خالد الرويشان يتحدث عن تصرفات حوثية لن يتخيّلَها حتى الشيطان:عارٌ علينا أن نصمت اللواء العرادة يطالب المجتمع الدول بإتخاذ تدابير عاجلة تجفف منابع الدعم الخارجي للمليشيات مليشيات الحوثي تحول مدارس صنعاء إلى معسكرات تدريب للطلاب حزب الإصلاح يلتقي بعيدروس الزبيدي مركز مكافحة الإرهاب الأمريكي يتحدث عن نقاط ضعف الحوثيين القابلة للاستغلال وحقيقة قدرتهم على تحديد هوية السفن وتعقبها وضربها سلاسل بشرية بمدينة مأرب تضامنا مع الشعب الفلسطيني ودعما لقطاع غزة - صور وزير الخارجية يستقبل الرحالة اليمني منير الدهمي بالرياض الضالع.. القوات المشتركة تدمر مرابض قناصه المليشيا وتحرز تقدما ميدانيا تفاصيل لقاء وزير الدفاع ومحافظ حضرموت باللجنة الأمنية بالمحافظة محكمة الجنائية الدولية تصدر أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالانت وتكشف عن أسبابها المنطقية
مأرب برس - خاص
في كل خطاب للرئيس أمام مجموعة من الشباب نجده دائما ما يحثهم على الاستعداد بالتضحية بأرواحهم ودمائهم " الزكية " من أجل المحافظة على الوطن والجمهورية والوحدة ، وقد نلاحظ هنا أن كلمة دماء هي من أكثر الكلمات استخداما على لسان رئيس الدولة منذ فترة طويلة وبالكاد يخلوا خطاب له منها وهي التي تحمل في طياتها الكثير من المعاني ، ربما أقلها الخروج من أزمة حرب إلى الدخول مباشرة إلى أزمة أخرى لا تقل دموية عن سابقتها.
لكن أين هي المشكلة في الدفاع عن الوطن وبذل الغالي والرخيص له ، بالنسبة لي ثمة مشكلة لا أستطيع تجاوزها ولست مستعدا بالتضحية لأي شيء من أجل ما سمي "بالوطن" ،
وبناءً على هذا الموقف قد يرى البعض أن هذا التصرف غريب جدا والبعض الآخر و الأكثر تطرفا قد يراه خيانة لا تغتفر، لكن قبل إطلاق النعوت وبشكل عشوائي علينا أن نفهم جيدا ما لنا وما علينا حتى على الأقل نكون منصفين في إصدار أحكامنا .
فالرئيس حين يتحدث إلى زهرة شبابنا مطالبا بدمائهم من أجل المحافظة على منجزاته العظيمة ، هو يتحدث إليهم بشكل لا يكون هو وأبنائه وحاشيته معـهم ، بمعنى أنـه يقـول : " أنتم من سيضحى لأجل الوحدة ، أنتم من سيقدمون أرواحهم رخيصة " ، ولا يقول نحن من سنضحي بدمائنا جميعا لأجل هذا الوطن ، طبعا هذه المفردات التي تستخدم بتكرار دائم ومستمر تعطي انطباع بأنه هناك فئتين من الشعب ولكل فئة وظيفتها ، ففئة هي من أهم واجباتها أن تموت بكل سهولة لأجل المنجزات التاريخية ، وفئة مهمتها أن تحكم اليمن وتتمتع بهذه " المنجزات " المفترضة .
ألا يتبادر إلى الذهن أنه لماذا يكرر الرئيس جملته تلك دون أن يلفت أحد انتباهه بأن الجميع رؤساء ومرؤوسين هم مواطنين وهم من يجب أن يضحوا و بشكل جماعي وبلا تفرقة من أجل هذا الوطن ، لكن وعلى ما يبدوا أن حالة الوعي الباطني متفقة مع الخطاب العلني ..هم يضحون ويموتون ونحن نمتدح هذه الأعمال الجليلة ونبقى في الحكم .
