تنظيم القاعدة في أبين بين المخاوف الأمريكية وتساؤلات تفضح نظام صالح
بقلم/ أنيس منصور
نشر منذ: 13 سنة و 4 أشهر و يومين
الأحد 24 يوليو-تموز 2011 02:43 ص

مع اتساع رقعة مطالب الشعب اليمني بتنحي صالح وإسقاط النظام في ثورة سلمية شعبية اسقطت كل المشاريع, ظهر الرئيس اليمني علي عبدالله صالح في اسابيع الثورة الاولى ومع اشتداد الضغوط الداخلية والخارجية التي تطالبه بالتنحي عن السلطة، إلى تحريك ملف القاعدة. بدا اولا باتهام خصومه بالتحالف مع هذا التنظيم، ووجود مسلحيه في ساحات التغيير والحرية والمعسكرات المؤيدة للثورة الشبابية الشعبية، وتحدث ثانيا ان القاعدة تتواجد في الفرقة الأولى مدرع التي يقودها اللواء علي محسن الأحمر. وتارة أخرى بالتهويل من خطر القاعدة ولم يكتف صالح بهذا المنطق التخويفي فظهر في خطاب بمناسبة العيد الوطني في 22 مايو، قائلا "إن القاعدة ستسيطر على خمس محافظات يمنية في حال رحل عن الحكم، وفق خطة اتفاق المبادرة الخليجية"، وقال موجهًا خطابه لأميركا ودول الاتحاد الأوروبي، ردًا على دعوته لتوقيع المبادرة الخليجية "أقول للأصدقاء الأميركيين وفي دول الاتحاد الأوروبي، إن القادم سيكون أسوأ، وإذا رحل النظام فإن تنظيم القاعدة سيسيطر على خمس محافظات، هي الجوف ومأرب وشبوة وحضرموت وأبين".

وحده الرئيس صالح من يملك مفاتيح القاعدة. وتتوالى المستجدات والزخم الجماهيري المطالب برحيل صالح. بالمقابل ساد الهدوء المواجهة مع من يصفهم النظام بالقاعدة منذ بداية الاحتجاجات.

وكانت محافظتا أبين وشبوة تشهد أحداثًا جنائية وقبلية, فيسارع الإعلام الرسمي إلى الإعلان عنها وتضخيمها على أنها تحركات وافتعالات لتنظيم القاعدة، وبعد أسبوع فقط على الخطاب الصالحي، سقطت مدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين "جنوب اليمن" بالكامل في أيدي 150 مسلحًا ممن يسمون انفسهم (انصار الشريعة) اقتحموا المدينة ودخلوا عبر نقاط امنية وعسكرية واستولوا على المقرات الحكومية واربعة معسكرات بكل عتادها الامني والعسكري وهي ومعسكر الشرطة ومعسكر النجدة ومعسكر والأمن المركزي ومبنى جهاز الاستخبارات والاستيلاء على اموال البنك والبريد، بعد انسحاب مفاجئ ومريب للقوات والحراسات التي كانت تتواجد فيها والاستيلاء بكل سهولة على عتاد واسلحة عسكرية في منزل مدير الامن الذي ظل قرابة اسبوع مقر لعمليات هذه الجماعات ودخلت خلالها في معارك بمناطق الكود ودوفس كانت نهايتها استسلام قوات المنطقة الجنوبية والموالية لصالح يفوق عتادها وعددها اضعاف هذه الجماعات وغنمت جماعات انصار الشريعة اسلحة ثقيلة من مصفحات ودبابات ومدافع, ورفض قادة اللواء 25ميكا الواقع على الاطراف الشرقية لزنجبار الاستسلام كما رفضوا اوامر وزارة الدفاع بالانسحاب بل استمروا يقاومون ويكشفون حقيقة الموامرة والاتصال بين اجندة النظام وهذه الجماعات, وبقي اللواء يوجه نداءات الاستغاثة والامداد لوزارة الفاع لكن لا مجيب له وعادت اربع كتائب عسكرية من محور العند الى وضعها السابق بعد ان اكدت صحة الاتصال والارتباط بين اجندة نظام صالح وجماعات انصار الشريعة وهربوا من محرقة هدفها الاستنزاف البشري وليس الحسم العسكري.

