وزير الكهرباء في مواجهة العبث القومي
بقلم/ حسين اللسواس
نشر منذ: 10 سنوات و 8 أشهر و 20 يوماً
الأحد 07 يوليو-تموز 2013 04:40 م

في جهاز الأمن القومي لفيف محترف من المراهقين الذين لا يتوانون عن ارتكاب أي جرائم أو القيام بأي أعمال مهما كانت موغلة في السوء والعبث.

لقد إختارهم عمار محمد عبدالله صالح بعناية فائقة لكي يؤدوا هذه المهام والأعمال دون إقامة أي وزن لأية اعتبارات على الصعيد الأخلاقي أو الإنساني.

قبل فترة ليست بالقصيرة حصل جهاز الأمن القومي على معدات تقنية حديثة للتحكم بمصادر الطاقة والكهرباء وذلك تحت يافطة مكافحة الإرهاب.

لإدارة هذه الاجهزة اختار عمار صالح لفيفاً من المراهقين ليمارسوا شتى صنوف العبث بالطاقة الكهربائية ويلقوا باللائمة كالعادة تارة على وزارة الكهرباء وتارة اخرى على قُطاع الطرق في مأرب الذين يرتبطون بالجهاز ويقومون بمهمة وحيدة ألا وهي تبرير خروج محطة مأرب الغازية عن الخدمة كذريعة واهية لإنطفاءات الكهرباء التي ينفذها جهاز الأمن القومي دون علم رئيس الجهاز نفسه!

عقب وصول هذه المعدات التقنية الحساسة الخاصة بالتحكم بالكهرباء ومصادر الطاقة استهل مراهقوا الامن القومي عمليات اختبار واسعة النطاق لمعرفة مستوى قدرات هذه المعدات ومستويات التحكم التي تتيحها.

ولأن الجهاز إبان حكم الرئيس السابق علي عبدالله صالح كان يهيمن على كل الوزارات والمؤسسات السيادية في البلاد، فقد كان من السهولة بمكان ان يتم ربط الشبكة الكهربائية للجمهورية اليمنية بهذه المعدات التقنية التي حصل عليها الجهاز لاغراض تتصل بمكافحة الإرهاب.

مع تقادم الأحداث وبالأخص إبان ثورة الشباب السلمية المجيدة، استهلت الخلية المشرفة على إدارة معدات الكهرباء والطاقة في جهاز الأمن القومي او ما يسمى بـ(مركز التحكم بالكهرباء) عمليات عبث واسعة النطاق في شتى أنحاء البلاد، حيث صدرت إليهم أوامر من قيادة الجهاز السابقة بإطفاء التيار الكهربائي عن ساحات التغيير والحرية والأحياء المجاورة لها في معظم محافظات الجمهورية.

وبما أن المعدات التقنية الحديثة التي حصل عليها الأمن القومي تتيح لمستخدميها قدرات تحكمية هائلة في مولدات الطاقة الكهربائية فإن هذه القدرات منحتهم تحكماً كلياً ومطلقاً في كل مصادر الطاقة الكهربائية داخل الجمهورية اليمنية وهو ما أدى الى رهن مصير الكهرباء في أيدي مجموعة من المراهقين العابثين الذين يعملون في هذه المؤسسة..

ولأن عظم أنشطة وأعمال جهاز الأمن القومي بالغة السرية وتتم في أجواء من التكتم الشديد فإن القيادة الجديدة للجهاز ممثلة بالدكتور علي حسن الاحمدي لا يبدو انها تعلم اي شيء عن سيناريوهات العبث التي يقوم بها الجهاز في الطاقة الكهربائية، حيث يمارس مجموعة من المراهقين الذين أوكل إليهم عمار محمد عبدالله صالح هذه المهمة أنشطتهم دون علم او موافقة القيادة الشرعية للجهاز برئاسة الدكتور الأحمدي.

وزير الكهرباء في مواجهة العبث القومي

حين نطالع ما يدور في كواليس الكهرباء من عبث نجد انه من عدم الإنصاف ان يتم إلقاء اللائمة في ما يعانيه التيار الكهربائي من ترهل وانطفاءات متكررة داخل البلاد على وزارة الكهرباء والطاقة بقيادة الدكتور صالح سميع.

فثمة معلومات مؤكدة تشير الى ان إحدى خلايا جهاز الأمن القومي هي التي تعبث بالتيار الكهربائي في الجمهورية دون علم وزارة الكهرباء نفسها وإن شئنا الدقة أكثر دون علم القيادة الجديدة للوزارة التي يبدو أنها لا تعلم شيئاً عن ما يمارسه الجهاز من تحكم وعبث بالطاقة الكهربائية بشكل دائم ومستمر.

