القاضي مرشد العرشاني ...في سير أعلام النبلاء ..
بقلم/ كاتب/مهدي الهجر
نشر منذ: 12 سنة و 5 أشهر و 5 أيام
الخميس 12 يوليو-تموز 2012 05:54 م

يكسوني الحياء حد العرق إذا أثنيت على كريم في أمر عابر ، وخشية أن اقطع عنق صاحبي ولسبب آخر يكمن في ما جُبلت عليه نفسي ( نفورا من الثناء ) .

لكن الأمر يختلف في مواطن أخرى ، إذ يصبح الثناء على الكرام وتجلية فضلهم للناس واجبا ، ويصبح السكوت قبيحا بل ورزية .

كلهم وزراء الثورة في حكومة الوفاق محل هجوم واستهداف في أشخاصهم ووزاراتهم بكافة السبل ومختلف الكيد والخسة ، وحقهم علينا المساندة والنصرة ، فلا نتركهم لواجب فزعوا إليه وعلى أكتافهم أكفانهم ، وفي فم كل منهم طعم الموت ، وجميعهم مشروع شهيد ، على بيئة نعرفها تماما ، وكيف صال الخب فيها وجال ، وخبأ الكمائن والوقيعة في كل حارة وقرية ، وزاوية ومفصل .

الأمر ليس شخصي أو على جهة بذاتها ، كما أنه ليس خبط وعشوائي ، أو في حساب الفعل الرسمي والفعل المعارض له ، تلك إن كانت فهي مستساغة ولا ريبة (بكسر الراء )حولها في سياق المعتاد السياسي لدى النظم الديمقراطية وتحديدا الناشئة منها .

إنما الأمر أبعد ، يتجه بمنهجية تعتمل في برنامج على ضوء خطة ، بات من المؤكد تقاطع الإقليمي وأطراف داخلية عليه .

هنا ..ما عاد القول بثمة متغيرات وفواعل حضرت بعد أن تقاطعت مصالحها تُثير الريبة والشك ، بل هي الفعل المباشر ، والحضور المادي والاعتداء الملموس لا على المنظومة السياسية الحاكمة لإفشال أداءها ومن ثم إسقاطها سياسيا لتأتي أخرى مغايرة ، كما يقترب في التصور للدينامية السياسية لطبيعة العمل السياسي .

بل تتجه بهيستريا وحقد الى كسر الوعاء الوطني ، وتفكيك مفاصل الدولة وصولا الى اللا الدولة .... وأين انت يا وطن ؟

المؤامرة القذرة الحاضرة في طور التنفيذ المادي الآن تتسم بالنوعية والتكامل ، والغطاء المضلل ، والجاهزية ، والضرب على كل زوايا المربع في تتال وإطراد .

يصعب ملاحقتها في كل الوزارات هنا ، لكنا سنأخذها صفيقة نتنة ، عاملة سافرة تجاه السلطة القضائية ( وزارة العدل ).

أما لماذا القضاء ؟

فلأن القضاء المستقل والفاعل هو حجر الزاوية وأم المؤسسية ، ومنه وعليه أولا تكون الانطلاقة ..

ولأن القضاء المستقل القائم على قواعد سميكة وعُمد المؤشر الأول على عافية وحيوية هذا البلد أوذك .

ولأنه الضابط ، والضامن ، والفصل ، وهو أم المؤسسية ومسارها ، وهو الأساس للتنمية ومحدد آفاقها . .

أول من يتحسسه الاستثمار ، ويطمئن الى جواره رأس المال . ولأنه

فقد كانت له الأولوية عند من في همته البناء ، ولدى من يحمل في يده معول الهدم ..فأخبرني عن حال القضاء لهذه الأمة او تلك أخبرك بمدى السقف الحضاري ومدى وعوامل قوتها ، وعن مكانتها في الترتيب والدور القادم على ذلك من هنا تأتي وتُؤتى الأمم .

لعل ما سبق يُفسر أسباب وأبعاد حملة السوء بألوانها وأدواتها المختلفة على شخص القاضي مرشد العرشاني ، وإصلاحاته في وزارة العدل .

قبل ان تلسعني ألسنتهم :

يكسوني الحياء حد العرق إذا أثنيت على كريم في امر عابر ، وخشية أن اقطع عنق صاحبي ولسبب آخر يكمن في ما جُبلت عليه نفسي ( نفورا من الثناء ) .

لكن الأمر يختلف في مواطن أخرى ، إذ يصبح الثناء على الكرام وتجلية فضلهم للناس واجبا ، ويصبح السكوت قبيحا بل ورزية .

