ما لا يعرفه العرب عن فوائد زيت الزيتون وعجائبه في جسم الإنسان الضالع: وفاة شابة ووالدتها غرقاً في حاجز مائي غلاء عالمي لأسعار الغذاء إلى أعلى مستوى ست مواجهات شرسة ضمن بطولة الدوري الإنجليزي الممتاز إستعدادات كأس الخليج.. لجنة الحكام باتحاد كأس الخليج العربي تجتمع على هامش قرعة خليجي 26 أول رد من المجلس الرئاسي لوزارة الدفاع السعودية بخصوص مقتل وإصابة جنود سعوديين بحضرموت تقرير: مليون يمني ألحقت بهم أمطار هذا العام أضراراً متفاوتة وضاعفت مخاطر الإصابة بالكوليرا ضبط عشرات الجرائم في تعز والضالع خلال أكتوبر حزب الإصلاح يتحدث لمكتب المبعوث الأممي عن مرتكزات وخطوات السلام وأولوية قصوى أكد عليها المسلمون في أميركا صوتوا لمرشح ثالث عقاباً لهاريس وترامب
يبلغ حماس البعض للإسلام وحبه لنصرته ، إلى الدعوة في بعض أو في كثير من الأحيان إلى الدعوة إلى احتكاره ، ولا يكاد يقبل قولا من الأقوال مالم يكن هذا القول ماركة مسجل عليها اسم هذا البلد أو المؤسسة أو الجامعة أو الشيخ أو المذهب ، ومن أبرز مظاهر وصور هذا الإحتكار لمعاني الإسلام واختزالها ، في تقديري ما يأتي :
1) احتكار الحديث عن الإسلام ، بدعوى أنه يشترط للحديث عنه أن يكون المتحدث عالما فقيها..!! بصرف النظر عن أي اعتبار آخر ، بلا تفريق بين الفتوى الشرعية التي يشترط فيها الفقه والعلم ، وبين نقل الفتيا ، التي يجوز أن يحملها كل أحد من الناس ، فما أن يقول أحد الصحفيين أو الإعلاميين أو السياسيين قال الله أو قال رسوله ، حتى تنبري بعض الأصوات المتعالمة لتفسيقه وتجهيله ، بزعم أنه ليس فقيها ولا عالما ، ولا بد عندهم أن تكون الفتيا صادرة من المجمع الكنسي وعليها سيماء أو ختم هذا البلد أو تلك الجامعة أو هاتيك المؤسسة أو المذهب أو الشيخ ، أو الحوزة ، ولعمري أي ظلم للإسلام والملة المحمدية ، حين يصمت الجميع عن هذا الفكر الكنسي المقيت الذي يمارس باسم الإسلام ، والإسلام منه براء !!.
أيها السادة : ليس يشترط عند أحد من المتقدمين أو المتأخرين ألا يحمل الفتيا إلا العالم المجتهد ، لأنّ نقل الفتيا جائز لكل أحد من الناس ، فهي أشبه ما تكون بتحمل الحديث الشريف ، فقد يحمل الحديث خباز أو طحان أو عجان أو حمال ، أو صحفي ، وقد لا يفقه منها شيئا ، كما يقع أيضا أن يحمل بعض حفاظ القرآن العظيم القرآن عن ظهر قلب ولا يعرف منه كلمة واحدة ، كما هو الشأن بالنسبة للأعاجم الذين يحفظون القرآن عن ظهر قلب ، وبعضهم لا يعرف كلمة عربية واحدة ، وفي الحديث \\\"رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه\\\" .
ومما نقل في هذا المقام عن الإمام الأعمش أنّ رجلا جاء يستفتيه في مسألة من المسائل ، فقال له اذهب إلى ذاك الشيخ الجالس في تلك الزاوية فاسأله ، يعني الحسن البصري ، فذهب إليه الرجل وسأله عن المسألة ، فقال الإمام الحسن البصري ، حدثني ذاك الرجل - وأشار إلى الإمام الأعمش - بسنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذكر الحديث ، ثم عاد الرجل إلى الأعمش ، فسأله الأعمش عن جواب الإمام الحسن البصري ، فقال له الرجل ، لقد أجابني الحسن البصري ، أنك حدثته بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذكر الحديث ، فقال الإمام الأعمش ، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء .
إنّ نقل الفتيا أمر جائز من كل أحد إلى كل أحد ، بشرط التثبت وصحة النقل ، وعدم الكذب أو التدليس ، فيجوز للعامي بإجماع أن يقول سمعت الإمام ابن باز أو الإمام القرضاوي يقول أو يفتي بكذا ، بلا غضاضة أو إشكال ، لأنه لا قائل بحرمة النقل أو عدم جوازه ، لأنه يعني توقف عجلة الحياة .
ومن هذا القبيل حديث الصحفيين والكتّاب ، وكل غيور على الإسلام ، حين يناقشون بعض القضايا التي يريدون تثبيتها للرأي العام أو تصحيح بعض المفاهيم أو تعليم الناس أمور دينهم ، فلهم نقْلُ بعض الآراء أو بعض الفتاوى عن أهل العلم، حيث لا قائل من العلماء المعتبرين أن هذا النقل حرام لا يجوز ، طالما وهو نقل صحيح خال من الزيادة أو النقصان ، وطالما وهو منقول بالنص لا بالمعنى ، سيما إن كان الناقل فاهما عارفا بما يقول ، وإنما المحظور على العامي الفتيا ، لأن الفتيا قول عن رب العالمين .
