بعد الملاحقة وطرد وزيرة إسرائيل ..اشتعال المواجهات من جديد بين الجزائر وإسرائيل مرض خطير يجتاح العالم.. وعدد المصابين به أكثر من 800 مليون مصاب .. تفاصيل مخيفة الحرب تنتقل الى الفضاء بين أمريكا وروسيا...محطة الفضاء الدولية في خطر توكل كرمان: محور الشر الإيراني أساء إلى قداسة القضية الفلسطينية وعدالتها فصائل المعارضة السورية تفاجئ الجميع وتحقق انتصارات ميدانية ضد المليشيات الايرانية وقوات الأسد أول تعليق من أردوغان بخصوص مبادرة بايدن لوقف النار في غزة قيادي حوثي بمحافظة إب يقوم بالاعتداء على مجمع 26 سبتمبر بسبب اسمه ويفرض تغييرات قسرية داعمة للإمامة طارق وبن عزيز يناقشان وضع الجيش ورفع اليقظة والجاهزية الأمم المتحدة ترعى مؤتمراً دوليا «حاسماً» في السعودية ماذا قال مدرب ليفربول عن صلاح ومبابي بعد المباراة المثيرة؟
من يتابع مهرجانات مرشح الإصلاح الدكتور العزب ومرشح اللقاء المشترك الأستاذ فيصل بن شملان يحار في فهم العقلية التي تدار بها وخصوصا أحاديث هذين المرشحين في الآونة الأخيرة فلا هي منسجمة مع قيم الإسلام ولا مع قيم الإنسانية ولا مع القيم الديمقراطية إنها لا تنسجم حتى مع المنطق البسيط. إنها كلها مناجاة للذات ولذلك فهي تدور في حلقة مفرغة ومغلقة، ولذلك فإنها لا تتفاعل البت مع النقاش الجاري وكأنها تصدر من أصم لقد ظهر هذان المرشحان في مهرجاناتهما و كأنهما بغبغاويتان أو جهازان آليان يكرران نفسيهما وبعضيهما البعض، ولذلك فإنه يمكن القول بان هذين المرشحين لا يكادان يفقهان حديث!
إن تصرفهما على هذا النحو يعد بحق كارثة وطنية كبيرة فالتناجي مع الذات لا يفيد المتناجي ولا المتناجين فإغلاق الأذان والعقول من قبل المناجين والمتناجيين يتنافى مع أبسط قواعد التعامل الإنساني، الديمقراطية مفيدة لأنها تمكن طرفي الحوار من الاستفادة من بعضهما البعض من خلال الحوار. إن إغلاق أذني وعقلي هذين المرشحين يدل بشكل قاطع أنهما لا يلقيان بالاً لما يقوله الآخرون. فإذا كان الأمر على هذا النحو وهما لا يزالان مرشحان فكيف سيكون حالهما في حال فوز أحدهما فمن المؤكد أنهما سوف لن يسمحا للآخرين حتى في التعبير عما يريدون قوله. ولا شك أن ذلك ولا سمح الله سيعني العودة إلى الشمولية بكل ما تعنيه من ماسي ومعانات.
وبعد هذه المقدمة حتى لا يتوهم البعض باني قد تجنيت على الرجلين فإني مضطر لاقتباس بعض ما ورد في بعض أحاديثهما فقد قال الدكتور فتحي العزب مرشح الاصلاح في مهرجانه الانتخابي في مدينة تعز "أن ثورة السادس والعشرين من سبتمبر قضت على مخلفات الإمامة وعلى الفقر والجهل والمرض لكن سياسة الحزب الحاكم أعادات ذلك إلى الوراء و لم تستطيع تحقيق هذا الهدف العظيم مشيرا إلى ان هناك نقص في الخدمات الصحية وعدم وجود تأهيل في المراكز الصحية والمستشفيات الحكومية القائمة حتى تؤدي خدماتها المجانية بجودة عالية وأكد بأنه سيعمل على وجود مستشفيات ريفية نموذجية في كل مديرية وتجهيزه بالمعدات ورفده بالكوادر المتخصصة أهم بنود برنامجه الانتخابي في المجال الصحي وأنه سيعمل على تحقيق ذلك.. وتناول العزب في مهرجانه عن وضع مدينة تعز البائس والتي تعاني من نقص في الخدمات وعدم وجود تخطيط حضاري مشيرا إلى أن المجاري تحيط بها من كل جانب والزبالة في كل مكان فهي لا تليق بعاصمة الثقافة.
