فيديو مروع .. عنصر متحوث يحرق نفسه امام تجمع للحوثيين وسط ميدان السبعين بصنعاء الصحفي بن لزرق يشعل غضب الانفصاليين بتغريدة منصفة كشفت عظمة «مأرب» ويؤكد: اتحدى اكبر مسؤول في الدولة ان يكذب حرف واحد مما كتبته عقب اقتحامه للمنبر رفقة مسلحين.. خطيب حوثي يتعرض لإهانة موجعة من قبل المصلين تفاصيل صادمة.. قاتل صامت يختبئ في مشروب يومي يشربه الجميع الباحث على سالم بن يحيى يحصل على درجة الدكتوراه من جامعة المنصورة بمصر بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف وفاة برلماني يمني بصنعاءإثر ذبحة صدرية مفاجئة. نادي رياضي شهير في اوروبا يغادر منصة إكس.. احتجاجاً على خطاب الكراهية.. لماذا حققت بورصة أبوظبي أداء فائقاً ؟ لماذا تخفي إيران عن شعبها والعالم أن أحد منشأتها النووية السرية تم تدميرها خلال هجوم أكتوبر ؟ افتتاح مدرسة أساسية للبنات بمحافظة مأرب بتمويل جمعية خيرية فرنسية
ثمة مشاعر وأحاسيس لا يبوح بها الإنسان لكل أصدقائه ومقربيه، هناك دائرة ضيقة جداً لمن نثق في قدرتهم على التعاطي بإيجابية تجاه أوجاع قلوبنا وآلام نفوسنا وما يكدر حياتنا من حزن عميق وفراق مرير.
بينما أنا عائد من العمل في وقت متأخر من ليل كموج البحر حافل بالضغوط النفسية والمعنوية تلقيت مكالمة من أعز أصدقائي ، التقينا على إثرها وسارت بنا السيارة إلى حيث لا تدري ولا ندري .. الكلام كان بلا وجهة أيضاً ، لأن كل تنهيدة من صدر صديقي كانت تنقلنا إلى ضفة أخرى من ضفاف الحزن ولوعة الفقد.. جل ما كان يريده مني أن أستمع إلى صراخ صمته وبكاء روحه لأكثر من ثلاثة أشهر على رحيل "أمه" التي أعرف جيداً مستوى تعلقه بها وحبه الشديد لها ، وهو ما أفقدني القدرة على استحضار الكلمات التي تقوي الإيمان بالقضاء والقدر وتحث على الصبر و تعزز جوانب الأمل.. ذكرته بابتلاء الله لعبده في أحب شيء إليه فرد قائلاً: انه لا يعترض على أقدار الله ، لكنه غير قادر على التحمل لأن فراق الأم يختلف عن أي وداع آخر ، والمصائب لا تشبه بعضها.
من الصعب استيعاب رحيل من عشنا معهم حياة مختلفة ،لأننا نرى فراغ أماكنهم في كل ركن ومقاعدهم الشاغرة بكل زاوية، لكننا أمام سنن إلهية لا تتغير ولا تتبدل كما في قول الشاعر:
ثمانية لا بـد منها على الفتى *** ولا بد أن تجري عليه الثمانية
سرور وهم, واجتماع وفرقة *** وعسر ويسر, ثم سقم وعافية
حاولت جاهداً أن أوقف سيل الدموع وتدفق العبرات وانسكاب فواجع الغياب الأبدي فوق صفيح من الأسى ، غير أني فشلت فشلاً ذريعاً لأن كل محاولاتي كانت تصطدم بقوله: " رحيل الأم غير " !! .
بالفعل .. " الْأُمُّ هِيَ كُلُّ شَيءٍ في هذِهِ الْحَياةِ، هِيَ التَّعزيَةُ في الْحُزنِ، والرَّجاءُ في الْيَأْسِ، وَالْقُوَّةُ في الضَّعْفِ، هِيَ يُنْبوعُ الْحُنُوِّ وَالرَّأْفَةِ وَالشَّفَقَةِ وَالْغُفْرانِ، فَالّذي يَفْقِدُ أُمَّهُ يَفْقِدُ صَدْرًا يَسْنِدُ إِلَيْهِ رَأسَهُ، وَيَدًا تُبارِكُهُ، وَعَيْنًا تَحْرِسُهُ." بحسب الراحل الكبير / جبران خليل جبران في مقالته الشهيرة (أمي) والتي جاء فيها أيضاً : " إِنَّ لَفْظَةَ الْأُمِّ تَخْتَبِئُ في قُلوبِنا مِثْلَما تَخْتَبئُ النّواةُ في قَلْبِ الْأَرْضِ، وَتَنْبَثِقُ مِنْ بَيْنِ شِفاهِنا في ساعاتِ الْحُزْنِ وَالْفَرَحِ، كَما يَتَصاعَدُ الْعِطْرُ مِنْ قَلْبِ الْوَرْدَةِ في الْفَضاءِ الصّافي والْمُمْطِرِ."
يا صديقي: أتفهم دواعي حزنك وأعرف مقدار وجعك من خلال مستوى صمتك ، لكن عليك أن تعلم أن الدنيا:
طُبعت على كدرٍ وأنت تريدها *** صفواً من الأقذاء والأكدارِ
ويجب أن تدرك بأن :"الحزن يضعف القلب، ويوهن العزم و يضر الارادة، ولا شيء أحب إلى الشيطان من حزن المؤمن." على حد تعبير ابن القيم رحمه الله .
يا صديقي : أنت لا تدري حجم قلقي عليك بعد أن سمحت لي باكتشاف أعماقك أكثر ، ولا تدرك كمية الألم التي أغرقت بها قلبي في ذلك المساء.. فمنذ أن تركتني وحيداً على رصيف الكمد، أخفقت في وقف نزيف جرحي الغائر ، لأنك لست مجرد عابر في حياتي فأنت الصاحب الذي أشعر بإخلاصه وأنعم بدفء مودته ، لأجلك حزنت مرتين واحدة لأنك حزين والثانية لأني عاجز عن انتشالك من براثن الحزن .. يا صديقي : دع الأسى والبكاء وأبدأ الحياة ، فالحزن لا يرد الراحلين وإنما يبعد الأمل والسعادة والنجاح والإنجاز .. تحرر من قيود الحنين ، وتخلص من سلاسل الفقد ، وإياك أن تسمح لأوجاعك بأن تقضي على حياتك أو تفسد عليك عناقك الحار مع المجد والتميز والإبداع.. وتذكر ما أشار إليه الدكتور/ أليكس كاريل الحائز على جائزة نوبل في الطب : (ان رجال الاعمال الذين لا يعرفون مجابهة الحزن يموتون باكرا) فما بالك برجال مهنة المتاعب !!.
يا صديقي : لا تحزن ، ولا تترك الحزن يجتاح كيانك فيدمرك من الداخل ، أرجوك كف عن الغوص في بحر الألم.. لا تفرط في ندب حظك واستحضار مصيبتك، فما أصيبت الأمة بمصيبة أجل، ولا أعظم من مصيبة رحيل النبي صلى الله عليه وسلم .. اصنع من الدمع ابتسامة ومن الفواجع جسراً للعبور إلى صلوات ربي ورحمته وجوائز الصابرين.
أحياناً .. نعجز عن التعبير الجيد والتوصيف الحسن لجلسة أو زيارة ، ليس لأنها غير مهمة أو أن مضمونها لا يستحق ، وإنما يرجع ذلك إلى كون المشهد عصي على التصوير ، والقلم غير قادر على التدوين بالشكل الذي يعبر عن المشاعر والأحاسيس في أعلى مراتب الوجع.