إلى الشيخ الحجوري .. تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم
بقلم/ دكتور/حالية الحنش
نشر منذ: 13 سنة و 5 أشهر و 3 أيام
الجمعة 24 يونيو-حزيران 2011 10:32 ص

أنا لن أدافع في هذا المقال عن منهج الاخوان لان هذا ليس هو المقام لذلك ولكن فقط كلمة حق تقال وأجلجل بها صادحة لكل ذي عقل ، لقد أطلعنا على حوار لإحد السلفيين ونحن لم نطلق عليهم هذا اللقب إلا لإنهم يظنون أنفسهم من حازوا شرف إتباع السلف وأن بقية المسلمين لا علم لهم ولا باع في العلوم والعقائد خاصة فيما يخص العقيدة وهذا خطأ فادح فالعلم في كل شيء ولدى العديد من العلماء منه الكثير إيا كان الانتماء الذي ينتمي إليه سياسيا .

عالمنا الجليل يحي الحجوري واسمحوا لنا مخاطبتكم بعالمنا لاننا تعودنا الرقي في ألفاظنا وتعودنا الاحترام للطرف الاخر تفضلتم ونعتم الاخوان أنهم ليس لهم عناية بالعقيدة وعنايتهم تقتصر على توحيد الحاكمية وكأنكم بذلك تفصلون الدين عن الدولة فما الفرق بينكم وبين العلمانية التي تفصل الدين عن الدولة ؟ أليس الاسلام منظمومة كاملة تحتوي على جميع الفروع فالشريعة الاسلامية كما قال الامام الجليل قدوتنا وقدوتكم ابن تيمية " والشريعة إنما هي كتاب الله وسنة رسوله ، وما كان عليه سلف الأمة من العقائد والأحوال والعبادات والأعمال والسياسات والأحكام والولايات والعطيات "

 فكل ما يدخل تحت نطاق الدين فهو شريعة سواء كان عقائد أو فضائل أو احكام بل تعد الاحكام جزء هام من منظومة الشريعة ، نقطة أخرى أليس المصطفى صلى الله عليه وسلم ظل يزع العقائد في مكة ويربي الناس على الايمان والامتثال ثم قام بتأسيس الدولة في المدينة بل نزلت معظم الاحكام هناك وآيات القرآن تشهد على أن نسبة الاحكام الشريعة نسبة كبيرة وأن الاحكام فرع أصيل من الاسلام ، فما العيب أن يهتم الاخوان بتطبيق الشريعة والحاكمية بمعنى أن يكون الحكم لله و ليس للانظمة الوضعية مصداقا لقوله تعالى " وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ "

وقوله " وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ "

وقوله " وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ "

ثم أن العقائد مهمة نعم ولكن كان التركيز عليها في صدر الاسلام أما بعد أنتشار الاسلام أصبح التركيز أكثر على الاحكام والحاكمية أليس ذلك صحيح عالمنا الجليل .

أستعجبت جدا ربطكم الغريب بين الدنيا والوطن والحكم ، ومعنى كلامكم هذا أن نترك الوطن يحكمه من كان حتى وإن أتى النصارى يريدون حكمنا نتركهم ، لاننا لا نريد الدنيا فلنعتزل الحياة ونتفرج على البلاد والعباد ، لا شيخنا ما هذا هو منهج النبوة فلم يترك الرسول المدينة لليهود ويتفرج عليهم كما لم يتركها للمنافقين رغم دسائسهم العديدة حفاظا على مصالح الناس وحفاظا على البلاد والعباد ، الدنيا فانية نعم لكن تحتاج أن نعمرها والله يقول " ولا تنس نصيبك من الدنيا" وقال تعالى " وهو الذي جعلكم خلائف الارض " فنحن خلفاء الله في الارض لبناءها وتعميرها لا لاعتزالها والتفرج عليها وهي تخرب فما هكذا تؤتى الابل عالمنا الجليل .