ثم يردف قائلاً : وصل «التعليم الى مرحلة متدنية عما كان عليه وقال ان نسبة الالتحاق بالتعليم الاساسي لا تتجاوز «65% » وان نسبة التعليم للكبار لا تتجاوز «48%» وان «55%» من الاناث في المناطق الحضرية ملتحقات بالتعليم و«30%» من الاناث في الريف ، وقال أن «80%» من المدارس في حالة متدهورة والكثير من المدارس تعمل في كهوف وعشش وفي العراء وأن عدد كبير من مدراء المدارس لا تتعدى معرفتهم بالقراءة والكتابة ولا يحملون أي مؤهلات علمية على الإطلاق وأن المدارس تواجه عجزاً في المدرسين في المدارس يقدر بـ( 40 الف) مدرس وعجزاً في الفصول الدراسية تقدر بـ(50 ألف فصل ) وقال هذه صورة الفساد في التعليم.
بالله عليكم هل كان قبل الثورة أي تعليم على الإطلاق؟ وهل كان بعد الثورة وقبل 17 يوليو 1978م هذا العدد من المدارس والمستشفيات؟ وهل كانت مؤشرات التعليم التي ذكرها أفضل مما عليه الآن في أي وقت من الأوقات؟ وماهي المعايير التي بواسطتها حكم عليها بأنها متدنية؟ وماذا كانت مستوياتها قبل 17 يوليو 1978م؟ لماذا ينكر بان هذه المؤشرات ما كانت لتوجد لولا الجهود المضنية التي بذلها فخامة الأخ الرئيس؟
ثم أردف قائلا في مهرجان آخر ما نصه" : إن الأحوال المعيشية الصعبة التي نعيشها في يمننا السعيد، أنه سعيد، سعيد بخيراته ولكن الفساد قضى على هذه السعادة وجعلها بلد البؤس والحرمان.
أريد أن أقول له إذا قارنا اليمن اليوم بما كان عليه في عهد الإمامة فهل كانت حياته سعيدة أكثر من سعادتها اليوم؟ وهل اليمن اليوم أقل سعادة عما كان عليه بعد قيام الثورة؟ ومتى كان اليمن أكثر سعادة مما هو عليه الآن؟ وإذا كان الوضع مأساوياً على النحو الذي يعتقده الدكتور العزب فما هي خططه لتحسينه؟ وماذا عمل حزبه في الماضي لجعل اليمن أكثر سعادة؟
ثم هو يعود في مهرجان آخر ويقول ما نصه" أن الفساد الذي نتحدث عنه المالي هو نتاج طبيعي للفساد السياسي الذي تعيشه بلادنا منذ أمد ليس من قريب أن الفساد السياسي أصبح موقعا خصبا لكل أنواع الفساد داخل اليمن اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً ومالياً وغيره.
أقول له هل نسيت أن الإصلاح كان حليفا وشريكا للنظام القائم قبل أن يغير تحالفاته، أليس من العدل أن يتحمل الاصلاح بعض المسؤولية عن هذا الفساد على الأقل؟ وإذا كان الفساد على هذه الصورة فماذا عمل الإصلاح باعتباره أحد المكونات السياسية الرئيسية لمحاربته؟ و إذا كان الإصلاح قد فشل فما هي أسباب هذا الفشل؟ وإذا كنت ستبرر للإصلاح فشله في محاربة الفساد فلماذا لا تبرر ذلك للشريك الآخر؟
ثم هو يقول في مهرجان انتخابي آخر ما نصه" : إن رأس المال الوطني قد غاب عن الساحة اليمنية وأصبح غير موجود في اليمن وموجود خارج ويستثمر في ارض غير أرض اليمن.
