قرارات في القبض على مساعدي اللواء شلال شايع بأوامر قهرية من الينابة العامة في عدن قطاع الإرشاد يدشن برنامج دبلوم البناء الفكري للخطباء والدعاة في حضرموت مكتب المبعوث الأممي يلتقي بمؤتمر مأرب الجامع ويؤكد حرص الأمم المتحدة الاستماع إلى الأطراف الفاعلة مجلس القيادة يجتمع ويناقش عدة ملفات في مقدمتها سعر العملة والتصعيد الحوثي بالجبهات بترومسيلة بحضرموت تعلن نجاح تشغيل وحدة تكرير المازوت بمناسبة اليوم العالمي للجودة...جامعة إقليم سبأ تدشن فعاليات أسبوع الجودة اعتذار رسمي في ايطاليا بسبب القدس من هو ''أبو علي حيدر'' العقل الأمني لحزب الله الذي فشلت اسرائيل في اغتياله؟ رصد طائرات مسيرة ''مجهولة'' تحلق فوق 3 قواعد تستخدمها أميركا في بريطانيا صحيفة أميركية تتوقع أن يوجه ترمب ضربات تستهدف قادة الحوثيين وتُعيد الجماعة إلى قائمة الإرهاب
في العام 1989م، أحجم أعضاء المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني عن الاعتراض حول بيان 30 نوفمبر، الذي رُجِحَ أن علي سالم البيض وعلي عبدالله صالح اتفقا عليه منفردين وفاجاءا به أعضاء سياسي الاشتراكي، في وقت لم يحسم المكتب السياسي فيه النقاش حول شكل دولة الوحدة (اندماجية- فدرالية- كومفدرالية).. لكن لماذا صمت هؤلاء؟
الراجح أن من كانت لديهم تحفظات حول الوحدة الاندماجية أو التوحد مع الشمال في ظل حكم علي عبدالله صالح أدركوا أنهم سيوضعون أمام الاتهام بعدائهم للوحدة، إذ يجيد أصحاب الغايات المشبوهة استخدام العاطفة الشعبية الجياشة نحو القضايا العادلة مطية لضرب أصحاب الرأي والمواقف الوطنية الجادة.
المتأمل في الكتابات الصحفية لشخصية بحجم الشهيد جارالله عمر التي نشرها نهاية الثمانينات، سيدرك أن هناك شخصيات وطنية حذرت من مآلات الوحدة بالشكل الذي تمت عليه في ظل الانتهازية التي تسيطر على طريقة حكم علي عبدالله صالح.
وإن لم يواكب موقف جارالله عمر بعد الوحدة موقفه قبلها بالقدر الكافي، فإن شخصية مثل عبدالله البردوني قد فعلت، وينقل أنه قال في إحدى الندوات إن الوحدة بالشكل الذي تمت عليه هي مؤامرة ضد الشطرين، وكانت قصيدته الشهيرة "ربيعية الشتاء" التي نظمها بعد أيام قلائل من 22 مايو 1990م، مثالاً حياً لهذا الموقف المبدئي الشجاع، فيما كان رئيسا الشطرين يقفان أمام كاميرات التصوير لاستعراض انجازهما التاريخي الذي اتضح لاحقاً أنه لم يكن سوى اتفاقاً انتهازياً محظاً.
الآخرون شاركوا سلباً في أن يذهب علي عبدالله صالح بالوحدة خلف أسوار قصر السبعين، البعض خاف الاتهامات بالوقوف ضد الوحدة كما أسلفنا وصمت، فيما البعض شارك الانتهازية طمعاً في التقاسم مستخدمين سلاحاً فتاكاً مكون من 4 مفردات لا غير، العبارة الأكثر ترديداً في مواجهة أصحاب الرأي حينها: "ليس وقتها وليست مهمة"، والعبارة منقولة بالنص من حديث لقيادي اشتركي أجرته إحدى الصحف العام المنقضي، وهو يتحدث عن الرد الذي كان يجابه به اعتراض البعض في أن يكون تمثيل الجنوبيين 2 مقابل 3 للشماليين في مجلس الرئاسة بعد الوحدة.
