عدن لايف وتطورات الحراك!!
بقلم/ ماجد الداعري
نشر منذ: 13 سنة و شهرين و 21 يوماً
الثلاثاء 04 يناير-كانون الثاني 2011 11:39 م

شهد الحراك الجنوبي على مدى السنوات الخمس الماضية، تطورات وإرهاصات جما، رافقت مسيرة حركته الاحتجاجية، واتسعت فجوتها لتشمل مختلف عناصر ومقومات تلك الحركة سواء على مستوى قواعد الحراك الجنوبي أو قياداته أو برامجه السياسية المختلفة والمتمثلة بجملة من مطالب لم تسلم هي الأخرى من رياح تلك التطورات التي وصلت مؤخرا إلى مرحلة لم تخلو من تقديس قيادات وتخوين أخرى لأكثر من سبب، ففي حين يسود الغالبية العظمى من قواعد الحراك في الضالع ولحج وابين، اعتقادات سياسية، بان لا فرق لديهم بين لبوزة أكتوبر الأمس وخبجي حراك اليوم، ولا بين جيفارا كوبا وباعوم اليمن، ولا بين غاندي الهند و"نوبة" شبوه، وبين ماندلا الثورة الأفريقية و"معطري" حراك الضالع، حيث يعتقدون أن لكل أثنين من هؤلاء الساعين إلى تغيير واقع بلدانهم وأوضاعهم، بالنسبة لهم- يلتقيان في أفكار ثورية وتضحيات، لا تقل وطنية وجسامة عند كل منهما عن الآخر، ولأن المعادلة هكذا بالنسبة لعشرات الآلاف من أتباع الحراك في المدن والمحافظات الجنوبية، فإن من الأحرى بدعاة العقل وعقلاء الوطنية ومنظريها في اليمن أن يتوقفوا أمام حقائق قد تجذرت في عقول أولئك الباحثين عن استعادة مايسمونه بوطنهم المغتصب بفعل آلة الحرب العسكرية بصيف العام1994م. وبفعل تلك القذائف المدفعية التي ماتزال تنهال على منازل وقرى بردفان حتى الساعة، ولكون زمن التمادي وسياسة العصى والجزرة قد سقطت أوراقها ورهاناتها اليوم،امام جيل يتوالد وهو يتغنى بانشودة الحراك وهتافاتهم"بلادي بلادي الجنوب، وبرع برع يااستعمار"وثورة ثورة ياجنوب وغيرها من تلك الشعارات التي يسمعونها طوال خمس سنوات ماضية وبصورة شبه يومية في شوارعهم ومدارسهم وبيئاتهم المختلفة، ودون أدنى ترشيد او مساع لتجنيبهم شرورو وويلات السياسة التي يؤكد الواقع خطورة المراهنة عليها،سيما إذا مارأينا اليوم إلى أين وصل استفحال العنف والتمادي بحق مطالب مواطني جنوب السودان، وبعد تجديد الرئيس السوداني تاكيداته على استعداد حكومته الشمال السودانية على دعم حكومة الجنوب والاعتراف بها كاول المعترفين والداعمين لها، إذا ما اختار الجنوبين الاستقلال عن حكومته، والذي قد صار واقعا لامناص منه،بعد ان سمعنا مؤخرا تصريحات الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، وتاكيداته هو الاخر على دعم جامعته لحكومة جنوب السودان والاعتراف بشرعيتها، عشية لقائه برئيسها الأربعاء الماضي، وبالتالي فإن هذا المؤال الذي آلت اليه قضية جنوب السودان، فرصة سانحة للسلطة لمراجعة صوابها والنظر الى التطورات السياسية الكبيرة في جنوبنا اليمني، بعين العقل والمنطق لا بعين العنف والقوة والمكابرة المفضوحة، سيما إذا ماعلمنا أن أتباع الحراك مواصلين السير في طريق تصعيد احتجاجاتهم اليومية تزامنا مع توديعهم للعام الخامس وعزمهم على مواصلتها بوتيرة اكبر هذا العام، و دون ملل او كلل أو خوف من كل تلك الأساليب الترهيبية المختلفة التي تتخذها السلطة هنا وهناك وبين الفينة والأخرى، لمواجهتهم، سواء كان في الضالع او ابين أو شبوة أو المكلا أو مدن ردفان التي تعيش حاليا حالة من التوترات الامنية بعد وصول التعزيزات العسكرية إليها منتصف الأسبوع الماضي، واستقبالها بحالة من الاستنفار التعبوي من قبل أهالي المنطقة الرافضين لتواجدها.