تتيح المعدات والأجهزة الالكترونية التي حصل عليها الجهاز للعاملين عليها كما سلفت الإشارة تحكماً كاملاً ومطلقاً، حيث بوسع احد موظفي الدائرة المشرفة على هذه المعدات ان يفصل التيار الكهربائي عن العاصمة صنعاء كاملة وهو في مكتبه داخل جهاز الأمن القومي بدون علم او دراية وزير الكهرباء او القائمين على المؤسسة العامة للكهرباء الذين لا يملكون في هذه الحالة سوى إلقاء اللائمة على مخربي مأرب الذين أخرجوا محطة مأرب الغازية عن الخدمة باعتداءاتهم المزعومة عليها..!

وبما أن عدداً من مهندسي المؤسسة العامة للكهرباء هم أصلاً ضباط في الأمن القومي فإن هذا الارتباط كُمين الجهاز من التستر على جرائم قطع التيار التي يقوم بها الجهاز متسبباً في خسائر فادحة للمواطنين والشركات والمؤسسات جراء العبث بالكهرباء سواءً لأسباب سياسية، او لأغراض الترفيه عن العاملين في هذه الخلية المسؤولة عن العبث بالكهرباء في الأمن القومي حيث يستمتعون في قطع التيار الكهربائي عن بعض من يوصفون بأعداء الأمن القومي وتبلغ متعتهم ذروتها حين يعلمون ان عملية فصل التيار قد تسببت في تعطيل أعمال المواطنين الذين طالتهم يد العبث القومية الآثمة بالكهرباء.

درهم يرث عمار

يعيش جهاز الأمن القومي حالة انفلات حقيقية، فرغم ان الرئيس هادي بقرار تعيينه للدكتور الأحمدي قد حاول معالجة عبث الجهاز بأمن الوطن –محاولة اغتيال وزير الدفاع أنموذجاَ- إلا ان هذا القرار لا يبدو كافياً للسيطرة على حجم العبث الذي لازال يمارسه الجهاز دون علم الدكتور علي حسن الأحمدي.

هنالك قطاعات ودوائر في الجهاز لا تخضع بشكل مباشر لسلطة الدكتور الأحمدي، حيث أنها تتبع )رجال عمار( الذين تم تعيينهم في عهده، وبما ان عمار قد رحل (صورياً) من الجهاز فقد آلت التركة الى فرعين أولهما معسكر ريمة حميد في سنحان الذي يشرف على إدارته عمار شخصياً، وثانيهما نواب عمار صالح في جهاز الأمن القومي وعلى رأسهم العميد احمد درهم وكيل قطاع الأمن الداخلي في جهاز الأمن القومي الذي يعد هو الدينامو المحرك للجهاز بمعية ضباط العمليات الذين عينهم عمار صالح.

الأمن القومي يتحكم بالكهرباء

وفق مصادر وثيقة الاطلاع، فإن المعدات التقنية الحساسة وتحديداً تلك المتعلقة بالعبث بالتيار الكهربائي التي يمتلكها جهاز الأمن القومي تتيح للعاملين على هذه المعدات تحكماً خيالياً يصل الى درجة قدرتهم على إطفاء التيار الكهربائي عن وزارة الكهرباء نفسها! ليس هذا فحسب إذ بوسعهم تعطيل اي مولد كهربائي في الجمهورية وبالأخص تلك التي تم ربطها بمعدات الجهاز في العهد البائد، كما بوسعهم ايضاً تعطيل محطة مأرب الغازية وإخراجها عن الخدمة بضغطه زر إلكترونية!

قدرات التحكم بالطاقة لا تبدو مقتصرة على هذا فحسب، إذ بوسع العاملين على هذه المعدات المتطورة ان يعبثوا بالتيار الكهربائي وان يحدثوا خللاً جسيماً في كل محطات توليد التيار الكهربائي دون ان علم القائمين عليها، وحين تحدث مثل هذه الأعمال يُقال لوزير الكهرباء ان خللاً فنياً قد أصاب محطات التوليد.

بوسع هؤلاء العابثين بالكهرباء الذين يعملون في الجهاز ان يقطعوا التيار الكهربائي عن من يريدون في شتى أنحاء الجمهورية، يمكنهم ايضاً تخريب الأجهزة التي تعمل بالتيار الكهربائي عن طريق العبث في ترددات التيار وهو ما يتسبب في إحراق بطاريات اللابتوب وتدمير الدوائر الكهربائية لبعض الأجهزة الالكترونية بموازاة إحراق المكثفات الكهربائية لبعض الأجهزة.

