أصحاب الصرخة
بقلم/ جمال انعم
نشر منذ: 12 سنة و شهر و 10 أيام
الخميس 11 أكتوبر-تشرين الأول 2012 05:10 م

“الموت لإسرائيل .. الموت لأمريكا” من حزب الله بلبنان , إلى الحوثيين بصعدة .

شعارٌ يعبر عن ارتباط عضوي وهوية مشتركة لاعن واحدية المعركة ,الحوثيون معركتهم ليست مع إسرائيل ولا أمريكا . يطلقون عليهما الصرخة وندرك على من يطلقون الرصاص .

 هذه الصرخة تعكس حالة حوثية خرساء تفتقر إلى التعابير المنطقية والواقعية الخاصة التي تحدد الحضور , لا معقولية الشعار تعبر عن لا معقولية الوجود , لا معقولية الفكر والاتجاه , هي صرخة الخرافة تنبعث من عوالم الفناء , ومن كهوف التاريخ ، ناعبة بالموت على أمريكا وإسرائيل , وهي تعيش الموت وتعتاش عليه , تتنفسه وتمارسه طقوساً تعبدية , تتبعه سيداً آمراً له الحق المطلق في السمع والطاعة .

يحتاج المرء للتخلي عن عقله تماماً كي يخرج شاهراً هذه الصرخة «الدنكوشيتيه» في واقعٍ لا يجد فيه الناس فائضاً من الحياة يُمكنهم من إعلان الموت على الآخرين .

ينشط الحوثيون في تعميم صرختهم ومنشوراتهم على الأحجار والأشجار , وبعدوانية تعبر عن شعور حاد بـاللا وجود وافتقارٍ شديد للحس التواصلي بالمجتمع .

 يحتاج الحوثيون إلى عقلنة حضورهم , وأنسنة شعاراتهم , وتعابيرهم والتخلص من إرث الحرب ومنطق الصراع , وإعادة النظر في منطلقاتهم العقدية والفكرية , والتسريع في إنجاز تحولهم إلى مشروع سياسي بمشروعية وطنية واضحة , تخرجهم من وضعيتهم النكدة والملتبسة التي تهدد وجودهم بأكثر مما تهدد الوضع العام , إن النشأة الإشكالية وفساد المكونات الذاتية وانغلاقها وجمودها وعدم قابليتها للتغيير والمواكبة والانفتاح على الفضاء المجتمعي والوطني العام , كفيلة بتقويض وتحجيم هذا التوجه .

إن تحول جماعة الحوثيين إلى كيان سياسي لا يبدو أمراً سهلاً بالنسبة لهم ,فهذا التحول سيتطلب بالضرورة إحداث تغيير جذري في البنية السائدة , ومن الواضح أن هذه البنية العصبوية المغلقة لا تستجيب مطلقاً لهكذا تحول , يطلب الحوثيون من الجميع الاعتراف بهم , والتعامل معهم كمشكلة قائمة مسلحة ذات سيادة ,وعاصمتها الأبدية صعدة , مشكلة غير قابلة للحل أو التسوية إلا بشروطها هي .

لا يريد الحوثيون تحمل تبعات استهداف أمريكا في اليمن بصرخة الموت المعلنة , والتي يجعلها البعض موضع تنفيذ , هذه الصرخة لا تصلح شعاراً يبشر بالحياة لليمن واليمنيين , المهمة العاجلة إعلان موت إسرائيل , الفكرة القائلة بالحق الإلهي والأحقية والاختيار .

إسرائيل ، هذا النسق البغيض من التفكير والتصور الذي يتحدث عن امتيازات علوية وتراتبيات لا إنسانية , تقفز فوق الشرائع والرسالات , البديهيات , المسلمات , المبادئ والقيم الجوهرية المؤسسة للوجود .

 إسرائيل خرافة تأسست على أساطير وأفكار شيطانية عصبوية عرقية ,على نظرة مركزية للذات واعتقاد بأفضلية إلهية لشعب يهود المختار الشريد والمضطهد .

كان المفكر الفلسطيني الكبير ادوارد سعيد يقول “ تكمن فرادتنا في أننا ضحايا الضحايا”

النزعات الاحتلالية التوسعية للحوثيين وحربهم المفتوحة ضد معارضيهم , وحملات التهجير والطرد للمواطنين , وممارسة العنف والقتل والإرهاب , وهذا الحضور الاستعلائي الفظ , والفرز الطائفي والمذهبي المقيت , الخطاب العدائي المشحون بالنقمة ضد الجميع , كل ذلك يجسد حالة من التماهي والتماثل الهوسي مع الجلادين.