تطورات الحراك الجنوبي

مع مرور الأيام والسنين وتوديع أتباع الحراك لعامهم الخامس من التظاهرات والمسيرات الاحتجاجية المتواصلة، وعزمهم السير قدما خلف أحلامهم التي انتهت مؤخرا بإعلانهم للبرنامج السياسي لما أسموه بــ"بالحراك الجنوبي السلمي لتحرير الجنوب"، ودستور دولة الجنوب القادمة" وانتقائهم صوتاً إذاعياً بارعا ًلقراءته عبر قناة "عدن لايف" الناطقة باسم الحراك الجنوبي من لندن، بصورة مؤقتة- كما دأب مذيعوها على قوله مؤخرا قبل قراءتهم لنشرات الأخبار وبرامج القناة، التي شهدة حالة مفاجاة من التطور في برامجها

ووضوح الصور والبرامج التي تعرضها، وظهور صوتا نسائيا جديداً في تقديم نشراتها الإخبارية، الأمر الذي يتثير ألف علامة استفهام حول من يقف وراء تلك التطورات التي تأتي في وقت تكرر فيه القناة، اضهار إعلان عن حاجتها للدعم المالي من خلال شراء كروت خاصة بها، تقول انها قد صارت متواجدة في كل الاكشاك واماكن البيع، وبالنسبة لي شخصيا فقد أثار حسن الانتقاء لذلك الصوت الإذاعي النسوي المبهر وهو يتعامل مع البرنامج السياسي الكامل لما يتعلق بـ"دستور الدولة الجنوبية القادمة" – كما جاء مكتوبا في أعلى شاشة القناة- ليلة السبت. الماضي، علامات استفهام كثيرة، سيما وانها جاءت متزامنة مع حملة اعلامية متواصلة لتوضيح الخطأ التاريخي الذي يقولون ان رئيس الجمهورية قد وقع فيه في خطابه الاخير بعدن واستعانتهم بوثائق اعلامية وافلام مصورة من واقع الخطاب الاعلام الكويتي يعتقد أنها سربت للقناة عن طريق جهات كويتية لايستبعد ان تكون حكومية، اضافة إلى تعمد القناة نشر التقارير الاعلامية المتعلقة بحرب صيف العام 1994م والتي كان تلفزيوني الـ"إمبي سي" و"عدن" ينشرانها أثناء تلك الحرب التي اندلعت بين قوات دولتي الجنوب المنفصلة حينها والشمال المحاربة من أجل وحدة بالقوة، واعتقد أن إعلان الحراك لبرنامج سياسي متكامل معد بصورة شاملة وممنهجة تدل على التحول الجديد في مسيرة الحراك والتطورات التي يشهدها خطابه في وسائله الاعلامية ، والتي تعد إشارة على تدشين أتباعه مرحلة جديدة لحراك من نوع آخر، قد يسعى أتباع الحراك إلى بلوغها بأي شكل من أشكال البحث عن وسائل تحقيق أهدافهم التي تسعجلها فصائل عدة من الحراك، وتظهر من خلالها رغبة ميولها إلى العنف في ظل تزايد فجوة الخلافات التي تعصف بفصائل الحراك وقادته في الداخل والخارج، بعد نفي أتباع حركة تاج وفصيل نائب رئيس حكومة الوحدة اليمنية الأسبق علي سالم البيض لحراكية رئيس وزراء أول حكومة وحدة وطنية حيدر العطاس وأتباعه وطردهم من إحدى لقاءآت الحراك بالخارج، وسعي بعض فصائل الحراك وقادته بالداخل للاستحواذ على صنع القرار والوصاية على الآخر تحت أكثر من ذريعة، يعتبرها عامة الحراكيين التفافا على قضيتهم واستحواذا مفبركا على نتاج جهودهم- سيما من لهم