الوحدة حتى في مفرداتها الثانوية، جعلت الشماليين يأخذون الرئاسة والعاصمة، دمجت اليمدا باليمنية، ألحقت مصرف عدن بالبنك المركزي، وأذابت الدينار بالريال، وغيرها الكثير الكثير..
إلى ما بعد حرب صيف 1994م المشئومة ظل البعض يخرس الآخرين مستخدماً الاتهامات والتخوين إن حاولوا الحديث عن شكل دولة الوحدة وتصحيح المسار، وما يزال الحبل على الجرار، ولا أظن أن بيان الدورة الاعتيادية الثامنة للجنة الحزب الاشتراكي اليمني المركزية الذي نشر في 21 يونيو 2010م -بعد 20 سنة من الوحدة الاقصائية- يروق لبعض قادة الاشتراكي حتى الآن، ولا يبدو أنه صدر إلا تحت ضغط سحب الحراك الجنوبي لقواعد وأنصار الاشتراكي في المحافظات الجنوبية، وضغط الأحرار داخل مركزية الحزب المصاب بالزهايمر المتبدي من صعوبة تذكر قادته للحقائق.
جاء في بيان مركزية الاشتراكي: "الإقرار بأن بقاء اليمن كياناً واحداً يستدعي بالضرورة إعادة النظر في شكل الدولة بتبني مشروع الدولة المركبة عوضاً عن الدولة البسيطة، وذلك من خلال نظام اتحادي يكفل المشاركة الشعبية الواسعة في السلطة والثروة".
أليس هذا صدى متأخراً لمواقف الشخصيات الوطنية التي أخرست قبل الوحدة وأثنائها بحجة "ليس وقتها وليست مهمة"؟!!
إذا ما المهم الآن.. أن نخرس بدورنا أيضاً ليأتي بعد 20 سنة من يقول ما كان يجب أن يقال الآن في الثورة الشبابية الشعبية؟
كيف سيكون شكل الوحدة و شكل اليمن واليمنيين بعد 20 سنة من الصمت؟
حين حددت عدد من الشخصيات الجنوبية موقفها بعدم المشاركة في عضوية المجلس الوطني الذي أعلن الشهر الفائت، من مبدأ وجوب تمثيل الجنوبيين والشماليين في المجلس بالتساوي، راحت صحف ثورية طارئة معروفة بتبعيتها للجنرال علي محسن الأحمر باتهام المنسحبين بعقد صفقة مع الرئيس المطاح به تستهدف الثورة، ورأينا أن صحفيين معارضين سابقاً راحوا يلعبون دور الناطقين الرسميين للنظام الجديد الذي يظنون أنه في طريقه لحكم اليمن والمتمثل في شخصين من آل الأحمر (حميد وعلي محسن)، وهاجموا بدورهم الشخصيات الجنوبية التي حددت موقفاً مبدئياً أظن أن الأخذ به هو الضمانة الوحيدة لعودة النقاش حول الوحدة على الطاولة الوطنية، قبل أن تنتقل إلى طاولة النقاش حول استفتاء تقرير المصير كما حدث مع جنوب السودان مثلاً.
أحد الصحفيين الطامحين للحديث بلسان من يظن أنهم سيحكمون النظام الجديد ظل يروج أطروحات سربها علي محسن الأحمر تتحدث عن اختيار شخصيات وسيطة بين النظام والثورة ضمنها مستشار الرئيس المخلوع ورئيس جهاز أمنه السياسي!!
والحقيقة التي لا فرار منها أن الناس قد خرجوا ضد حكم علي عبدالله صالح، بما فيه شكل إدارته وسياسته، ولا يمكن أن يكون ضمن النظام الجديد أبواقاً كـ أحمد الصوفي أو عبده الجندي أو طارق الشامي، لكن الصحفيين الذين يعتقدون أن حميد الأحمر أو علي محسن سيكونا الأداة الجديدة للحكم يدركون أن الرجلين يرغبان بتوظيف أسماء إعلامية جديدة يشترط عدم اختلاف تركيبتها وأدائها عن الجندي أو الصوفي، لذا لن نستغرب في أن يبدأ الموظفون الجدد خوض فترة التجربة بالترويج لشخصية مثل غالب القمش واعتباره وسيطاً نظيفاً، أو مهاجمة أصحاب المواقف من الجنوبيين أو معارضي آل الأحمر داخل الثورة.