واستمرت المعارك بتسليح حكومي ضد اللواء 119مشاه الذي يقوده العميد فيصل رجب والمساند للثورة تكبد فيها الجماعات المسلحة خسائر ومع حجم الخسائر تزداد شراسة الجماعات المسلحة ومددهم. وشعر فيها العميد رجب ان وراء الاكمة ما وراءها, وان النظام اليمني اعتاد منذ سنوات استدعاء فزاعة تنظيم القاعدة، إلى واجهة الأحداث اليمنية، لاستخدامها كوسيلة ضغط وتخويف، لقوى إقليمية ودولية، بهدف الحصول على دعم سياسي أو مالي، وهي الفزاعة التي يشعر النظام أن بقاءه في الحكم وإجهاض ثورة التغيير ولإضعاف موقف خصومه، والحصول على دعم ومساندة إقليمية ودولية تبقيه في السلطة، باعتباره الشريك الرئيسي في مكافحة الإرهاب, مرهون بها.

ولذلك يجد المتابع بعد حادثة النهدين تصريحات قائد الامن المركزي نجل شقيق صالح لم يفوت فرصة ولا مناسبة، إلا ويتحدث عن القاعدة، باعتبارها خطرًا كبيرًا على المنطقة والمصالح الغربية والأميركية فيها وفي العالم، مستندًا في ذلك إلى المخاوف الأميركية التي تعاظمت خلال السنوات الأخيرة الماضية، بالتزامن مع معارك زنجبار وجعار التي تضع الكثير من علامات الاستفهام وتهريب اكثر من ستون معتقل قاعديا من سجن المكلا بكل سهولة تزامنا مع وصول مبعوث الخارجية الامريكية لمساعي نقل السلطة وانظم بعضهم لجبهات زنجبار مباشرة فلا يوجد شيء يمكن للنظام اليمني ان يغطي المغالطات والاستثمار السياسي تحت يافطة القاعدة، بشهادة محافظ أبين السابق وعضو اللجنة العامة للحزب الحاكم أحمد الميسري القائل (إن مراكز قوى في السلطة لها مصلحة مما يدور في زنجبار، وإن العناصر المسلحة التي سيطرت على عاصمة محافظة أبين زنجبار ليس لها صلة بتنظيم القاعدة، ) وتصريحات من قبل وزير الداخلية السابق حسين عرب بلعبة شد الحبل على القاعدة الوهمية ووقوف وزير الاوقاف حمود الهتار خطيبا في صنعاء الذي ترأس في العام 2004 لجنة العلماء المحاورة المعتقلين من المتهمين بالانتماء لتنظيم القاعدة، إن القاعدة موجود بالفعل داخل الأراضي اليمنية، وهذا الأمر معروف للجميع.

غير أن الرئيس وبعض الأطراف في الحكومة، يعمدون إلى المبالغة في تصوير خطورته، وفي عمليات المواجهة التي تخوضها قوات الأمن اليمنية مع عناصره في عدد من المحافظات الجنوبية والشرقية، بهدف الحصول على دعم مالي لمواجهة خطر القاعدة، ودعم السلطة سياسيًا في خلافها مع أحزاب المعارضة وبعض القضايا ذات البعد الخارجي.

وسبق أن عرّت وثائق ويكيليس النظام وكشفته بانه يتاجر بدم الابرياء ويتكسب باسم محاربة القاعدة مع أن العلاقة بين تنظيم القاعدة ومسئولي الدولة والأجهزة الأمنية والعسكرية باتت حقيقة واقعية في اليمن، وهناك كثير من الشواهد الجديدة نسردها لدعم الحقائق السابقة كيف وصلت عناصر وقيادات محسوبة على تنظيم القاعدة الى محل ثقة بل وتتبوأ مناصب قيادية في صفوف (قوات الحرس الجمهوري) التي يقودها نجل الرئيس الأكبر (أحمد علي عبد الله صالح ) حيث وصل قيادي بارز ومطلوب رقم (1) للأجهزة الأمنية إلى منصب المشرف على عمليات التصنيع لآليات الحرس الجمهوري, وهو ما يؤكد ان فزاعة تنظيم القاعدة صناعية صالحية يمنية من حيث الاستيراد والتصدير ضد الخصوم.

ومع كل ما سبق ذكره وتهويل النظام اليمني عن القاعدة كفزاعة يمكن فيها ان تسقط امريكا عبر مدينة زنجبار وخلط اوراق الثورة التي بدورها بعثت التطمينات الى واشنطن، وقالت إن أي نظام سيأتي بعد رحيل صالح سيكون شريكًا جادًا وفاعلاً في مكافحة الإرهاب والقاعدة.