صلة بالحزب الاشتراكي الذين صاروا اليوم من أكثر المغضوبي عليهم من قبل أتباع الحراك ومن قبل السلطة التي أتحفتنا مؤخراً باعتقال القيادي الاشتراكي الأكثر اتزانا وعقلانية "محمد غالب أحمد" والتحقيق معه بتهمة تقديم دعم مالي لمن وصفتهم وكالة سبأ الرسمية بالخارجين عن النظام والقانون من خلال توسطه بينهم وبين قادة اللقاء المشترك الذين قدموا تلك الأموال لمساعدتهم على إفشال خليجي20م وفقا لتصريحات طاهر طماح المحسوب من قبل السلطة على الخارجين عن النظام والقانون والذين عاد مؤخرا لإنكار أي تصريحات له او وجود دعم للحراك من قبل المشترك. وبالتالي فان الحذر والاعتراف بفشل القوة والمكابرة، وتجنب العنتريات والتباهي بسطوة العنف والإصرار على الحسم العسكري لقضايا الوطن الذي لم يسبق له ان قدم حلاً لمشكلة من مشاكل البلاد حتى اليوم، هو عين الصواب الذي ينبغي على السلطة البحث عنه، وتجنيب البلاد والعباد، ضريبة الدم والهدم عند فتحها أكثر من جبهة، سواء أكانت في الجنوب أو الشمال او الوسط، والاكتفاء بكل تلك البطولات والملاحم التي كان الوطن وجنود الحاكم المأمورين ضحيتها دوما، وابطالها في كل الجولات الرسمية التي كان آخرها ما حصل في مناطق ردفان من اشتباكات دامية خلفت عددا من القتلى والجرحى دون أن تحسم تلك المجنزرات والقوات العسكرية - التي قدمت فجأة إلى المنطقة منتشية بنصرها المؤزر على من وصفتهم السلطة بالخونة والمراهنين على إفشال بطولة خليجي20- من حسم الأوضاع الأمنية المختلة في المنطقة أو عمل شيء للمواطنين وعابري السبيل في المنطقة، سوى رفع علم اليمن الموحد على واجهة عدد من المقرات الحكومية والمعسكرات ومواقع النقاط العسكرية ، عوضا عن الأمن، وبدلاً من علم الدولة الجنوبية السابقة التي تستقبل الواصلين من صنعاء والمحافظات لشمالية أثناء عبورهم من مناطق ردفان، بنوع من الاستفزاز لهم والتحدي لدولتهم الموحدة. ويبقى الرهان الحقيقي في قدرة السلطة وقواتها المنتشرة هنا وهناك على انجاح الانتخابات البرلمانية التي تصر على المضي فيها، دون مبالاة بالاوضاع السياسية والامنية التي يصفها قادة تكتل أحزاب المشترك المعارضين لسياساتها وانتخاباتها المقبلة أيضا- بحالة طوارئ غير معلنة، قد تكون وراء تلك الانباء التي أفادت مؤخرا بعزم الرئيس على تكليف عبدالعزيز عبدالغني- رئيس مجلس الشورى، على ترأس لجنة عن المؤتمر الحاكم لاستئناف الحوار الوطني مع قيادات المعارضة الذين رفضوا عرضه السابق بالمشاركة في حكومة وحدة وطنية، فيما لا يعرف بعد مدى تقبلهم لاستئناف الحوار مثل ذلك الحوار الذي سبق وأن اعلنت قيادات في المشترك بعدم جدوى أي حوار مع السلطة في ظل إصرارها على عدم الجدية والامتثال لتنفيذ ماتم التوصل اليه في جولات الحوار السابقة من اتفاقيات تخص الاصلاحات الوطنية وتصحيح السجل الانتخابي.