آخر الاخبار
علي صلاح مدير عام برامج الفضائية
بقلم/ عبد الله مصلح
نشر منذ: 15 سنة و 8 أشهر و 25 يوماً
الخميس 26 فبراير-شباط 2009 05:21 م
 
قال بأنه يشعر بالخجل من انتمائه الإعلامي السابق وطالب بمحاسبة اللوزي وهدد بفتح الملفات.. 

مدير عام برامج الفضائية سابقاً..علي صلاح أحمد : إعلام اليوم تسويق للذات وتمجيد للحاكم وعمل استخباراتي قبيح

علي صلاح أحمد ، قامة إعلامية سامقة ، عشق رسالته المهنية إلى حد التماهي ، قدّم أنموذجاً فريداً في برامجه المثمرة والجاذبة للمشاهد الشاهد على تألق "فرسان وجوائز" و"وجهاً لوجه".

وبأعجوبة تمكًن علي صلاح _ رغم هول المعوقات _ من تسجيل نجاحات إدارية مبهرة على مستوى الإعلام المرئي كمدير عام للبرامج في الفضائية اليمنية(سابقاً) أو على مستوى الإعلام المسموع كمسؤول الإذاعات المحلية بالجمهورية.

" صحيفة العاصمة" أجرت معه هذا الحوار وخرجت بالحصيلة التالية:

حاوره/ عبد الله مصلح 

* ما قراءتك للمشهد الإعلامي في بلادنا؟

- الإعلام في الجمهورية اليمنية، وخاصة في السنوات الثلاث الماضية.. يمكن توصيفه بإعلام المهام.. أعني بذلك التجزؤ والمرحلية والتشتت وهو بهذا لا يؤدي ما يمكن أن يطلق عليه إعلام الدولة.. وعلى من يدعي ذلك أن يتمعن في الواقع بمصداقية وحيادية وحسن نية في الوقت ذاته يتأكد له أنه أبعد ما يكون عن إعلام الدولة.

*ماهي سمات إعلام الدولة؟

- لكي يكون إعلام دولة لا بد للقائمين عليه أن يمتلكوا مشروعاً واضح المعالم له ارتباطاته بجوانب الحياة المختلفة، ووفقاً لرؤى وطموحات قابلة للتحقق، وفي الوقت ذاته يمكن رصد أثرها ومتابعة نتائجها. الإعلام بمفهوم العصر هو علم وحياة وصناعة وفن ومال وعمل..الإعلام مقدمات ونتائج، هذا باختصار.

* أين تكمن إشكالية الإعلام في بلادنا؟

 - يمكن القول وبدون تجني على أحد بأن القائمين على الإعلام وبالذات من هم على رأس الهرم لم يتمكنوا من الخروج من دائرة الإنشاء والماضوية إلى المعالجة ورسم الأهداف.. إذ لا أهداف سوى ترويج ذواتهم باعتبار أن ليس بالإمكان أفضل مما كان.. وهذا زعم باطل جملة وتفصيلا.

* هل المشكلة في ضعف قدرات القائمين على الإعلام أم أنهم يخشون من نتائج الإعلام العصري مثلاً؟

- المشكلة من وجهة نظري تتمثل في ضيق أفق الموجهين وراسمين السياسات الإعلامية التي يخشى أصحابها ما يمكن أن يحدثه الإعلام التنموي الحر المتكافئ الفرص في دولة يفترض فيها أنها ديمقراطية من حراك وتفاعل في مجالات السياسة والاقتصاد والإدارة.

* مالآثار التي يمكن أن تترتب على هذه الإشكاليات؟

ليس بالإمكان أفضل مما كان" أشبه ما تكون بالثقب الأسود الذي يبتلع المجرات، هذا من حيث المضمون. أما من حيث الشكل والبعد والكم.. والكيف فتلك قصة أخرى فصولها كثيرة، تبدأ من عدم القدرة على استيعاب مخرجات التكنولوجيا المستخدمة كأدوات.. وتمر بضعف الأداء لدى من يطلق عليهم حملة الرسالة.. البعيدين للأسف عن مستوى الأهلية لقيادة الرأي وتوجيهه فغياب ما يطلق عليه بالتوصيف. والتصنيف في المجال الوظيفي في جهاز الدولة على العموم والإعلام على وجه الخصوص، ترك الباب مشرعاً أمام كل من هب ودب يفعل ما يشاء، وكيفما يريد!! وعلى هذا الصعيد بدأت المشكلة صغيرة ثم نمت وتعملقت.. بحيث أتسع الخرق على الراقع كما يقولون.

