لسان حماس
بقلم/ د أمين المخلافي
نشر منذ: سنة و أسبوعين و يوم واحد
الخميس 09 نوفمبر-تشرين الثاني 2023 04:06 م

أنا لا أعتمد إلا على الله الغالب على أمره، أنا لا أعتمد على عصابة (عصبة) الأمم، ولا مجلس الخوف (الخوف)، ولا على شريعة الغاب الدولية (القانون الدولي)، وأنا لا أعتمد على بوتين التي لُطِّخت يداه بدماء المسلمين في سوريا وفي غيرها من بلاد المسلمين، وأنا لا أعتمد على أوروبا التي ذبحت قيمها المزعومة في مدارس غزة ومشافيها، وشوارعها ومبانيها، والتي أراقت في غزة مياه وجهها، وأضافت قبحاً في حاضرها إلى ما سجله التاريخ في صفحاته من قبحها، أنا لا أعتمد لا على الشرق ولا على الغرب، ولا حتى على القريب المتربص، ولا على الصديق الخاذل والمتخاذل، 

من أقبل من بني جلدتنا إلى ميدان المعركة ووقف معنا، أقبل إلى شرف يستحقه، ومن أدبر عنا وعنها، أدبر عن مجد لم يكن أهلا له، أنا اعتمادي على ربي الذي بيده الأمر كله، وإليه يُرجع الأمر كله، وعلى ما مكنني ربي من القوة التي أعددتها بفضله، وأفرغت كلما بين يدي بأمره، وما بقي من الأمر فهوله وحده، ومن ظن أن بلينكن هو الله، وأن مخرجه هو المخرج لا غيره، فليراجع ايمانه.

أقبل فرعون بقضه وقضيضه، وجيشه وحاشيته، والبحر المتلاطم من أمام موسى وقومه، والجيش الجرار يلاحقه من حلفه، والله الغالب على أمره فوق الجميع، فصاح فيهم موسى "كلا إن معي ربي سيهدين"، وكان المخرج العجيب الذي كان فيه النجاة للحق، والهلاك للباطل، إن الله معنا ولن يضيعنا. 

هذا لا يعني أنني أرعن، أو عاجز عن اللعب بالورقة السياسية، وعن التحرك في ميدانها، بل على العكس من ذلك، أنا لا عب ماهر، ومحترف في هذا الميدان، وما يميزني عن غيري من اللاعبين الذي يلعبون في هذا الميدان، ويتمرغون بوحله، وتلجمهم قذارته إلى أفواههم، هو أني لاعب محترف وفوق هذا لاعب شريف، العب فيه في ظل أحكام ديني، وقيمي، وقرآني وسنة نبي عليه الصلاة والسلام، أنا شريف في السياسة، عالي الهامة في الحرب، كبير الهمة في المعمعة وفي الاعداد لها،

ولقد تعلمت من التاريخ أن ما بعد الشيء ليس كما قبله، ولذا أنا قادر على التأقلم مع كل الظروف، والظهور بالوقت المطلوب، واللون والشكل المطلوب، من غير تبديل ولا انحراف عن المسار المرسوم، فالأهداف جلية، وواضحة وثابتة، والمسارات متعددة، ومتنوعة، إن التزامي بعقيدتي، وثقتي بربي، وتمسكي بقرآني، والتحامي بشعبي، واعدادي بكل استطاعتي هي الحصون المنيعة للبقاء واكمال المشوار حتى تكتمل صورة الحلم، ويباد الظلم، ويتبدد الظلام عن أرضي، من شرقها إلى غربها، ومن شمالها إلى جنوبها، بدون تفريط حتى بشبر منها،

هذه الحشود البحرية، وحاملات الطائرات، والزيارات المتكررة للعدو الصلف، والدعم النفسي له من هنا وهناك، وبالمقابل، قلة الناصر، واشداد الحصار، وتنكر الصديق، وتنكب القريب، وانقطاع الحبال، وانسداد كل السبل، والحرب النفسية، وضجيج الطائرات فوق الرؤوس، ولهيب الأرض تحت الأقدام، وسيل الدماء من حولنا، وتطاير الأشلاء من عرضنا، لم يبقي لنا الا سبيل واحد نسلكه، وحبل واحد نتمسك به، هو طريق الجهاد، فطريق الجهاد هو طريقنا، وحبل الله هو عوننا وسر قوننا، أنا جزء من شعبي، وشعبي هو كلي، وبقائي مرهون ببقائه، وفنائي بغير إرادة ربي يبقى مستحيل،

هل أنا عاطفي؟ نعم أنا عاطفي في محراب التضرع إلى الله، خاشع في زاوية التعبد لله، واقعي في ميدان الكيد والكي، انا عصي على الهضم، صعب على الالتهام، أنا حلقة في سلسلة عظيمة، أولها في الغار، واوسطها عندما استحكمت على ضوء الشمس، وانا اليوم حفز الجذوة كي توقد الشعلة من جديد، وينتشر النور ويندحر الظلام، وقد يقول قائل، العالم كله تكالب عليكم، ورماكم عن قوس واحدة، وأنا أقول نعم، ولكن "وما يعلم جنود ربك الا هو" أنا اسقطت العالم وفضحته، فهذه الشوارع في عواصم العالم تهتف نصرة لي، وتعلن تبرأها من الظلم، ومن الاجرام الذي يقوم به العدو، ويصادق عليه الساسة في بلدانهم، القلوب بين يدي الله، والأمر كله لله، ونحن وإياهم كل أخذ مساره، وننتظر قضاء الله، فنحن قوم مؤمنون، فإن قضى الله لنا في هذه الدنيا فالحمد لله، وإن أجل لنا القضاء إلى الأخرة فالحمد لله، عنوان جهاد نصر أو استشهاد، وشعارنا الصبر، والامل، والرجاء، ونردد ونقول "إن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ۖ وَتَرْجُونَ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ ۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا".