خالد الرويشان يتحدث عن تصرفات حوثية لن يتخيّلَها حتى الشيطان:عارٌ علينا أن نصمت اللواء العرادة يطالب المجتمع الدول بإتخاذ تدابير عاجلة تجفف منابع الدعم الخارجي للمليشيات مليشيات الحوثي تحول مدارس صنعاء إلى معسكرات تدريب للطلاب حزب الإصلاح يلتقي بعيدروس الزبيدي مركز مكافحة الإرهاب الأمريكي يتحدث عن نقاط ضعف الحوثيين القابلة للاستغلال وحقيقة قدرتهم على تحديد هوية السفن وتعقبها وضربها سلاسل بشرية بمدينة مأرب تضامنا مع الشعب الفلسطيني ودعما لقطاع غزة - صور وزير الخارجية يستقبل الرحالة اليمني منير الدهمي بالرياض الضالع.. القوات المشتركة تدمر مرابض قناصه المليشيا وتحرز تقدما ميدانيا تفاصيل لقاء وزير الدفاع ومحافظ حضرموت باللجنة الأمنية بالمحافظة محكمة الجنائية الدولية تصدر أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالانت وتكشف عن أسبابها المنطقية
كثر الحديث عن المِشاريع الإقليمية والدولية التي تتربص بمنطقتنا العربية ونحن العرب أصحاب الشأن نسمع ونرى، ولكي نأكل نحيا، وننام ونصحا ولا ندري ما هو مشروعنا.
المشروعان الأمريكي والإيراني يتصارعان ومنطقتنا العربية هي الهدف وهي الميدان، ولكن لا ندري إن كان قد قُدر لنا (تباً للقدر) أم فُرض علينا (لماذا يفرض علينا؟) أم اختارنا بأنفسنا (بئس الاختيار) أن نكون تابعين أما للأول وهو ظاهر أو للأخر وهو غير معلن . ألا يوجد خيار ثالث لمشروع عربي مستقل يحفظ مصالح الأمة، ويتجنب العداء أو المواجهة والصدام مع كلا القوتين؟!.
أولاً، لا بد من وضع كلا المشروعين الأمريكي والإيراني في الميزان ومن ثم إخراج المشروع العربي. المشروع الأمريكي معلن وواضح، باسم "الشرق الأوسط الكبير" أو "الجديد" ، يقوم على تجزئة الدول العربية وتعطيل الجامعة العربية، ودمج إسرائيل في المنطقة والاعتراف بها لتصبح القوة الإقليمية القائدة، وخلق عدو جديد يكون بمثابة القاسم المشترك بين أمريكا ودول المنطقة. هذا العدو كما تروج له الولايات المتحدة وإسرائيل هو إيران، بعد الخلاص من دمية صدام.
إذا أردنا البحث عن ما تبقى من مصالحنا ونظرنا إلى هذا المشروع من زاوية مستقلة لوجدناه لا يقدم للعرب سوى الوهم وهو الوقوف في وجه إيران - وإن كانت صاحبة أطماع في المنطقة- وينسينا العدو المغتصب لأرضنا وهو إسرائيل. إذاً، هل من الصواب أن ننقاد وراء هذا المشروع كالعميان ونصفق ونهلل على أنغام "مواجهة الخطر الإيراني" ؟!.
بالمقابل، المشروع الإيراني يتمحور حول حماية مصالح إيران في المنطقة وتوسيع نفوذها عبر حلفائها الشيعة في العراق ولبنان وبعض الجماعات في الدول العربية، ووضع يافطة المواجهة مع إسرائيل كقاسم مشترك مع العرب باعتبار إسرائيل عدواً للعرب وإيران. إذا وضعنا هذا المشروع أيضاً في ميزان المصالح سندرك أن إيران صاحبة المشروع دولة إقليمية مستقلة لها مصالحها وأطماعها.
ولكن هنا، هل من المنطق أن ننجر وراء المشروع الإيراني ، طالما أنه يعزف على وتر "مواجهة العدو الأول والمشترك إسرائيل"؟!.
الصواب هو أن ندقن التفكير بلغة المصالح، فإذا أنقدنا وراء المشروع الأمريكي فنحن المستهدفون والضحايا وإذا أنسقنا وراء إيران فقد نصبح يوماً تابعين ورعايا.. مرة أخرى نتساءل عن الخيار البديل.. الخيار هو الخروج بمشروع عربي مستقل يولد من رحم الأمة، ليحميها من أطماع إيران وهيمنة الولايات المتحدة وإسرائيل، ويقوم على الحوار مع كلا القوتين، بدلاً عن مشاريع التبعية ومناهج الشكاء والبكاء، لان ذلك لن يكون بديلاً للحوار. وإذا لم ننتهج الحوار فما هي البدائل الأخرى؟ وإذا بقي الأمر كما هو علية سيضيع العرب في زحمة الصراع.
