أبين.. وناسها.. أهذه عدالة!
بقلم/ معاذ الخميسي
نشر منذ: 12 سنة و 9 أشهر
الأحد 12 فبراير-شباط 2012 05:01 م

< يبدو أن أبين محسوبة على قيادات كثيرة في الدولة وبالتالي فإن الحديث عنها أو تناول همومها ومشاكلها وما يعيشه أهلها من حياة صعبة وقاسية جدا وأوضاع متدهورة إنسانياً ومعيشياً وصحياً وتعليمياً ..أمر لا يروق لمن به مرض أو من يقوده الوهم إلى أن يعتبر ذلك لعبة وتبادل أدوار ..وربما ينظر عدد من الصحفيين وكثير من الوسائل الإعلامية ومراسليها على أساس البحث عن الإثارة الخبرية والضجة الإعلامية بعيداً عن الاهتمام المهم والضروري والإنساني لمعيشة وحياة أهل أبين وناسها الذين وجدوا أنفسهم فجأة في العراء هاربين من آلة الموت ومن الدمار والخراب الذي طال المنازل والمحلات والأخضر واليابس ومن الخوف والرعب اللذين يسيطران على الناس كبارا وصغارا ورجالا ونساء بسبب الحال الصعب الذي وضع الجميع في مرمى فوهة البنادق والقذائف والصواريخ وحكم عليهم بمواجهة الموت صباحا ومساء.

< كما يبدو ـأيضاً- أن جانب التعامل الإنساني ألغي من خارطة التوجهات الإعلامية ولم يعد للإنسان وآدميته وحياته ومأكله ومشربه وسكنه وأمنه واستقراره أي اعتبار ولا أدنى اهتمام حتى عند أصحاب المنظمات «المدعية» اهتمامها بالإنسان وحقوقه -فقط- لتجني وتبتلع الدعم الذي يأتيها من الخارج بمئات وملايين الدولارات.. وهو الأمر نفسه الذي تمارسه جهات دولية ومنظمات عالمية قد تنفق مليارات لاستغلال حق الرأي والتعبير والممارسة السياسية كذريعة عند من يقمع أو يصادر وعند من يسمح ويُمكّن على حد سواء من أجل الوصول إلى تنفيذ مخططات وأهداف بينما تغض الطرف وبوقاحة متناهية عن حقوق الإنسان الأساسية التي تعرضت للمصادرة حين يكون العالم أجمع على اطلاع ومتابعة ومشاهدة لآلاف من البشر بينهم النساء والأطفال وكبار السن وهم يفترشون الأرض ويلتحفون السماء وفي أحسن الأحوال يعيشون في فصول دراسية ببعض مدارس في جو حار وملتهب دون توفر وسائل وأدوات العيش المقبول ..ومع كل ذلك تتواصل الفرجة.. والحقوق الإنسانية التي يدعون الدفاع عنها مهدورة وبأبشع الطرق ومحاطة بأفظع أنواع التجاهل والتمييز!

< ما ذنب أطفال ونساء ومسني أبين ولن أقول شبابها ورجالها الذين بإمكانهم أن يتحملوا ويصبروا.. ما ذنبهم -إذا كان في القلب ذرة من رحمة وفي الضمير شيء من إحساس -حين يشردون وينزحون من مناطقهم ومنازلهم.. وما الذي اقترفوه حتى يقعوا طوال ما يصل إلى العام وليس الشهر والشهرين في هذه النكبة الإنسانية.. بلا مأوى مناسب.. ومعيشة مقبولة!

< أمريكا والدول العظمى من أصحاب المشاريع التخريبية ومن مخططي تمزيق وتفتيت العرب ودولهم وإدخالهم في صراعات واقتتالات تدار بالريموت.. جميعهم بإمكانهم توفير الطائرات واحدث أنواع الأسلحة والتكنولوجيا وتسخير المليارات لضرب القاعدة وملاحقة عناصرها .. لكنهم سيتفرجون وسيتعاملون بمنتهى البرود مع النكبات الإنسانية ومع جوع وعطش وتشريد أسر بأكملها.. أهذه عدالة..!

< وأحزاب الساحة السياسية في بلادنا والقوى المختلفة هي الأخرى مشغولة جدا بما أسمي بالربيع العربي وما وراءه وما في جعبته وغير قادرة أبدا على أن تتوجه حتى بالنظر إلى أبين ومأساة أهلها.. ولا يمكن بأي حال أن تقول لنا ما معنى أن يكون الربيع الأبيني موتا وخرابا ودمارا وتشريدا وجوعا وعطشا ولماذا لم يوقظ ذلك عندها ذرة خجل وقليلاً من الحياء وهي تمارس «الفرجة» بشيء من الاستفزاز الوقح وكأن الأمر لا يعنيها على الإطلاق!

< وما بين تبادل الاتهامات داخل الأوساط الأبينية الرسمية والشعبية في اتجاهي الدولة مقصرة والمجتمع الأبيني يتفرج .. لا يمكن إنكار الدور الذي تقوم به الوحدة التنفيذية لمخيمات النازحين برئاسة الوزير القدوة والأنموذج أحمد الكحلاني الذي يحاول بقدر ما هو متوفر من إمكانات أن يخفف من المعاناة والحزن والألم.

< رغم ذلك تظل أبين الجرح النازف الذي لا اعتقد أنه سيشفى سريعا خاصة في ظل فرجة الآخرين وإدارة ظهورهم لها ولناسها في أشد الظروف وأحلكها.. لكننا لن ننساها ولن نتفرج على معاناة أهلنا هناك.. وسنذكر دوما بالنكبة والمأساة ونحن نقول: أما من ضمائر يقظة وقلوب رحيمة وإعلام مهني ومنصف.. ويا من تدعون محليا ودوليا رعاية ودعم المنكوبين والنازحين والاهتمام بالإنسان وحقوقه أين أنتم مما حصل في أبين .. اعتبروهم في أقل الأحوال بشرا يحاولون العيش في استقرار ولا يريدون أكثر من الأمان وسخروا لهم نصف أو ربع ما تسخرونه لملاحقة ومسح أعدائكم لأن الفرق سيكون في هذه الحالة لصالح الحرص على حياة الناس لا على موتهم وقتلهم واستغلالهم.