اتفاق قادته السعودية والإمارات: خارطة طريق جديدة تنص على تصدير النفط وتوحيد العملة ووقف تدمير الاقتصاد والقطاع المصرفي
ألمانيا تلاحق «حزب الله».. وتبدأ بحظر مركزه الإسلامي في هامبورغ
تعرف على المبالغ المالية التي رصدها الاتحاد السعودي للهجن في بطولة كأس العلا للهجن
حرس الحدود» السعودي يضبط كميات من القات المهرب جنوب المملكة
هيئة الأسرى والمختطفين .. جماعة الحوثي المسلحة أصدرت 145 قرار إعدام بحق مختطفين مدنيين
الجزائية في عدن تصدر أحكام إعدم وسجن بحق أفراد عصابة ادينوا في اغتيال ائمة مساجد وضباط عسكريين.. الأسماء
عملة موحدة وبنك مركزي مستقل.. مبعوث الأمم المتحدة يتحدث عن ''الهدف'' من الاتفاق الأخير بين الشرعية والحوثيين
عاجل.. السعودية تصدر بيان بشأن الإتفاق المعلن بين الحكومة اليمنية والحوثيين
بسعر صرف 1884 ريالا.. اعلان جديد للبنك المركزي اليمني
جدول مباريات المنتخبات العربية لكرة القدم في اولمبياد باريس
كثير هم الحكام الجمهوريون الذين سقطوا في السنوات العشرين الأخيرة بين قتيل وطريد لسبب واحد مشترك هو تنكرهم لمعنى النظام الجمهوري ومبدأ تداول السلطة. ولو أنهم لم يتمردوا على ذلك المبدأ ولم يتمسكوا بالسلطة حتى الموت أو العزل بطريقة مهينة وبالغة الإذلال لما أصابهم ذلك الشر و لا عرفت بلدانهم التفتت وصارت ميداناً للفوضى.
وما حدث بالأمس في السودان ما هو إلاَّ لقطة من المسلسل الدراماتيكي الذي يعكس أحوال الوطن العربي ويكشف الأسباب الحقيقية لتخلفه وتدهور أوضاعه السياسية والاقتصادية. ومهما كانت النتائج التي سوف يسفر عنها الوضع الراهن في الخرطوم فإن فصلاً جديداً يكتبه الشعب السوداني طلباً للأمن والاستقرار والحرية ولقمة العيش ، عسى ألا يلحق هذا البلد بغيره من البلدان العربية التي لم تتمتع منذ وقت طويل بفترة من الاستقرار والشعور بالطمأنينة.
والسؤال الذي يتردد على كل لسان هو : ما ذنب بعض أقطارنا العربية ليكون هذا هو واقعها وذلك هو مصيرها؟ وما ذنب أبنائها ليكونوا عرضة للتمزقات والانقسامات والمعاناة الدائمة.
عرفت السودان لأول مرة بعد سنوات قليلة من فوزه بالاستقلال وكان يومها يفيض بالخيرات، كل شيء من اللحوم والفواكه والخضروات يباع بقروش قليلة لا بالجنيهات، وكان الجنيه السوداني -يومذاك- يساوي الجنيه الإنجليزي وقد يتفوق عليه، وعندما زرت السودان للمرة الثانية كان الأمر قد اختلف كثيراً، أما في الزيارة الثالثة فقد وجدت سوداناً لا علاقة له بالسودان الذي عرفته في أواخر الخمسينات. كان كل شيء قد تبدل وتغيرّ وكأني في سودان آخر ، وإن بقى منه شيء واحد لم يتغير كثيراً هو الإنسان العربي السوداني في شهامته وابتسامته واستقباله للحياة بقدر كبير من الأمل والشعور بالبهجة ولو في قلب المأساة . وأتخيله الآن وسط الاضطراب الراهن وهو أبعد ما يكون عن اليأس والشعور بالإحباط وأكاد ألمحه وهو يرقص ويغني ويردد الكلمة المشهورة والمتداولة في الأوساط الشعبية «أبشر». بما لها من دلاله تفاؤلية.
لقد جنى الحكام الجمهوريون الخارجون عن مبادئ هذا النظام، على أنفسهم وعلى بلدانهم، وشكلوا بتمسكهم غير المبرر في تكريس الحكم عقبة في طريق التطور والتنمية ، وتحولت كل جهودهم إلى حراسة كراسي الحكم وحمايتها من السطو والانتفاض، ولم يعد للسلطة الحاكمة من مهمة خارج هذه المهمة التي تخص الحاكم وكرسي الحكم.
وكم كان الخير الذي سيعود على الشعب وعلى الحاكم في حالة الأخذ بمبدأ تداول السلطة والاقتناع بسنوات محدودة يقضيها الحاكم في السلطة ثم يعود مواطناً صالحاً تسبق اسمه صفة الرئيس السابق مع قدر من الاحترام والإجلال بدلاً عن استئثاره بالحكم لفترة قد تطول ولكن نهايتها حتمية ومعلومة مسبقاً.
ثلاثون عاماً هي الفترة التي أمضاها الرئيس عمر البشير في الحكم المطلق كامل الصلاحيات خالص النفوذ، لكنها لا تساوي يوماً واحداً في السجن ولا تغني عن ساعة من الشعور بالقهر وفقدان كل شيء ابتداء من السلطة إلى السمعة وإلى الاستقرار النفسي الذي يتمتع به المواطن العادي.
ولم يحدث حتى الآن ، أن حاكماً من هؤلاء الذين أمسكوا الحكم بأيديهم وأظافرهم وأنيابهم قد سجل مشاعره عن لحظة السقوط المريع لعل فيها من العبرة ما ينفع أولئك الطامعين في السلطة المطلقة والذين لا يريدون أن تكون فترة الحكم الجمهوري تزيد على ثماني سنوات أو عشر سنوات حسب ما يحدده الدستور وتقتضيه مصلحة الحاكم والمحكوم.