العراق... الغضب المؤجل الذي سطع
بقلم/ مشاري الذايدي
نشر منذ: 5 سنوات و 4 أسابيع
الجمعة 04 أكتوبر-تشرين الأول 2019 06:32 م
 

«نشعر باللاجدوى تجاه محاولات إصلاح العملية السياسية، ولهذا رفع المشاركون في المظاهرة شعارات إسقاط النظام». أبو علي، متظاهر عراقي بساحة الحبوبي، وسط مدينة الناصرية، الجنوبية.

«الآن لا توجد لدينا مطالب، لأنها انتهت في عامي 2015 و2018. المظاهرات الحالية أحرقت جميع المطالب، والآن ليس وقت الإصلاح، بل وقت التغيير الجذري لمنظومة 9 نيسان»، (يقصد مَن حكم العراق عقب سقوط صدام 2003). صفوان عاصم، رئيس نقابة العمال في العراق، وأحد ناشطي المظاهرات.

«هذه المظاهرات عفوية شبابية غير مدعومة من أحد، وليست مسيّرة من حزب أو رجل دين. هي مظاهرات وطن». أحمد الوشاح، أحد ناشطي الاحتجاجات في العراق. هذه أمثلة تفصح عن الروح التي تحرك الشباب العراقي الثائر اليوم على رداءة الحال في العراق، ويأسهم من إصلاحه بحلول ترقيعية، تذهب بعمرو، وتأتي بزيد، «وكأنك يا أبو زيد ما غزيت».

فساد عريض، و«فرهود» كبير لمال الدولة العام، وتبعية فاضحة لـ«الحرس الثوري» الإيراني، لدرجة أن سفير إيران في بغداد، إيراج مسجدي، صديق قاسم سليماني ومستشاره، يصرح لتلفزيون عراقي بأنه من حقّ إيران نقل معركتها للعراق، واستهداف من تشاء... طبعاً بعد اندلاع مظاهرات الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الشعبية، استدعت الخارجية العراقية، السفير الإيراني واحتجت عليه... صحوة متأخرة! هي تراكمات من الغضب والإحباط، وعادل عبد المهدي الذي بالكاد أمضى عاماً في ولايته، لم يصنع سوى تأجيل الانفجار، وعجز عن انتشال الدولة من مخالب الميليشيات الفاسدة غير الوطنية.

كانت إقالة الجنرال عبد الوهاب الساعدي، قائد مكافحة الإرهاب، الذي يحظى بشعبية وطنية، النقطة التي أفاضت الكأس الفوّارة، وتظاهر الآلاف في ميادين بغداد، بل كل مدن الجنوب والوسط العراقي؛ حيث الكثافة الشيعية، وهذه ملاحظة مهمة، في حين نجد المدن السنية هادئة، وهذا أمر لا شك أنه يحرج حكام بغداد ويمنع ترويج دعايتهم عن «دواعش جدد».

إقالة الجنرال الساعدي، الذي يرفع المحتجون صوره زعيماً وطنياً، كانت - حسبما قال غالب الشابندر، وهو عضو سابق، ومنشق عن التيارات الشيعية الأصولية - «آخر طعنة في صدر العراق وبداية للقضاء على الجيش العراقي وتسليمه لقيادات (الحشد الشعبي) والفصائل المسلحة».

الصورة في العراق، عراق الأحزاب الشيعية الأصولية، لا تسرّ الناظرين، رغم تكرر فرص الإصلاح منذ عهد الجعفري، حتى عهد عبد المهدي، مروراً بالعظيم نوري. العراق يحتل المرتبة الـ12 على لائحة الدول الأكثر فساداً في العالم، بحسب منظمة الشفافية الدولية، وبحسب تقارير رسمية، منذ سقوط نظام صدام في 2003، اختفى نحو 450 مليار دولار من الأموال العامة، أي 4 أضعاف ميزانية الدولة، وأكثر من ضعف الناتج المحلي الإجمالي للعراق، مع تزايد البطالة وانقطاع الكهرباء وتلوث المياه وتفشي الأمراض، في بلد من أغنى بلدان الشرق الأوسط بثرواته وبشره.

هل تنجح انتفاضة الشباب العفوية، أم تكون جرس إنذار فقط، أم ينقضّ عليها تلاميذ قاسم سليماني والعالم يتفرج، وأولهم الأمم المتحدة والعالم الغربي؟!