آخر الاخبار
مقامات يمانية
بقلم/ عبدالعزيز العرشاني
نشر منذ: 13 سنة و شهر و 4 أيام
الأربعاء 19 أكتوبر-تشرين الأول 2011 05:30 م

قال الراوي ياكرام حدثني ثقة عن ثقة في غابر العصور والأزمان عن ماسيكوّْن من حوادث وأخبار العربان قال : روت لنا دوّلة الغُنجية حدثتنا أم العِرج البرمائية نقلا عن حمّْدة العنجهية عن أم الهِبش المستضيَّة برواية قصعة المصرية نقلا عن الكرتون بن أبي جنبية أنه قال ( يسَّود بلاد اليمن الديدان ويحكمها العيال والغلمان ويعتليها البوم والنسور والغربان , فيّرتع فيهم البلاء المتبوع وينتشر الفقر والجوع ويظهر المرض الممنوع , على يد عِلٍّ في الفناء وسّمٍ في البقاء كذْابٍ في الوفاء بعير في الفهم والغباء , نشر الرذيلة ومنع الفضيلة وعطل الشريعة , سَام البلاد عسفاً والعباد تنكيلاً , حكمهم بالظْن وسار فيهم بالمَّن , علمهم الجهل وألّصقهم بالوَّحل , أكل مالهم واستباح أعراضهم وساواهم بأنعامهم , ظلم الصغير وجار على الكبير , وئدَ الصغيرة وجهَّل الكبيرة , وفَّعَل في قومه مالم يفعله الروم ولا الفرس ولا الأحباش , سلم بلده للفرنجة وفتح بابها لمن دفع له العطية , ظهر الخِنّا في عهده والخمر في عصره والربا في عطفه , واعتلي الحرام على الحلال , حرّْم العدل واحلّْ الجور , على يده فشت السرقة وسادت الخيانة وقُطعت الطريق ومات الرضيع , وتبقى السعيدة بلد العلم والعقيدة الدرة الفريدة كالحة كليلة , يساعده في ظلمه وصنيعه النهابين والسُرَّاق واللصوص , يقسمون البلاد بينهم بغير السوية وينهبونها صبحاً وعشية , بومٌ في الليل غِربان بالنهار , شياطين في صورٍ أدمية وملاعين في صورٍ بشرية , وهو في كل هذا يدعي النّقى والتُقى والصلاح والفلاح وأن مقصده البناء والتعمير لا الهدم والتدمير , وهكذا يسير في الناس بالخديعة ويمشي بينهم بالوقيعة ويعاملهم بالدْسْ والمكيدة وله في كل وقت فعل شنيع ورزية .

يظل على ذلك سنين عديدة وأعواماً مديدة , وفي سنة ثلاث وثلاثين يرفع الله الغُمة وتنجلي الهِمّة , فيهب أهل اليمن والأيمان أغنياء وفقراء كبارً وصغارً صناع وزراع هبة رجل واحد لينزعوا عن كاهلهم الدنيَّة وعصبة الأذية , فيكبو فرسه ويتركه حرسه وتفترق عنه عصابته , فيفر من البلد مكلوماً طريداً شريداً , فتطْهر الأرض من دنسها وتنزل السماء مائها وتعود للأرض بركتها , فتخضر المزارع والحقول وينبت الثمر والزروع ويدّرّ اللبن من الضروع , ثم يعود العِلّ العليل صاحب الدجّل والتضليل كَغراب البين وصوت الشين يحمل الموت معه والدم في يده ليعود الحزن والبكاء ويُسمع العويل في كل الأرجاء وتنجس الأرض مرةً أخرى , وماهي إلا أياماً معدودة وليالي محسوبة حتى يعود عليلاً فيفر من بين قومه هارباً ذليلاً بيّنما هم يضعوا أيديهم في التِبعان والذراري والولدان ومن تبعه من الصِعبان ممن تلطخت يده في الدم وناصره في الظلم فمجندل مكدوس وناجي مفقوش وتنكشف المكيدة وتفضح الخديعة , خبر وثيق ليس عنكم ببعيد ) .