الواشنطن بوست تفتح ملفات المتعة في العراق
بقلم/ مأرب برس
نشر منذ: 17 سنة و 10 أشهر
الإثنين 22 يناير-كانون الثاني 2007 06:48 ص

مأرب برس - خاص

فاطمة علي مطلقة في الرابعة والعشرين من عمرها بدون مؤهل مدرسي ولا وظيفة. وشوكت الربيعي رجل دين شيعي في الرابعة والثلاثين من عمره زوجته حامل، وقال إنه لا يمكنه مجامعتها. وأرادت فاطمة شخصا يرعاها. وأراد الربيعي رفيقة.

وقد التقى بعد ظهر يوم من ايام شهر مايو (أيار) في المنزل الذي يعيش فيه مع زوجته، وفي الغرفة التي يلتقي فيها بالزوار الذين يسعون لمعرفة رأيه. وكان لديه اقتراح. هل يمكن أن تكون فاطمة زوجته المؤقتة؟ سيدفع لها خمسة آلاف دينار
عراقي (حوالي 4 دولارات)، بالإضافة الى نفقاتها الشهرية. وسيستدعيها إلى منزل سيستأجره مرتين في الأسبوع.

وجرت المفاوضات في ساعة، وانتهت باتفاق غير مكتوب كما يذكر الزوجان. وبالتالي بدأ زواج المتعة وهو زواج مؤقت يعتقد الشيعة أن الشريعة الإسلامية تقره.

وقد استعاد زواج المتعة الذي حظرته حكومة الرئيس صدام حسين، شعبيته مرة أخرى منذ غزو العراق بقيادة القوات الأميركية في عام 2003 الذي أوصل الأغلبية الشيعية للسلطة، طبقا لما ذكره رجال الدين والنشيطات في مجال حقوق النساء والذين تزوجوا زواج متعة. وذكر فارس الشريف، وهو رجل دين يعيش في مدينة الحلة «خلال عهد صدام لم تكن هناك حرية دينية».

أما الذين يعارضون زوج المتعة، فقد ذكروا ان الأمر يتعلق بالاستغلال الاقتصادي اكثر من تعلقه بالحرية الدينية. فآلاف من الرجال يموتون في العنف الطائفي، الذي أعقب الغزو، وتركوا أرامل يجب عليهم رعاية أنفسهن. والعديد من الشباب بلا عمل، ويفضل الزيجات المؤقتة عن الدائمة، التي تتطلب التزامات مالية طويلة المدى. وفي زواج المتعة، ينفق الرجل على المرأة طوال فترة الزواج فقط.

وقالت أم أكرم العاملة في مجال حقوق الانسان في بغداد «بعض النساء، لأنهن لا يردن ان يصبحن عاهرات، يعتقدن ان ذلك مشروع لأنه يحظى بغطاء ديني. ولكن خطأ». وقد طلبت ام اكرم، مثل الذين تزوجوا زواج متعة، نشر جزء من اسمها فقط.

وذكرت حميدة أحمد، وهي عضو سابق في البرلمان وناشطة في مجال حقوق النساء في بغداد «هذه الخطوات تعيد البلاد كلها للخلف، وهي عقبة نحو تقدم البلاد».

غير أن رجال الدين الشيعة وغيرهم، الذين يمارسون زواج المتعة، قالوا ان مثل هذه الزوجات تحافظ على الشابات من ممارسة الجماع خارج نطاق الزوجية، والمطلقات الارامل من اللجوء الى ممارسة الدعارة للحصول على المال.

وقالوا ان زواج المتعة لا يختلف كثيرا عن الزواج التقليدي، حيث يدفع الزوج لأسرة زوجته مهرا ويرعاها ماليا.

وذكر رجل الدين الشيعي مهدي الشيخ مهدي الشوق «انه مخصص كمساعدة انسانية للنساء».

ويمكن أن يدوم زواج المتعة لعدة دقائق أو عدة سنوات. ويمكن للرجال الاحتفاظ بعدد غير محدود من زوجات المتعة، بالاضافة للزوجة الدائمة. أما المرأة فلا يمكنها الا زوج واحد سواء كان مؤقتا او دائما. ولا يتطلب زواج المتعة عقدا مكتوبا ولا احتفالا. وعندما تنتهي المدة، يذهب كل لحاله بلا مشاكل الطلاق التقليدي.

وبالرغم من ان زواج المتعة اصبح اكثر انتشارا، فإنه لا يزال يثير الجدل، ويعقد الناس زواج المتعة سرا.