* البعض يرى بأن الدولة لم تنفق على الإعلام بالقدر الكافي؟

- باعتقادي أن الدولة لم تقصر في الإنفاق على الإعلام فما نشاهده من ركاكة ونسمعه من طنطنة ونقرأه من اشتباكات بالحروف والمفردات هو عبارة عن مليارات يتم ضخها من خزينة الدولة في هذا الجسد المترهل.

* ما مدى تأثير الإعلام المحلي على المجتمع اليمني؟

- هذه النقطة هي الأهم بين المهم.. وهو ضعف الأداء في التوصيل.. وقد تستغرب ويستغرب القارئ حتى الجهات المسؤولة في الدولة كرئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية أن الإعلام اليمني بأجهزته كافة ليس فيها ما يغطي 25% من النسبة المستهدفة على مستوى الداخل إذ تراجعت قدرات ومحطات الإرسال التلفزيونية، والإذاعية إلى ما يتراوح بين الـ15% والـ25% على أفضل تقدير. وهذا ما يمكن إثباته.. وهو معلوم ومؤكد وكما سبق وأن قلت إن من يدعي غير ذلك هو معذور، فهمه أولاً وأخيراً هو تسويق ذاته وإدعاء حيازة قصب السبق وإن على حصان من قصب!

* وماذا عن الرسالة الخارجية لإعلامنا؟

- بالنسبة للإعلام الخارجي.. فحاله أضعف بكثير من الإعلام المحلي، بل يكاد يكون اليمن بدون إعلام على الرغم من جود قنوات فضائية أربع لم تستطع أن توجد لها مكاناً بين الفضائيات تتمركز فيه أو تتربع.

* ماذا عن وسائل إعلام المعارضة؟

- تقصد مطبوعات المعارضة؟ أصابها ما أصاب إعلام الدولة، من عدوى التشتت وغياب المشروع الممنهج.. وهي كذلك تميل إلى التهويل في كثير من الأمور، وكأن لسان حالها يقول يا مهونّون إسمعونا.. يا نائمون تابعونا!.

اليمن أخذ بالخيار الديمقراطي، ومن الديمقراطية أن يكون للكلمة قيمتها، ومجالها، واحترامها.

* ما مدى إسهام الإعلام النقدي في تصحيح الأوضاع؟

- وضعت يدك بسؤالك على الجرح، فأنا أزعم أن الإعلام خلال ربع القرن الماضي فرّط في حق الشعب وأسهم أيما إسهام في تردي الأوضاع، إعلام الدولة الذي أراه وأحترمه ،هو عبارة عن قاسم مشترك بين طرفين: الحاكم والمحكوم، فهو أداة الحاكم لتنفيذ سياساته و تطبيق القوانين والخطط والرؤى، في المجالات كافة، وهو في الوقت ذاته عين المواطن المكلوم وصوته ووسيلته في الرقابة والتصويب وكشف أوجه الفساد وهذا هو الدور المفقود بشقيه.

* هل فعلاً لدينا حرية رأي. أم أنها مجرد ظاهرة صوتيه؟

- باختصار ليس مهماً أن تصرخ ولكن أن تجد من يسمع همسك ويتفاعل معك.. يمضي معك إلى حيث الصواب ويوقفك عند حدك إن أخطأت، الديمقراطية حرية خلاقة بناءة، وأبداً لا يمكن أن تكون باباً من أبواب الشحناء والتنفيس عن الذات، وسبر خبايا الصدور وخزائن الأفكار كضرب من ضروب العمل الاستخباراتي المفتوح.. ذلك نوع من أنواع القبح في العلاقات الإنسانية و الأ قبح منه ديمقراطية "أنت قل ما تشاء وأنا أفعل ما أريد" وعلى هذا يمكنك القياس.

* كيف تنظر إلى ظاهرة إيقاف بعض مذيعي القناة الفضائية لأسباب غير مهنية؟

- ما يحدث من ممارسات فهذا طبيعي جداً لدى الموظفين أصلاً، هم كما قلت يسوقون ذواتهم، وهم يخشون على أنفسهم وهم لديهم خدمة الحاكم، تأتي من خلال القفز من أعلى السطح، لا يأتون من الأبواب، خدمة الحاكم في وجهة نظري أنا لا أمانع، الحاكم أصلاً لا بد من خدمته، لأنه يمثل القانون ويمثل السلطة، والسلطة لابد من وجودها لكن لا بد أن تمر عبر مصالح الناس، ليس خدمة الحاكم لذاته، لأنه ليس هو المقصود بالحكم أصلاً، وليس المقصود بالخدمة وليس المقصود بالبقاء، البقاء لهذا الشعب، والحاكم ممثل لهذا الشعب بدرجة رئيس.. بدرجة وزير بدرجة غفير، له مرتب، له حقوق، وعليه واجبات.