نأتي الآن إلى سيل المحرمات التي أوردتموها عالمنا وهي كثيرة وسنرد على بعضها إن لم يكن كلها :

أولا : قلتم الانتخابات حرام إن كان ذلك صحيح فالنظام اليوم صعد بالانتخابات فلما لم تحرموا جلوسه على الحكم وياليتها إنتخابات حقيقية بل مزيفة ، والآن عندما يراد تصحيح المسار حرمت الانتخابات ، ثم من الناحية الشرعية ألم يكن هناك جماعة من الصحابة بعد موت أحد الخلفاء وأنتم تعرفونه جيدا ألم يجعل الخلافة في عدة صحابة وهم أختاروا أحدهم فهذا أنتخاب ثم أخذوا البيعة من المسلمين .

وبعد موت النبي ألم يبايع الناس أبو بكر الصديق والبيعة نوع من الانتخابات ولها نظير قانوني في المدنية الحديثة .

وعندما تولى الخلافة الصديق ألم يقل لهم " أطيعوني ما أطعت الله فيكم فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم " وهذا ابو بكر أول من أمن وصدق وبذل ولن يوجد له مثيل بين الرجال ماضيا أو حاضرا والقصص والامثال كثيرة ولولا الاطالة لذكرناها كلها فهي الشمس المشرقة في سماء التاريخ الاسلامي من رجال كانوا كالنجوم ومع ذلك كانوا لا يرون أنفسهم فوق الناس بل يخضعون للحساب والعقاب بعكس من هم يحكمون اليوم .

ثانياً : قلتم المظاهرات حرام وأنا هنا سأطالبكم بدليل التحريم غير قولكم أنه تقليد للغرب أوليس التلفاز والتلفون الذي تستعملوه في الاتصال تقليد للغرب حرموه هو الآخر وعيشوا في كهف بعيدا عن الناس ولا تتواصلوا مع أحد بل أليست السيارة التي تركبوها تقليدا للغرب إذا أركبوا الحمير والجمال في شوارع صنعاء سامحونا شيخنا لا نريد أن نخاطبكم بهذا الكلام ولكننا نرد على كلامكم فقط ، أما حجتكم الآخرى في تحريم المظاهرات من أن النساء هنا والرجال هنا ، هنا أقول لكم من متى كان الرجال معزولون عن النساء في الاجتماعات العامة في عهد العهد النبوي والراشدي وإلا لما نقل لنا عن قصة المرأة التي خطأت عمر بن الخطاب وأنتم تعلمون غيرة عمر على نساء المسلمين ليس فقط هذا بل ردت عليه بالحجة والبرهان وصوبها وعاد عن كلامه .فمادام لا يوجد دليل على التحريم فالاصل في الاشياء الاباحة أليس هذا هو ما تعلمناه من كتب سلفنا الصالح رضوان الله عليهم .

ثالثاً : قلتم أن الخروج على الحاكم حرام وأنا معكم في ذلك لو كان الحاكم عادلا لان ذلك زعزعة للامن والاستقرار والادلة النبيوية معروفة لكن وجدت أدلة أخرى تقول أن الذي لا يمنع الفساد فإنه سيغرق كما غرق الآخرون أولستم عالمنا تذكرون حديث " مثل القائم في حدود الله والواقع فيها ...." فالوطن سفينة الجميع فلو تركنا الحكام يعبثون بها سنغرق جميعنا " فلابد من قول كلمة الحق والأخذ بيد الظالم مهما كان ، ولابد انكم تعرفون قصة أصحاب السبت الذين كانوا يعتدون على حرمات الله حيث نهوا عن الصيد في يوم السبت ولكنهم خالفوا فأنقسم الناس الآخرون إلى فريقين فريق سكت وقال حسابهم على الله ولم ينصح ، وفريق تكلم ونصح وقال لا كلنا مشتركون في هذه الارض وإذا نزل العذاب أصاب الجميع ، فلما أنزل الله العذاب بدأ بالفريق الساكت قبل المجرم والظالم ، لماذا ؟ هذا سؤال أترك إجابته لكم شيخنا وهذه الآيات شاهدة على صحة ما أقول قال جل علاه " وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ،وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ،فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ،فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ " .

