طلاب اليمن في سوريا: لا تهدموا بيوتنا.
بقلم/ عبد الإله المنحمي
نشر منذ: 11 سنة و 10 أشهر و 25 يوماً
الجمعة 28 ديسمبر-كانون الأول 2012 07:36 م

هناك من يدعو لمسيرة لطرد السفير السوري من صنعاء.

لنفرض ان الخارجية اليمنية فعلتها, طردت السفير السوري من صنعاء. كارثة المجتمع اليمني بنخبه السياسة, انه لا يفكر دائمًا كما ينبغي. ثمة من يعتقد جازمًا ان مشكلة الأزمة السورية تتعلق بسفير سوريا لدى صنعاء, يذهب البعض بلا تأن الى الاعتقاد بان اقتحام مبنى القنصلية السورية في شارع حدة, سيعني دحرجة نظام دمشق.

السعودية(بثقلها) وقطر سحبتا سفارتيها من دمشق, النظام السوري, لم يعترف بعد بما يسمى بالجيش الحر. الخطاب الإعلامي والسياسي للنظام لم يتغير ايضًا, حتى بعد أن سحبت السعودية سفارتها.

ثمة أمور يجب ان تؤخذ جيدًا بعين الاعتبار, التظاهر للمطالبة برحيل السفير السوري من صنعاء, هو نكتة الأزمة السورية الى حد الآن, سيضحك الشعب السوري, من غير شك, لو وصلهم الخبر, وهو لن يصلهم في كل الأحوال.

لم يحدث ان خرجت الجماهير لذات المطلب إلا في اليمن, الشعب اليمني يتعرض للإبتزاز, تاريخيًا, من زمن نوح عليه السلام حتى علي عبد الله صالح, ولا يزال.

في العام 90 احتشدت الجماهير تهتف بما تبقى لديها من روح ودم, كان صدام حسين في تلك اللحظة قد احتل الكويت, حينها جاء الموفد الكويتي برئاسة الشاعر والأديب أحمد السقاف, ليقنع القيادة اليمنية ان الوحدة العربية لا تبدأ باغتصاب حقوق الأشقاء والجيران. لم يستوعب السقاف ما كان يجري انذاك, كان مشروع جامعة صنعاء لا يزال برسم التمويل الكويتي. أعتقد صالح لأول وهلة, أن صدام سيكمل مشروع بناء الجامعة على أي وجه, ليس هناك ما يخسره, مادام ان احتياطي النفط الكويتي سيصبح بحوزة صدام. فجأة؛ وجد صالح نفسه بمواجهة اثنين مليون عامل يمني عادوا (من السعودية) يجرون أذيال الكرامة. عض صالح على أصابع الندم سريعًا, لم يكن يتوقع ان نتائج حرب الخليج, ستظهر كوارثًا في أزقة صنعاء, طوفان البطالة وقتئذ, كاد ان يغرق صالح ومن معه.

صالح ومعه الشعب, هم ضحايا الحسابات الخاطئة منذ القدم, كانت عقلية صالحة صدئة جدًا, وكان الشعب أرعن مما ينبغي, وعندما خرج هذا الأخير لتصفية صدأ صالح, كان ثمة خطأ في الحساب ايضًا, الشعب لم يفهم كيف يختصر صالح بأبسط صورة.

بعد مقتل صدام حسين, (قتله العراقيون بالطبع, تحت إشراف اميركي) البلد الوحيد الذي أقام اربعينية لوفاته, هو اليمن. حينها علقت صحيفة كويتية على الموقف بعبارة: ذيل الكلب عمره ما يتعدل.

نعود للشأن السوري, ليس لدى النظام السوري ما يخسره, ولن يسقط قاسيون فيما لو طردت صنعاء سفير دمشق لديها. ثمة شيء واحد يمكن ان يحدث, الخارجية السورية أعطت السفير الفرنسي والألماني مهلة 24 ساعة لمغادرة سوريا, عندما طردت فرنسا سفير سوريا. الطاقم الدبلوماسي اليمني سيحتاج الى اكثر من ذالك, لكن الخارجية السورية لن تعطي اكثر من 72 ساعة, لقد فعلت ذالك مع سفارة تونس ايضًا. أكثر من ثلاثمائة طالب يمني يدرسون في الجامعات السورية, سيدفعون الثمن بمفردهم, ولن تستطيع حكومة باسندوه ان تفعل شيئا.

خطوة طائشة لن تنفع المعارضة السورية اذن, على الذين يريدون ان يعتصموا معرفة ذالك جيدًا, ولن تضر بالنظام, لكنها تصيب اليمن بمقتلها. لن تستطيع الجامعات اليمنية استيعاب الطلاب الدارسين في سوريا, وهذا ما تعرفه وزارة التعليم وتحسب حسابه.

هناك أولويات أمام الحكومة اليمنية الحالية, يجب ان تركز عليها أولاً, الوضع الاقتصادي في الحضيض, والوضع الأمني, نحن على مرمى حجر من مؤتمر الحوار الوطني. وكل هذا لا علاقة للأزمة السورية بها من قريب او من بعيد.

نحن طلاب اليمن في سوريا, نناشد من يهمه الأمر الاتزان, وتحكيم العقل. ما يجري في سوريا, أكبر بكثير مما يتصوره دماغ اليدومي ومخيخ محمد قحطان, ولا نريد ان نهدم بيوتنا على طريقة اليهود, بأيدينا وأيدي المؤمنين.