الرهان الخاسر في مواجهة الإنقلاب
بقلم/ نبيل الهتاري
نشر منذ: 10 سنوات و 7 أشهر و 8 أيام
الأحد 18 أغسطس-آب 2013 04:24 م

كلنا يتابع وباهتمام بالغ مجريات الأحداث في جمهورية مصر العربية التي تعتبر البؤرة المحورية في عالمنا العربي وأهم دولة في دول الربيع العربي.

خلال أيام ثورة الـ25 من يناير انتفض أحرار مصر ثائرين كالسيل الهادر لا يقف أمامهم أحد ولا تستطيع أي قوة كبح جماحهم وتمكنوا خلال 18 يوماً فقط من إسقاط نظام مبارك العسكري الذي كان يعتبر الأقوى في قمع معارضيه والأصعب في اسقاطه.

دارت عجلة الأحداث والتغيرات في المشهد السياسي المصري بسرعة فائقة ولم يكاد ينقضي عام واحد فقط من الحكم المدني حتى عاد النظام العسكري من جديد وهدفه الأول هو اجتثاث كل معارضيه وبالتحديد الإخوان المسلمين المتمثلين في حزب الحرية والعدالة الذين منحهم الشعب المصري ثقته واختارهم بشفافية عبر صناديق الإقتراع.

كان الشعار الذي رفعته ثورة 25 يناير هو سلمية الثورة وحرص الثوار على الإلتزام بسلميتهم لكنها أيضاً لم تمنعهم من الدفاع عن أنفسهم وأعراضهم في حال الإعتداء عليهم من قبل قوات الأمن والبلطجيه ويظهر هذا بجلاء في موقعة الجمل ففي ذلك اليوم جرت اشتباكات حاده بين الشرطة والثائرين مما دعت الكثير من رجال الشرطة للتقهقر والهروب أمام دفاع الثوار المستبسل في الدفاع عن أنفسهم. أيضاً قام المتظاهرون بإحراق العديد من المراكز الحكومية الهامه لا تخريبا للبلاد بل تعبيراً منهم عن رفضهم لإستمرارية حكم العسكر.

بدا الإخوان المسلمين في حالة سلمية تامه خلال ثورة 25 يناير وكذلك عند وصولهم إلى السلطة وحتى بعد الإنقلاب عليهم وهم في كل مرة يتجرعون نتائج سلميتهم السلبية ولكن الغريب في الأمر أنهم لا يزالون يراهنون على أن طريق الإنتصار هو السلمية التي يرونها طريقاً للخلاص والفوز.

وكذلك أيضاً وبعد وصول الإسلاميين لسدة الحكم وبطرق ديمقراطيه صحيحة بدأ معارضيهم في التربص بهم والتضييق عليهم بشتى الوسائل ولكن رد الحكومة المنتخبة حيال الإنقلابيين كان ردا سلبياً بامتياز وذلك بجمودهم في مربع السلمية المبالغ فيها وهذا يعكس فهمهم القاصر لتحمل المسؤولية في حماية الثورة والضرب على يد كل متآمر وعميل مهما كلف الأمر من تضحيات.

أصبح اليوم الاخوان المسلمون ليس كحزب سياسي وإنما كجماعة دينية هم الهدف الرئيسي للإنقلابيين ويظهر هذا جلياً من خلال المجازر الجماعية التي ترتكب بحقهم وكذلك من خلال التهديد الأخير لرئيس الوزراء الحالي بحل الجماعة بشكل كلي وإعلانه السافر(أن لا مصالحة مع من تلوثت أيديهم بالدماء)وكأنه يتناسى أنه هو من حمل آلة الذبح المشؤمة وشرَّح بها أجساد الملايين من أبناء شعبه المطالبين بحقوقهم العادلة.

 في الأخير يجب التذكير بأن تبني مبدأ سلمي في التعامل مع الخصم يلزمه بيئة مستقرة نوعا ما وهذا المبدأ أصلاً يحتاج إلى سنين طويلة كي يؤتي نتائج طيبة أما أن يتم تبنيه في ضرف حرج كما في مصر حالياً فهذا ليس إلا خنجراً يطعن صدر حامله الأمر الذي سيجعل إخوان مصر يعودون إلى مرحلة (الدعوة سراً) بعد تمكنهم من الوصول إلى سدة الحكم.