فإذا كانت الحكومة في نظرك فاسدة والتشريع والقوانين فاسدة والموظفون فاسدون والشعب فاسداً فمن هو الصالح؟ فهل الإصلاح وقيادته ليس من الشعب اليمني وبالتالي فإنه ليس فاسدا مثلهم؟ وكيف يمكن للدكتور العزب وحزبه الذي ينتمي إليه إصلاح الأوضاع في اليمن وخصوصا أنه يعتقد أن اليمن ليس فيها مواطنون صالحون؟ وفي هذه الحالة فمن أين سيتم استيراد غير فاسدين لإصلاح اليمن؟
اما خطاب الأستاذ فيصل بن شملان فلا يختلف كثيراً عن خطاب الدكتور العزب إلا في إعطاء الوعود غير القابلة للتحقيق فها هو الأستاذ بن شملان لا يتورع عن إعطاء الوعود تلو الوعود فقد نقل عنه في إحدى مقابلاته أن أولوياته بعد الفوز ستكون على النحو التالي" إعادة هيبة القانون وتطبيقه ومكافحة التسول وعمالة الأطفال والأمية والفقر من خلال بناء اقتصاد قائم على القطاعات غير النفطية (التنمية البشرية) والابتداء بخلق وتطوير اقتصاد يرتكز على القطاعات غير النفطية ليكون بديلا للاعتماد على النفط عند نضوبه"
وفي نفس المقابلة يقول أيضاً ما نصه "أن أول قرار سيتخذه بعد فوزه هو تخفيض ضرائب الدخل، وتصحيح السجل الانتخابي وبدء الإجراءات الدستورية للوصول إلى النظام السياسي بما جاء في البرنامج الانتخابي وإصدار بعض القرارات لتحسين أوضاع المواطن المعيشية.
وأضاف: لن يكون اعتمادنا على القروض إلا في أضيق الحدود وعند الضرورة فقط، مؤكدا أن أجهزة الدولة ستكون كلها في مصلحة الشعب ومسئولياته الوطنية والقومية وقضايا أخرى تخص معيشة المواطن".
ثم هو في مهرجان خطابي انتخابي آخر يقول ما نصه "هل جهزنا مدارسنا بالأدوات اللازمة لنعلم الطلاب، الطلاب ثمانون أو سبعون طالباً أو خمسون طالباً في الصف ، الصف في المدرسة للتعليم الأساسي لا يجوز أن يتجاوز في الحقيقة 15 طالباً" أقول له هل يمكن تحقيق ذلك في ظل تخفيض الضرائب؟ وهل توجد دولة في العالم الصف فيها 15 طالباً؟
كيف يمكن تصديق هذه الوعود إذ أنه كيف يمكن تصديق وعده بتخفيض الضرائب وعدم الاعتماد على النفط والقروض وفي نفس الوقت مكافحة التسول وتحسين الوضع المعيشي؟ وكيف يمكن أن يكون التعليم مجانا والصحة مجانا والوظائف لكل الناس وفي نفس الوقت لا ضرائب ولا قروض ولا مساعدات؟
ثم هو يقول في مهرجانه الانتخابي في المحويت ما نصه "تقارير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة للعام 2004م تقول أن الدولة قد فقدت مليارين ونصف المليار ريال ومليون دولار في 68 قضية فساد هل سمعتم أن واحدة من هذه الـ 68 قضية تقدم للمحاكمة.. أيضا هناك 6 مليارات ونصف المليار وسبعة ملايين دولار و 300 الف هذه صرفت بدون سندات" أقول له نعم معظم هذه القضايا قدمت للمحاكمة وتم استعادة الجزء الأكبر منها، وأقول له من أين أتيت بهذه الأرقام ما هي مصادر معلوماتك ولماذا تتناقض هذه المعلومات مع بعضها البعض ومع الواقع؟
ثم هو يقول في مهرجان انتخابي آخر ما نصه "لو تعلمون من سنة 2001م إلى سنة 2005م المبالغ التي أخذتها الدولة زيادة فقط للميزانيات العامة 924ملياراً والمليار ألف مليون والمليون ألف الف.
