مليشيات الحوثي تحول مدارس صنعاء إلى معسكرات تدريب للطلاب حزب الإصلاح يلتقي بعيدروس الزبيدي مركز مكافحة الإرهاب الأمريكي يتحدث عن نقاط ضعف الحوثيين القابلة للاستغلال وحقيقة قدرتهم على تحديد هوية السفن وتعقبها وضربها سلاسل بشرية بمدينة مأرب تضامنا مع الشعب الفلسطيني ودعما لقطاع غزة - صور وزير الخارجية يستقبل الرحالة اليمني منير الدهمي بالرياض الضالع.. القوات المشتركة تدمر مرابض قناصه المليشيا وتحرز تقدما ميدانيا تفاصيل لقاء وزير الدفاع ومحافظ حضرموت باللجنة الأمنية بالمحافظة محكمة الجنائية الدولية تصدر أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالانت وتكشف عن أسبابها المنطقية عاجل: وزير الدفاع الأمريكي: سنعمل على انتزاع قدرات الحوثيين في اليمن مليشيا الحوثي تحول محافظة إب لقادتها ومشرفيها القادمين من صعدة وعمران
لا أحد يستطيع أن ينكر أبداً أن الحكومات الأوروبية والأمريكية تمارس أعلى درجات الديمقراطية مع مواطنيها داخل بلدانها. وهذا واضح للعيان في حالات كثيرة. ولا شك أن العديد منا سمع عن الجهود الجبارة التي تبذلها تلك الحكومات لإنقاذ حياة مواطن غربي اختطف في بلد ما أو تعرض لمكروه، فترى السفارات الغربية تتأهب بكل طاقمها من أجل هذه المهمة وتمارس ضغوطاً كبيرة على المسؤولين في أي بلد كي يتدخلوا من أجل ذلك. ولا تتردد الحكومة الأمريكية أحيانا في إرسال الوحدات العسكرية والطائرات للمساعدة في تخليص مواطن ضل طريقه في الجبال أو الغابات والأدغال، لا بل هي مستعدة أحيانا أن تغامر عسكرياً لإنقاذ أرواح مواطنيها المحتجزين في أي مكان من العالم.
صحيح أن المستعمر البريطاني مثلا مارس أبشع أنواع العنصرية في تعامله مع الشعوب التي استعمرها. وصحيح أيضاً أن شاعراً إنكليزياً متطرفاً مثل روديارد كيبلنغ شاعر الامبراطورية كان يعتبر كلبه أطهر من العبيد الأفارقة الذين كانوا يخدمون في منزله في إحدى المستعمرات البريطانية في القارة السوداء. ولا أحد يستطيع أن ينكر حقارة الاستعمار الغربي من فرنسي وبرتغالي وهولندي في تعامله مع شعوب البلدان التي استعمرها، فقد كان هذا الاستعمار أسفل من السفالة ذاتها، وكلنا يتذكر همجية ونذالة وبشاعة المستعمرين من خلال كتب التاريخ. لكن يجب ألا ننسى أيضا أن هذا المستعمر اللعين كان غاية في اللطف مع مواطنيه داخل بلاده، وبالتالي وطنياً إلى أبعد الحدود، فقد كان يستعبد الآخرين ويمتهن كراماتهم وينهب خيراتهم لا لشيء إلا لإسعاد مواطنيه في الداخل وتحسين أوضاعهم.
وإذا نظرنا إلى واقع العلاقات الدولية الحالية نرى أنها لا تختلف بأي حال من الأحوال عما كان عليه الوضع أيام الاستعمار القديم، فالغرب الديمقراطي حتى النخاع يتصرف الآن مع بقية دول العالم بنفس الطريقة البشعة التي كان يتصرف بها المستعمر مع مستعمراته، حتى أن البعض يرى في التعامل الأمريكي الحالي مع العرب نموذجا أسوأ بكثير من تعامل الاستعمار البريطاني مع الهند مثلا، فقد ضربت أمريكا مثلاً صارخاً في الاستخفاف بكرامة الشعوب الأخرى، ولعلنا نرى كيف أن الإدارة الأمريكية تعامل العرب والمسلمين كأتباع إن لم نقل كأنعام وعبيد ضاربة عرض الحائط بكل القيم الديمقراطية التي تمارسها في الداخل، فلم يتردد المخطط الاستراتيجي الأمريكي الشهير بريجنسكي ذات مرة في وصفنا ووصف بعض المناطق الآسيوية بأننا ننتمي إلى فئة البرابرة.
