عاصفة تعز ..لماذا وكيف ؟وماذا بعدها ؟
بقلم/ كاتب/مهدي الهجر
نشر منذ: 17 سنة و 7 أشهر و 4 أيام
الإثنين 11 سبتمبر-أيلول 2006 12:22 م

" مأرب برس - خاص "

  بأربع كلمات قالها مراقب – وهو يصف مهرجان انتخابات الرئاسة لبن شملان – تعز المدينة كلها مهرجان ..

  بأربع كلمات قالها مراقب – وهو يصف مهرجان انتخابات الرئاسة لبن شملان – تعز المدينة كلها مهرجان ..

في سابقة ما كانت ولن تكررها إلا تعز وإرادة المشترك ورغبة الشعب في التغيير .لكن هل سيقبل الشعبي العام هذه الصفعة ،وهو الذي لم يقبلها من محافظة عمران فجاء الرد من حجة والحديدة بالمثل ثم بالإعلان عن مواجهة التتار ،وعن الإغلاق لبعض المحافظات ..

الماثل للعيان فان الشعبي أو السلطة قد استنفذا الطاقة القصوى في تعبئة وحمل الجمهور إلى ساحات المهرجانات الانتخابية ،وقد استكملت كل الوعود الانتخابية بما فيها الطاقة النووية وسكك القطارات الحديدية ،ثم كل التهديدات والعنتريات في إعلان الجهاد ضد التتار ..

فهل ثمة حيل-أي جهد - على رأي المصريين في الرد على عاصفة تعز؟،ربما سيعلو غبار الحصان في ذمار في مواجهة تعز ،أو قد يكون الرد في تعز ذاتها بما يعيد الاعتبار للبركاني الفارس المغوار ،وذلك بتجييش جيوش النصرة من المعسكرات والمحافظات القريبة كما حصل مع سيؤن ..

ثم وهل تعتبر تعز بالنسبة للمشترك هي أقوى وآخر أوراقه في سياق التحدي والمواجهة الجماهيرية ،أم ما زال في الجعبة الكثير وفي مجالات عدة ..

كانت الأمانة في مهرجانها الأول لبن شملان هي الصدمة للشعبي العام ،وفي عمران كانت الصاعقة ،وفي المحويت والجوف كانت الدهشة ،وفي ذمار كانت الرعشة ،أما في تعز فكانت العاصفة ،فمتى وأين تكون القاصمة كما تنبأ وغنى لها القرني ؟

الجميع يدرك والحاكم قبل غيره حقيقة ودلالات هذه المهرجانات ،وانه شتان بين هذه وتلك ،بين حشود شعبية ،وبين تحشيد رسمي شعبوي ،بين موقف واضح تجاه الوضع واتجاهات نحو التغير ،وآخر لا تجمعه إلا الممسكات الرسمية وصراخ مرتعش .

المهم هنا في موقف البيت الحاكم والسلطة عموما تجاه هذا الموقف الشعبي الذي بدا يتبلور كسلوك وقناعات .

هل يدرس ذلك ويوظف في سياقه الصحي والايجابي ؟وانه تعبير عن مرحلة أفصحت عن نفسها لا سبيل البتة إلى تجاوزها بكل الأدوات المتاحة في الطول أو العرض .أم يعد الأمر من قبيل العاديات من الأحداث .

المقاومة نحو التغير والأنعتاق لم تقو إسرائيل ومعها العالم اجمع في كبح جماحها فضلا عن استئصالها ،وهي هي هنا أو هناك بنمطها الوجداني وتكوينها الفكري والسياسي .

ما حصل في لبنان أو الجنوب تحديدا بين حزب الله وإسرائيل كان في مجمله صراع بين الإرادات والمواقف والقيم ،انتصرت فيه إرادة الشعوب العربية على إرادات وسياسات الحكام العرب في المقام الأول ،وهذه حقيقة ماعادت خافية يدركها العديم قبل العليم .

ما دام وهنتجتون النظام لا زال باجمال ،والمستشارون الإستراتيجيون القارئون للنظام لا زالوا هم الراعي وبورجي والشاطر والشيخ البركاني ،فان الأمس هو اليوم والغد بل قد تزداد العفونة والشطط ،ولعل القراءة في الخطاب الانتخابي اليوم للفارس قطز تبشر بنذير شؤم وتداعي مخيف في المنا زلات القادمة مع التتار،واستحقاقات المرحلة القادمة ..