على الطرف الأول للمشروع العربي ينبغي ان يقف الحوار مع إيران والذي يجب ان يقوم على المصارحة، بحيث يطرح الجانبان مخاوفهم ومطالبهم ويتعهدا بعدم العمل ضد الأخر. وبغض النظر عن كون إيران دولة إسلامية ، فلنتحاور معها كما نتحاور مع روسيا أو الصين، حوار تحكمه لغة المصالح، بحيث يهدف هذا الحوار إلى التزام الجانبين الإيراني والعربي بالامتناع عن أي أعمال عدائية أو استفزازية أو تهديدات ضد الأخر، وضمان عدم التدخل الإيراني في شئون الدول العربية من خلال وقف الدعم للجماعات الشيعية ، وإنهاء الاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية الثلاث ، واحترام المؤسسات الدينية السنية والشيعية ووقف حملات الإساءة والطعن في أعلام المذهبين السني والشيعي وإشاعة روح التسامح، وتجنيب العالم الإسلامي للانقسام المذهبي وبوادر الفتنة السنية الشيعية.
ويمكن أن يكون لهذا الحوار ثلاثة محاور: الأول سياسي يتولاه القادة السياسيون والثاني مذهبي يقوده علماء الدين من المذهبين الشيعي والسني والثالث ثقافي تقوم به القنوات الغير رسمية من مؤسسات المجتمع المدني ورجال الفكر والإعلام والثقافة والأكاديميين . وبالتالي فالحوار المذهبي السني الشيعي قد يسبق الحوار السياسي ويثمر بنتائج تخدم وتسهل ذلك الحوار، لأنه إذا أمعنا النظر في المشروع الإيراني سنرى أن أدواته هي الجماعات الشيعية. كما أن الحوار الثقافي قد يأخذ وقتاً أطول وله أهداف بعيدة المدى وهي زرع الثقة المفقودة بين شعوب الجانبين.
ولكن من العوائق التي ستقف في طريق هذا الحوار هو الفيتو الأمريكي القائم على بعض المخاوف، منها ان الحوار مع إيران سيمثل تهديد للمصالح الأمريكية وسيشكل خطر على حليفتها إسرائيل. وفي هذه الحالة لا بد أن يفهم الجانب الأمريكي أن الحوار العربي الإيراني سيخلق الاستقرار في هذه المنطقة المحتضنة لأكثر من نصف احتياطي العالم من النفط و ثلثي احتياطي الغاز وهو ما يمثل - أي الاستقرار- للولايات المتحدة ضمان وصول متطلبات الطاقة إليها. وبذلك فالحوار العربي- الإيراني أمر لا يمكن تجاهله مهما كانت الضغوط الأمريكية، وهنا يمكن أن يكون للجامعة العربية الدور الأكبر في إطلاق هذه المبادرة باعتبارها البيت الجامع لكل العرب. غير أنه لا ينبغي أن تفهم الدعوة لهذا الحوار كمؤشر ضعف عند العرب، بل على العكس من ذلك ستمثل بداية للملمة الصف العربي الذي نصبو إليه.
على الطرف الأخر للمشروع العربي يأتي الحوار العربي- الأمريكي، رغم أن الولايات المتحدة تتعمد التعامل مع الدول العربية كوحدات مختلفة. وهو ما رأيناه في حوار الولايات المتحدة مع بعض دول مجلس التعاون الخليجي لتوقيع اتفاقيات التجارة الحرة. فالولايات المتحدة تسعى لإبرام هذه الاتفاقيات بصورة منفصلة مع بعض دول الخليج مع أن هذه الدول تنطوي تحت "مجلس التعاون لدول الخليج العربية" ككتلة اقتصادية واحدة. بالرغم من ذلك لا بد أن يقعد العرب مع الولايات المتحدة حول طاولة واحدة يضعون عليها مطالبهم ومخاوفهم على أن يكون الهدف من الحوار هو ضمان عدم تدخل الولايات المتحدة في شئون دول المنطقة مقابل ضمان مصالحها الهامة. ولكن من المخاوف التي سيطرحها الأمريكان على الطاولة هو أمن إسرائيل، وحينئذٍ ستكون المبادرة العربية للسلام التي أطلقت في عام 2002م والخاصة بالموقف من إسرائيل هي الرد المناسب على تلك المخاوف.
أخيراً، إذا لم يبادر بالحوار-لاسيما العربي – الإيراني- رجال السياسة الكبار وأصحاب القرار فالمجال مفتوح للمسار الثالث الخاص بدور القنوات الغير رسمية من الأوساط المدنية والتي يمكن ان تقود حوار سيكون من ثمراته زرع الثقة بين العرب وإيران. يمكن أن تقوم الأوساط الغير رسمية في الجانبين العربي والإيراني- والتي لا تحتاج إلى تفويض أو قرار سياسي من صناع السياسة- بتشكيل فريق من كل طرف يضم رجال الثقافة والفكر والإعلام والأكاديميين ومنظمات المجتمع المدني المختلفة ومن ثم البدء بحوار صريح ومفتوح يطرق كل ألأبواب ويزيل المخاوف والشكوك ويزرع جسر من الثقة المفقودة بين الطرفين، وبالتالي قد يمثل ذلك أساساً لحوار مستقبلي على المستوى الرسمي.