الاتهامات بالعداء للثورة الشبابية لا تطال شخصية تقترح القمش وسيطاً أو تدعو للعفو عن علي صالح، بل تصوب ضد الجنوبيين من أصحاب المواقف، وأبناء الثورة الأوائل ممن تسامحوا مع انضمام رموز سابقة في النظام، وأبقوا على اعترضهم لطريقة تعاطي المنضمين مع الثورة، والسبب أن مصدر الاتهامات أصلاً نابع من غرفة العمليات التي تتحكم بمفرداتهم وبضبط إيقاع أصواتهم.
قبل سبعة أشهر خرج اليمنيون شمالاً وجنوباً يهتفون بصوت واحد "الشعب يريد إسقاط النظام" وكانت استهلالة الثورة المبشرة بتغيير حقيقي من خلال الإطاحة كلياً بنظام صالح، تشير إلى أن اليمنيين يمكنهم البدء من هذه النقطة في حياة جديدة تقوم على المواطنة المتساوية تمكنهم من صوغ شكل الدولة ونظامها بالطريقة التي يتوافقون عليها كيمنيين موحدين تحت الشعار الثوري.
الثورة التي آلت في أشهرها الأخيرة إلى التوافق على الإطاحة بحجر الدومينو الأول بعيداً عن بقية الحجار، وتحويل الثورة من إطارها الشعبي إلى الصراع داخل أطراف المنظومة الحاكمة مشيخية وعسكرية، أعاد إشعال فتيل الأزمات التي ستشظي اليمن في ظل الإقصاء الممنهج الذي مورس ابتداء داخل ساحات الثورة وانتهاءاً بتكويناتها المختلفة بما فيها المجلس الوطني، الذي شكل امتداداً طبيعياً لعقلية نظام صالح في الحكم، ما يعني سقوط مطلب "الدولة المدنية" من ضمن مطالب الثورة الشعبية المنجزة، وسيكون الجنوبيون بذلك قد استنفذوا آخر مراهناتهم على قيام دولة المواطنة التي يمكنها إقناعهم بالاستمرار في الوحدة.
كان مستغرباً في 1990م أن يقف أول رئيس لأول كيان وحدوي تأسس عام 1974م في عدن موقفاً مناهضاً للوحدة، لكنه برر هذا الموقف في لقاء صحفي تحدث فيه عن كتابه المنجز الذي أخفته سلطة قصر السبعين عن الجمهور "الجمهورية اليمنية"، إذ يقول البردوني عن الكتاب: "أقدم فيه فلسفة عن صعوبة توحيد الواحد، وإمكان واحدية الاثنين."، ويضيف: "قبل قيام الوحدة في اليمن ألقيت محاضرة بعنوان: «قبل الطوفان يا نوح» رصدت فيها الحساسيات القائمة واختلافات التركيب، ثم طمع الإنسان في شمالي اليمن في الاستيلاء وبعده عن الوحدة كمشاركة الوحدة".
من يظن إن التخلص من علي عبدالله صالح وحده من سيوحد اليمنيين ثانية يكون مخطئاً.. لا ضمانة للوحدة إلا بالتخلص من العهد الساقط بكل مفرداته، بما فيها أدواته وطريقة حكمه وانتهازيته، وإن كان خلع حاكماً انتهازياً سيأتي بانتهازي جديد ليس له إلا طمع الإنسان الشمالي في الاستيلاء، فإن الثورة لا شك –أقولها بمرارة- ستنقل القضية الجنوبية إلى مرحلة جديدة أكثر تعقيداً، ومن ثم فإن قضايا كثيرة في الطريق إلى النشوء ترتكز من منطلق حقوقي عادل قائم على الحق في المشاركة، ومن ضمنها القضية التهامية، وقضية تعز والمناطق الوسطى، وربما غيرها الكثير، هذا إذا سلمنا من الآن أن صعدة حظيت بحكم فيدرالي وإن كان بالقوة وغير منتخب حتى قبل أن ترسو الثورة إلى بر.
وسيكون لنا حديث لاحق عن انتهازية الجناحين المشيخي والعسكري في الثورة وعمالتهما الخارجية في مقال قريب، يسرد التفاصيل منذ انطلاق الشرارة الأولى للثورة وحتى إخماد الجذوة.