* وماذا عن إيقافك عن العمل بعد أن تم نقلك من الفضائية إلى الإذاعات المحلية؟

- مفردات هذا المجتمع لا يهمني، والذي يهم أنني كبرت، أنا أكبر من أن أكون موظف، وأكبر من أن أكون تابع، وأكبر من أن أكون مقتات على حساب لقمة عيشي، العمل الإعلامي بالنسبة لي لم يعد لقمة عيش، بل هو رسالة ووسيلة لإرضاء خالقي وضميري ووطني.

*هل تحقق الغرض من نقلك إلى الإذاعات المحلية؟

- أنا أدرت الإذاعات المحلية وكان الهدف مني هو (أسكتوا هذا الرجل) ضعوه في هذا المكان، ولم يكونوا يعتقدون أنني سأعمل، لكنني عملت وأوجدت إذاعات محلية حقيقية وجعلت لها شأناً، حتى أن أحدهم كتب: "إن الإذاعات المحلية في الآونة الأخيرة أعادت لإعلام الدولة اعتباره"، هذا أوجع الكثيرين.

* مثل من؟

- على سبيل المثال الأخ وزير الإعلام الحالي هو وزير إعلام من كم سنة، وكم سيطر على وزارة الإعلام كوكيل وكنائب وكوزير، وبعض الإذاعات تفوق الثلاثين والأربعين سنة، ماذا فعل خلال هذه الفترة الماضية، لم يفعل شيء، ولم يلتفت إلى الإذاعات المحلية على أهميتها، وأنا أزعم أنها الآن أهم بكثير من كل القنوات الفضائية الموجودة.

*كيف؟

- من خلال ما يسمى بإعداد الرأي العام وتوجيهه وإصلاح المجتمع، لأنه عبر الإعلام المحلي يمكنك أن ترى نفسك بوضوح، وتخدم أهدافك، وتخدم اتجاهاتك، وتخدم ثقافتك ومن ثم تخدم رسالتك الإعلامية.

* ما الذي حققته أنت في الإذاعات المحلية؟

- يكفي أن تعرف بأنه إلى وقت قريب كان لإذاعة صنعاء خمسة أو ستة مندوبين، والآن يوجد أكثر من 360 مندوباً لإذاعة صنعاء فقط، صنعناهم دون أن نكلف وزارة الإعلام ريال واحد، بالتعاون مع المجالس المحلية وبوضع السياسات الجيدة، وبوضع الرؤى واضحة المعالم، فالإعلام إجمالاً الآن يكلف الدولة مليارات ، وأنا استطعت أن أقلّل التكلفة في بناء الاستديو على سبيل المثال، من أكثر من 280 ألف دولار إلى 30 ألف دولار وبأحدث التكنولوجيا، وأنت عليك القياس.

* السلطة لم تسمح بوجود إعلام معارض(قنوات فضائية) بل أنها تكافح الكفاءات حتى في إعلام السلطة، لماذا؟

- هي تمارسه بعقلية خائفة قلقة، وإلا لماذا تخاف من الإعلام؟ إذا كنت صادق وحسن النية لماذا تخاف، ولماذا لا تجعل الناس تعمل؟ لماذا تحاول غلق أفواه الناس؟ وعقول الناس؟ كان القلق من الإذاعات المحلية أن تستخدم استخداماً خاطئاً، ما الذي حدث؟ لم يستخدمها أحد استخداماً خاطئاً، فلماذا الخوف.

بإمكانك أن تقدم رسالة محلية وتستطيع أن تراقب، في الدين الإسلامي أن الأصل في الأشياء الإباحة، والمحرمات قليلة جداً ومعدودة وبالنسبة لي عندما اخترت كعضو لجنة تقوم بإعداد السياسة الإعلامية، قلت ببساطة شديدة: أتركوا الأبواب مفتوحة للناس.

وأنا أتساءل أليست مهمة وزير الإعلام في مجلس الوزراء هو ربط كل أجهزة الدولة بوسائل الإعلام لكن أعرف ما هو خططها، ما هي أهدافها، ماذا نفذت،

الإعلام الحقيقي هو الذي يستطيع أن يصنع حراكاً اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وعلى كافة المستويات.