وتحضرني في هذا السياق مقولة لـ مارتن لوثر كنج حقها ان تكتب بماء الذهب (أنت لست محاسبا على ما تقول أنت أيضا محاسب على ما لم تقل حين كان لا بد ان تقله) وكذلك (أسوأ مكان في الجحيم محجوزا لهؤلاء الذين يبقون على الحياد في أوقات المعارك الأخلاقية العظيمة )

عندما يأتي الرويبضة ويتداعى مع مثله ثم يصطف ليبهت وينال من كريم لم يدنس من اللؤم عرضه ، وتحول حواسه بينه والماء البارد إن ظن أن فيه ما يثلم مروءته ..فالسكوت عند هذا الحال نقيصة ، والمحايد شريك .

كما ينهى الاسلام عن الثناء في وجه أخيك ، وتزكيته نفسه ، فإنه يوجبها عليك له في مواطن ويبيحها له ـــ إشادة بنفسه ــــ عند مواطن إن احتوشته الرويبضة بسهامهم في محضر الدفاع عن النفس كما حصل من الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه في ذكره لفضله ومناقبه أمام محاصرة الثوار لمنزله .

القاضي مرشد العرشاني :

لو جاء القاضي مرشد في زمن الإمام الذهبي لأفرد له حيزا في موسوعته سير أعلام النبلاء وأحسب الذهبي كان سيكتب عن القاضي الآتي : ( هو الذي كان في زمانه يُنعت بالقاضي فقط دون الاسم ، رأيت القاضي ، وقال القاضي ، وسمعت القاضي ... فيدرك الناس تلقائيا أنه هو ...مرشد العرشاني ،القاضي الفقيه ، الاصولي النحوي ، المجتهد والمجدد ،السياسي المثقف ، نال من كل علم بطرف ،عدل متثبت ، حيي كريم , سقته المروءة والفضل حتى المشاش ، صاحب عبادة وورع ،وقيادة وإدارة ،وحزم وحسم ،وأدب وفضل ، السيد على قومه والمقدم المطاع ، بهي الطلعة حاضر الابتسامة ،إن جاء يمشي تذكر الرائي مقولة عمر بن الخطاب لعمرو بن العاص لما رآه قادم (ما ينبغي لأبي عبدالله أن يسير الا أميرا.)

تولى القضاء في اليمن في عهد كان اليمنيون يشكون الظلم والاضطهاد ، ولقد عمت الرشوة والمحسوبية وخالط الغش كل شيء ، الى ان قال أحدهم قد خالط الفساد كل شيء ، فرحماك يا أم الأحياء لا تخلطي الثدي بالماء ، حتى قيل أن جزء كبيرا من القضاة في زمانه كانوا من جملة من غشوا ، وظلموا ، وفسدوا ، وارتشوا .. فعمت وطمت وتعرت بسفور البلوى على الناس حتى أن من قيل أنه من الناس قد سلم ونجا كانت نصيبه على الأقل مظلمة .

فضج العقلاء والمصلحين ونادوا (العدل أساس العمران ، والقاعدة التي يقوم عليها السلطان ) .

ثم جاء القاضي مرشد ، فعمل على إصلاح القضاء ، وإعادته الى الجادة ، بإصلاح حال القضاة اولا في ما يكفيهم من المعاش ، ثم وضع حزمة من الإصلاحات والضوابط والموجهات تسير في مصلحة البلاد والعباد .. إلا أن مسيرته جابهها الأوباش ، والمتسخين من الناس ، فوقفوا له في كل باب وتواطؤا عليه مع كل شارد وغريب وخبيث ودعي ، ورافضي ومجوسي .ووو.ولكن الى أين انتهى الحال بالناس ؟.....مات الذهبي رحمه الله قبل ان يتم الخبر)

لدينا في اليمن فرقة من الناس نبتت على الحقد والوقيعة ، والمكر بحالتيه السافر والمبطن ، خصال عدة على هذا النمط جامعها "أنا خير منه " .. وهو لديها ميراث تاريخي يمتد معها ويشتد ويكبر مع كل جيل يلحق ..

مظلمة تاريخية تعتقدها ، وتتوارثها دين ووشيجة وثقافة وتقليد فتقتص لها من الإنسان والحجر والشجر والثقافة والتراث والتاريخ ثم لا ترتوي . . ولها لسان ذرب غاية في الإفك والبهتان لا يحجزه دين أو تردعه قيم ، عاث في المقدس والعرض ، وانتهك كل حرمة فأوغل وأوغل .

قلت يا مرتضى ، وياذا الشارة السوداء ،الم يأن لك أن تكف وتستقم ، وأن يكون لك من التاريخ عبرة ، ومن العاديات درس .

أسفي عليك أن تأتي أنت عليك فتنقرض ..ويا عويلاه ..

فمن النائحات تبكي عليك ؟