طبعا هذه الزاوية ليست وحدها من تجعلني أحجم عن تقديم روحي أو روح طفلي فداءً للوحدة والثورة ، وذلك لأني أقدس الحياة ، ولا أعتقد انه هناك شيء في هذا الكون يستحق أن أتخلى عن حياتي لأجله ، ولأني أؤمن بأن العمل وأنا على قيد الحياة من أجل الإصلاح أفضل بمئات المرات من العمل في ما بعد الموت، ومع ذلك ليست هذه أحد أهم الأسباب الرئيسية التي تمنعني من تقديم أي شيء لهذا الوطن ، لأنه وبكل سهولة وطن مثل اليمن ماذا يستحق أن نعطيه ؟
وقبل الإجابة على هذا السؤال دعونا نتعرف ماذا تعني كلمة وطن ؟
فالوطن أو الوطنية لا يمكن لها أن تكون مفهومة المعاني دون أن يكون هناك تعريف منطقي وصادق لها ، وفي طبيعة الحال أن الوطن وكمفهوم تقليدي يعني الجماعة أو المحيط الذي ينتمي إليه الإنسان وهذا التعريف هو مما توارثه العرب منذ عهد القبيلة عندما كانت الحمية والعصبية هي من تشكل العلاقات بين الأفراد والجماعات وحينها لم تكن قد تشكلت إطلاقا مفاهيم المواطنة والواجبات الحديثة التي تقابل الحقوق كمفهوم قائم على الأرض والاستيطان إذ أن قبائل مرتحلة لم يكن بمقدورها إلا أن تدين بالولاء للجماعة قبل أي شيء آخر ، ثم تطور مفهوم الوطن في عصر الدولة والحدود ليتعلق مباشرة بالأرض الذي ولد عليها المرء ونشاء وربما أيضا مات والمواطنة تعني هي الأخرى الولاء لهذه الأرض والدفاع عنها وهذا المفهوم صار هو الآخر قديما ولا يتسق مع المفاهيم العصرية الحالية ، لأن تعريف الوطن بهذا الشكل المذكور هو تعريف كلاسيكي قديم أحسب أنه سقط مقابل المواطن ، بينما الوطنية لم تعد ذات مجال واسع الحضور لأنها منذ البداية كانت مبهمة وذات رموز مشوشة قد تجعل المرء بسببها مطاردا لبقية حياته.
إذا المواطن مقابل الوطن ، لأن لفظة الوطن عالميا صارت شبه مستغربة خاصة إذا سمعوها من مواطني دول العالم الثالث ، فهم لا يفهمون كيف هذا الإنسان النحيل الأمي المصاب بكل تلك الأوبئة يكرر لفظة وطن ويدافع عنها لا لشيء سوى أنه تصادف أن حياته بدأت بتلك المنطقة من الأرض .
هل من الكافي أن أتواجد في أرض معينة حتى أحمل لها الولاء لبقية حياتي ، هل الوطن لدينا هي حالة من العبودية والوثنية تشبه التعلق بالرمال والصحراء والجبال وبأسمال الحاكم ، أم أن الوطن غدا له مفهومه الأكثر إنصافا ؟
يوما بعد يوم تتعالى قيمة الإنسان ، لأنه هو أهم الكائنات الموجودة على هذه الأرض وهو من يديرها بشكل أو بآخر وهو المسيطر عليها والمستفيد من ثرواتها الطبيعية والصناعية وهو من سخر كل تلك الأشياء لأجل رفاهيته ، وإذا كان الأمر كذلك ، فلماذا لا يكون العكس هو ما يحصل ، بمعنى لماذا لا يكون الوطن هو من يضحي لأجل المواطن ، وأن تكون الدولة هي من تبذل الدماء " الزكية " لأجل سعادة المواطن .
هذه العلاقة الجدلية بين الوطن والمواطن رست أخيرا على هذا المفهوم ، وهو أن للمواطن حقوقا ليست مقتصرة على الولاء للمباني العتيقة والرمال وحسب ، بل أنها مبنية على حق العيش له ولأسرته بكرامة وإنصاف وتأمين التعليم والعلاج والعمل وحرية التفكير والعقيدة والمساواة بينه وبين كل مواطن آخر على الأسس المدنية لا العشائرية أو المذهبية ودولة تكون قائمة على المؤسسات المستقلة ونظام ديمقراطي ، و عليه سوف يتشكل تلقائيا مفهوم الوطن والمواطنة الذي حينها قد يفكر المرء هل تستحق هذه البقعة التضحية من اجلها حفاظا على مصالحه الفردية أولا ثم المصالح الجماعية المرتبطة بوجوده مباشرة ، أما الوطن الذي يتم التحدث عنه الآن وهو شبه أطلال فلا أعتقد انه هنالك فعلا من يفكر أن يموت لأجله ويترك عائلته وأسرته في مهب نظام حاكم لا يفكر إلا في نفسه أولا وأخيرا ، وكل الحزن على من ذهب محرقة لتلك الشعارات الكاذبة ثم في النهاية ينسى بينما تبقى فئة حاكمة تتمتع بكل تلك الامتيازات والأموال والنفوذ بشكل أبدي وتخرج لتقول : نريد المزيد من الدماء لأجل هذا الوطن والجمهورية والوحدة !!
benziyazan@hotmail.com