* وكيف تفسر إنشاء المزيد من القنوات الفضائية ما دام أنهم فشلوا في قناة واحدة؟

- والله أنا ممكن أعطيك سيفاً وأنت بإمكانك أن تحارب به أو تنتحر.. أنا لا يهمني أن يشاهدني الناس في أمريكا أو أوروبا أو غيرها، ماذا سيشاهدون؟ لكن عندما تستطيع أن تجوَّد رسالتك، وتستطيع أن تقدم نفسك، يا رجل أنا قبل يومين اضطررت لمتابعة نشرة الأخبار فشعرت بالخجل أنني أنتمي أو انتميت في يوم من الأيام إلى هذا الجهاز، وأنا استغرب كيف يسكت عن مثل هذا؟ لماذا لا يحاسب وزير الإعلام؟ كما يسمح لنفسه بأن يستدعي الناس ويناقش معهم ويقيّم خططهم؟ لماذا لا يحاسب أداؤه كوزير للإعلام؟ ماذا فعل خلال الفترة الماضية،

وعلى كل حال ولو قدَر لي الآن أو في يوم من الأيام وفتحنا الملف، فالملف واسع وعندي أرقام وحقائق وقضايا وأبواب مفتوحة.

* مثل ماذا؟

- كثير، وكفى بالمرء نبلاً أن تعد معايبه.. هي كثيرة.

* كخطوط عريضة أو عناوين؟

- في الوقت المناسب، عندما أريد فتح الملف. ولو كانت الأمور تعدّ لذكرتها.. وعلى كل حال سيقول البعض أن علي صلاح متحامل.. أقسم بالله العظيم لست متحامل، وأقسم بالله العظيم أنني أتشرف وسعيد جداً بما أنا فيه، وأقسم بالله العظيم لو عرض علي أن أعود نائباً لوزير الإعلام ما قبلت، لأنه لا يشرفني، فالقضية أكبر من أن تكون وظيفة، يا أخي: الدجاجة في الشارع تأكل وتعيش، القطة تأكل وتعيش، الناس كلهم عايشين، والإعلام صناعة وفن، أنا استغرب من المليارات هذه التي تضخ فيما لا طائل منه صحيح أنني لا أستكثر ما ينفق على الإعلام، أنفق عليه بسخاء ولكن ماذا تريد؟ حدد أهدافك بشكل واضح، والإعلام في الدول الكبرى اليوم والتي لديها موارد مهولة لم يعد الإعلام بالنسبة لها فرن تحرق فيه أموالها، ولكنها أصبحت تصنع فيه استثماراتها التي لها جدوى اقتصادية وفنية واجتماعية وسياسية. وهذه أمور يطول شرحها.

* بعد (22) سنة قضيتها في الإعلام المحلي ،ما هي الرسالة التي تريد إيصالها للآخر؟

- يؤسفني جداً كمنتمي إلى هذا المجال وقضيت فيه أكثر من 22 سنة كنت أتمنى في يوم من الأيام أن أعيش عصر ازدهار وحال أفضل، لأنني متأكد جداً أنني أنا أو أنت أو أي شخص ينتمي إلى أي مهنة أو أي كيان، يعتبر هذا الكيان بيته ويجب أن يراه في أحسن الأحوال، ولكن للأسف الشديد كلما قلنا عساها تنجلي قالت الأيام هذا مبتداها.

هل يُعقل أننا في العام 2009 نعمل بعقلية الستينيات، هذا ضرب من ضروب الجنون،

* أليس هذا بسبب تسييس الإعلام؟

- الإعلام هو السياسة في هذه الأيام، الإعلام أصله هو الإخبار، ولا يمكن الفصل بينهما ولا الاقتصاد والإعلام كذلك، ولكن ما يمارسه الإعلام الآن شيء ليس بالسياسة ولا بأصولها، ما نراه الآن هو إعلام التسبيح والتمجيد للحاكم ليس إلا.

و لك أن تتخيل وأنت تشاهد نشرة الأخبار وما فيها من تناقض ففي الحين الذي تستهل النشرة بالحديث عن المنجزات وما تحقق وكذا و كذا تلاحظ أنه في نفس النشرة يأتي خبر يشرح المعاناة والحالة التي يعيشها المواطن.. متناسياً أنه يتناقض مع ما قاله آنفا، لأنه لا يمتلك مشروع.

صحيفة العاصمة