من اجل كرامة الجيش
بقلم/ عارف علي العمري
نشر منذ: 10 سنوات و 4 أشهر و يومين
الثلاثاء 22 يوليو-تموز 2014 06:51 م

استشهاد البطل حميد القشيبي ليس  حدث عابر يمكن أن يمر بسهولة فمقتل البطل القشيبي هي أولى محاولات القوى الشريرة تدمير  مشروع الدولة المدنية التي بدئت ملامحها تتضح من خلال مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل , كما ان المؤشرات الأولية للموقف الرسمي والدولي تحمل في طياتها العديد من الدلالات التي تؤكد وبما لايدع مجالاً للشك أن هناك تواطىء إقليمي ودولي لتمكين الحوثي من تنفيذ مشروعه الطائفي الذي يقوم على استعباد الناس وقتل المعارضين وتدمير منازلهم.

ومقتل رجل عسكري كان له شرف القتال في عدداً من الجبهات بحجم العميد الركن حميد القشيبي سيجعل الكثير من القادة العسكريين والأمنيين يضعون آلف علامة استفهام حول مستقبلهم في ظل السكوت المطبق على مثل هكذا جريمة , وبالتالي اتخاذ عدداً من التدابير في أجندة العسكريين والأمنيين لعل أولها هو إسقاط مبدىء الوطن وحمايته من قواميسهم العسكرية , فمستخلص الدرس واضح جداً , ومفاده تخليص الجيش من القادة المخلصين والوطنيين , وفتح باب الثناء لكل من يراوغ ويلعب بعيداً عن الضمير الوطني والقسم العسكري.

إن سقوط لواء عسكري بأكمله يوجد بداخله اكبر ترسانة عسكرية في المنطقة العسكرية السادسة ومقتل قائده دون موقف جدي وفعلي من قبل الجهات الرسمية وأولها وزارة الدفاع يفتح الشهية أمام الجماعات المسلحة لترتكب المزيد من مجازرها , وبالتالي يشجع على استمرار مسلسل الفوضى وبث الرعب وفقد السيطرة على كثير من المناطق الإستراتجية في أكثر من محافظة.

والأخطر من ذلك أن مثل تلك الأحداث التي تستهدف قيادة عليا في الجيش والأمن قد يفتح الباب على مصراعيه أمام تمرد عسكري يطيح بقادة الدفاع وهيئة الأركان العامة , وخلق مشهد عسكري جديد قد لا يستطيع رئيس الجمهورية السيطرة عليه , وبالتالي عودة القبضة العسكرية وسقوط مشروع الدولة المدنية والى الأبد , ومايجب على رئيس الجمهورية ان يعمله الآن فوراً هو إعادة النظر في سياسة الدولة تجاه المجموعات المسلحة وخروج الدولة من وضع الوسيط إلى وضع المتحكم الذي له حق الأمر والنهي , فالمشروعية الدستورية التي حصل عليها المشير هادي تعطيه الحق الكامل في اتخاذ كل ما من شانه آن يعيد هيبة الدولة ويحقق بسط نفوذها على كل أرجاء اليمن.

ندرك جيداً أن هناك مشاريع دولية متداخلة في اليمن وان من يدفع الكثير من المال يحقق المزيد من المكاسب    ولكن يجب أن نعرف جيداً ان أي انتفاضة في صفوف الجيش قد تجعلنا نخسر الدول الصديقة ومعها نخسر مشروع الدولة المدنية , وهو مايتوجب علينا أن نبتعد عن اللعب بدماء الجيش وان نعيد للجندي مهما كان موقعه العسكري كرامته التي امتهنت في سوق الاملاءات الدولية والمشاريع الخارجية التي تأتي على حساب الوطن وأبنائه.

إن الكلفة التي ستدفعها اليمن في المستقبل بسبب ماحدث في عمران وسكوت وزارة الدفاع عن كل ماجرى ستكون بكل تأكيد اكبر مما حدث , وستدفع الدولة ومعها الشعب فاتورة باهظة لا احد يستطيع ان يتصور مداها, ستتداخل الأجندة الدولية مع بعضها , وستأخذ الصراعات التي جرت هناك بعداً أخر قد يكون ذلك البعد طائفي أو قبلي أو جهوي وقد تجتمع في الصراع القادم كل الأبعاد المذكورة.

من غير المنطق ان يظل القادة العسكريين والأمنيين عرضة للقتل في اغلب محافظات الجمهورية وان نكتفي برسائل التعزية وذرف دموع التماسيح , وان يزداد الخطر على الجمهورية يوماً بعد أخر ونحن ننتظر ماذا سيفعله مجلس الأمن الدولي .

الأمم المتحدة عموماً والولايات المتحدة الأمريكية خصوصاً مشروعها واضح في اليمن فهي ستدفع بكل ثقلها إلى إذكاء الصراعات من خلال الإيعاز إلى بعض الدول العربية التي تسير في مسار أمريكا بتمويل تلك الصراعات , وحين يكون اليمن قد أنهك أبنائه ودمرت منازله وشرد أطفاله ستتدخل الأمم المتحدة لتطبيق البند السابع من العقوبات وسيكون اليمن بكله وليس فئة دون أخرى تحت الباب السابع, ستدخل الموارد الاقتصادية والسيادة وحتى الحرية الشخصية تحت الباب السابع, وحينها سيتذكر اليمنيون جيداً تلك الدولة الضعيفة التي أوصلت اليمن إلى هاوية الاستعمار الغربي الجديد.