عدن تطوي آخر صفحات عرضها السينمائي .

الأربعاء 24 يونيو-حزيران 2009 الساعة 04 مساءً / عدن - مأرب برس - مرزوق ياسين
عدد القراءات 20647

لم يتبق في عدن إلا صالة عرض يتيمة تعيش رمقا أخيراً حرص مستر حمود (طه محمد حمود الهاشمي) أن لا يراها مغلقة قبل رحيله عن عمر تجاوز ( 80 عاما ) مؤخرا .
وبرحيله طويت صفحة عبقة من صفحات تاريخ دور العرض السينمائي بعدن ، التي مثل (مستر حمود ) أهم مراحلها و أهم مفاعيل العرض السينمائي لجديد السينما العربية و الهندية منذ ثلاثينيات القرن الفائت في عدن .
ذاكرة المشهد السينمائي في المدينة رغم ماهو عليه الواقع اليوم حافلة بالكثير من التفاصيل التي أسهم هذا الرجل في بلورة مرحلتها الذهبية من خلال تجربة أسهمت حقا في صنع حراك لم يتوقف على العرض السينمائي بل تجاوز ذلك إلى الإنتاج الغنائي والنشاط الرياضي .

انطلقت بداية تجربة مستر حمود أو(ملك السينما في عدن) من عرض سينمائي لأفلام صامتة في صالة بدائية بمنطقة (القطيع) قبل أن ينتقل إلى تجربة جديدة في تأسيس سينما( هريكن) في كريتر في أوج المرحلة الذهبية للسينما وازدهارها في العالم حيث وصل عدد صالات العرض في عدن إلى 8 صالات .
هريكن :
هريكن أو(العاصفة) اسم ارتبط بدخول نوع من الطائرات البريطانية بهذا الاسم إلى عدن و يبدو أن الرجل أراد نشاطا مغاير يستغل شهرة هذا الاسم سينمائيا ..
كما يقول أقرباؤه ارتبط مستر حمود بالحركة الثقافية في الثلاثينيات والأربعينيات والخمسينيات وهي الفترة التي شهدت عدن منافسة قوية لدور العرض السينمائية .
في حمى تلك المنافسة اختص حمود بعرض الأفلام العربية و الهندية فيما كانت دور أخرى متخصصة في عرض الأفلام الغربية ، بل انه كان يستقدم جديد إنتاج السينما و يعرضه في وقت عرضه في بلدان الإنتاج .

الجديدة :
أسس حمود في مرحلة الخمسينات دار عرض( سينما الجديدة) في التواهي و(راديو) في المعلا و( الشرقية) في الشيخ عثمان ، وخلال تلك الفترة في مطلع الخمسينات كان رواد السينما يصل إلى قرابة 5000 مشاهد .
ولم يتوقف نشاط مستر حمود على العرض السينمائي بل امتد ليشمل تأسيسه شركة " طه فون " في أواخر الأربعينيات ومطلع الخمسينيات ومن خلالها قام بإنتاج أغان لعدد من المطربين أمثال إبراهيم محمد الماس و محمد جمعة خان و احمد عبيد قعطبي و صالح الزبيدي و غيرهم .
وارتبط مستر حمود بعلاقات متميزة بعدد من الفنانين العرب أمثال عبد الحليم حافظ و فريد الأطرش و ماجدة و محمود المليجي وعدد آخر من المنتجين حيث كان من اكبر مستوردي الأفلام.
وما تزال ذاكرة(جدو راشد) تستعيد كثير من المشاهد السينمائية لأفلام فريد وعبد الحليم في صالات مستر حمود في تلك المرحلة ، معربا عن دهشته و هوسه بالسينما التي صبغها (مستر حمود) بصبغته الخاصة في أجواء عدن .
من العرض السينمائي إلى الإنتاج الغنائي إلى النشاط الرياضي حيث ترأس حمود نادي الحسيني (التلال) حاليا لخمس دورات ،و أسهم من خلال إدارة النادي بالدفع بالحركة الرياضية قدما ، كما قام بالدفع بعدد من الطلاب للدراسة بالخارج في أثناء ترأسه النادي.
تعرض مستر حمود خلال فترة الحركة الثورية إلى محاولة اغتيال حيث اتهمته أطراف من الحركة الوطنية بالهاء الشباب في الانخراط بالكفاح نحو التحرر .

التأميم :
ظل حمود يباشر عمله في دور العرض التابعة له حتى مرحلة التأميم حيث سلم كل ما بناه الى الدولة حتى انه دفع أثمان أفلام صودرت خلال تلك الفترة لكنه ترك بنية ثقافية للسينما ظلت حكومة ما كانت تعرف بجمهورية اليمن الديمقراطية خلال التشطير تستخدمها إلى أن أعيد تحقيق الوحدة اليمنية المباركة في العام 1990م.
وعقب التأميم غادر مستر حمود عدن إلى جيبوتي و منها إلى بيروت ومنها إلى بريطانيا ولم ينقطع عن ممارسة مهنته المفضلة.
وبعيد تحقيق الوحدة اليمنية المباركة أعيد لحمود الكثير من أملاكه المؤممة لكن الزمن لم يعد هو الزمن فالفضائيات غيرت حال الجمهور , حيث أصر على إبقاء العاصفة فيما حول صالة (الجديدة) إلى صالة أعراس و مركز تجاري و باع (الشرقية) في منطقة الشيخ عثمان قبل وفاته عن عمر ناهز 89 عاما.
لم يعد لدور عرض السينما جمهورها اليوم ...يقول حافظ مصطفي نائب مدير مكتب الثقافة بعدن إن دور العرض مرتبطة بالإنتاج و بقاء العروض حصرية .
فقد تراجعت جماهير دور العرض في بلدان الإنتاج رغم ما هي عليه الحال من احتكار للإنتاج قبل نزوله للأسواق.
لكن ما آل إلية الحال في اليمن أن ثقافة الذهاب إلى السينما ارتبطت بالواقع الذي نعيشه اليوم من طفرة اتصالية هي ابرز الأسباب التي أدت إلى تراجع مشهد السينما اليوم عما كان في السابق .                            نقلا عن سبأ

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن