حكومة وحدة وطنية لترتيب انتقال سلمي للسلطة
بقلم/ عارف الدوش
نشر منذ: 13 سنة و أسبوعين و 6 أيام
الإثنين 07 مارس - آذار 2011 12:29 م

\\\"مخلف صعيب لكن قليبي ماهنش.

مهما توجع في هواكي ما أنش\\\"

عبد الفتاح اسماعيل

هبت رياح التغيير السياسي على العالم العربي \\\"كقضاء مستعجل\\\" من خلال ثورة الشباب المتذمر العاطل عن العمل وكل المتذمرين من الحكام والأنظمة وهم السواد الأعظم من أبناء الشعوب الذين يرون أن مآسيهم الاقتصادية والاجتماعية سببها الحكام والأنظمة التي لم تحقق لهم العيش الكريم في حدوده الدنيا، يضاف إليهم الطامعون في ملء الفراغ بعد اقتلاع الحكام من كراسي الحكم، ولن يترك \\\"القضاء المستعجل\\\" العالم العربي قبل أن يتحول إلى عالم آخر جديد، بغض النظر مستقر متقدم أو مضطرب، مقسم إلى دويلات وأجزاء متناثرة متناحرة.. المهم لدى الثوار والمنتفضين أن يرحل الحكام وتسقط الأنظمة، وأمامنا حالتا تونس ومصر برغم رحيل بن علي ومبارك لازال الشعبان -التونسي والمصري- في حيرة من أمرهما فلم يستطيعا تحديد المسار، أما الشعب الليبي يقاتل بعضه البعض وهناك بوادر لنشوب حرب أهلية طاحنة وتدخل أجنبي.

ومهما تحايل الحكام العرب على \\\"القضاء المستعجل\\\" بالترهيب والقمع تارة وبفتح خزائن المال تارة أخرى؛ فالوقائع تؤكد أن من استخدم هاتين الوسيلتين كان الفشل حليفه كما حدث للحاكمين المخلوعين بن علي ومبارك، أما اللجوء إلى استخدام السلاح كما فعل حاكم ليبيا فالنتائج وخيمة ستفضي بمن يستخدم السلاح إلى محاكمة دولية وسيسجله التاريخ بأنه زج بلاده في حرب أهلية مدمرة، والعاقل من الحكام العرب من اتعظ بغيره وفهم أن \\\"القضاء المستعجل\\\" الذي حل بالمنطقة لا يبقي ولا يذر؛ فعمل على وقاية نفسه وشعبه من سطوته وجبروته.

وها هو \\\"القضاء المستعجل\\\" قد حل باليمن فلا عاصم منه اليوم إلا الاحتماء من سطوته وجبروته بقرارات ومبادرات شجاعة تحمي الحاكم والمحكومين في بلد شعبه كله مسلح ومرشح منذ سنوات للتقسيم إلى دويلات ومشيخات، فما حدث في حالتي تونس ومصر لا يصلح لليمن بإجماع المراقبين والمحللين السياسيين الذين يحذرون من أن خروج الأمور عن السيطرة في اليمن ستجعل الجميع أمام سيناريو أشد قسوة وفظاعة، باختصار إنها الحرب الأهلية المدمرة والتدخل الأجنبي، بعد أن تحدثت تقارير أن أميركا وحلفاءها في الغرب يستعدون لنقل قواتهم من أفغانستان إلى اليمن لأنهم يرون أن اليمنيين سيتقاتلون، وهذا الكلام ليس تخويفاً ودعوة لإبقاء الوضع كما هو، فالتغيير قادم .. قادم .. قادم ولا هروب منه، وقد قلنا في مقال سابق أن التغيير قادم ونريده سلمياً. وطالما أن التغيير قادم ورحيل الرئيس علي عبد الله صالح من الحكم أصبح مؤكداً بعد أن قال صراحة أكثر من مرة بأنه لن يترشح ولن يورث وقد سئم الحكم ونادى بالصوت العالي بموافقته على الانتقال السلس والسلمي للسلطة، والرجل قالها صراحة لن أرحل إلا بصندوق الانتخابات.

إن الرحيل من الحكم يا سادة يا كرام يحتاج الترتيب له خطوة خطوة لأنه يتطلب ترتيب الكثير من الأوضاع ويتطلب الكثير من الضمانات حتى يكون هناك انتقال سلس وسلمي للسلطة، فالرئيس حكم البلاد 33 عاماً وليس بالسهولة أن يكون الرحيل خلال أشهر؛ فعلي عبد الله صالح ليس زين العابدين بن علي ولا حسني مبارك، واليمن ليست تونس ولا مصر، والباقي تعرفونه جميعاً ويعرفه العالم كله.

صحيح هناك رغبة جامحة في التغيير الآن وليس غداً بسبب \\\"القضاء المستعجل\\\" الذي حل بالمنطقة، وكلنا مع التغيير السلمي ومحاسبة من أطلق النار وتبلطج على المتظاهرين، ومع حق الناس في التظاهر السلمي. واكرر ألف مرة: التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي وحماية المتظاهرين؛ فهذا حق دستوري، لكننا نرى أن الرغبة شيء والواقع شيء آخر، ولهذا فإن الإصرار على الرحيل المبكر معناه إدخال البلاد في نفق مظلم، فبدلاً من ذلك لماذا لا يتم الاتفاق على ترتيب البيت اليمني من الداخل من خلال الدخول في حوار يهيئ لخطوات انتقال سلس وسلمي للسلطة تبدأ بتشكيل حكومة وحدة وطنية يتم التوافق عليها تقوم بتسوية الملعب السياسي لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية نزيهة وشفافة ونتائجها هي التي ستضمن انتقالا سلسا وسلميا للسلطة ورحيلا آمناً ومشرفاً للرئيس من الحكم بعد تكريمه والاعتراف بدوره ومساهماته في خدمة اليمن التي لا ينكرها إلا جاحد.

وانطلاقا من خوفنا عن اليمن الذي يشاركنا فيه جميع العقلاء في هذا البلد نناشد الجميع بأن يعطوا الرجل فرصة لكي يعمل على انتقال سلس وسلمي للسلطة، بعد أن أصبح موضوع التغيير لا نقاش فيه، فلا تدفعوا الأمور نحو الانفجار؛ فالجميع خاسران وليس الرئيس علي عبد الله صالح وأقاربه فقط.ـ