أجهزة الأمن تضبط كميات كبيرة من مخازن الذخيرة في محاولة تهريبها جنوب اليمن
حيث الإنسان يصنع السعادة لصانع سعادة الأطفال.. رحلة التنقل بين محطات الألم والحرمان.. تفاصيل الحكاية
بشكل عاجل الرياض توفد طائرة خاصة الى مطار سيئون وتستدعي رئيس حلف قبائل حضرموت وقائد قوات الحماية الحضرمية
في موقف مخزي.. الرئاسة الفلسطينية تدين تصرفات حماس وتصفها بـ ''غير المسؤولة''
حسن نصرالله «يعيد» طبيبة لبنانية علوية من أمريكا الى لبنان بالقوة
اليمن تعلن موقفها من القصف الإسرائيلي على قطاع غزه
الحوثيون ينهبون مخازن برنامج الغذاء العالمي بمحافظة صعدة
الكشف عن اسم قيادي حوثي قُتل في الغارات الأمريكية الأخيرة
سلسلة غارات أمريكية دمرت مخزنًا سريًا استراتيجيًا داخل معسكر للحوثيين في الحديدة
تقرير حقوقي شامل بين يدي العليمي.. توجيهات رئاسية بتسهيل عمل لجنة التحقيق الوطنية والتعامل بمسئولية مع ما يرد في تقاريرها
تبدو الثورة اليمنية في مأزق حقيقي. والأرجح لدي أن عمق هذا المأزق يبدو واضحاً بالنظر إلى الاعتداء الذي نفذه، عصر السبت، جنود من الفرقة الأولى مدرع، ومتشددون من تجمع الإصلاح، على عدد من الناشطات. وإلى ذلك؛ يضع هذا المأزق الجميع أمام المخاطر الكبيرة، التي تنتظر اليمنيين فيما بعد رحيل النظام. وهي مخاطر تضعنا أمام تحد مباشر، وتُهدد طموح وأحلام اليمنيين في بناء دولة مدنية حديثة.
شعرت بغصة حين وصلني خبر الاعتداء على أروى عبده عثمان، وهدى العطاس، وجميلة علي رجاء، ووداد البدوي. وقيل إن الأولى نالها النصيب الأوفر من الاعتداء. والمحزن أن ناشطات من تجمع الإصلاح اشتركن في الاعتداء، الذي تم تحت مبرر منع الاختلاط والتبرج! كنا نسخر من دعوة الرئيس إلى "منع الاختلاط، كونه حرام"، بيد أن ما جرى يقول إن الرجل يدرك جيداً بأي لغة يُخاطب حلفاءه القدامى. والمشكلة أن الإخوان لم يحاولوا، حتى من باب التصرف بذكاء، تفويت الفرصة على الرئيس. والحاصل أن الرئيس أثبت أن الإخوان المسلمين في اليمن مازالوا يعيشون في زمن ما قبل ثورة الشباب الحاليّة.
كانت لدينا مخاوف كبيرة من جموح متشددي الإخوان المسلمين، وكنا نظن أنهم استفادوا من تجربة رفاقهم في مصر، الذين قدموا تجربة تستحق الالتفات، وتجنبوا الاصطدام مع شباب الثورة هناك، إذ لم يفرضوا أنفسهم كأوصياء على الثورة، أو ناظمين لحركتها. شأن إخوان مصر؛ التحق إخوان اليمن بثورة الشباب، لكن هؤلاء انهمكوا في عمليات السيطرة على المنصات، وجندوا جهدهم لإقصاء الشباب الذين فجروا الثورة، وإزاحة كل من لديه حضور في مشهدها العام.
تم الاتفاق مع تجمع الإصلاح على تنظيم مسيرة كبيرة للتنديد بحديث الرئيس. قبل انطلاق المسيرة، عصر السبت، غيّر الإصلاح رأيه، فحاول فصل النساء عن المسيرة العامة التي تقدمها الرجال. لتنفيذ هذا الأمر؛ فرضت ناشطات الإصلاح طوقاً على النساء، ومنعتهن، بالقوة، من الالتحاق بالمسيرة الكبيرة. وشأن التصرفات البوليسية التي أبداها ناشطو الإصلاح، طوال الأسابيع المنصرمة، في التعامل مع الشباب في "ساحة التغيير"؛ منعت ناشطات الإصلاح النساء من مغادرة الطوق الأمني، وبررن عملية الاحتجاز الجماعية هذه بوجود أوامر تقضي بذلك!
