المواطن والدولة.. بين معادلة السياسة والمصالح !
بقلم/ محيى الدين جرمة
نشر منذ: 11 سنة و شهرين
الثلاثاء 24 سبتمبر-أيلول 2013 05:54 م

"هم جالسين ينهبوا حقنا ويخربوا عيش الناس,كرامة في ضياع ولا دولة".. عبارة بسيطة لكنها نقدية وعميقة لمواطن يمني يقارب عمره فوق الستين كان يجلس صباح أمس في شارع المطاعم, بمحيط التحرير, بالأمانة, المواطن يعاني وينتقد بما يحسه بشكل مباشر وقد أخذ يشكو الجوع والعوز وضيق الحال,قال آخر بجواره كان يشرب "شاي حليب" عند"مدهش", من أين أنت حج, رد الستيني "من الجن" وغادر لتوه, كان رده مدعاة لضحك آخرين في نفس المقهى وحوار طاولات حديدية صلعاء من فرط سماعها أحاديث حول السياسة وأحاديث وهموم ومشكلات اليمني التي لا تنتهي كما يبدو.؟!

مع مخاضات المشهد منذ انطلاق فكرة التغيير في 2011 في بعض دول المنطقة طالما حلم الناس بأن تنتهي معاناتهم ويأتي يوم لا يتحدثون فيه سوى عن أمور تتجاوز النمطيات الاجتماعية أو السياسية في طريقة التفكير,ولعل الناس قد يعولون على ما كان قد أخذ في التشكل كحالة فرز وكشف واسع ومباشر لعديد بعض القوى التي يذهب محللون وخبراء إستراتيجيون إلى أنها حتى وإن كانت لديها نفوذ يعبث وعنجهيات تطال الشعب باستهداف الفكرة التي يمكنها تأمين الحماية بالمعنى الوطني العام للتراب ومقدرات أمة.

تزداد الممارسات الخاطئة لقوى متنفذة ليترجم ذلك غياب للقوانين الطبيعية ذاتها وكخلل في بنية الوعي السياسي في الحكم, وعدم إدراك عتبة المراحل على خطورتها وحملها محمل المسئولية الجدية في إنتاج معادلة حقيقية, لا تخضع للمساومات, ضد قيم ما يفترض أن ترسى وتكرس كقيم لدولة مؤسسية,لا أن تبقى دولة في حالة غياب عن الوعي حد العبث واللامعقول, حدا يقف معه المرء إزاء دلالات عدم وجود الدولة سوى كلافتة "خرج للصلاة وسيعود" فيما المعول أن لا تتعطل الدولة أو تتقيد بأي فرض لمصالح تقف على الضد من مفهوما وبناها كمنظومة تتعلق بشأن عام ينشد الاستقرار في الدولة والحياة.

الدولة تتلاشى ولا تساوي شيئا إن لم تنتظم معنى كونها قيم وتحصينات دفاعية وصيغة سلام وحفظ لكرامة وسيادة مجتمع وأرض,والدولة تستمد وجودها من عدة قيمة مدنية وأسس تتمثل التشريع والقوانين والرؤى والأعراف أيضا في استيعاب حالة التنوع الثقافي والاجتماعي وخصوصياته التي تكون هي من سيم الدولة المعيارية والمجتمع المعياري الطبيعي,وقبل كل ذلك تبقى الدولة شخصية الشعب والبلد لبناء الإنسان والحضارة وحداثة الاحتياج الماس في تطلب الأخذ بالخبرات وتمثل الدولة رؤية حضارية وجديدة للمجتمع في الحياة والتعايش, وهي صورة راقية من إدارة وأسلوب التطور المعرفي في حياة المجتمعات وبضوئها دول وبلدان وشعوب وحضارات.

في اليمن استمرت وتستمر مظاهر اللادولة في صورة مشاهد منفلتة وتصرفات غير مسئولة ولا مبالية بمن حولها, سواء أتت من نافذين من داخل بنية الدولة ومؤسساتها أو من خارجها, ذلك أن تسيدها على الشأن العام في تبقى صفاتها طارئة على ما يحلم ويطمح الناس من أجل تحقيقه, كما تغيب الدولة كلما دأبت على إضعاف نفسها من الداخل مع كل بروز جديد لمظاهر سالبة تنافي قيمها ومبادئها وأسسها كدولة و ككيان اجتماعي عام يصعب فكفكته, أو التأثير عليه بما قد يفقده توازناته الطبيعية, والتي ستبقى متماسكة بالخصوص في أحول وجود "واستنهاض وصون قوة إرادة عامة" لا تقبل الخصخصة أو التميع الأيدلوجي.

لا تستقر ملامح تشكل الدولة كهوية وطنية في ظل ممانعات, تبغي من وراءها عناوين وجهويات مجرد إرسال رسائل غزل بين أقطاب معادلة السياسية والمصالح, والأنكى أن تبرز حقيقة أن من يضعف شخصية الدولة تهاونها,ومهادنتها التاريخية, لقوى تضع نفسها فوق القانون والدولة نفسها,متناسية أنها في يوم ما ليس لا مناص من أن تصطدم حساباتها الخاصة بحسابات وأولويات شعب طالما تعرض للاستبداد والاستبعاد مرارا ,لكنه يبقى كشعب أداة يصعب التمادي في استبعاده لأنه المتمثل لمشروعية وهوية وشخصية الدولة وسيادة الوطن بما هو إنسانا وأرض وثروات واستراتيجية تبني على تراكم نضالات عدة وجسامة تضحيات.

Jh_send@yahoo.com