فالسكوت على الباطل بلاء عظيم يجر الجميع الى ما لا تحمد عقباه وأنتم تعلمون مدى ما وصلت إليه البلاد من غبن في السنوات الماضية حتى وجد من يقتات القمائم ومخلفات الناس وكما تعلمون حتى الاحكام الشرعية تسقط أوقات المجاعات .

فما بالنا بالحكم الشرعي المانع من الخروج عن الحاكم إذا أتفقنا معكم على صحة الادلة الداعية إلى ذلك ولم نأولها بما يجسد عدالة الاسلام وبما لا يعارض أدلة أخرى تدعوا لرفع الظلم والمنكر .

رابعاً : قلتم الاحزاب حرام ، وهنا نقول لكم الحزبية ذكرت في القرآن " رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون .." وقوله " ".. من يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون " وقوله " أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون " وقوله " من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون " 

والمقصود بحزب الله الجماعة الداعية إلى الشريعة وتطبيقها والمتمسكة بالله أيا كانت تسمية ذلك الحزب ، أما الآحزاب الباطلة أيضا فهي موجودة في كل زمان ومكان ونسبها الله إلى الشيطان فكل حزب يدعوا للضلالة والبعد عن الله يندرج تحت تلك المظلة ، معنى ذلك أن الحزبية غير محرمة كما ذكرت بل موجودة ومقسمة ولكن الفلاح مقرون بالحزب الداعي إلى الله ، ولو كانت محرمة لذكر النص صريح لان الاحكام الشرعية المحرمة تحريما قطعيا قد ذكرت بإلفاظ صريحة وما دام ذكرت في القرآن فغير محرمة . كما لا يوجد دليل صريح في السنة على تحريم الحزبية والاصل في الاشياء الاباحة . فالحزب هو الجماعة بدليل الآيات القرآنية والاحزاب اليوم جماعات سواء كانت على حق أو باطل فمن أين الزعم أن الحزب لا ذكر له في الاسلام وهو مذكور في القرآن الكريم فالغرب هم من قلدونا لا نحن من قلدناهم في هذا اللفظ .

خامساً : إنتقادكم لبعض الالفاظ الشعرية الداعية للثورة كقول أحدهم " إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجب القدر " من مسبب القدر أليس الله ، فالذي سوف يستجيب مسبب القدر وهو الله كمثل قول أحدهم " سألت الدار تخبرني عن الاحباب ما فعلوا " فالدار لا تخبر أحد بل أهل الدار، وفي القرآن قوله تعالى على لسان إخوة يوسف عليه السلام لابيهم " واسأل القرية التي كنا فيها ..." ومعلوم أن القرية لا تسأل بل أهل القرية هم من سوف يسألون ، فهذه يطلق عليها عالمنا الجليل المجاز المرسل بمعنى وجود محذوف حذف لظرورة شعرية بقصد بلاغي وليس فيها تعدي على الذات الإلهية والعياذ بالله ، فالله يستجيب للمظلومين والمحرومين ولا شك في إستجابته سبحانه والأدلة على ذلك لا تعد ولا تحصى .

أما قول الشاعر الآخر " يومٌ من الدهر لم تصنع أشعته شمسُ الضحى بل صنعناه بأيدينا

فالشعاع هنا ليس شعاع حقيقي بل مجازي كناية عن النصر والفخر كقول حسان بن ثابت شاعر الرسول " قوم إذا حاربوا ضروا عدوهم أو حاولوا النفع في أشياعهم نفعوا " فالنفع والضر بيد الله وحده ولن ينفع إنسان إنسان مهما بلغ بدون قدرة الله و إرادته أليس كذلك شيخنا الفاضل ومع ذلك لم ينكر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومعلوم أن المصطفى لا يسكت عن الحق أبدا ولن نكون أفضل منه بل أثنى على شعره وكان كالمجاهدين ولكن بالكلمة .

إلى هنا شيخنا تتوقف راحلتي فإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمني ومن الشيطان ونسأل الله التوفيق لنا ولكم كما نرجو الفلاح للبلاد والعباد وجزاكم الله خير ففي الاخير أنتم مجتهدون والمجتهد حتى وإن أخطأ فله أجر والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .