حزب الإصلاح يلتقي بعيدروس الزبيدي مركز مكافحة الإرهاب الأمريكي يتحدث عن نقاط ضعف الحوثيين القابلة للاستغلال وحقيقة قدرتهم على تحديد هوية السفن وتعقبها وضربها سلاسل بشرية بمدينة مأرب تضامنا مع الشعب الفلسطيني ودعما لقطاع غزة - صور وزير الخارجية يستقبل الرحالة اليمني منير الدهمي بالرياض الضالع.. القوات المشتركة تدمر مرابض قناصه المليشيا وتحرز تقدما ميدانيا تفاصيل لقاء وزير الدفاع ومحافظ حضرموت باللجنة الأمنية بالمحافظة محكمة الجنائية الدولية تصدر أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالانت وتكشف عن أسبابها المنطقية عاجل: وزير الدفاع الأمريكي: سنعمل على انتزاع قدرات الحوثيين في اليمن مليشيا الحوثي تحول محافظة إب لقادتها ومشرفيها القادمين من صعدة وعمران عاجل:حريق هائل يلتهم هايبر شملان العاصمة صنعاء
يمكننا بتأمل عميق للقرآن الكريم أن ندرك [دلالة الوطن] أو موصفاته التي تجعلنا نشعر بانتمائنا إليه وحبنا له؛ إذ أن أي وطن لا بد وأن يتوفر فيه للناس / للمواطنين مطلبان أو أمنان بتعبير القرآن الكريم، وهما من الأهمية بمكان، ومن دون هذين المطلبين/الأمنيين تأكد أن الناس سيضلون يمسون ويصبحون [بلا وطن]. وهذان المطلبان هما: [الأمن من الجوع والأمن من الخوف]. إذ الأرض والسماء والماء وكل الأشياء بدون هذين [المطلبين / الأمنيين] لا تشكل [الوطن] ولا تجعل الناس ينتمون إليه.
والقرآن الكريم قد أشار إلى أهمية هذين المقياسين لقيام الوطن ووجوده [لا لجودته]؛ فما زلنا نبحث عن الوجود لا الجودة. أما الإشارة الأولى فتفهم أو تستنبط من قوله تعالى -على لسان خليه إبراهيم- عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام : ﴿رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ المُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ﴾ (إبراهيم:37).
إنه من دلالة الآية تتلخص دالة الوطن. إذ يتكون من سماء وأرض وإنسان وهواء (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ) ثم إيمان (عِندَ بَيْتِكَ المُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ) ثم أمان من الخوف (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) ثم أمان من الجوع (وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ). وإذا كان الأمن يفهم من الآية السابقة ضمنيا من الآية الكريمة (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ). فإنه عز وجل قد نص عليه صراحة في سورة البقرة، وذلك في قوله عز وجل: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آَمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آَمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ) (البقرة:126).
وهنا قدم التناول القرآني الأمن من الخوف والأمن من الجوع على شرط الإيمان بالله، وفي الآية السابقة قدم العمل الصالح - وهو يستدعي الإيمان- على الأمن من الخوف وعلى الأمن من الجوع. وكأن النصين القرآنيين يريدان أن يفهمانا أن الأربعة الأركان مهمة لقيام الوطن المنشود وكل واحد لا يستغني عن الآخر من حيث قيام الوطن المستقر بالموصفات الربانية. إذ الأمن من الجوع والأمن من الخوف هما في أهمية درجة الإيمان والعمل الصالح. ومن المستحسن في هذا السياق استحضار قوله تعالى: (أَرَيْتَ الَّذِّي يُكَذِّبُ بِالدِّيْنِ فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعٌّ اليَتِيْمَ وَلاَ يَحٌضُّ عَلَى طَعَامِ المَسْكِيْنِ) فالتكذيب بالدين كان قرين دفع اليتيم وعدم الحظ على المسكين، وكلا الأمرين لهما علاقة بالأمن من الجوع إذ الآية تقرن التكذيب بالدين – الذي قد يكون كفرا – بالجوع، وهنا من المستحسن استحضار الدعاء المشهور (اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر) وكذلك استحضار المثل الشعبي (الجوع كافر). إذ هذا المثل كأنه تناص من الآيات والمثل.
وبناء على ما سبق فإنَّهُ يوجد ارتباط كبير وتلاحم بين الإيمان / العمل الصالح والأمن من الجوع والأمن من الخوف وإذا اختل عنصر أو شرط اختل الجميع وبالتالي اختل استقرار الوطن من حيث المفهوم القرآني لدلالته. وكأن شرط توفر الأمنيين هو حصول الإيمان والعمل الصالح، وما يزيد ذلك تأكيدا هو قوله عز وجل (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ) (قريش3) والعبادة لن تكون إلا بالإيمان بالله، إذ العبادة ثمرة من ثمرات الإيمان- وثمرة هذا الأخير هو توفير الأمنيين: (الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ) (قريش4). وهذا يقتضي أن الأمن من الخوف والأمن من الجوع ثمرة للإيمان والعبادة معا. فإذا بنا أمام قانون صحيح لا بد أن نمشي خطواته خطوة خطوة حتى تصل المعادلة إلى نهاية صحيحة وحتى تستقر الحياة ويقوم الوطن ويستقر.