على أنه يفترض في كل مسلم أن يكون غيورا على دينه منافحا عنه ، ولا يجوز لأحد من الناس أن يتهم كل كاتب عن الإسلام اختلف مع هذا الرأي أو ذاك التوجه ، أن يُتهم بأنه ينقصه الغيرة على الإسلام أو ينقصه الولاء للملة ، ومن يطلق هذه التهم جزافا على أمة محمد هو المشكوك في ولائه للإسلام قبل غيره ، لأن الأصل في كل مسلم البراءة الأصلية ، وإن وقع شيء من الزلل فهو غالباً ما يقع بسبب الجهل ، أو سوء التقدير .
ومن هنا أوتي الفكر الخارجي ، حيث كفّر الخوارج كل مخالف لهم ، فيما مذهب أهل السنة والجماعة كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية يرحمه الله ، في سرده لضوابط تكفير المعين ، أنّ أهل السنة لا يكفرون من خالفهم ، فالحذر الحذر من هذا المنزلق الخطر ، يا طلبة العلم .
إن علينا أن نوسع من دائرة الإخاء وقبول المعاذير وسلامة الصدر ، قدر الإمكان وقدر المستطاع ، وأن نحمل المسلمين جميعا على حسن النية والسلامة ، وليس من الحرص في شيء أن نحاكم النوايا والأشخاص والهيئات والمؤسسات بمجرد مقال أو زلة قلم أو خطأ أو سوء ظن ، أو موقف أو موقفين ، أو شخص أو شخصين ، إلا اللهم من اشتهر تواتراً بالنفاق والخداع والولاء لغير المسلمين ومنابذة الإسلام ، وصار لا يُفرّق بين أقواله وأقوال أعداء الإسلام ، بمعنى أن يكون بوقا للآلة المعادية لهدي الإسلام وأوطان المسلمين ، فهذا الظالم لنفسه له أحكام أخرى ، بينتها الشريعة الغراء ، وأمره موكول إلى السلطات القضائية .
إن الذين يريدون حصر الفتيا في بلد أو مذهب أو جامعة أو طريقة أو حوزة أو شيخ أو مؤسسة أو فئة أو قبيلة أو نظام ، هؤلاء أرى أنه قد أصابهم ما أصابهم من أهل الكتاب ، وهم أشبه ما يكونون برجال الدين في أوربا الذين كانوا يخادعون جماهيرهم ، ويتسترون على باطلهم وضلالهم باسم الدين أو صكوك الغفران أو الإكليروس ، ونحو ذلك من التلبيسات التي لا يقبلها الإسلام .
أيها السادة إن علينا أن نثق في أمتنا بمختلف شرائحها ومؤسساتها ، سيما الأقلام الصحفية الحرة منها على وجه أخص ، وليس أدلّ على ما أقول من احتشاد جماهير اليمنيين في جنازتي الإعلاميين الأستاذين القديرين / محمد مسعد سماحة ويحي علاو، يرحمهما الله ، في حشود مهيبة ، تدل أن الأمة تختزن كثيرا من الخير والأمل ، وأن الإعلاميين ليسوا جميعا في خصام مع دينهم أو أمتهم أو أوطانهم ، كما يصوره بعض المتشددين أو المغالين ، بل كثير من الإعلاميين أحياء، فيما كثير من العلماء أموات في واقع الحال ، ببعدهم عن عصرهم وزمانهم ، وأحوال وأوضاع أمتهم ، ممن أثقلهم فقه الكبسة وشغلهم فقه التعدد .
2) إحتكار التدين ، وهذا مظهر آخر من مظاهر احتكار الإسلام ، بأن يقصر التدين والدفاع عن الإسلام في هيئة أو مؤسسة أو حزب أو جامعة أو جهة ، لأن التدين صفة عامة يشترك فيها كل المسلمين ، وكم من المتدينين والخيرين والصلحاء ممن تعج بهم الأمة ، إلا أنهم ليسوا من هذه الطائفة أو تلك ، وفي الأمة كثير من العلماء والعباقرة والخيرين والصلحاء ، ومن الجهل بمكان حصر وقصر التدين على جهة معينة .
إلا أن هذا التدين المنتشر في كل جوانب الأمة وربوعها يحتاج إلى قيادة رشيدة واعية صادقة مخلصة تحسن استثماره وتحسن توجيهه الوجهة الشرعية الصحيحة ، فيما يحقق للأمة الخير والنصر والتمكين .
وكم أثلج صدري حديث الإخوة رواد أسطول الحرية ، الذين تابعت لقاءاتهم عبر الفضائيات ، وحديثهم العاطر عن زملائهم في هذه القافلة التاريخية المباركة ، الذين كانوا يحيون الليل ركعا سجدا ، وأن الله تعالى اختار بعضهم إلى جواره .
إن التدين إذن لم يعد حالة في جماعة أو هيئة أو مؤسسة أو جامعة ، بل باتت ظاهرة التدين ظاهرة عالمية ، يجب أن نعترف بها ، ولا يجوز حصر التدين على بلد أو شعب أو حزب أو فئة ، بل في الأمة كثير من الغيارى والأحياء الذين تعج بهم الساحة الإسلامية ، بل والعالمية ، لا نعلمهم ، الله وملائكته وأولوا العلم يعلمهم.
والله تعالى من وراء القصد, والحمد لله رب العالمين,.