المواطن العربي والمواطن الغربي ( اليمن أنموذجا )
بقلم/ عبدالعزيز الصلاحي
نشر منذ: 11 سنة و 9 أشهر و 8 أيام
السبت 05 يناير-كانون الثاني 2013 06:48 م

لست هنا بصدد مدح الرجل الغربي او احتقار الرجل العربي , وكذلك لست بصدد مدح العادات والتقاليد المخالفة للشريعة الإسلامية او ذم ما يتوافق مع الشريعة الإسلامية , بل نذكر كيف أنهم ينضمون حياتهم ومعيشتهم ولو كانت بسيطة , ويحافظون على مواردهم وكيف نحن نعبث بحياتنا ومواردنا , التي أمرنا الله بالحفاظ عليها , وأمرنا بالعلم والعمل والأخذ بأسباب العزة والكرامة , معظم النظم والقوانين الغربية تتوافق مع روح الشريعة الإسلامية التي قد نغفلها من حياتنا تمام الإغفال ,

لا وجه للمقارنة بين اقتصاديات الدول المتقدمة والدول النامية , لا وجه للمقارنة بين مستوى معيشة الفرد بين تلك الدول وبين معيشة الفرد في الدول النامية واقصد بذلك اليمن مثلا , لا وجه للمقارنة بين موازنات تلك الدول وموازنة دولتنا الموقرة , لا وجه للمقارنة بين ما تحضي به تلك الدول من بنى تحتية وعمران راقي ومدن ذات شوارع منتظمة ومباني ناطحات السحاب وما تحضي به دولنا من خراب ودمار وتخلف .

لكننا في نفس الوقت نستطيع ان نقارن بين قدرات الفرد في الدول المتقدمة وبين الفرد في الدول النامية , بل اجزم ان معظم الشباب في الدول النامية أكثر نشاطا وكدا وتعبا من أولائك , ونستطيع ان نقارن بين مستوى الذكاء الفطري بين ذلك الفرد وهذا , ولذلك نتساءل ما لذي جعل المواطن الأوروبي والأمريكي والياباني وغيرهم يتفوقون على المواطن العربي والإسلامي في دول العامل الثالث , ما الذي جعلهم يتميزون على غيرهم في الثراء والرفاه والعزة , ما الأسباب التي جعلت الفروق واضحة وشاسعة بين تخلف مطبق وحضارة راقية وهائلة .

بدون شك عندما نرجع إلى الأسباب نجد أنها كثير وبسيطة أولها الجهل , وعدم اهتمام الدولة بالتعليم . كذلك العادات المتوارثة في أوساط المجتمع وخاصة اليمني , فالوالد يريد أن يحذى ابنه حذوه , بدون زيادة او نقصان , لم يفهم ان القدرات تختلف من شخص لآخر , والطموحات والاهتمامات أيضا تختلف , والعالم والطبيعة تتغير والسكان يزداد والموارد تتبدد اذا لم يكن هناك تجديد ولم يكن هناك تغيير وتطوير , فهذه الأشياء لا يمكن توارثها , كذلك عدم معرفة الآباء حقوقهم وواجباتهم وخاصة في المناطق الريفية , فهم يخلطون بين الحقوق والواجبات , لم يعلم ان من واجباته نحو أبنائه ان يربيهم ويكسيهم ويعلمهم , ويحافظ على حقوقه وكرامتهم حتى يبلغوا سن الرشد , فإذا ما بلغ هذه المرحلة صار حرا طليقا بضوابط العقل والرشد لكنه حرا طليقا بعملة وحقوقه وله التصرف في ماله ان كان يتيما أو غير ذلك , لو كان الأمر كذلك في أوساط المجتمع لرأينا الوضع مختلف تماما ولرأينا الإبداع والتجديد والتغيير والنهضة , فهذا هو الحاصل في الدول المتقدمة وهذا ما اغفلناه نحن في الدول العربية والإسلامية , بالرغم من ان الشرع والفطرة تهدي الى ذلك , وهذا من وجهة نظري اللبنة الأولى لبناء أي اقتصاد في العالم , فلا يمكن لأي اقتصاد ان ينهض بوجود هذا التخلف المتوارث , وتكبيل القدرات والمواهب , وتبديد الثروات وضياعها . هذا أمر .

الأمر الآخر عدم الاهتمام بالتنمية البشرية , وربط التعليم بالعمل وربط العمل بالإنتاج المتاح , فنرى كثير من الشباب الذين حصلوا على شهادات الثانوية العامة لا يدري ان يذهب وما هو التخصص المفيد له في حياته وما الطريق الذي يستطيع من خلالها ان يحصل عل عمل ليواصل مشواره في التعليم , ولا يعرف ايضا عن الاحتياجات الوظيفية والفرص المتاحة , فالدولة لم تهتم بهذا الجانب ولم تقدم اية مساعدات سواء مادية او معنوية او معلومات عن متطلبات الإدارات والفرص المختلفة المتاحة .

كذلك ايضا الفساد المتوارث في الإدارات والمرافق العامة للدولة , ووجود المحسوبيات , وعدم الاهتمام بلوائح العمل وتفعيل الرقابة ومبدأ الثواب والعقاب , وعدم وضع الاستراتيجيات والخطط لتطوير العمل الإداري وتقديم أفضل الخدمات , وعدم وجود المراكز المتخصصة لمواكبة الإدارة الإلكترونية والتكنولوجيا المتطورة , وتفعيلها التفعيل الأمثل والبحث عن فرص عمل إنتاجية جديدة للموظفين الذين يزيدون عن الحاجة في حال استخدم الإدارة الحديثة وليس تحويله الى عاطل عن العمل او متقاعد في سن مبكر بل يجب الاستفادة من خبراتهم في الإشراف والتطوير , وعمل دورات للموظفين الجدد بدلا من استيراد مدربين آخرين ,

كذلك عدم اهتمام الدولة بالمنتجات الزراعية الموسمية ووضع الحلول المناسبة لحفظ المحاصيل وتوزيعا على مدار السنة والحفاظ على سعر مفيد ومستقر للمنتج والمستهلك , وكذلك عدم الاهتمام بالمخلفات بأنواعها وإعادة تدويرها وصناعتها التي تعتبر اقل كلفة من المواد الخام بحيث نحافظ على نظافة البيئة من جهة ومن جهة أخرى الاستفادة من المواد في إعادة صناعتها وبيعها والاستفادة منها مرة أخرى.