مستويات التحكم والعبث بكل ما له علاقة بالكهرباء لا تقف عند هذا فحسب، حيث ان المعدات الحديثة والمتطورة التي حصل عليها الأمن القومي تتيح للعاملين عليها ايضاً الدخول الى اي دوائر كهربائية مغلقة حتى تلك التي تعمل بمولدات طاقة تقليدية كتلك التي تُستخدم لتوليد الكهرباء في المنازل والمحلات التجارية حيث يمتلك الأمن القومي قدرة كاملة للتحكم فيها وإعطابها.

ضغطه زر تطفئ التيار..!

المشكلة الحقيقية تبدو في ان العاملين بهذه الخلية المعنية بالتحكم في الطاقة الكهربائية لا يخضعون لأي سلطة داخل البلاد سوى سلطة الضباط المسؤولين عنهم في عمليات الأمن القومي وقطاع الأمن الداخلي داخل الجهاز وبعض الدوائر التخصصية الأخرى وهي أماكن في واقع الأمر تبدو مغلقة على طريقة )الخطوط الحمراء( حتى على رئيس جهاز الأمن القومي الدكتور الأحمدي نفسه.

وبما أنها أماكن مغلقة فإن التحكم والعبث فيها يظل قائماً دون حسيب أو رقيب سوى أولئك الضباط الذين عينهم عمار محمد عبدالله صالح وخليفته في العبث بالجهاز العميد احمد درهم وكيل الجهاز لقطاع الأمن الداخلي.

في أحايين كثيرة يتم قطع التيار الكهربائي عن معظم أحياء العاصمة صنعاء دون علم وزير الكهرباء الدكتور صالح سميع!!

وحين يسأل الدكتور سميع عن مسببات انطفاء التيار عن معظم أحياء العاصمة يُقال له من قبل المهندسين الذين هم في واقع الأمر ضباط في الأمن القومي لقد حدث خلل فني في مولدات ومعدات التحويل!! بينما في واقع الأمر ان الكهرباء أطفئت بضغطه زر من داخل الجهاز دون علم وزير الكهرباء ودون دراية حتى من رئيس

الأمن القومي نفسه! يعاني وزير الكهرباء د. سميع الأمرين جراء هذا الواقع المرير، فحين يقرر العاملون في الخلية المسؤولة عن العبث بالكهرباء في جهاز الأمن القومي إطفاء التيار عن العاصمة يُفاجئ الوزير بذلك فيحاول احتواء الموقف دون فائدة حيث تجد كل محاولاته لإعادة التيار طريقها نحو الإخفاق حتى يقرر ضباط الأمن القومي إعادة التيار في الوقت الذين يريدون، حينها يقال للوزير خلاص يا فندم حلينا المشكلة..!

بين السياسة والترفيه!!

ثمة تأكيدات كثيرة تشير الى ان اللوبي المهيمن على جهاز الأمن القومي يستخدم هذه المعدات لأغراض سياسية وأحياناً لأغراض ترفيهية وبالأخص بالنسبة للفيف المراهقين الذين يعملون على هذه الأجهزة.

فإبان النظام السابق كانت تصدر إلى هؤلاء تعليمات من القيادة السابقة للجهاز بقطع التيار الكهربائي عن عدد من الشخصيات المعارضة للنظام بهدف تعطيل بعض أعمالها.

ذات السياسة كانت تُستخدم ايضاً مع عدد من المؤسسات التي تقوم بأدوار مناوئة للنظام السابق، حيث كان يتم إطفاء التيار الكهربائي عنها وهو ما تسبب في لجوء معظم هذه المؤسسات لشراء مولدات طاقة خاصة بها لتقليص حجم الخسائر الفادحة التي تتكبدها جراء العبث بالتيار الكهربائي من قبل الجهاز.

تسليم المعدات إلى وزير الكهرباء

جميعنا نعلم ان الدكتور الأحمدي ليس بوسعه إحداث تغيير جذري داخل هذه المؤسسة بشكل مفاجئ غير انه في الوقت عينه مطالب بالحد من مستويات العبث التي يقوم بها الجهاز وبالأخص تلك التي تتم بدون علمه.

