اليمن ما بعد الطرود المفخخة
بقلم/ ابتهال حسين الضلعي
نشر منذ: 14 سنة و أسبوعين و 5 أيام
الإثنين 01 نوفمبر-تشرين الثاني 2010 07:18 م

حنان السماوي قبل أيام كانت طالبة عادية تذهب إلى جامعتها تحضر محاضراتها وتعود لأسرتها إلا أن يوم الجمعة الماضي كان مفصلياً في حياتها وأجزم أنها لن تنساه ما حييت.

إعتقال حنان على خلفية الإشتباه بها في حادثة إرسال الطردين المشبوهين اللذين أرسلا من اليمن إلى الولايات المتحدة الأمركية مروراً بدبي أحدث ضجة كبيرة لعدة أسباب منها ظهور اليمن كبلد لا يعرف ما يجري فيه إلا عن طريق عيون الآخرين، اللهجة القوية التي إتسم بها خطاب الرئيس الأمريكي أوباما بالأعلان عن نيته القضاء على القاعدة في اليمن والتي كانت إشارة واضحة بالتصريح الذاتي لبلده لإختراق أجواء هذا البلد المتعب من كل شئ دونما إستئذان إذا ما إستلزم الأمر، التوقيت الذي تمت فيه عملية إرسال الطردين والكشف عنهما عن طريق تعاون إستخباراتي وأمني من قبل السعودية وبريطانيا ،القصة والتي إعتبرها الكثيرون مفبركة إلى حد كبير وغير متقنة ليتهم الشارع اليمني على غرارها عدة جهات "السعودية ،القاعدة ، الموساد الإسرائيلي" بتنفيذها من خلال إرسال طابعة إلى كنيس يهودي في الولايات المتحدة الأمريكية ومن أين من اليمن!!!؟

أما آخر هذه العوامل فكان وجود إمرأة في الصورة وهو ما لم يكن مألوفاً في طريقة القاعدة في تنفيذ عملياتها ولا مقبولاً بالنسبة للشعب اليمني كمتلقي للخبر ومعني به كون بلده زج في الواجهه لهذه الدراما الإعلامية التي أفضل ما يمكن وصفها بالهزلية.

حنان وحسب تعبير والدها لم تتعرض لأي أذى أو إساءة من قبل أجهزة الأمن أما ردة فعل زملائها وزميلاتها من طلبة جامعة صنعاء فقد كانت أكثر من شجاعة إلا أن هذا لا يعني أن إستجواب من دونت بياناته الشخصية على الطرد المرسل يعتبرأمراً مهيناً أو خارجاً عن إطار القانون بل أمراً طبيعياً كان لابد من القيام به ما دام أنه كان في الإطار الحقوقي والقانوني عوملت فيه حنان كمواطنة أولاً وكبريئه ثانياً حتى تثبت إدانتها (طبعاً هذا في حال أنها لم تتعرض فعلاً لأي أذى جسدي كان أو لفظي).

لحادثة الطردين أبعاد أكبرمن مجرد إنفعال شعبي على إعتقال فتاة يمنية أو تقاعس أمني في تتبع مسألة بهذا الحجم ومعرفة التفاصيل من وسائل الإعلام العالمية، المسألة تتعلق بمصالح داخلية للبلد المعني بالقضية وهو الولايات المتحدة الأمريكية التي تخوض إنتخابات التجديد النصفي، وتتعلق بتصدير صورة مشرفة لبلد جار آثر أن يسلم جارته اليمن معلومات لتفادي كل ما حصل وسارع بإبلاغ الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا لأسباب لا تعلمها إلا أجهزة الأمن السعودية وقد يكون منها إنعدام الثقة في قدرات الأجهزة الأمنية اليمنية، وقد تكون متعلقة بما هو أكبر وهو العدو العالمي "الإرهاب ممثلاً بالقاعدة " الذي طالما أنقذ الكثيرين من ساسة العالم بالركون إليه كحجة ووسيلة للهرب من فشل ما أو توجيه أنظار مجتمعاتهم من كارثة ما.

خرجت حنان بالسلامة والحمدلله وظهر إسم اليمن من جديد على شاشات القنوات الإخبارية العالمية والصحف الدولية كمرعى للإرهاب وملاذاً آمناً لأعضاء وقيادات القاعدة التي تقتات من هشاشة هذا البلد وفقره وكثرة مشاكلة لتبقى مصالح الدول الجارة أو "الجبارة" على رأس أجندة صناع القرار في هذا العالم وليبقى بذلك أفراد المجتمعات البائسة هم الضحية ليس لخبر ضبط الطردين المفخخين والفرقعة الإعلامية الكبيرة التي صاحبتهما فحسب، وإنما لما سيسيل عليهم من "لعنات جسام" قد تحل على هذا البلد- بعد فتح الباب عليه- كبؤرة فاسدة لا بد من أخذها بعين الإعتبار والإنتقال من مرحلة الحديث و التصنيف و التحليل إلى التطهير الفعلي وهذا ما يخشاه كل يمني يعيش على هذه الأرض ولا بد أن يخشاه كل جار قد تمتد إليه النار مستقبلاً لا سمح الله. وضع اليمن ما بعد كارثة الطرود المفخخة سيزداد سوءً من الناحية الأمنية والإعلامية بالإضافة إلى الخوف من إنتهاكات محتملة ضد أبناء هذا البلد كإجراءات إحترازية وكإثباتات للجهات الدولية على أن اليمن ماض قدماً في مكافحة شبح الإرهاب على أرضه وإن كان هذا الأمر يتطلب تجاوزات على حساب مواطنيه في الداخل وحاملي جوازه في الخارج.