وكانت فاطمة متزوجة زواجا تقليديا من قبل. وقد استمر لمدة ثلاثة اشهر فقط لأن الزوجين لم يتفقا. وقالت إن فرصتها في زواج دائم كانت نادرة. وقد رحبت باقتراح الربيعي. وفقدت أم أحمد، زوجها عام 2005 إثر إصابته برصاصة خلال تبادل لإطلاق النار بين ميليشيتين شيعيتين. وبعد وقت قصير من مقتله، دخلت في اول علاقة متعة لها مع رجل متزوج دفع لها مبلغ 50 ألف دينار عراقي (38 دولارا) مقدما، وكان يعطيها أي مبلغ من المال تحتاجه طوال فترة علاقتهما التي استمرت ستة اشهر. وقالت أم أحمد إنها كانت في حاجة الى المال في الكثير من الأحيان، إذ تعمل خياطه وهي الوحيدة التي تعمل في أسرتها المكونة من عشرة أشخاص. وتقول أم أحمد إن الانسان عندما يحتاج الى المال، فإن الحاجة تضطره الى فعل أي شيء، وقالت إن علاقة المتعة هذه افضل من فعل الخطأ، كما تقول ايضا ان هذه العلاقة مقبولة من الناحية الدينية. ويعتقد كثير من المفكرين ان هذه الممارسة قديمة وقابلة للاستغلال، كما ينظرون اليها كدليل اضافي على التأثير الايراني على حياة العراقيين، علما بأن زواج المتعة ظاهرة منتشرة في ايران. وتقول المحامية ابتسام الشا، التي تترأس منظمة حقوقية نسائية عراقية، ان زواج المتعة «اكبر إهانة للمرأة». وتتحدث ناشطات في مجال الدفاع عن حقوق المرأة عن زيادة في حالات زواج المتعة في الجامعات. إذ ان بعض الطالبات يقدمن عليه بسبب الحاجة الى المال، فيما تقدم عليه أخريات بدافع الحب، عندما تعترض الأسرة على الزواج من رجل من طائفة أخرى.

وتقول أماني، 22 سنة، التي تدرس الهندسة بجامعة بغداد، إنها من أسرة سنيّة، لكنها أقامت علاقة زواج متعة مع صديقها الشيعي بسبب رفض أسرتها له. وتقول أماني إنها تشعر بالكراهية تجاه اسرتها، لأنها رفضت زواجها من صديقها، كما تقول انها فعلت ذلك نكاية في اسرتها. وتقول اماني إنها لم تبلغ بهذه العلاقة، وأضافت أن الأسرة اذا علمت بهذا الأمر، فإن تلك ستكون نهايتها. وقال أربعة رجال دين، إن المرأة لا تملك الحق في إنهاء الزواج المؤقت، قبل انتهاء فترته، إلا في حال موافقة الرجل. وقالوا ايضا انه يجب على المرأة عقب نهاية العلاقة، الانتظار على مدى دورتين شهريتين قبل الدخول في علاقة اخرى، حتى يمكن تحديد الأبوة بصورة سهلة في حال حدوث حمل. وتنص غالبية عقود زواج المتعة على عدم انجاب أطفال، إلا ان رجال الدين يقولون إن الأب يجب أن يعول طفله في حال حدوث الحمل، بيد أنهم اختلفوا حول قد السلطة لفرض هذا الحكم. وقال شريف، وهو شيخ من مدينة الحلة، ان بعض الرجال يعملون على الاستفادة من حقوقهم بموجب القانون الديني، لكنهم يرفضون قبول مسؤولياتهم عند ولادة طفل من علاقة زواج المتعة. وقال شريف ان المحاكم الشرعية في بعض هذه الحالات ليست فاعلة مثل المحاكم المدنية في إنفاذ الأحكام ذات الصلة. وأضاف قائلا انه يؤيد فكرة تنظيم الحكومة لزواج المتعة، شأنه شأن الزواج الدائم، وإلا فإن النساء سيفقدن حقوقهن.

وتقول أم اكرم آنفة الذكر، ان عددا متزايدا من النساء طلب من المنظمة التي تعمل بها المساعدة في الحصول على بطاقة هوية وطنية للأطفال، الذين انجبوا من علاقة زواج متعة. إلا ان الوالدين يجب ان يبرزا قسيمة الزواج كشرط للحصول على بطاقات الهوية المطلوبة عند الالتحاق بالمدرسة او بوظيفة. وتقول ان بعض النساء منحن اطفالهم لأزواج آخرين بغرض التبنى وإدراجهم في السجلات الرسمية، باستخدام قسيمة الزواج لدى الأسرة المتبنية. ووافقت فاطمة والربيعي على عدم انجاب أطفال، ويريدان فقط الاستمتاع ببعضهما بعضا. وفي الأيام التي يلتقيان خلالها يقدم الربيعي لفاطمة بعض الهدايا، ويتناولان وجبات سويا، ويقضيان في بعض الأحيان يوما كاملا وفي أحيان أخرى خمس أو ست ساعات فقط. وتقول فاطمة، إنها بكت في اليوم الذي انتهى فيه زواج المتعة بينهما والربيعي الاسبوع الماضي، وأضافت قائلة انه كان مثل الزواج الدائم، وإنها تشعر بالحزن عندما يغادرها. إلا ان حزن فاطمة لم يستمر كثيرا، ذلك ان الربيعي قال في 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، إنه قرر أن يتزوج فاطمة مجددا لمدة عام كامل هذه المرة، وهي فترة كافية لخروج زوجته من فترة الولادة وما بعدها.

عن الواشنطن بوست - ترجمه خاصة لـ" مأرب برس "