وتقع عليهم التبعة والمسؤولية في الفشل الحاصل ، على أن هذا العدد سيتم اختياره بعناية لتحقيق هدفين ، الأول على ملعب الناخب والثاني لشيء في النفس على هذا النفر ، وقد بدأت الفقرة الأولى في السيناريو على باجمال ، وهلال المحلية ، ومن المؤكد أن هناك مفاجآت ستقع من هذا القبيل على يدي لجنة الفساد والكتلة النيابية للشعبي العام ستقرح فيها رؤؤس من السلطة ليست من النسق الذي يمثله الراعي والمصري وابو راس وإنما من النسق الذي يمثله هلال وباجمال والعليمي وياسر العواضي .

وتبرز لنا المتغيرات سبب ثالث وهو وجيه وفي النهاية تتلاقي الأسباب فتكوّن الموقف والقرار ، هذا الأخير يتمثل في فوز اوباما والديمقراطيين في الولايات المتحدة ، والقارئ النبيه يدرك أن ثمة تحولات قد تكون خطيرة في حسابات الأنظمة في الوطن العربي .

إذ أن اوباما سيفرض وسيضغط بقوة نحو استحقاقات أخرى في المنطقة بشان تحولات جدية نحو الديمقراطية ، على اعتبار نظرية الديمقراطيين وبرنامج اوباما .

فإذا كان بوش اكتفى بأدوات القمع والإكراه التي تحسنها وطبعت عليه الأنظمة العربية بشان التعامل مع ظاهرة الإرهاب وقد استفاد الحكام منها كثيرا ووظفوها لصالحهم ، فان اوباما لن يواجه الإرهاب إلا بخليط من الأدوات أولها الديمقراطية وآخرها العصا .

وحسابات من هذا القبيل ، لابد أن يستعد لها النظام الإقليمي العربي تبعا لذكائه بهذا الشأن وذلك من خلال التعضيد بنخب ذات لون ونكهة ثابتة ومحددة ولا تختلف .

عند هلال

لا يملك المرء في هذه الصحراء القاحلة ، وهذا الجفاف في كل شيء ، إلا أن يحمل الكثير من معاني الاحترام والود والتقدير لهذا المسئول ومن كان إلى الشعب وقضيته اقرب .

هلال ... النقطة البيضاء بمفرده على هذا السواد الكثيف ، وابتسامة الربيع من بين كل تلك الكآبة التي كبست على النفوس حتى لتكاد الأضلاع أن تختلف في الصدور .

عبد القادر هلال ، أو هلال حضرموت كما أطلق عليه الحضارم ، أو هلال هكذا بالأربعة أحرف كما بين الناس شاع وصار يعرف .

العقل الذي تجدد ، والإدارة والخبرة ، والقيادة بالفطرة ، القامة والهندام ، والوجه الصبوح ، والابتسامة التي صارت علامة ، ومقومات أخرى تلاقت ، خشي منها الناس ذات فترة عند الابتداء والحدة والطفرة ، ويُخشى عليها اليوم بعد أن استوت ، وصارت اقرب كوقف عام ، في غير خصخصة أو اجتزاء .

وكل ذي نعمة محسود ( ولا تقصص رؤياك على إخوتك ) .

وهي النسبية عند القراءة والتقييم ، نحفل بها وان كانت متدنية ، على أمل أن تطّرد ، وقد جعل السائرون قبلنا في الحياة من الشمعة بشرى وأمل .

نحفل بعبد القادر هلال وأمثاله بنسبية ما عندهم ، ليبني المجموع وتبني الأيام عليها ، ولا نزعم أن الرجل كامل الأوصاف ، فكم اخذ عليه المراقب الحصيف في فترة ما محاكاته ، والنمذجة في الحركة والتدوير ، وبعض من الارتجال ، والإفراط في التمتمة للأشخاص ، فتلك مآلاتها القريبة أن يكلك الله إلى نفسك واليها ، ثم في النهاية يقع صاحبها على ما اعتقد أنها حيلة منه وسبب ، وان من إليه هو المستعان .

وتلك حقيقة لا يصل إليها إلا من استوى في العمر ، وكوته التجارب والأحداث ، وسار به المشوار ، حتى ملكها العقل ، وضُبط متوازنا بالسديد ، والرؤية والروية ..

وإنما هي السنن الإلهية ، تسير دون أن تتبدل ، وتعمل دون محاباة على الإنسان والمجتمعات والأمم .

كم نتمنى الرعاية والعناية برموز التوافق والاعتدال في هذا البلد كأهم وأعظم مورد بشري واقتصادي ، أخشى إن نضب أن تقترب منا اللعنة .