كانت أروى، وزميلاتها، ضمن هذه المسيرة. وأمس الأول؛ قالت وداد البدوي لـ"الأولى" إنها كانت، مع أروى وهدى وجميلة، ضمن مسيرة الشباب، فحاول عناصر من الإصلاح منعهن من المضي في المسيرة بحجة أن ذلك اختلاط وتبرج! "وعندما رفضنا الامتثال لإملاءاتهم اعتدوا وداسوا علينا بالجزمات"؛ هكذا قالت وداد؛ بغصة بالغة، تكشف فداحة الاعتداء الهمجي وبشاعته.
اشترك جنود من الفرقة في الاعتداء، ولم يتوانوا في ضرب أروى، وصديقاتها، بأعقاب البنادق. صادروا هواتفهن وكاميراتهن، ثم ضربوا الشباب الذين حاولوا منعهم من الاعتداء، واعتقلهم أعضاء اللجنة التنظيمية ولم يفرجوا عنهم إلا بعد ساعات. وقيل لي إن ابنة أروى عبده عثمان بكت عندما رأت والدتها تتعرض للاعتداء. بكت لأنها تدرك جيداً مكانة أمها. بكت لأن مرارة القهر كانت فادحة، وأكبر من أن تُحتمل.
لا أدري ماذا أقول؟ لكني أشعر بغصة. والمؤلم هو أن عناصر الإصلاح حاولوا تبرير الجريمة بالقول إن أروى تشتغل مع الأمن القومي، وإنها كانت تُصور التظاهرة لقناة سبأ! أروى تشتغل مع الأمن القومي، وتُصور لـ"سبأ"؟! أروى عبده عثمان؟! هذا الأمر يضعنا أمام الأسلوب الذي اعتمده ناشطو الإصلاح في التعامل مع المختلفين معهم في الساحات. ومن يُتابع "ساحة التغيير" يدرك أن تهمتي "الاندساس"، "والعمل في الأمن القومي" تهمتان جاهزتان يوجههما "الإخوان" إلى كل من يختلف معهم، أو يقف ضد تصرفاتهم الإقصائية! وقد تم جرجرة وإهانة واعتقال كثيرين تحت يافطة هاتين التهمتين.
منذ سنوات؛ وأروى عبده عثمان تواجه النظام؛ بكتاباتها الناقدة، ومواقفها المحترمة. كانت أروى إحدى القيم الحديثة لليمن الجديد، وتعرضت، جراء ذلك، لحملات إساءة من قبل النظام. جميعنا نعرف أروى، والقيمة الأخلاقية والإنسانية التي تمثلها، غير أن متشددي تجمع الإصلاح منهمكون في السطو على ثورة الشباب، وإقصاء الرموز المدنية الحديثة منها.
احتفظت أروى بقيمها اليسارية الحديثة، وظلت عصية على الكسر أو الاحتواء، في الوقت الذي كان فيه كثير من قيادات، وناشطي تنظيم الإخوان المسلمين يعملون في الأمن السياسي، ضمن دوائر تولت ملاحقة الناشطين السياسيين، وأصحاب الرأي، والمواقف المحترمة. مع ذلك؛ تم الاعتداء على أروى، وهناك من تجرأ على اتهامها بالعمل لصالح الأمن القومي! هذه بجاحة لا أدري كيف يُمكن التعامل معها.
في ظل الثورة، التي نحلم بها جميعاً؛ تم الاعتداء على أروى، فيما لم يتجرأ النظام الحاكم، طوال السنوات الماضية، على القيام بأمر كهذا. يا لها من مفارقة. أشعر بغصة، ولا أدري ماذا أقول لك يا أروى؟!
*عن صحيفة "الأولى"