أقول له هل حددت لنا رقم الفساد النهائي؟ أم أن هذا الرقم سيتصاعد مع تصاعد حملتك الانتخابية؟ فإذا كان الأمر على هذا النحو فالى أي رقم يمكن ان يصل حجم الفساد؟ ماذا تقصد بالفساد؟ فهل بناء المدارس و الطرق والمستشفيات فساد؟ وهل توزيع الثروة على أحزاب اللقاء المشتركة ليس فسادا؟ وهل كل ما تحصل عليه الدولة من موارد النفط فساد؟ وهل ينبغي أن تترك الدولة هذه الموارد لشركات النفط وسماسرتها؟ وإذا تصرفت الدولة على هذا النحو فمن أين سيتم تمويل البنية التحتية وتحسين المرتبات وتحسين التعليم؟ وهل لديك خاتم سليمان الذي سيمكنك من تحسين البنية التحتية بدون ضرائب ولا موارد نفطية ولا مساعدات؟
انه لا يمكن فهم هذا الخطاب التضليلي وغير الحقيقي وغير العقلاني وغير المنصف من أي انسان يتمتع بأدنى قدر من العقل فكيف من مرشحين للرئاسة فان كان قد صدر منهما فان ذلك يدل على: إما أنهما لا يفقهان ما يقولان واما انهما لا يريدان ان يفقها ما يجري في الواقع وفي كلا الحالتين فانهما لا ينبغي ان يرشحا نفسيهما واذا اصرا فانه ينبغي علينا ان لا نصوت لهما.
لقد عكس برنامجاهما وخطبهما ومقابلاتهما عددا من الصفات التي قبحها الله والعقل والأعراف مثل الكذب والنكران والوعود الكاذبة وتعمد إخافة الناس.
ان تعمد الوقوع بمثل هذه القبائح لا يمكن تبريره بأي وجه من الوجوه وخصوصا ممن يدعي ان مرجعيته هي الاسلام أو انه يمثل النزاهة أو انه يسعى لمحاربة الفساد.
لقد حذر الله عز وجل ورسوله اشد تحذير من الوقوع في هذه الصفات القبيحة. والفطرة السليمة تأبى ممارسة مثل هذه التصرفات. والعقل السليم ينفر منها ومن يمارسها فانه يقع في أسوأ أنواع الفساد.
فمن هذه الصفات تزكية النفس ونسبة الأشياء إلى من لا تصدر عنه وتبرئة النفس ويتحقق ذلك عندما يكون المرء انتقائياً في أحكامه وهذا الوضع يتشابه مع الذين ذمهم الله في القرآن لانهم كانوا ينسبون الخير إلى الله وإن كان سببه المباشر عبداً من عباد الله وينسب المصيبة لهذا العبد وان كان في الحقيقة لا علاقة له بما حل بهم من مصائب وكانوا يكرهون نسب المصيبة إلى انفسهم حتى لو كانوا هم السبب المباشر.
من يمارس مثل هذه الادعاءات هو شخص لا يفقه فإما ان يرد الامر كله لله باعتباره الفاعل الحقيقي ولا ينسب إلى أحد غيره شيئاً لأنه وحده الفاعل الحقيقي، واما ان يتم نسب الاشياء إلى مسبباتها لأن المنطق العقلي يؤيد ذلك وقد أشار القرآن إلى ذلك بوضوح قال تعالى (أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة وان تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وان تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا) "النساء 48"
ومن هذه الصفات القبيحة تعمد تبني خطابين مختلفين خطاب للداخل وخطاب للخارج متوهما أنه بعمله هذا يمارس الدهاء لكنه في حقيقة الأمر لا يدرك ولا يفقه أنه يخادع نفسه أما الآخرون فيدركون تناقضه فلا يصدقونه.. وقال تعالى (وإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بانهم قوم لا يفقهون) "التوبة 127".
