آخر الاخبار

من أجل اليمن

الإثنين 25 يونيو-حزيران 2012 الساعة 09 مساءً / مأرب برس - الوطن السعودية
عدد القراءات 2450

حمود أبو طالب

إذا كان الشيطان يكمن في التفاصيل فإن أكبر الشياطين يسرح ويمرح في تفاصيل السياسة التي تحول الشعوب إلى كائنات تتلظى بالبؤس والشقاء إن هي حاولت الحصول على بعض حقوقها، كما يحدث الآن في اليمن، التي لو وصفناها في هذا الوقت بالسعيدة فإننا نرتكب ذنبا ونقترف خطيئة في حقها. نعم كانت سعيدة، لكنها اليوم ينطبق عليها وصف شاعرها العبقري عبدالله البردوني:

هذي البيوت الجاثمات إزائـي

ليل من الحرمان والإدجاءِ

من للبيوت الهادمات كـــأنها

فوق الحياة مقابر الأحيــاء

تغفو على حلم الرغيف ولم تجد

إلا خيالا منه في الإغــفاء

وتضم أشبـاح الجيـاع كـأنها

سجن يضم جوانح السجناء

القمم الخضراء والسفوح المخصبة والسهول الوارفة لم تعد قادرة على حماية اليمني البسيط من وحش الفاقة والحرمان، لأن السياسة جرفته في دواماتها وألقت به صريعا على ضفة الألم، بينما صانعو اللعبة، رابحهم وخاسرهم، يرفلون في النعيم على حساب ألمه.. السياسة الملعونة أدخلت اليمني من أزمة إلى أزمة ونقلته من محنة إلى محنة، وحين قرر الخروج من أسر الوصاية على حياته كان الثمن باهظا، وها هو الآن يدفعه من رمق الحياة..

بعد أكثر من عام على أحداث اليمن، وبعد المواربة والتحايل والالتفاف على وصف الأوضاع بصفتها الحقيقية، أجبرت الحالة اليمنية كل المعنيين بالأوضاع الإنسانية على تسميتها بـ «الكارثة»، وهي بالفعل كارثة حين تؤكد البعثة الدولية الإنسانية أن اليمن يعاني من أزمة متفاقمة يتجاهلها المجتمع الدولي رغم مستواها المماثل لتلك المسجلة في القرن الإفريقي، وحين تتحدث لغة الأرقام سنتأكد أن هذه المعلومة ليست إنشائية أو مشوبة بالمبالغة..

هناك انعدام خطير للأمن الغذائي حين يعاني حوالي عشرة ملايين يمني من مشكلات في الحصول على الغذاء وتأمين لقمة العيش، وهناك مؤشر أحمر حين يحتاج خمسة ملايين يمني إلى مساعدة فورية لأن أنياب الجوع تنهشهم بضراوة، وهناك أكبر من كارثة أخلاقية حين نعرف أن أكثر من مليون طفل مهدد بالفناء نتيجة مضاعفات سوء التغذية.. ويمكن التأكيد أن الأرقام أكبر مما تذكره المنظمات الدولية لأنها غير قادرة على الوصول إلى عمق المأساة، وبالتالي تخيلوا كيف هو الوضع الحقيقي في اليمن..

لن نطيل في شرح الحال لأنه لا يحتاج إلى مزيد من الشرح.. والأفضل أن نتوجه إلى الذين أنقذوا اليمن سياسيا من خلال المبادرة الخليجية، أن ينقذوه إنسانيا بمبادرة إنسانية سريعة..

إليك يا ملك الإنسانية أتوجه بالنداء..

إليك يا خادم الحرمين الشريفين..

إليك يا من تسطع نخوتك وشهامتك ومروءتك عندما تسمع صرير المعاناة أو تشاهد ملامح التعب..

إليك يا من بنيت جسور الإنسانية بين شعبك وشعوب العالم:

شعب اليمن الشقيق، إخوتنا هناك، يحتاجون عاجلا إلى جسر يمتد إليهم من قلبك الكبير الناصع..

إقراء أيضاً
اكثر خبر قراءة عين على الصحافة