وقد يتساءل البعض حائرين من هذه الازدواجية الصارخة في طريقة التعامل الغربي مع الداخل والخارج. كيف يمكن أن يكون الرئيس الأمريكي أو رئيس الوزراء البريطاني وأمثالهما من القادة الغربيين، كيف يمكن أن يكونوا ديمقراطيين ومتسامحين مع مواطنيهم إلى أقصى درجة ويطبقون المعايير الديمقراطية بحذافيرها من احترام للحريات ومراعاة للحقوق، بينما يدوسون في الوقت نفسه على كرامات وحريات وحقوق الشعوب الأخرى بطريقة مهينة للغاية دون أي تردد أو وخز للضمير؟ لماذا يخشى الزعيم الغربي من مجرد دعوى قضائية بسيطة قد يرفعها مواطن ضد الحكومة، بينما يضرب عرض الحائط بكل الاحتجاجات الدولية الشعبية منها والرسمية ضد سياسة بلده؟ لماذا يلتزم القائد الغربي بأبسط قواعد التصرف مع مواطنيه بينما ينتهك كل القوانين والأعراف والقيم والنواميس الدولية الأخرى حينما يتعلق الأمر ببلدان وأقوام أخرى؟
لقد حاولت ونقبت كثيراً كي أجد جواباً شافياً لهذه الأحجية أو المعضلة الأخلاقية المعقدة ولعلني نجحت في إيجاد الحل، لقد توصلت إلى نتيجة مفادها أن الزعيم الغربي يتعامل مع شعبه بنفس الطريقة التي يتعامل بها الوحش المفترس في الغابة مع الحيوانات الأخرى. لا شك أنكم شاهدتم كيف يتعامل الأسد والنمر والفهد والضبع والذئب وغيرهم من الحيوانات الكاسرة مع بقية الحيوانات، فالضباع مستعدة أن تصطاد الغزال وحمار الوحش والجواميس وغيرها من الحيوانات كي تأكل وتُطعم أبناءها. إنه لمنظر عجيب أن ترى النمر يمزق أشلاء الأرانب والغزلان ثم بعد لحظات قليلة تراه يداعب أبناءه الصغار بحنو وعطف ودماثة عز نظيرها، وكذلك الأمر بالنسبة لللبوة، فهي تطارد الحيوانات الضعيفة بشراسة وهمجية لا مثيل لها، لكنها تعود بعد قليل إلى صغارها وهي تحمل الفريسة بكل تواضع وحنان كي يسدوا رمقهم، فالحيوانات المفترسة تبدو في غاية الديمقراطية والتسامح مع جرائها والمقربين منها من الحيوانات الضارية الأخرى، لكنها في غاية التسلط والديكتاتورية والعدوان والقمع والبطش مع الحيوانات المغلوبة على أمرها. وهكذا الأمر بالنسبة للديمقراطيات الغربية، فهي «بالفطرة الديمقراطية» نعامة مع شعوبها وعلى الشعوب الأخرى أسود.
بعبارة أخرى، فإن الديمقراطية تبقى شأنا داخلياً صرفاً في مجتمعي الإنسان والحيوان، ولا ديمقراطية أبداً في العلاقات الخارجية أو الدولية. وهذا ما لم نفهمه نحن العرب حتى الآن، لهذا ترانا نسير عكس التيار حكاما وشعوبا، فالزعيم العربي في بعض الأحيان أكثر ديمقراطية مع الأجانب ألف مرة مما هو مع شعبه، فهو يتواضع ويتسامح ويلين مع الغير حتى لو باع الوطن أحياناً، أما مع شعبه فهو أشرس الشرسين يبطش ويقمع ويضطهد ويصادر ويدوس الأخضر واليابس، وحتى نحن الشعب العربي نبدو أحيانا أكثر كرماً ولطفاً وكياسة مع الأجنبي مما نحن مع بعضنا البعض، وليتنا نتعلم نحن العرب أصول الديمقراطية من الحيوانات الكاسرة فنهتم ببعضنا البعض وندافع عن مصالحنا الخاصة حتى لو تجنينا على الآخرين، لكن واأسفاه! فنحن كواسر على بعضنا وأرانب مع الغير على عكس كل النواميس الإنسانية والحيوانية.