بوسع الدكتور الاحمدي مثلاً ان يعهد الى وزارة الكهرباء بإدارة المعدات والأجهزة التي يمتلكها الأمن القومي والخاصة بالتحكم في التيار الكهربائي، إذ بلغة العقل والمنطق ماهي الحكمة من إمتلاك الجهاز لهذه المعدات التقنية الحديثة التي يتم استخدامها وتوظيفها على نحو سيئ من جانب القائمين عليها.

وبوسعه ايضاً –اي الدكتور الأحمدي- ان يُسلم هذه المعدات الى وزير الكهرباء للإستفادة منها في تطوير الشبكة الكهربائية للجمهورية اليمنية باعتباره –اي الوزير- هو الجهة المعنية بالإشراف على أجهزة التحكم في مصادر الطاقة الكهربائية التي يمتلكها جهاز الأمن القومي.

بوسع الدكتور كذلك ان يعهد بإدارة هذه الأجهزة الى أناس يثق فيهم شخصياً في حال تعذر تسليم هذه المعدات الى وزارة الكهرباء، شريطة ان لا تكون لديهم إرتباطات ولائية باللوبي المهيمن داخل الجهاز والمرتبط ولائياً هو الآخر بالقيادة السابقة للامن القومي.

ليس من المنطق في شيء ان يكتفي الدكتور الاحمدي بالفرجة للتعاطي مع هذا الواقع، فهنالك خسائر فادحة يتعرض لها المواطنون جراء سيناريوهات العبث بالطاقة الكهربائية التي يقوم بها لفيف من المراهقين عديمي المسؤولية في هذه المؤسسة.

وماذا بعد؟!

إزاء واقع كهذا يتعين على الدكتور الأحمدي ان لا يقف متفرجاً، لاسيما إذا ما علمنا انه – اي الدكتور- المسؤول الاول والأخير أمام القيادة السياسية والشعب اليمني عن ما يقوم به الامن القومي من عمليات وأنشطة سواءً أكان الدكتور مطلعاً عليها أم لا.

ثمة إجراءات كثيرة يمكن للدكتور ان يقوم بها للتعاطي مع هذا الواقع، على ان أبرز هذه الإجراءات يكمن في ضرورة السيطرة على قطاع الأمن الداخلي في جهاز الأمن القومي باعتباره أهم القطاعات داخل هذه المؤسسة لاسيما إذا ما علمنا

ان قيادة القطاع مازالت لديها ارتباطات شبكية ولائية معقدة بالقيادة السابقة للجهاز.

ولأن عملية السيطرة لا يمكن لها الحدوث طالما بقي الوضع الراهن كما هو، فإن عجله التغيير ينبغي ان تمضي قدماً عبر قرار بتكليف احد الضباط الجنوبيين كوكيل لقطاع الأمن الداخلي في جهاز الأمن القومي تمهيداً لصدور قرار جمهوري من الرئيس عبدربه منصور هادي بتعيينه رسمياً.

في ظل واقع الارتباطات الولائية القائم، لا يبدو ان الإبقاء على العميد احمد درهم يعد قراراً حكيماً لاسيما بالنسبة لرئيس الجهاز الذي يناضل من اجل الحصول على صلاحياته الكاملة.

أدرك ان الدكتور الاحمدي ليس من النوعية الإقصائية التي تحركها غرائز الاستحواذ، غير انه –كمسؤول أول وأخير- عن هذه المؤسسة معني بإيقاف العبث المتجاوز للحدود وبالأخص فيما يتعلق بالتيار الكهربائي وهذا لن يتأتى إلا بالتفكير

جدياً في إحداث تغييرات حقيقية تطال العميد احمد درهم وكيل قطاع الأمن الداخلي الذي يتعين ان يخضع لطائلة التغيير والإقصاء من موقعه الراهن وبحيث يتاح للدكتور الاستعانة بكوادر جنوبية كبدائل للضباط الذين لازالت لديهم إرتباطات ولائية بالقيادة السابقة.

ولأن الدكتور حسب معلوماتنا لا يحبذ النهج الإقصائي فيمكنه بعد إقصاء هؤلاء إعادة تعيينهم كمستشارين دون ان تكون لديهم اي سلطات تنفيذية في أعمال وأنشطة الجهاز اليومية.

بهذه الطريقة دون سواها يمكننا القول فعلاً ان جهاز الأمن القومي سيصبح في أيدٍ أمينة قادرة على إيقاف العبث المتجاوز للحدود الذي يقوم به مراهقو الجهاز المرتبطون بالقيادة السابقة وكفى!

al_leswas@hotmail.com