 

 

إن جموع المشترك التي وجدت في بن شملان وهبة المشترك فرصة للتغير والنقلة نحو غد أفضل اّمن ومستقر ،يستحيل أن تتوارى أو تعود القهقري بعدما شبت عن الطوق ،وتجاوزت الخطوط الحمراء ،وخرجت من القمقم ،والطبيعي أن تظل في ديناميكية مطردة وحضورا وفعل فاز فيها بن شملان او لم يفز ،حيث ستظل تستشعر بمسؤولية وتبعات ملقاة على عاتقها بل واستحقاقات وفي كلا الحالين .ففي حال الفوز عليها حماية والحفاظ عليه بوسائلها ،وفي حال عدم الفوز لمرشحها فعليها تبعة مواصلة مشوارها النضالي والسلمي وإجبار الحاكم على احترام برنامجه وتعهداته للناخب والشعب ،فضلا عن إذعانه للدستور وحقوق المواطنة وضوابط وتعهدات العقد الاجتماعي ..

الصورة هنا تتجلى بفرق واضح وجلي بين جمهور هو من يحمل ويدفع بمرشحه ،ومرشح هو من يحمل ويدفع بجمهوره .

هذا واقع جديد دشنته العملية الانتخابية في مراحلها المختلفة ،فهل يقوى مرشح الشعبي العام للرئاسة على النهوض به في حالة فوزه أو الإقرار به والقبول والتسليم في حالة عدم الفوز .

ما على البيت الحاكم سلطة أو حزب إلا الإدراك والوصول إلى يقين أن خطاب التخوين والتآمر والاستعداء على الآخر ،ومنهجية الثعبنة ،جميعها أمور لا تستقيم مع المرحلة بما أفرزته من تجليات ومعطيات محلها الأول الهمم والاستعدادات النفسية ،وأنها في ظل ذلك بحاجة إلى نقلة نوعية في القيادة والخطاب والاستراتيجيات والسلوك يستجيب للدواعي والمتطلبات القريبة العاجلة والبعيدة ..

ازعم بيقين من خلال الاستيعاب الكامل والمسبق للمتغير الذهني ولممارسات وسلوك القائد والنخبة في مراحل مختلفة أن عاصفة تعز ستمر دون أن يستفاد منها في السياق الايجابي والصحي ،وإنما ستكون ردود أفعال على النحو الذي تحسنه الزعامات القبلية والاجتماعية في مواجهة بعضها بالمزيد من الصخب واستعراض القوى والعضلات والمناورات المختلفة والمتقطعة في مجال الاستفزاز ولي الذراع وكلها من قبيل الانتصار للذات ،والإبقاء على الأنفة والحمية ،وحتى لا يقال إن داحس غلبت الغبراء ..

ردود أفعال لا زالت أسيرة لعرف العشيرة ،وأنفة الذات والحمية ،لا ترتقي إلى الإستراتيجية والرؤية والروية في بناء وإدارة الحكومات والدول ،.

إن هذه التجليات وهذا الواقع المشحون يحتاج إلى مراكز متخصصة إستراتيجية مساعدة تقوم على دراسة الظاهرة من قبل مقدماتها ؛حيث تحليل البيئة بعمق وريث مرورا بالتعرف والتعريف فالأسباب ومن ثم الحلول ،التي يجب أن تأتي إستراتيجية بعيدة لا آنية مسكنة، تبحث في رغبات واحتياج الشعب لا ما يرغب أو يحتاج إليه الحاكم ،وإلا كانت النتيجة سقوط السقف على رؤوس الجميع .

في ظل هكذا حال وهو الراجح فان عاصفة تعز ستكرر نفسها في مساحات عدة وفي مناسبات عدة ،وبحماقته في التعامل معها تسكينا أو تهيجا سيزيد الحاكم من تناميها وإشعال أوارها مما يزيد من الاحتقان هنا وهناك ،والمخيف وجود بؤر ساخنة شبه هادئة ،قد تتحرك وتندلع إذا ما توفرت العوامل والمهيجات ،حينها لا يعلم بالعواقب إلا الله وحده فهل ثمة استفادة ووعي من الآن في التعاطي مع الراهن والمستقبلي كإجراء وقائي،بما يخدم التجربة والإنسان والحاضر والمستقبل ،لن تسد مسده حينها دعوات العقل والوسطية ،إذا أصبحت العاصفة عواصف ملتهبة لا تعرف من أين بدأت ولا كيف يمكن تسكينها .

مشاهدة المزيد