دردشة مع الأخ رئيس الجمهورية في لندن
بقلم/ د. محمد جميح
نشر منذ: 12 سنة و شهر و 26 يوماً
الثلاثاء 25 سبتمبر-أيلول 2012 04:50 م

الحوار مع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي لا يخلو من سرد للأحداث، ومحاولة استخلاص العبر منها، فهو يتكلم بهدوء وعفوية وسلاسة ممزوجة بحكمة من تقلب في مناصب شتى عسكرية ومدنية. مر هادي على فترات من التاريخ اليمني المعاصر الذي كان مملوءا بالصراعات والحروب بين اليمنيين قبل الوحدة وبعدها، وذكر خلفيات الأحداث التي اندلعت في اليمن مطلع العام الماضي، ومر على متطلبات المبادرة الخليجية، وأهم تلك المتطلبات، الحوار الوطني المزمع إجراؤه منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. تحدث عن طبيعة زيارته إلى المملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأميركية.

«الشرق الأوسط» التقت الرئيس اليمني في مقر إقامته في العاصمة البريطانية لندن، بعد أن خصها بجلسة تحدث فيها عن مجمل قضايا الساعة في بلاده، على الرغم من قصر وقت زيارته، وازدحام برنامجه، الأمر الذي جعله ينأى عن كثير من وسائل الإعلام، وفي هذا الخصوص قال هادي، «وضعنا في اليمن لا يحتمل المزيد من الكلام.. نحن نريد المزيد من العمل»، وتحدث الرئيس اليمني بشيء من الحذر أثناء الحديث حول الأوضاع الراهنة في اليمن، وقال «لا نريد الكلام لأن كل طرف في اليمن يؤول الكلام على النحو الذي يريده هو، ونحن على أبواب مرحلة الحوار الوطني، ونريد أن تمثل فيه كل الأطراف اليمنية». وذكر هادي أنه يريد من وسائل الإعلام ألا تتنافس فيما يمكن أن يكون عامل تفرقة بين أبناء شعب في اليمن. وكانت «الشرق الأوسط» قد نشرت أول حوار صحافي مع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بعد انتخابه مباشرة، بينما أدلى لها بأول تصريح يوم أن تم انتخابه رئيسا توافقيا للبلاد.

وتحدث هادي حول الأوضاع السياسية في البلاد أيام الشطرين وبعد الوحدة، وكيف امتزج ذلك التاريخ بالحروب والصراعات، إلى أن انتهت تلك السلسلة إلى الأحداث التي شهدها مطلع عام 2011، والتي أدت إلى توقيع الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح على المبادرة الخليجية التي أفضت إلى تنازله عن السلطة، ودعا هادي اليمنيين إلى تجاوز خلافاتهم، واقتناص الفرصة التاريخية للخروج من عهود الحروب والانقسامات، والنظر بإيجابية إلى المستقبل، قائلا «خمسون عاما قضيناها في اليمن ونحن يا (قاتل يا مقتول)، حروب مستمرة وخلافات لا تنتهي، ولا بد لليمنيين من أن يتركوا وراءهم ماضي الحروب والخلافات وأن يتوقف النهج الذي يؤدي إليها».

سألناه عن طبيعة زيارته للمملكة المتحدة فقال، «الهدف من وراء الزيارة اقتصادي، حيث إن بريطانيا تعد من الدول المانحة التي تدعم الاقتصاد اليمني، وللزيارة أهداف أخرى فيما يخص المساعدة في إعادة هيكلة القوات المسلحة والأمن، وجوانب التأهيل والتدريب العسكري، وأهداف أمنية تتعلق بالتعاون الأمني بين البلدين». وأضاف هادي: «بريطانيا سترأس اجتماع أصدقاء اليمن في نيويورك يوم 27 من الشهر الحالي، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهي مع اليمن والمملكة العربية السعودية تتولى مسؤولية قيادة المجموعة». وكان وزير الخارجية اليمني الدكتور أبو بكر القربي قد ذكر في تصريح سابق أن الرئيس اليمني سيفتتح أعمال مؤتمر أصدقاء اليمن الذي سينعقد الأربعاء في مدينة نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وذكر هادي أثناء لقائه مع «الشرق الأوسط» أن «البلاد مقبلة على الحوار الوطني، وأن على كل الأطراف المشاركة في الحوار دون شروط مسبقة وأن الحوار مفتوح لكل الأطراف، وأن الحوار سيكون دون سقف» ملمحا إلى أن «الحوار الوطني هو المخرج لكل اليمنيين من عهود الانقسامات والحروب». وحول ما أثارته بعض وسائل الإعلام اليمنية من احتمال أن يلتقي الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بعض رموز المعارضة في الخارج أكد هادي أنه لا توجد هناك أهداف أخرى من زيارته للملكة المتحدة سوى الأهداف المذكورة، نافيا أن يكون التقى أو سيلتقي أيا من قادة معارضة الخارج في لندن حسبما ذكرت وسائل إعلام يمنية. ولمح هادي إلى أن الأمور تمشي بوتيرة ثابتة في البلاد، وإن كانت ببطء أحيانا نظرا لحساسية اللحظة الراهنة التي تمر بها البلاد. وشبه هادي سير الأمور على مستوى التحول السياسي وبناء اليمن الجديد «بسيارة تحاول شق طريقها في طريق رملي تغوص فيه عجلاتها، ويحتاج سائقها إلى التوقف بين الحين والآخر لإزالة الرمال المتراكمة حول إطارات السيارة، ووضع بعض الألواح المعدنية تحت الإطارات لتمكين السيارة من المسير والخروج من بحر الرمال». وبدا من حديث الرئيس هادي أنه مطمئن إلى مجريات الأمور في البلاد على الرغم من ما يعتور حركة التحول السياسي من مطبات تؤدي إلى تباطؤ سير العملية السياسية. وذكر هادي أن اليمن تجاوز المرحلة الأصعب التي كان يمكن أن تنزلق فيها البلاد إلى الحرب الأهلية مؤكدا «تجاوزنا الكثير من العقبات، وتخطينا المراحل الأصعب، ونحن اليوم ننظر للمستقبل بثقة».

ومع اقتراب الساعة من العاشرة صباحا أخبره سكرتيره بأن السيارات جاهزة للذهاب للقاء رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، وانطلق الموكب الرئاسي المكون من أربع سيارات في بساطة تعكس روح المرحلة المقبلة. وخرج الرئيس هادي ووفده المكون من وزيري الخارجية الدكتور أبو بكر القربي، والتخطيط والتعاون الدولي الدكتور محمد السعدي وأمين عام رئاسة الجمهورية الدكتور علي منصور بن سفاع إلى موعدهم مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون.

وكان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي قد وصل بعد عصر الأحد إلى العاصمة البريطانية لندن في زيارة رسمية للمملكة المتحدة في مستهل جولته الخارجية التي تشمل عددا من الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية وذلك تلبية لدعوات مسبقة من قادة تلك الدول الراعية للتسوية السياسية في اليمن والمرتكزة على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة. وغادر هادي العاصمة البريطانية بعد ظهر أمس في طريقه إلى نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تبدأ اليوم، ولافتتاح مؤتمر «أصدقاء اليمن» الذي يعقد في نيويورك غدا الأربعاء.