[إيمان + عمل صالح + أمن من الخوف + أمن من الجوع] = [وطن]. فهو قانون صحيح. وإذا لم يكن ذلك فسوف تختل المعادلة / تختل الحياة وسوف نفقد معنى / مفهوم [الوطن] يقول الله في علاه (وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ) (النحل112). والقرى في التناول القرآني يقصد بها الدول أو الأوطان بمفهومها الواسع. ومن ذلك قوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ) (الأعراف96). وهذه الآية إذ تثبت دلالة القرى على الأوطان تثبت أو تربط الأمن من الجوع بحصول الإيمان.
ومهما يكن من أمر فإنَّهُ يفهم من آية (النحل) أن المطلبين أو الأمنيين متوفران [آمنة مطمئنة/ يأتيها رزقها رغدا] بما يعني تحقق شرط الإيمان وأنه كان متوفرا أيضا بدليل (فَلَمَّ كَفَرَتْ) أي أن القرية كانت مؤمنة بدليل تحقق أو وجود الأمنيين، فلما سقط أحد شروط الصلاحية انتهت [صلاحية الوطن]؛ إذ هم تركوا الإيمان إلى الكفر فأذاقهم الله لباس الخوف والجوع وتفرقوا ليبحثوا لهم عن وطن والقصة مشهورة إذ نزلت في أصحاب الجنة [أهل اليمن].
فالوطن أو مفهومه أو دالته تقوم على أربعة أركان لا يتحقق ركنان بدون الآخرين، وأركان الوطن الأربعة هي [الأمن من الجوع / الأمن من الخوف] + [الإيمان / العمل الصالح] ◄ [وطن]. والله جل في علاه وفر لنا الأمنيين ثم امتنا علينا بها ثم طلب إلينا عبادته تجاه ذلك حيث لا توجد معضلة فالحياة آمنة ولعيش رغيد فما علينا إلا أن نعبد الله. وكأنه يفهم ضمنيا من خلال أية قريش أن الراعي لا يمكنه أن يطلب المواطنة الصالحة من دون أن يوفر لهم وطن بتلك الوصفة، إذ توفير العيش الرغد والحياة المستقرة أصبحت بيد الراعي إذ هو المسئول عن ذلك.
وإن الشعوب الحية والواعية لتستغرب أشد الاستغراب من رعاتها؛ فإذا كان الله في علاه وقد منحنا نعما لا تحصى - كالسمع والبصر والنظر والفؤاد والأرجل والأيدي - وهذه مجتمعة أو منفردة لا توفيه حقه من أن نعبده ولا نشرك به شيئا، وعلى الرغم من كل ذلك زيادة وفر لنا الأمن من الجوع والأمن من الخوف ثم طلب منا - بعد ذلك - عبادته (فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف).
ورعاتنا لم يوفروا لنا الأمنيين بل سلبوا منا صمام أمام الأمنيين، [الإيمان] وعدل القرآن وحكموا فينا أهواءهم فكان من المعادلة أن اعتلت واختلت الحياة برمتها فلم يبق الإيمان ولا الأمنان. إذ لم يبقوا لنا شيئا من مواصفات الأوطان. والفقر والجوع والخوف هو البرهان.
وبهذا اختلت مقاييس الوطن فصرنا إلى [لا وطن] ثم بعد ذلك يطلبون إلينا أن نكون مواطنين صالحين ونحن كذلك إلا أنا نحاول المطالبة بحقوقنا والبحث عن الوطن المفقود !! أليس من المنطق أن يوفروا لنا [الوطن] بتلك الموصفات أولاً ثم بعد ذلك يطلبون منا المواطنة !! فكيف بمن ينزع منا ذلك كله ثم بعد ذلك يطلب منا أن نحب وطنا لا نراه ولا نحس به؛ إذ هو موجود في مخيلة الرعاة ومفصل على مساحاتهم الضيقة وحدهم وإذا ما كان لنا في هذا الوطن سوى الخوف والجوع فكيف لنا وأن لنا أن نحبه وننتمي إليه وهو بمواصفات السلطان لا الرحمان والله في علاه قد طلب إلى الناس عبادته عندما وفر لهم الأمنيين ولم يوفر لنا الراعي لا كليهما ولا حتى أحدهما ويطلب منا بعد ذلك المواطنة بلا وطن.
وعليه نحن الشعوب / الرعية الجائعة والخائفة نقول للرعاة: عليكم أن توفروا لنا الوطن بالمواصفات الربانية الذي نشعر فيه بالأمن من الخوف والأمن من الجوع أولا ثم اطلبوا منا بعد ذلك المواطنة وحب الوطن والتضحية من أجل الوطن. وطن كما نحب أن نراه نحن لا أنتم.