دعوني أترك القات
بقلم/ نشوان محمد العثماني
نشر منذ: 14 سنة و 6 أشهر و 18 يوماً
الأحد 30 مايو 2010 05:57 ص

لكم أرثي على نفسي كثيرا وأنا أحشو أغصان (القات) بين أشداقي، وأدخل في متاهات الخيال حتى يخيل لي ما لا يخيل لفطاحلة الخيال العلمي في القرن الحادي والعشرين. إلا أن المصيبة الأكبر هي أنني صرت أرى نفسي (مولعيا) بغرابة عن الواقع، إذ لست ذاك الذي إلى ما قبل يوليو 2007 كان لا يعرف أن (يخزن).

وتكفي الإشارة إلى الذات بهذا الانتشاء، لكنني، وفي حقيقة الواقع، رأيت ألا يستمر هذا التعارض مع سجية العقل والحكمة والمنطق، ورأيت أن أضع حدا لهذا العبث.

وكان من المفترض أن أكتب هذا المقال في 22/ 5/ 2010م، لكنني كنت بالفعل قد اتخذت قرارا بمضمونه وهأنا أعلنه للجميع.. دعوني أترك القات.. ساعدوني على ذلك.

والمساعدة التي أريد هي أن أجد تشجيعا من بقية الزملاء على الإقدام على ذات الخطوة تأسيسا فعليا لـ«يمن بلا قات». ومن يجد تبرما ما فهو حر، إلا أنه ليس حرا لو حاول إحراجي بعد اليوم بمضغ هذه الشجرة التي كأني سمعت أنها أخرجت أبانا آدم من الجنة.. بحجر الله اقبلوا هذا الطلب.. أنا لا أريد أن أخزن، وبلا إحراج يا رفاق.

واسمعوا.. أحك لكم حكاية أحد الأصدقاء، وهو صديقي عبدالمولى عبد الله صالح البهلول من مديرية المسيمير (الحواشب سابقا)، محافظة لحج، يدرس حاليا في كلية العلوم الإدارية بجامعة عدن، هذا الصديق لديه من مزارع القات ما يكفي لمخزني مدينة عدن كلهم، أو ربما ينقص من ذلك قليلا.. لكنه، ويا للعظمة، لا يخزن.. تصوروا أنه يبيت حارسا على مزارعه ويغدو الصباح يقطف أغصان القات ويربطها حزما كما تعرفون، ومع ذلك لم يذق في حياته غصنا، وأنتم تأكلون بالكيلو، وكنت واحدا منكم إلى عهد قريب. ألا يستحق «عبدالمولى» أن نشيد به على هكذا سلوك؟؟. يستحق وربي، وألف يستحق، وإنه لأنموذج فريد.

*الواحد منا عندما يقول كلاماً ، يكون عند كلامه ووعده في كل شيء.. أنتم معي يا رفاق.. ومن أجل كذا كنت قد كتبت مقالا في البطلة «14 أكتوبر» وأعدت نشره في موقع «مأرب برس» البطل أيضا ، تحت عنوان « هل سنقول يوما: يمن بلا قات؟» في 18/ 4/ 2010.. وذكرت فيه أنه «يؤسفني أن أكون أحد متناولي القات، وإن بشكل مخفف- ابتداء من 1/ 7/ 2007 - إلا أنني أستشعر خطورة بالغة أمام الأرقام المخيفة التي تناولت ظاهرة القات، خصوصا مع أزمة المياه التي تقرع طبول خطرها في اليمن، وأبدو على استعداد لقطعه بشكل كامل قريبا»، وهأنذا أقاطعه وأهجره وأتركه وأبتعد عنه بشكل كامل ونهائي، أي القات.

صحيح أن الموقف شخصي، ولكن لا ضرار من الكتابة عنه .. لعله تجربة يهتدي بها آخرون.. ولقد كان الدافع قويا وقويا جدا حين شاركت في الورشة الوطنية «نحو إستراتيجية فعالة للتقليل من الطلب على القات والحد منه»، التي انعقدت في إبريل الماضي بصنعاء، وهي الورشة التي حضرتها قيادات رفيعة في الحكومة، على رأسها نائب رئيس الوزراء لشئون الدفاع والأمن وزير الإدارة المحلية الدكتور رشاد العليمي، وهنا الدافع الذي أتحدث عنه حين سمعت الأخ الوزير يتحدث عن أن الراحل أحمد جابر عفيف، رحمه الله، الذي توفي في 6/2/2010، أوصى أن يكون عزاؤه دون قات، وكان من جاء ومعه قات ترك قاته خارجا وجلس دونه، ومن (الموالعة) من جلس قليلا وغادر (عشان يخزن)، وعوضا عن ذلك فـ«العليمي» نفسه لا يتناول القات. وكما أعلم، فهناك وزراء كثر في الحكومة الحالية لا يتناولون القات.

أنتم بالله عليكم يا شباب كم هو دخلكم، وكم هو مصروفكم اليومي حتى يخزن الواحد منكم بأكثر مما يتغدى ويتناول فطوره وعشاءه ؟.. عدا ذلك فإن ترك القات، كما أعتقد، يعد مظهرا وسلوكا حضاريا يجب أن نتبعه.. ويا ليتكم تسمعون.

أتمنى أن أكون قد أوصلت المراد .. وحلمي أن أرى شبابا غير (مخزنين)، وأقصد غير مخزنين لـ(القات) طبعاً .. إنها تجربة بسيطة عشتها وأردت أن أكتب عنها، فإن ساءكم ما كتبتُ فالمعذرة المعذرة..

nashwanalothmani@hotmail.com

*نقلا عن صحيفة "14 أكتوبر".