ومن هذه الصفات القبيحة إعطاء الوعود الكاذبة بهدف صرف الناس عن الحق والحقيقة ومن يتصف بهذه الصفة القبيحة فهو فاسد بنص القرآن قال تعالى (ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون عن سبيل الله من آمن به وتبغونها عوجاً واذكروا إذ كنتم قليلاً فكثركم وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين) "الاعراف 86". وقال تعالى (وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد) البقرة 205.
ومن هذه الصفات القبيحة تعمد اخافة الناس الآمنين ان من يخوف الناس بهدف تحقيق مكاسب شخصية هم من اتباع الشيطان كما يقرر ذلك القرآن وذلك فانهم يتصفون بالشح والقسوة والتي هي منافية للرحمة والرفق قال تعالى (وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول والى أولي (لأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا) "النساء 83".
(أشحة عليكم فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت فإذا ذهب الخوف سلقوكم بالسنة حداد اشحة على الخير أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم وكان ذلك على الله يسيرا).
ومن هذه الصفات القبيحة تجنب قول الحقيقة إذا كان ذلك لا يصب في مصالحهم الشخصية وتبرير الكذب إذا كان ذلك يصب في مصالحهم الشخصية وخصوصاً تلك المصالح غير المشروعة قال تعالى (وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون) "آل عمران ، 78"
(ويجعلون لله ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى لا جرم ان لهم النار وأنهم مفرطون) "النحل، 62" (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون) " النحل 116» فمن يتتبع خطاب هذين المرشحين فسيجد لسوء الحظ أنهما لا يتورعان في الوقوع في مثل هذه القبائح فمن المؤكد أن بعضهما قد يقرأ هذه الآيات أو بعضها وأن بعضهما قد سمع تفسيرها أو بعضهما قد خطب وحذر من الوقوع بمثل هذه القبائح أو ان بعضهما قد سمع المواعظ حولها تجنبها ولكنهما في خطاباتهما قد وقعا فيها إن ذلك يدل على خطأ منهجي في تربيتهم جعلهما يعتقدان انها انزلت لتخاطب قوماً آخرين غيرهم.
ولا شك أن ذلك نابع من المبالغة في تزكية النفس واحتقار الآخرين لانهم لو فقهوا هذه الآيات وتخلوا عن المبالغة عن تزكية النفس واحترموا الرأي الآخر لما أصروا على مخالفتها وإذا ما وقعوا في بعض القبائح بدون قصد سيتذكرون الله فيبادرون إلى التوبة فهل يفعل هؤلاء ذلك؟ نتمنى من الله ان يهديهم لذلك.
فإذا فعلوا ذلك فانهم يكونون قد تابوا. إن دليل توبتهم هو تخليهم عن عكس هذا القبائح وإحلال محلها الصفات الحميدة التي امتدحها الله هي العدل والأمانة والصدق واعتراف بالجميل ومقابلة الإحسان بالإحسان قال الله تعالى ( يا أيها الذين أمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيراً فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا) "النساء، 135" وقال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على الا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون) "المائدة، 8" وقال تعالى ( إن الله يأمركم ان تودوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعاً بصيراً) " النساء، 85" وقال تعالى (وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يجب المفسدين) " القصص، 77" (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) "التوبة، 119".
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا).. عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (الكذب لا يصلح منه جد ولا هزل اقرأوا إن شئتم ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين).
إننا نتمنى منهما ان يفقها هذه الآيات وان يعودا إلى رشدهما فلا يبالغان في تزكية النفس واحتقار الآخر ولسوء الحظ فانهما سوف لن يفعلا ذلك إلا إذا ظهر لهما خطأ منهجيتهما هذا ،وحتى يحقق ذلك فإننا ينبغي أن لا نصوت لهما لأن ذلك سيكون مجازاة لهما على أخطائهما هذه وبدلاً عن ذلك فان الواجب الديني والوطني يحتم علينا أن نصوت لمن أظهر الفهم والصدق والأمانة والموضوعية والتواضع علينا أن نصوت لعلي عبدالله صالح.